بن عبد القادر: تم الحد من ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير بفضل تعزيز الترسانة القانونية ، التجمعتي: عصابات الاستيلاء على عقارات الغير لهم كفاءة من الناحية القانونية ودراية بمساطر التحفيظ

 

ترأس وزير العدل محمد بن عبد القادر، صباح يوم الثلاثاء الماضي، لجنة التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، في دورتها الأولى برسم سنة 2020، ويدخل هذا الاجتماع في إطار تتبع التعليمات الملكية المضمنة في رسالته السامية التي بعثها لوزير العدل بتاريخ 30 دجنبر 2016.
هذا الاجتماع حضره أعضاء اللجنة من مختلف الوزارات والإدارات، ذات الصلة بالموضوع، ومديرية المحافظة العامة على الأملاك العقارية والرهون وممثلو وزارات الداخلية وممثل عن وزارة الشؤون الخارجية وممثل عن وزارة التعاون الدولي وممثل عن الفلاحة وممثل عن الأوقاف والشؤون الإسلامية، بالإضافة إلى ممثلي الأمانة العامة للحكومة وممثل عن الرئيس الأول لمحكمة النقض وممثل عن الوكيل العام لمحكمة النقض وممثل رئيس النيابة العامة وممثل عن المديرية العامة للضرائب وكذلك ممثل عن الجالية المقيمة بالخارج ورئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب ورئيس المجلس الوطني للموثقين ورئيس الهيئة الوطنية للعدول.
وفي مستهل هذا اللقاء الذي افتتحه محمد بن عبد القادر وزير العدل، استعرض حصيلة عمل اللجنة التي استمر اشتغالها لأزيد من ثلاث سنوات، وما تم تنزيله وتفعيله من توصيات ومقترحات، التي تقدم بها أعضاء هذه اللجنة، كلا في مجال تخصصه تنفيذا للرسالة الملكية، التي حثت على التصدي الفوري و الحازم لأفعال الاستيلاء على عقارات الغير، التي نبه جلالته إلى خطورتها وتواصل استفحالها، وعلى مساسها بالأمن القانوني و العقاري وبحق الملكية الذي يضمنه دستور المملكة، وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا على مكانة وفعالية القانون ودوره في صيانة الحقوق، فضلا عن زعزعة ثقة الفاعلين الاقتصاديين، مما جعل جلالة الملك يدعو إلى وضع خطة للتصدى لهذه الظاهرة.
وأكد وزير العدل محمد بن عبد القادر أنه انكب منذ إحداث هذه اللجنة على تدارس الموضوع وإيجاد الحلول الكفيلة بالتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، عبر المساطر القانونية والقضائية في مواجهة المتورطين، وأيضا عن طريق معالجة وقائية تقوم على ابتكار إجراءات وقائية تضمن معالجة أي قصور تشريعي وتعزز الجوانب التنظيمية والعملية، في أفق القضاء عليها، وذلك من خلال النفاذ إلى عمق الإشكالات القانونية والتنظيمية التي قد يستغلها الفاعلون في ارتكاب أفعالهم الإجرامية.
ومن بين الأسباب التي وقفت عليها لجنة التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، على ضوء القضايا الرائجة أمام القضاء، تفشي ظاهرة اعتماد الوكالات العرفية أثناء إبرام العقود الناقلة للملكية، وكذا وجود بعض القصور من الناحية التشريعية، في ما يخص صلاحية السلطات القضائية المختصة لعقل العقارات موضوع الاعتداء و منع التصرف فيها إلى حين البت في القضية.
وأضاف وزير العدل أن اللجنة عملت على تحديد وحصر الثغرات التي تتضمنها العديد من النصوص القانونية وفي التشريع الوطني والتي يستغلها مرتكبو أفعال الاستيلاء لارتكاب أفعالهم الإجرامية، مما يستوجب إدخال تعديلات جوهرية عليها، من أجل قطع الطريق أمام مرتكبي أفعال الاستيلاء و الحد من تفشي هذه الظاهرة.
وفي هذا الإطار تكلفت وزارة العدل بإعداد مجموعة من مشاريع القوانين بتنسيق وتشاور وتوافق مع كل الجهات المعنية تفعيلا للتوصيات والقرارات المتخذة من قبل اللجنة.
وأكد وزير العدل أن الحصيلة التشريعية المنجزة في مجال التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، وبمستوى النصوص القانونية، التي تم إقرارها، يتوخى منها التصدي لخطورة ظاهرة المساس بالأمن العقاري للمواطنين، كما يتحتم التحلي باليقظة القانونية والنفاذ إلى عمق النصوص القانونية لاستكشاف ثغراتها ونواقصها والعمل على معالجتها، لضمان فعالية الإجراءات المتخذة.
وفي هذا الصدد قامت وزارة العدل بعملية جرد للعقارات المهملة بتنسيق مع وزارة الداخلية والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطي، في مختلف العمالات والأقاليم، حيث تم إحصاء ما مجموعه 8299 عقارا مهملا، منها 4037 عقارا لديه رسوم عقارية ويدخل في خانة العقارات المهملة، وقد تم اتخاذ مجموعة الإجراءات والتدابير لحمايتها، كما تم حث المحافظين العقاريين على الاحتراز الشديد في دراسة المعاملات والبت في الطلبات المتعلقة بها.
وفي هذا الصدد ذكر محمد بن عبد القادر أن مصالح الوكالة العقارية اتخذت مجموعة من التدابير والإجراءات لحماية هذه العقارات من خلال وضع تنبيه خاص يتضمن عبارة «عقار مهمل» بالملف العقاري.
كما تم إطلاق خدمة إلكترونية «محافظتي» للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية يمكن المالكين المنخرطين من تتبع وضعية أملاكهم العقارية، دون عناء التنقل إلى المحافظة العقارية، كما تم إطلاق خدمات إلكترونية إضافية في سبيل دعم الإجراءات الوقائية «كخدمة الإشهار العقاري الرقمي» المجانية للحد من الاستيلاء على عقارات الغير.
وأكد وزير العدل أن الإجراءات التنظيمية يتم بموجبها اتخاذ الترتيبات اللازمة من أجل التأكد من صحة الوثائق والعقود المبرمة بالخارج، وذلك باعتماد كافة القنوات الممكنة، عبر مراسلة السلطات الأجنبية المختصة طبقا للاتفاقيات الدولية المعتمدة في هذا المجال، لتسريع وتيرة تنفيذ الإجراءات من قبل التعاون بين الهيئات المهنية للموثقين بالدول المعنية ومساعدة قضاة الاتصال بالمغاربة الموجودين ببعض البلدان للتأكد من صحة الوثائق المدلى بها، وهو ما أفضى إلى إنجاز 218 وثيقة من أصل 224 وثيقة تم التوصل بها من قبل وزارة العدل إلى غاية 24 فبراير من هذه السنة، فيما تتابع هذه الأخيرة مع القنوات المعتمدة قصد التعجيل بالإجراءات لإنجاز ما تبقى، وقد مكن إحداث هذه اللجنة من الحد ومحاصرة ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير والحيلولة دون استفحالها في أفق القضاء عليها.
وأكد محمد بن عبد القادر أن تنزيل قرارات وتوصيات اللجنة، حد من تسجيل أي حالة جديدة، وأن دخول القوانين الجديدة حيز التنفيذ سيساهم في تحصين الملكية العقارية ببلادنا، مما سيسد الثغرات التي كان يستغلها مرتكبو أفعال الاستيلاء وسيقطع الطريق عليهم بصفة نهائية وسيحقق الحماية والردع المطلوبين.
وعرض وزير العدل في هذا الاجتماع إحصائيات تهم القضايا المعروضة على القضاء في موضوع الاستيلاء على العقار، وقد تم إلى غاية 16 شتنبر 2019 تسجيل 40 قضية رائجة مرتبطة بالاستيلاء على عقار الغير، منها 09 قضايا في مرحلة التحقيق، و06 قضايا رائجة أمام الدرجة الأولى للتقاضي، و14 قضية أمام الدرجة الثانية، و04 قضايا أمام محكمة النقض، فيما تم تسجيل 07 قضايا قيد البحث التمهيدي.
ودعا وزير العدل اللجنة إلى المزيد من مواصلة العمل بكل حزم ويقظة، ومواصلة الاقتراحات والتوصيات والقرارات التي من شأنها تعزيز المكتسبات المحققة، وسد الثغرات التي قد يكتشفها الواقع العملي.
ومن جهته نبه عبد الكريم التجمعتي، المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة على الأملاك العقارية والمسح العقاري الخرائطي، إلى أن الأشخاص الذين يقومون بالاستيلاء على عقارات الغير، لهم كفاءات في هذا النوع من الإجرام، من الناحية القانونية ودراية بمساطر التحفيظ، كما أنهم يتوفرون على المعلومات ويستعملون أشخاصا مهنيين، وفي ما يخص عدد العقارات المهملة فقد تم إحصاء من بين سنة 2017 و2019 ما مجموعه 4500 رسم عقاري لم يعد أحد يطلع على معطياتها أو يسأل عن المعلومات بشأنها ومن بينها 54 في المائة تعود للأجانب لم يعد جزء منهم يقيم بالمغرب.
وأكد التجمعتي أن الأبواب قد أقفلت في وجه هذه العصابات بفضل التدابير المتخذة من قبل هذه اللجنة، وهو ما يستوجب الاستمرار فيه عبر اتخاذ مزيد من القرارات للحد من هذه الظاهرة.
وأضاف أن أرشيف 80 وكالة عقارية يحتوي على 9 ملايين ملف، من بينها 6 ملايين رسم عقاري و3 ملايين مطلب تحفيظ، كما أن وكالاته تستقبل 350 ألف رسم تحفيظ سنويا، ما يستدعى فتح أربع وكالات عقارية جديدة كل سنة.
ونظرا لأن القانون المغربي يسمح لكل مواطن بالاطلاع على الرسوم العقارية فإن هذه العصابات تبدأ عملها من خلال تجميع المعطيات والمعلومات للعقار المستهدف الاستيلاء عليه، وهو ما يستوجب اتخاذ قرارات جريئة، وعدم إعطاء المعلومات الخاصة إلا للمعنيين بالأمر، أي ملاك تلك العقارات أو عبر مهنيين.
وفي ختام هذا الاجتماع الذي أعطيت فيه الكلمة لمختلف القطاعات، عقد اجتماع اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة التصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، حيث اتخذ قرار يرمي إلى تعديل المادتين 27و28 من المرسوم 2.13.18 الصادر يوم 14 يوليوز 2014 بشأن إجراءات التحفيظ العقاري وكذلك إصدار توصيات مناسبة بهذا الشأن.