الفنانون الحضريون ضيوف شرف لقاء احتضنه المعهد الفرنسي بالدارالبيضاء بتنظيم من «جمعية الإبداع الثقافي»

احتضنت حديقة المركب الثقافي الفرنسي بالدارالبيضاء يوم السبت 25 يناير الجاري، لقاء فنيا ثقافيا شبابيا حول موضوع الفن الحضري (الراب وستراب والهيب هوب وفوتوغرافيا الشارع والغرافيتي.) وكذا تاريخ الفنون التي تدخل في إطاره.
في حديث مع فيصل زيزا، المنسق العام لهذه التظاهرة وأحد أعضاء “جمعية الإبداع الثقافي” المنظمة لها، صرح هذا الأخير بأن جمعيتهم تتضمن أعضاء يشتغلون بشكل تطوعي، وقد انشئت سنة 2016 وكان الهدف منها هو تشجيع الشباب المبدع على إبراز مواهبه وإخراجها للعلن، منطلقين من فكرة أن ساكنة المغرب تتكون من 54 في المائة من الشباب، وأن هؤلاء بحاجة لفرض وجودهم. أما برنامج “استراحة” الذي نظم اللقاء في إطاره، قد انطلق سنة 2017 بشراكة مع المعهد الفرنسي بالدارالبيضاء، ويتوجه خصوصا للفنانين والمبدعين الشباب، ويفسح المجال لهم للتعبيرعن ذواتهم من خلال الفن، وهو يبرمج كل أخر سبت من كل شهر.
اللقاء، الذي كان على شكل حوار تناوب خلاله كل من زيزا وسعيدي في طرح أسئلة على الضيوف الفنانين في إطار جلسات تتخللها لوحات فنية مختلفة، قد حضره مجموعة من فناني “الراب”، للحديث عن هاته الفنون من خلال تجاربهم الشخصية، منهم “رافن” وغزلان الشهيرة بـ “سنوو فليك”، و الرابور فوزي الشهير ب”فلو زي” وفنانو الغرافيتي أمثال ماجد البحار ورضا بودينا، كما استضاف اللقاء حمزة خفيف، كاتب الشعر الحضري أو ما يعرف عليه بـ “سلام”، والممثل السينمائي الذي سبق وتعرف عليه جمهور مهرجان “كان” من خلال الفيلم المغربي الفرنسي “صوفيا” للمخرجة مريم بنمبارك، وأيضا مصورالشارع علي المدني الشهير ب (روينة لايف)، وأمير صالح (صاحب مشروع الموسيقى الإلكترونية)، وكذلك حضر اللقاء “دوشا شتاح” الجمعية الثقافية التي تقترح ورشات فنية بالمجان لفائدة تلامذة المؤسسات التعليمية الحكومية، كانت أولها ثانوية الزرقطوني بمنطقة الرحمة بالدارالبيضاء، ثم “باشيبوزوك” وهو عبارة عن مجمع للفنانين. كما تضمن البرنامج ورشة للصور ل”فوتوغرافرز أوف موروكو” أو مصورون من المغرب، ورقصات من أداء بعض من أعضاء جمعية “دوشا شتاح”، وكذا عرضا مسرحيا “ميموكالي” لعزيز بلا من الفرقة المسرحية “ترمينوس”، فضلا عن مجموعة أغاني لرابورات شباب حضروا اللقاء.
التظاهرة كانت إذن فرصة للتعرف على مجموعة من هؤلاء الشباب والتطرق إلى بعض القضايا تهم هذا الفن الذي بدأ ينتشر شيئا فشيئا، ومن بين المواضيع التي تم التطرق إليها، فكرة أن الراب مرتبط في غالبية الأحيان برسائل تحمل العديد من العنف في كلماتها، ونبهوا لخطورتها على الناشئة. ونقل أحد المسيرين عن الرابور المغربي الشهير “موبيديك” قوله بأن سبب ذلك يعود أولا لبعض وسائل الإعلام التي ساهمت في التركيز فقط على هذا الجانب من هذا الفن وثانيا تأكيده بأن الغضب طبيعي، ولو تفاوتت نسبته لدى كل إنسان، لكن المهم هو تحويله إلى طاقة لاستخراج الجانب الإبداعي في كل منه.
غزلان الشهيرة في الوسط الفني بـ “سنو فليك”، أجابت عن هذا السؤال بكون الراب هو ابن بيئته وأن تلك الكلمات التي تحملها “السلام”، ليس تشجيعا على ممارسة الكراهية، بقدر ما هو تعبير عن النفس وعن محيط معاش.
وفي نفس الصدد عرف زيزا “الثقافة الحضرية”، نقلا عن “”أوشمو بوشينو”، فنان الراب الفرنسي الذي سبق وجمعته سهرة مع الرابور المغربي الشهير “موبيديك” بين ردهات المعهد الفرنسي بالدارالبيضاء خلال بداية شهر يناير الماضي، بكونها ذلك النبات الجميل الذي يزهر على جنبات الطريق.
“نينا”، أحد أعضاء جمعية دوشتا شطح”، التي قدمت مقطعا من رقصة مع بعض من الراقصين المنتمين لجمعيتهم ، تشتغل في المجال الحقوقي لكنها تطوعت، كما زملائها، لإنشاء هاته الجمعية قصد تقديم خدمات فنية مجانية لتلامذة في المؤسسات الحكومية، وذلك لإحساسها بالإنتماء لهذا المجتمع ولأنها تعتبر أن المغرب يحبل بمواهب تتنتظر من يمد لها يد المساعدة. وقالت بان جمعيتهم تأسست رسميا في شهر يونيو من سنة 2019، وتقترح في برنامجها 9 ورشات في فنون المسرح والرقص والسينما والفن التشكيلي…
من بين الممارسات الفنية التي تدخل في إطار الثقافة الحضرية، فن تصوير الشارع، ومثله خلال هذا اللقاء، الفنان علي مدني أو (روينة لايف)، الذي تحدث عن تجربته وأكد بأنه يقوم برفع تحدي مع نفسه من خلال استعمال كل ما يتاح بين يديه، لالتقاط الصورة ،موضحا بأن المصور يجب عليه أن يكون خلاقا ما بعد التقاط هاته الأخيرة، بشكل تصل إلى الهدف الذي يتوخاه منها وكأنه ينحتها، وهذا ماسيجعلها متميزة عن باقي الصور، وصرح بأنه في العمق لا يقوم إلا بأرشفة صور لأماكن قد لا يعود لها أثر في يوم من الأيام أو تتغير معالمها، و قال أنه بالرغم من كونه أخذ العديد من الصور لا يزال يبحث عن صورته المتميزة.
أما فوزي عبد الصمد الشهير ب” فلو زي” فهو راقص عصامي، بدأ ممارسة هذا الفن منذ سنة 2014، وتلقنه من خلال مشاهدته لراقصين سبقوه، وفيديوهات على الأنترنيت. وقد تميز فوزي، على حد قوله، بكونه رقص على نغمات قطع موسيقية محلية لفناني راب مغاربة، لإيمانه بأن فناني الفن الحضري عليهم أن يتعاونوا فيما بينهم، ومؤكدا بأن الراب المغربي بدأ فعلا يثير حوله الاهتمام في عدة دول بل حتى في الولايات المتحدة الأمريكية، مهد هذا النوع الموسيقي.
حمزة خفيف تطرق لتجربته الشخصية كممثل وكصاحب مشروع “تاش 36” (تاش تركيز لكلمة تاشلحيت) الذي يتناول فيه موضوع الوشم الأمازيغي وتاريخه، وأيضا ككاتب لكلمات الشعر الحضري منذ أن بلغ ربيعه الحادي عشر، متأثرا بمحيطه الأسري وخاصة بخاله الذي كان ينصت ل”مجموعة ناس الغيوان”، وصرح بأنه هو الأخر أصبح مولعا بشخصية المرحوم العربي باطمة.
ويبدو أن الإهتمام بالوشم، كفن، جمع ما بين حمزة خفيف وما بين جواد أحد أعضاء جمعية “باشيبوزوك” التي كانت ضيفا هي الأخرى على هذه المائدة، وأفاد جواد ان اهتمامه بالوشم نابع من كونه كان ثقافة قديمة بالمغرب وهو يحاول رد الإعتبار لهذا الموروث الثقافي و إعادة إحيائه من خلال إعادة إنتاج الرموز التي كان يعبر عنها ويحاول فهمها.
التظاهرة شهدت أيضا تقديم أعضاء فرقة مسرحية “اللامرئيون”، وهي من تأليف وإخراج هشام العسري، الذي أدى أيضا دور إحدى شخصياته، والذين ضربوا موعدا للحاضرين على الساعة السادسة والنصف من نفس اليوم، مباشرة بعد انتهاء اللقاء الفني، للإستمتاع بعرضهم بإحدى قاعات المركب الثقافي الفرنسي.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 04/02/2020