شخصيات ثقافية ونقابية وحقوقية تطالب بحوار جدي مع ساكنة الريف وتوالي الاعتقالات وتقديم الناشطين بتهم ثقيلة

أفادت مصادر مطلعة أن العدد التقريبي للمعتقلين على خلفية حراك الحسيمة بلغ 126 معتقلا من بينهم 39 معتقلا عرضوا على أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، في حين مازالت مجموعة رابعة تنتظر قرار الإحالة على ذات المحكمة، فيما تتابع مجموعة خامسة بمحكمة الاستئناف بمدينة الحسيمة.
وتفيد مصادرنا بأن مجموعة من الناشطين في الحراك بكل من امزورن، بني بوفراح، بوكيدان، تماسينت و جماعة النكور توصلوا باستدعاءات من الدرك وتم الاستماع إليهم في محاضر وإخلاء سبيلهم، وهناك من أطلق سراحه بعد 24 ساعة من الاعتقال.
وتتابع النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء معتقلي أحداث الحسيمة المحالين عليها بتهم ثقيلة، منها الاشتباه في ارتكابهم جرائم إضرام النار عمدا في ناقلة، ومحاولة القتل العمد، والمس بسلامة الدولة الداخلية، وتسلم مبالغ مالية لتيسير نشاط ودعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة وسيادتها وزعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب المغربي، والمشاركة في ذلك، وإخفاء شخص مبحوث عنه من أجل جناية، والتحريض ضد الوحدة الترابية للمملكة، وجرائم أخرى يعاقب عليها القانون الجنائي. وبالعودة إلى القانون الجنائي المغربي، خصوصا الفصلين 114 و 580 فإن عقوبة التهمة الموجة إلى نشطاء حراك الريف السبعة عشر تصل إلى الإعدام.
من جهة أخرى و بعد ما يقارب 7 أشهر على انطلاق حراك الريف، والتفاعلات التي تعاطت معه على مستوى الهيئات السياسية والحقوقية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد التطورات الأخيرة التي عرفها الحراك باعتقال نشطائه وتقديمهم للمحاكمة، أعلن مثقفو المغرب في بيان صادر عن 500 شخصية ثقافية، عن إدانتهم لما يجري، داعين إلى حوار مستعجل وجدي مع مطالب ساكنة الريف، وتأييدهم لـ»الحراك السلمي والحضاري»في منطقة الريف، كما أصدر اتحاد كتاب المغرب بلاغا دعا فيه إلى التخلي عن المقاربة الأمنية التي لن تزيد إلا في حدة الاحتقان مع ما يدفع به هذا المنحى بالبلاد إلى المجهول.
مثقفون مغاربة: إطلاق سراح المعتقلين أولا

وقعت 500 شخصية ثقافية وفنية بيانا اعتبرت فيه أن»أول خطوة لإيجاد حلّ ناجعٍ لما يقع في الريف المغربي هو إطلاق سراح كافة المعتقلين من نشطاء الحراك الشعبي، والدخول في حوار فوري وحكيم مع ممثلي الساكنة قصد الاستجابة لحقوقهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المشروعة».
وعبّر المثقفون عن قلقهم «البالغ إزاء ما يشهده الوضع من تطورات لا تبعث على الاطمئنان»، معربين عن تأييدهم لما وصفوه بـ»الحراك السلمي والحضاري»في منطقة الريف، ومطالبين بضرورة «تجنبِ كل خطاب سلبي يسعى إلى تحوير مقاصد الحراك عن سِكّتها، ونسف المكاسب الرمزية التي حققتها هذه الاحتجاجات الشعبية القائمة على مبادئ الحرية والكرامة وردّ الاعتبار إلى المواطن في منطقة الريف، وفي كل مناطق المغرب».
ودعا بيان المثقفين “مكونات الدولة وأجهزتها إلى التعامل الإيجابي مع حقوق الساكنة، بدلاً من اللجوء إلى المقاربة الأمنية على حساب كل الشروط الإنسانية التي تتبناها الدولة في خطاباتها الرسمية”، مشددا على ضرورة “الالتزام بشعار السلمية الذي رفعه سكان الريف منذ أول خطوة احتجاجية”.
ومن بين الموقعين على البيان عبد اللطيف اللعبي، المؤرخ المعطي المنجب، ومحمد أهروبا، فاطمة الإفريقي، وعبد الرحيم الخصار، الأستاذ الجامعي خالد البكاري، الفنان محمد الشوبي ، ومحمد مقصيدي ، والناقد السينمائي عبد الكريم واكريم.
اتحاد كتاب المغرب ضد المقاربة الأمنية

دعا اتحاد كتاب المغرب في بيان له،»إلى وقف عاجل للمتابعات الأمنية والقضائية في حق نشطاء الحراك وإطلاق سراحهم، مناشدا الجميع التمسك بفضيلة الحوار، لإيجاد حلول فعالة وناجعة تستجيب للمطالب لمطروحة، مع إحداث آلية تشاركية لمتابعة تنفيذ هذه المطالب في مدد مقبولة، لتوفير مناخ ملائم لحوار بناء ومنتج بين السلطات العمومية وتعبيرات الحراك الاجتماعي، مطالبا الجميع بنبذ كل الممارسات والإجراءات والتدابير التي من شأنها أن تعمق التوتر والاحتقان القائمين، بما يساهم في تهييئ مناخ ملائم لاسترجاع الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة ،والشروع في حل مشاكلهم والاستجابة لانتظاراتهم، عبر تسريع وتيرة إنجاز المشاريع التنموية المبرمجة بمنطقة الريف، وبغيرها من المناطق الأخرى، ودعمها بمشاريع أخرى لتحفيز الاستثمارات،والكفيلة بخلق فرص الشغل وتحسين الخدمات العموميةوتطوير البنيات التحتية».
وأكد اتحاد كتاب المغرب، أنه “يتابع باهتمام وقلق بالغين، أطوار الهبَّة الشعبية التي تشهدها منطقة الريف، منذ انطلاقتها قبل سبعة أشهر، على إثر الحادث المأساوي الذي ذهب ضحيته المرحوم محسن فكري، وما خلفه من استياء عارم واستنكار على الصعيدين المحلي والوطني، وما استتبع ذلك من تعبير سلمي عن مطالب اجتماعية وحقوقية، كان من الممكن الاستجابة لها في الإبان بدل تجاهلها، لاسيما وأن تلك المطالب قد بلورها المحتجون في وثيقة مطلبية، أضحت معروفة، مضيفا “أن ما زاد في تأزيم الوضع بمنطقة الريف، ما عرفته البلاد من فراغ مؤسساتي ناتج عن تعذر تشكيل الحكومة لمدة ناهزت خمسة أشهر، مع ما ترتب عن ذلك من تأجيل اعتماد قانون المالية، وتعثر الاستثمارات العمومية. وأمام استمرار هذا الوضع، فإن اتحاد كتاب المغرب، الذي ظل يتابع عن كثب التطورات الحاصلة في منطقة الريف، مؤملا انجلاء الموقف واتضاح مسار الأحداث، لا يسعه إلا أن يعبر اليوم عن دعمه التام للمطالب العادلة لسكان المنطقة، وتضامنه مع نضالاتهم السلمية لأجل تحقيقها.”كما نبه الاتحاد إلى مخاطر التمادي في اعتماد المقاربة الأمنية أثناء التعامل مع تظاهرات المحتجين، ما قد يؤدي إلى التراجع عن المكتسبات الديمقراطية التي راكمتها البلاد، بدل استثمار الجهود والإمكانات المتاحة لبلورة مقاربة تنموية شاملة ومندمجة.
الاتحاد أكد أن الوقت قد حان لتنظيم حوار وطني شامل ،يهم القضايا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ويطرح سبل تعزيز المكاسب الديموقراطية والمنجزات التنموية، في أفق ترسيخ العدالة الاجتماعية والمجالية، ضمانا لاستقرار البلاد، وتجنيبها أزمات هي في غنى عنها.
النقابة الوطنية للصحافة تدعو الى احترام الحق في الاحتجاج

دعت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بخصوص حراك الريف وما تعرفه الاحتجاجات بالحسيمة من تضييق، إلى احترام الحق في الاحتجاج كشكل من أشكال حرية التعبير. ونددت النقابة، أثناء اجتماع مكتبها التنفيذي يوم الجمعة التاسع من يونيو الجاري أيضا، بتقاعس وسائل الإعلام السمعي البصري العمومي ووكالة أنباء المغرب العربي عن القيام بدورهم الوظيفي كخدمة عمومية باعتماد التغطية والمتابعة الإعلامية الموضوعية للأحداث والاحتجاجات، بما يضمن حق المواطن في المعلومة والخبر، ويسمح بمواكبة التطورات وفتح نقاش عمومي شفاف ونزيه بإشراك مختلف الأطراف والفاعلين للإسهام في نشر ثقافة الحوار وقيم الديموقراطية والمواطنة. وفي هذا الإطار عبرت النقابة، في بيان لها، عن استنكارها الشديد لما أقدمت عليه بعض وسائل الإعلام العمومي في أحد ربورتاجاتها بإقحام صورة غريبة لا علاقة لها بتاتا بالأحداث وبقضية الحراك الذي تعرفه منطقة الحسيمة،  داعية الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري إلى تحمل مسؤوليتها كهيئة للضبط والمراقبة وللسهر على احترام أخلاقيات المهنة، وقيم التعددية والاستقلالية والحياد المفترضة في وسائل الإعلام العمومية. كما استحضرت مناقشات المكتب التنفيذي التقارير التي تفيد تعرض العديد من النشطاء الإعلاميين والمدونين في شبكات التواصل الاجتماعي وفي المواقع الالكترونية الإخبارية إلى الاعتقالات والاستنطاق والملاحقات الأمنية، حيث تأكد نقل خمسة من بينهم إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أحيلوا على الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء الذي أحالهم بدوره على قاضي التحقيق بنفس المحكمة. و بهذا الخصوص، قررت قيادة النقابة مراسلة السلطات الحكومية المختصة، معبرة عن استنكارها و تنديدها بمجمل هذه الممارسات التي تهدف المس بحق المواطن في الخبر والمعلومة وبحرية التعبير و الرأي.
و إذ تعبر النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن مخاوفها من توجيه تهم جنائية لهؤلاء النشطاء لا علاقة لها بأنشطتهم الإعلامية، تطالب بإطلاق سراحهم الفوري، كما تجدد النقابة تأكيدها على ضرورة احترام حرية الصحافة والرأي والسماح للصحافيين المغاربة والأجانب بتغطية الأحداث والاحتجاجات دون قيد أو تضييق، وفي أجواء الحرية والاستقلالية التي يضمنها الدستور المغربي ومختلف المواثيق الدولية  لحقوق الإنسان .
من جهة أخرى عقد وفد رفيع المستوى، الاثنين، بالحسيمة، اجتماع عمل مع مسؤولين جهويين، قصد الاطلاع على سير الأشغال في العديد من المشاريع المائية خصص لتتبع الأوراش الجارية بخصوص التزويد بالماء الصالح للشرب، يتعلق بمشاريع مهيكلة ستضمن تزويد الاقليم بالماء الصالح للشرب في أفق سنة 203.


الكاتب : حفيظة الفارسي / محمد رامي

  

بتاريخ : 14/06/2017