متاهة 

 

ها أنا أَنفُخُ في كل اتجاهٍ
– من أجلكِ –
أنْفُخُ في الرِّيحِ ،
فتَهتزُّ السُّفنُ ،
والجِبالُ ،
مِنْ بَينِ يَديَّ هاتيْنِ .

كم مرةً صارتِ الأَكُفُّ حَجَراً ،
وصِرْنا نُصافِحُ بها
المَوْتى ؟

ثُمَّ ها أنا أنْفخُ في الرَّمادِ
و أدُسُّ العاصِفةَ في جِرارٍ منْ طينٍ .
هكذا ،
مع فُصُوصِ الماءِ
أدُسُّها بأصَابِعي الطَّويلَةِ هاتِهِ :
بالسَّبَّابةِ ،
والإِبْهامِ .

أَنْفُخُ في كُلِّ شَيْءٍ :
في الرِّيشِ ،
والرِّمَالِ .
فِي القَصَباتِ
والشُّقوقِ ،
فلا أشْعُرُ كيْفَ نَبَتَتْ هَذِهِ الأَشْجارُ
مِنْ حَوْلي .

كم مرةً صَارتِ العُيونُ حَجراً
وصِرْنا نرى بها
جِباهَ المَوْتى فقط ؟

كم مرةً صارَتِ الأَكُفُّ والعُيونُ
سِلالاً من حَجَرٍ
ثم صِرْنَا لا نُصافِحُ ،
ولا نَرَى سِوى المَوْتى
وقدْ رَحَلوا بلا حَاشِيةٍ أو نِعَالٍ ؟

أنا لمْ أَكُنْ أنْفخُ للعَصَافيرِ الجَائِعِةِ
ولَكنْ
كُنْتُ أُعَلِّمُها كَيفَ تُمارِسُ حقَّها
في الطَّيَرانِ ،
وتَعُودُ إلَيْكِ .


الكاتب : مصطفى لفطيمي

  

بتاريخ : 03/01/2020