التشكيلي سالم شواطة: التجريدية الصباغية: تحويل اللامرئي إلى مرئي!

 

في كتابه الذي يحمل عنوان « الفكر الإبداعي «، يصرح لنا بول كلي، بأن « وظيفة الفن ليست إعادة إنتاج المرئي، بل تحويل اللامرئي إلى مرئي «، ليدل بذلك على أن العمل الفني ينبغي أن يستلهم من اللاواقعي ومن اللاعقلاني.
ذلك بمثابة المعطى الواضح، بل البديهي، عند الفنان التشكيلي سالم شواطة الذي لا يبالي أبدا بإعادة إنتاج ما يقدمه لنا مشهد العالم من صور، بل يهتم بالأحرى بإبداع أشكال و ألوان انطلاقا من اللامرئي. كل الأشكال هنا غير مكتملة، غير مفهومة لأن اللاعقلاني يحتل مكانة راجحة، لأن المصادفة وما يشبه الحادثة يلعبان دورا رئيسا، بل حاسما، في إنجاز اللوحة غير التشخيصية.
أ ليس ذلك هو جوهر الفن التجريدي؟
هل بمستطاع الفنان أن يكون قادرا على توضيح دلالة عمله؟
« إنني ألهو «، ذلك هو الجواب المفضل، والجاهز دائما، الذي يقترحه علينا سالم شواطة، الفنان العصامي، كلما طرحنا معه موضوع أعماله. فعلا، في صيرورة الإنجاز التجريدي هذه، يكون انشغال الفنان هو أن ينجز تركيبات صباغية مقبولة ومتناغمة. الأمر الذي يفرض عليه نوعا من التوازن في مسعاه، التوازن الذي لا يمكنه بلوغه إلا بفضل الإرادة الإبداعية للعمل الفني وليس بفضل إرادته هو، لأن الفنان لا يتحكم في الوضع.
أ لا يقول لنا واسيلي كاندينسكي بأن العمل الفني ينفصل عن الفنان، بأنه يمتلك حياة مستقلة، يصبح شخصية، موضوعا مستقلا ينعشه نفَسٌ روحاني، يصبح الموضوع الحي لوجود واقعي…
لذلك يقول لنا الناقد الفني ناظم راشق بأننا « لم نطرح أبدا السؤال حول دلالة سمفونية لبيتهوفن أو فيفالدي…»، ليستخلص من ذلك أن « من يستمع لعمل موسيقي لا يتوجه أبدا إلى مؤلفه ليفهم ما يريد التعبير عنه أو ما كان يرغب في قوله من خلال سمفونيته «.( بليتون ماغازين أبريل 2016).
كلما تقدم الفنان في منجزه، كلما كشف له الأخير أسراره، ألغازه، أما جمالية الألوان والأشكال فهي تفرض عليه نوعا من المشوار، تقوده في بحثه عن التوازن.
في ما يتعلق باللون، يستخدم سالم شواطة: الأحمر الذي هو عالم المجهودات، ممثلا الملموس، الأمن، الاستقلالية… الأزرق، الذي هو عالم التواصل والحدس، ممثلا بذلك البعد، التعبير، الارتجال، الإبداع، الفعل، الأصالة، الفن…؛ الرمادي، الذي يمثل قيما سلبية، ليرمز بذلك إلى الحزن، إلى الانهيار، إلى الضيق، العزلة، الرتابة و، أخيرا، الأبيض الذي يمثل أساسا قيما إيجابية كالطهارة، التوازن أو البراءة، لكنه يجعلنا نفكر أيضا في الهدوء، في الاطمئنان وفي الصفاء…


الكاتب : سعيد رباعي

  

بتاريخ : 20/11/2019