في ندوة حول «معرض الفخار والزليج» بفاس .. استحضار معاناة الصانع التقليدي اجتماعيا واقتصاديا

 

بمركب الصناعة التقليدية للا يدونة بعمق المدينة العتيقة، والذي ساهمت جمعية الألفية الثالثة الأمريكية في إقامته، هذا الفضاء الذي دشنه جلالة الملك في ابريل الماضي، والذي يعكس عبقرية الصانع التقليدي الفاسي في مختلف فنون الصناعات التقليدية، من فسيفساء وخشب ونقش على الخشب، نظمت غرفة الصناعة التقليدية لجهة فاس مكناس ندوة لتسليط الضوء على فعاليات المعرض الوطني للفخار والزليج الذي ستنطلق فعالياته بفاس بملعب الخيل ابتداء من 20 دجنبر إلى غاية 29 منه، تحت شعار «قطاع الفخار والزليج التقليدي مساهمة وازنة في المنظومة الاقتصادية»، بشراكة مع وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي ومجلس جهة فاس مكناس وجماعة فاس ومجلس عمالتها وبتنسيق مع المديرية الجهوية للصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي .استهل الندوة رئيس الغرفة عبد المالك البوطيين مشيرا إلى «أن المعرض يدخل ضمن استراتيجية الغرفة في إطار المعارض الموضوعاتية، وان الغاية من إقامته تهدف إلى إنعاش والرفع من قيمة هذا المنتوج الصناعي التقليدي الذي تعتبر فاس رائدة في إنتاجه، بالإضافة إلى خلق دينامية اقتصادية في مجال تسويق وتزويد المنتجات الخزفية وتمكين الزوار من التعرف على إبداعات الصناع التقليديين وتبادل الخبرات بين العارضين الذين يبلغون 120 عارضا اغلبهم ممن مدينتي فاس ومكناس مع استحضار البعد الايكولوجي لهذه الحرفة»، لافتا إلى «أن المعارض السابقة للخشب والنحاس التي أقيمت بمكناس وفاس حققت الأهداف المرجوة اقتصاديا بالمدينتين، كما تمكن الحرفيون من عقد صفقات مالية هامة»، مضيفا «في سنة 2020 ستنظم الغرفة ستة معارض موضوعاتية من بينها معرض للنباتات الصناعية بتازة ومعرض خاص بالنسيج التقليدي والعصري، علما بأنه لايمكن استمرار نجاح هذه المعارض إلا في إطار تأسيس مؤسسة تشرف على ذلك»، مشيرا» إلى أن والي جهة فاس مكناس فوت قطعة أرضية بطريق الدكارات لغرفة الصناعة التقليدية لجهة فاس مكناس لبناء معرض دائم يخصص لعرض المنتوجات التقليدية» .
عبد الرحيم بلخياط المدير الجهوي للصناعة التقليدية بجهة فاس مكناس استعرض في كلمته أنواع الفخار والخزف التقليدي وصناعة الزليج التقليدي والقرميد والآجور ، مشيرا إلى «أن هذه الحرفة هي أقدم مهنة تاريخيا وهي مزيج بين التراث البربري والتراث المغاربي حيث عرفت تطورا منذ القرن الرابع عشر، وتتميز بألوانها الزاهية الناتجة عن مزج بعض الاكاسيد بأكسيد الرصاص والكوبالت، الشيء الذي يمنحها لمعانا وبريقا جذابين، وهذه الألوان تحمل خصوصيات ومميزات كل منطقة، ففخار فاس معروف باللون الأزرق «ازرق فاس» وفخار تمكروت معروف باللون الأخضر، وفخار دمنات معروف باللون الأحمر، وقد أصبح لهذه الألوان صيت عالمي نتيجة مهارات الصناع التقليديين بعدد من مناطق المغرب».
وعن مصدر حرفة الزليج يقول المدير الجهوي» فهي بلاد الأندلس حيث نقله الموريسكيون إلى المغرب، علما بأن قطاع الفخار والزليج استفاد من عدد من البرامج والمشاريع على مستوى الجهة ،حيث تم تنقيل أنشطة الفخار والزليج ،التي كانت أفرانها التقليدية تشكل عائقا بيئيا لعدد هام من سكان الجنانات والمناطق المجاورة لها، إلى منطقة بنجليق لتخفيض الأضرار الناتجة عن التلوث، وبلغ عدد المستفيدين من ذلك بطريقة مباشرة 2684مستفيدا و 3500 مستفيد بطريقة غير مباشرة، غير أن المشكل الايكولوجي لايزال قائما رغم تقلص الأفران التقليدية وتعويضها بالأفران العصرية الغازية».
وفي ختام عرضه أكد المتحدث « أن القطاع يشغل الآلاف من اليد العاملة كما انه عرف تطورا و نموا مطردا في المعاملات التجارية».
من جهته تحدث الحاج محمد التحيفة، الرئيس الأسبق لغرفة الصناعة التقليدية، في مداخلة بعنوان «فاس تتحرك»، عن المادة الأساسية في صناعة الفخار والخزف والفسيفساء والزليج البلدي، وهي الطين، مؤكدا «أن فاس تعد خزانا طبيعيا زاخرا بمادة الطين، يمكنه ان يزود حرفيي الفخار والزليج لمدة تفوق مائة سنة، علما بأن له مميزات خاصة بعد تجفيفه بالنار حيث يصبح مطاوعا عند نقشه وتقطيعه و لايتكسر ، كما انه يتميز بلونه الرمادي ويمنع ولوج الماء الى باطنه.»
المناقشة انصبت على عدد من القضايا في طليعتها «أصحاب الشكارة» الذين يستغلون الصناع التقليديين ويستفردون بالحصول على الصفقات، وكذا مطالبة المنعشين العقارين بوضع بصمات من الصناعات التقليدية في الشقق والعمارات تشجيعا للصناعة التقليدية، في وقت تساءلت جريدة الاتحاد الاشتراكي «عن مصير الصانع التقليدي الذي يعد الركن الأساسي في مهن الفخار والخزف والزليج، والذي يصبح عرضة للتسول والضياع عند بلوغه سن التقاعد»، وكذا «عدم إدماجه في التغطية الصحية وصناديق التقاعد»، طارحة «وجوب إقامة معارض مصغرة للصناعات التقليدية في المدن الأوروبية التي تربطها اتفاقيات توأمة مع فاس ومكناس للتعريف بمنتجاتنا الصناعية وترويجها قصد جلب العملة الأجنبية».
وقي أجوبته أكد رئيس الغرفة «أن مشكل الصناع التقليديين عند بلوغهم سن التقاعد مشكل مقلق جدا»، مؤكدا أن الغرفة رفعت عدة توصيات في هذا الموضوع، متمنيا ان يحل المشكل في اقرب الآجال . وحول الصفقات أوضح أن التعاونيات الصناعية سمح لها مؤخرا بالمشاركة في الصفقات العمومية، مؤكدا انه يجب تعديل القانون الخاص بذلك وتخصيص صفقة لكل حرفة تفاديا للغش في المواد الأساسية. وبالنسبة للمعارض الموضوعاتية بأروبا أوضح الرئيس أن الإجراءات القانونية سارية في الموضوع وستعمل الغرفة على تطبيق ذلك عندما تتوفر لديها الإمكانات المادية واللوجيستيكية.


الكاتب : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 17/12/2019