سَدِيم

مِثْل مُسَرْنمٍ،
أَتَلَمَّسُ سَبِيلِي فِي حَيِّزٍ
مُدْلَهِمٍّ.
أَشْخصُ بِنَاظِرِي إِلَی أَطْيَافٍ ؛
فَأعِيدُ تَرْكِيبَ ظِلاَلِها عَلَی إِيقَاعِ إِحْساسٍ
يُنَاجِينِي
غَرِيبْ.
أَسْألُ حُلْكةَ سَدِيمٍ
يُرِيعُنِي بِلَوْنٍ
كَئِيبْ.
أَتَوَقَّفُ كَفِيفاً.
أَسْأَل ٱلسَّدِيمَ
مُتَوَجِّساً،
وَعَلَيَّ قَدِ ٱسْتوْلَى سُكُونٌ عَمِيق.
أَسْأَل ٱلسَّدِيمَ أَمَامِي
مُتَحَسِّسًا؛
ثم أَنْتَظِرُانْقِشَاع غَشَاوَتِي ،
لِتُجِيبَني كُومَةُ ضَبَابٍ رَمَادِيٍّ
شَيَّعْتُهَا فِي كَبِدِ ٱلسَّمَاء،
فَمَادَتْ بِي ٱلأرْضُ
وَهْلَةً.
أشْرِعُ ٱلْبَابَ
فَأَسْمعُ صَدَى مَدِّ
ٱلْيَمْ.
أشْرِعُ ٱلْبَابَ
فَيَصُدُّنِي ضَبَابُ
ٱلْخِضَمْ؛
لِيَرْحَلَ بِي إِلَی جَائِحَةِ ٱلْمَنْفَى.
صَوْبَ أَرْضٍ
بِلاَ سَمَاءْ.
فَلاَة مُقْفِرَةٍ
خَلاَءْ،
إِلاَّ مِنْ سَدْرٍ،
وَعَوْسَجٍ،
وَحَنْظَلٍ،
إِلَى حَيْثُ لاَ أَحَدَ فِي انْتِظَارِي،
لا أَحَد،
غَيْرصَفِيرِٱلْبَلِيل.
شَرَّقْتُ قَبْلَ أَنْ يَهلَّ سَنَا
ٱلسَّحَرْ،
وَغَرَّبْتُ عَلَى رَصِيفِ
ٱلْعَابِرِينْ.
صَادَفْتُ شُحْرُوراًأَسْوَد
عَلی حَبْلِ غَسِيلٍ
حَطَّ َعَلَى
ٱلأَثَرْ.
وَسَمِعْتُ هَدِيرَٱلْمَرْكَبَات،
وَوَقْعَ خَطْوٍرَتِيبٍ لِعَاملاَتٍ جِنْسِيَاتٍ؛
وَمُوَاءَاتِ قِطَط ٱلشَّوَارِعِ
جَنْبَ حَاوِيَاتِ ٱلْقُمَامَة.
سَمِعْتُ سُعَالاَتِ ٱلْمُبَكِّرِينْ
ٱلْمَغْبُونِينْ؛
وَتَثَاؤُبَات أَنْصَافِ ٱلأَحْيَاءِ
ٱللَّيْلِيِّينْ،
فَقَفلْتُ عَائِداً
إِلَى حَيْثُ لاَأَحَدَ فِي ٱنْتِظَارِي..
لاَ أَحَد
كَٱلْعَادَة،
سِوَی مِنْضَدَةٍ بَالِية،
وَكَاغِدٍ مُبَعْثَرٍ،
وَأَرِيكَةٍ مِنْ خَيْزُرَان،
وأَقْلاَمٍ لَبَدِيَّةٍ،
وَرِفَافٍ بُنِّيَةٍ،
وَفِنْجَان قَهْوةٍ سَوْدَاء،
وَمِنْفَضَةمَلْأَى بِأَعْقَاب ٱلسَّجَايِر
فِي ٱلزَّاوِيَة ،
وَقِنِّينَة مَاءٍ
مَعْدِنِي،
وَسَرِيرٍحَدِيدِي بَارِدٍ
فِي غُرْفَةٍ شَاحِبَةٍ،
تَطْفَحُ بِحُرْقَةِ سُؤَالاَتِي
ٱلاسْتِفْهَامِية،
لَظَی حُزْنِي
جَحِيمِ
وَحَيْرَتِي
ٱلأَبَدِيَّة …


الكاتب : ناصر السوسي

  

بتاريخ : 19/12/2019