مهنيون انتقدوا غياب وسائل الوقاية ودورات التوعية للتعامل مع الفيروس وآخرون يبرمجون جلسات تكوينية  .. السعودية تغلق باب العمرة والإشاعات تغذي الخوف من كورونا المستجد في المغرب والكمّامات الواقية أولى «ضحايا» السوق السوداء

 

خلقت مجموعة من الحالات التي تم الاشتباه في إمكانية إصابتها بفيروس كورونا المستجد، أول أمس الأربعاء، حالة من الرعب، بفعل تناسل الإشاعة التي تمت تغذيتها ببعض الصور والتسجيلات، مما أدى إلى تفشي موجة من الهلع، حيث أصبح ظهور المرض في المغرب من عدمه، حديث الخاصة والعامّة على حدّ سواء.
ويتعلّق الأمر بطالب بإحدى مؤسسات التعليم العالي في الرباط، الذي كان في زيارة للديار الأمريكية مؤخرا، هذا الأخير ارتفعت درجة حرارة جسمه وظهرت عليه بعض الأعراض المرضية، مما أدى إلى تفشي حالة من الفزع في أوساط طلاب المؤسسة. أما الحالة الثانية فتتعلق بمهاجر مغربي كان متواجدا حديثا في إيطاليا، الذي حلّ حوالي الساعة الواحدة ظهرا بمستشفى الحسن الثاني في سطات بعدما ظهرت عليه مجموعة من الأعراض التي لها صلة بالأنفلونزا، والتي قد تكون لها صلة بفيروس كورونا المستجد، فتم عزله وقائيا في غرفة وربط الاتصال بمصالح الصحة جهويا، الأمر الذي استنفر مصالح وزارة الداخلية أيضا، حيث تحول المستشفى إلى قبلة لكل الأجهزة المتدخلة، وجرى نقل المريض حوالي الرابعة زوالا صوب مستشفى مولاي يوسف في الدارالبيضاء، لتؤكد نتيجة التحاليل الفيرولوجية التي خضع لها لاحقا بأنه غير مصاب بـ «كوفيد 19»، إلى أن غادر المؤسسة الصحية حوالي التاسعة ليلا. وفي مكناس، تداول المهتمون بالشأن الصحي، واقعة تقدم سيدة «ح.إ»، إلى مستعجلات مستشفى محمد الخامس حوالي السادسة والنصف مساء، وهي تشتكي أعراضا مرضية، معلنة إصابتها بفيروس كورونا المستجد خاصة وأنها كانت حديثا في الديار الإيطالية، الأمر الذي تفيد مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أنه لم يكن صحيحا، بعد إخضاعها للفحوصات الضرورية، فطُلب منها المغادرة، لكن المعنية بالأمر لم تستسلم للأمر وطرقت أبواب مؤسسات أخرى متدخلة في المجال، من أجل الاحتفاظ بها داخل المستشفى تحت المراقبة الطبية، فتم إدخالها مرة أخرى وقضت ليلتها هناك، إلى أن أكّدت نتيجة التحاليل الفيرولوجية، صباح أمس الخميس، صحة تشخيص مهنيي الصحة بالمستشفى وعدم إصابتها بالفيروس.
ترويج الأخبار المغلوطة التي لها صلة بالمرض، ارتفعت حدّته في الأيام الأخيرة، ومنها ما تم تداوله في الناظور والقنيطرة وشفشاون، إلى جانب تسجيل أشرطة وتعميمها على مواقع التواصل الاجتماعي بدعوى تأكيد إصابات بالفيروس القاتل، وهو ما دفع وزارة الصحة إلى إصدار بلاغ محاولة منها لطمأنة الرأي العام، تؤكد خلو المغرب من الداء إلى حدود مساء الأربعاء، وشدّدت من خلاله، بنفس اللغة التي اعتادت تدبيجها في بلاغاتها، على أن الوضع طبيعي وبأنه يتعين عدم الانسياق وراء الإشاعات، دون تقديم أية توضيحات أخرى لها صلة بما تم اتخاذه من ترتيبات وأشكال التوعية للتعامل مع الحالات المشكوك فيها والداء وما يرتبط به، هذا في الوقت الذي عقدت فيه «ندوة صحافية» صباح أمس الخميس، قدّم خلالها مدير مديرية الأوبئة عرضا عاما، أمام فئة من ممثلي الإعلام، الرسمي، في حين تم تغييب باقي المنابر الإعلامية لسبب غير مفهوم ويتطلب أجوبة، حول رؤية وزارة الصحة لمفهوم التواصل وللمنهجية التي تتبعها منذ مدة وإلى غاية اليوم في هذا الصدد؟؟؟
من جهة أخرى انتقد بعض مهنيي القطاع، افتقاد المؤسسات الصحية العمومية لمجموعة من وسائل الوقاية، ومنها معقّمات الأيدي وغيرها من المستلزمات الطبية الأخرى، فضلا عن عدم برمجة دورات تكوينية حول سبل الوقاية من الفيروس وكيفية التفاعل مع الحالات المشتبه فيها أو المؤكدة إصابتها. بالمقابل أعلنت الفدرالية الوطنية لأطباء الإنعاش والتخدير بالمغرب، عن استعدادها الكلي للتنسيق والتعاون مع جميع المتدخلين من أجل الوقاية من العدوى ومكافحتها، وأكدت أنها قد عملت بالتعاون مع الجمعية المغربية للتخدير والانعاش وعلاج الألم والجمعية المغربية لطب المستعجلات، على برمجة دورات تكوينية وتحسيسية جهوية للأطباء وممرضي التخدير والإنعاش والمستعجلات، بالنظر إلى أن ميدان التخدير والإنعاش يعتبر في طليعة الاختصاصات المعنية بخطر انتشار الفيروس، مبرزة أن هذه الدورات ستستفيد منها كذلك جميع الفعاليات الصحية.
انتشار رقعة الفيروس دفعت عددا من المواطنين إلى اعتماد إجراء احترازي والتوجه إلى الصيدليات ومحلات بيع المستلزمات الطبية من أجل اقتناء الكمّامات الواقية، التي تنقسم إلى نوعين، الأول عادٍ وهو المتداول على نطاق واسع، والثاني وهو عبارة عن قناع يحترم قواعد السلامة الصحية والذي يرمز له بـ FFP2، الذي يجب استعماله في الحالات الوبائية، إلا أنهم اصطدموا بكون أثمنتها قد ارتفعت بشكل صاروخي، في حين أنها انعدمت في عدد كبير من المحلات المختصة في بيعها وفي الصيدليات. وأكدت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن الأقنعة التي يتم إنتاج ما بين 15 و 20 في المئة من احتياجات السوق المغربية داخليا في حين يتم استيراد الباقي، قد نفدت بشكل مهول خلال الأيام الأخيرة، واختفت بفعل المضاربة فيها، إذ أن كميات كبيرة تم اقتناؤها نقدا، من أجل تخزينها أو العمل على تصريفها في أسواق خارجية أخرى بأثمان جدّ مرتفعة. وانتقد عدد من الفاعلين عدم تدخل وزارة الصحة بشكل استباقي من أجل تأمين حضور الأقنعة للراغبين فيها، وحمايتها من جشع المضاربين، مؤكدين أنها تعتبر أولى «ضحايا» الفيروس، الأمر الذي كان من الممكن تفاديه، لو حرصت الوزارة الوصية على القطاع على احترام المسلك القانوني للمستلزمات الطبية المعقمة، التي يجب أن تتواجد في الصيدليات، أو على الأقل في ظرفية مماثلة، العمل على توفيرها بالعدد الكافي لكل المواطنين، عوض السماح بالاتجار في صحتهم وفي مآسيهم المرضية.
فيروس كورونا المستجد الذي بلغ عدد الوفيات بسببه 2805 حالة وفاة، إلى غاية صباح أمس الخميس، إلى جانب تسجيل 82366 حالة إصابة، ارتفعت معدلاته في عدد من الدول كألمانيا والنمسا وكرواتيا، ونفس الأمر بالنسبة لإيطاليا، إلى جانب دول الخليج التي وصل عدد الإصابات فيها بالبحرين إلى 33 حالة، و43 في الكويت، إضافة إلى 6 إصابات في العراق، و 4 في عمان، وحالتي إصابة في لبنان، مما دفع العربية السعودية إلى اتخاذ قرار تعليق الدخول إلى أراضيها بغرض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف مؤقتا، حيث أوقفت الدخول إلى المملكة بالتأشيرات السياحية للقادمين من الدول التي ينتشر فيها فيروس «كوفيد 19» ، وعملت على تطبيق الإجراءات الصحية الاحترازية.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 28/02/2020