الجمعية العامة تصادق على التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومشروع رأي وتقريرين موضوعاتيين .. ترتب عن احتجاجات الحسيمة  814 مظاهرة منها 60 تم تفريقها

صادقت الجمعية العامة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في دورتها الثانية، المنعقدة من 6 إلى 8 مارس 2020، على مشروع التقرير السنوي للمجلس حول حالة حقوق الإنسان برسم سنة 2019 ومشروع رأي حول النموذج التنموي الجديد ومشروع التقرير الموضوعاتي حول الأحداث الاجتماعية بجرادة والتقرير الموضوعاتي حول احتجاجات الحسيمة.
ويتضمن التقرير السنوي للمجلس حول حالة حقوق الإنسان برسم سنة 2019، الذي صادق عليه أعضاء الجمعية العامة بالتوافق والإجماع (سيرجئ نشره إلى حين إدخال التعديلات المقترحة من قبل السادة الأعضاء)، سبعة محاور رئيسية، وهي حماية حقوق الإنسان، تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، العلاقة مع المؤسسة التشريعية، حقوق الإنسان والصحافة، التعاون والعلاقات الدولية، حصيلة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، والآليات الوطنية لتعزيز حماية حقوق الإنسان. مشروع رأي المجلس حول النموذج التنموي الجديد، الذي سيحمل عنوان “فعلية الحقوق والحريات”، سيقدم للجنة الخاصة بالنموذج التنموي قريبا.
بالإضافة إلى ذلك، ناقش أعضاء الجمعية العامة مشروع التقرير الموضوعاتي حول الأحداث الاجتماعية بجرادة وصادقوا عليه بالتوافق والإجماع، وأصدرت توصية بنشره في أقرب الأوقات.
كما صادقت الجمعية العامة بالتوافق والإجماع كذلك على تقرير المجلس حول احتجاجات الحسيمة وأوصت بنشره في أقرب الآجال.
ويتناول التقرير، الذي يقع في 400 صفحة، عدة محاور (تحديد مفهوم «احتجاجات الحسيمة»، كرونولوجيا احتجاجات الحسيمة: 28 أكتوبر 2016- أكتوبر 2017، المس بحرية العقيدة والعبادة، مطالب احتجاجات الحسيمة: وقائع ومآلات، حرية التعبير والتجمع، ادعاءات التعذيب وحالات العنف، حول محاكمة المتابعين على خلفية احتجاجات الحسيمة، تحليل للمنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول احتجاجات الحسيمة، تفاعل المجلس مع المعتقلين وعائلاتهم على خلفية احتجاجات الحسيمة، استنتاج عام، بالإضافة إلى الخلاصات وتوصيات عامة).
وبحسب المجلس الوطني لحقوق الانسان يشكل هذا التقرير حول احتجاجات الحسيمة، الذي طال انتظاره، ثمرة أشهر طويلة ومضنية من الاشتغال، سواء على مستوى التحريات أو على مستوى التحقق من المعلومات وتقاطعها.
ويهدف هذا التقرير، الذي تمت صياغته ما بين نونبر2019 ومارس 2020، إلى تقديم قراءة حقوقية لما جرى خلال الاثني عشر شهرًا من الاحتجاجات التي عرفها إقليم الحسيمة.
وكشف تقرير المجلس أن عبارة «احتجاجات الحسيمة» هي التي تضمن أكبر قدر من الدقة والموضوعية عوض كلمة “حراك”. فمفهوم الاحتجاج يعتبر أحد ركائز حقوق الإنسان حيث نجد “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي”. كما أوضح أن كلمة الريف لا تؤدي وظيفتها كظرف مكان بشكل دقيق للوقائع المراد توصيفها، ومع أن هذه الوقائع حدثت في إقليم الحسيمة الذي يعتبر جزءا من منطقة الريف، فإن استعمال “الكل” (أي الريف) للدلالة على “الجزء” (أي الحسيمة)، يفتقر إلى مسوغات منطقية في هذه الحالة.
وفي توصيف احتجاجات الحسيمة بالتظاهر السلمي من أكتوبر 2016 إلى مارس 2017، اعتبر التقرير أن التظاهرات السلمية دامت حوالي ستة شهور، وهي من أطول المدد التي سجلها تاريخ الاحتجاج السلمي في المغرب، كما أن هذه الاحتجاجات السلمية نظمت بالليل كما بالنهار، وقد شجع على التظاهر ليلا تزامن الاحتجاجات مع شهر رمضان. أما بخصوص المسيرات السلمية جابت العديد من الشوارع، وقطعت كل واحدة منها مسافات طويلة دون وقوع أي حادث. كما أن طقطقة الأواني، لأول مرة، يتم التظاهر بها خلال شهر ماي بالطرق على الأواني المنزلية من الأسطح وشرفات المنازل. كما نظمت مسيرتان للنساء باللباس الأسود، واحدة ليلا والثانية نهارا، مطالبة «بوقف مداهمات المنازل» وداعية إلى «احترام حرمة البيوت» وإطلاق سراح المعتقلين وتحقيق المطالب.
وسجل التقرير أن هناك التحاق بعض المواطنين من مدن المناطق المجاورة، دون أن يؤدي ذلك إلى أي إخلال بالأمن أو تدخل من طرف القوات العمومية ثم تم تنظيم وقفة احتجاجية ببوكيدارن تحولت إلى مسيرة دون حضور القوات العمومية.
وأشار التقرير الى أحداث العنف التي عرفتها مدينة الحسيمة، منها أحداث عنف في يوم 20 يوليوز 2017، حيث أكدت الإفادات أن عددا من المتظاهرين تجمعوا قرب مستشفى محمد الخامس، حيث وضع المحتجون متاريس وأحجار كبيرة وحاجزا حديديا وعجلات مطاطية، وعمدوا إلى كسر مصابيح الإضاءة في الشارع العام. وفي حدود الساعة العاشرة والنصف ليلا، حضرت عناصر الشرطة لتفريق المتظاهرين، فبدأت أعمال العنف.
وقد كان أغلب المحتجين ملثمين وتمركزوا في أعلى الشارع حيث توجد الأزقة والمنافذ بينما عناصر الشرطة في الأسفل، وبدأوا يرشقونهم بالحجارة، فأصيب عدد من العناصر بإصابات مختلفة وبجروح وكسور متنوعة.
وجاء في التقرير كذلك الهجوم على مقر إقامة عناصر القوات العمومية يوم 26 مارس حين انطلق عدد من التلاميذ من مدينة بني بوعياش وإمزورن وتماسينت في مسيرة باتجاه مدينة الحسيمة، وهناك بدأ رشق القوات العمومية بالحجارة، وتواصلت المسيرة إلى مدينة بني بوعياش المجاورة لمدينة إمزورن، مع الرشق بالحجارة لسيارات القوات الأمنية، ثم ارتفع عدد المتجمهرين بشكل كبير، وقام عدد منهم بالهجوم على مقر إقامة عناصر القوات العمومية بإضرام النار أولا بحافلة النقل باستخدام الزجاجات الحارقة وإضرام النار في سيارة الشرطة وشاحنة كانت تحمل أمتعة عناصر الدعم، كما سمع ذوي انفجار قنينات الغاز بنفس الإقامة، نتج عن هذه الأحداث العنيفة حروق وكسور وإصابات متفاوتة الخطورة، إضافة إلى وقوع العديد من رجال الشرطة من أعلى سطح البناية عند محاولتهم النجاة، ولم يتوقف الهجوم إلا بعد حضور وتدخل القوات العمومية.
كما جاء في التقرير التدابير المتخذة، حيث تم في أبريل إعفاء باشوات بعض الجماعات الحضرية والقروية، وبعض ممثلي السلطات المحلية، وأصدرت محكمة الاستئناف بالحسيمة أحكاما (ما بين 5 و8 أشهر) في حق المتهمين في مقتل محسن فكري وأداء تعويض من طرف شركتي التأمين والنظافة، وبعد أسبوع، اقتحم ناصر الزفزافي مسجد محمد الخامس خلال صلاة الجمعة، وتم إصدار بلاغ الوكيل العام للملك لإيقافه بداعي “عرقلة حرية العبادات داخل مسجد وتعطيلها أثناء صلاة الجمعة”،في شهر ماي، قام وفد وزاري بزيارة للإقليم، وكان يتكون من 6 وزراء ومدير الماء والكهرباء قصد الوقوف على تقدم الأشغال في مشروع الحسيمة منارة المتوسط، وفي متم الشهر أعلن الوكيل العام للملك اعتقال ناصر الزفزافي صحبة عدد من مرافقيه، وفي 25 يونيو صدر أمر ملكي بإجراء بحث في سير المشاريع التنموية وافتحاص مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”، وإعفاء بعض الوزراء والمسؤولين من مهامهم. في شهر يوليوز تم تنظيم لقاء تشاوري مع فاعلين نظمته الحكومة تحت إشراف وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان شارك فيه ممثل عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وصدر عفو ملكي في 29 يوليوز على (35) معتقلا و(14) حدثا.
وبخصوص المعطيات الأولية حول ما ترتب عن الاحتجاجات: 814 مظاهرة منها تطلبت تأطيرا خاصا وتفريق 60 مظاهرة، أي أقل من 10 في المائة من مجموع المظاهرات، وجرح 788 عنصرا من عناصر القوات العمومية 178 عنصرا من القوات المساعدة و 610 من المديرية العامة للأمن الوطني.
ونقلت مصادر إعلامية عن محمد الحسين كروط، محامي المديرية العامة للأمن الوطني في مرافعته أمام محكمة الاستئناف، أن الأحداث خلفت في المجموع 902 ضحية:
604 رجال أمن 178 القوات المساعدة و120 الدرك و500 إصابة بجروح جسدية في صفوف القوات العمومية ومعاناة 111 عنصرا من عناصر الأمن من مضاعفات عقلية، منهم 34 عنصرا تحت العناية الطبية النفسية والحد الأقصى لمدة العجز الكلي المؤقت: 760 يوما وعدد الأشخاص الموقوفين: 400 شخص، عدد القاصرين الموقوفين: (129) منهم 45 احتفظ بهم في الإصلاحية و84 منهم تم تسليمهم لأوليائهم، وعدد الأشخاص الذين يقضون عقوبة سجنية إلى حدود مارس: 49 شخصا.
وأعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في آخر هذا التقرير، عن إحداث وحدة لحفظ الذاكرة إلى جانب رئاسة المجلس من أجل الانكباب على النهوض بالتاريخ المغربي بكل روافده ودعم إعماله بالمناهج والمقررات التعليمية؛ ومشروع وضع برنامج مشترك مع المكتب الوطني للتكوين المهني لتسهيل ولوج المعتقلين الذين أفرج عنهم في برامج تعزيز قدراتهم المهنية والتعليمية؛ بالإضافة إلى استعداده للتعاون مع جمعية هيئات المحامين في إعداد رأي حول مشروع قانون مهنة المحاماة، ثم التزامه بالعمل مع كل الفاعلين لمناهضة كل خطابات الكراهية والعنف لترصيد مكتسبات في مجال حقوق الإنسان، فضلا عن انكباب معهد الرباط إدريس بنزكري لحقوق الإنسان على ترجمة عدد من الاجتهادات سواء القانونية أو القضائية ذات الصلة بالقضايا الراهنة لحقوق الإنسان لما يعضد المراجع المستعملة من طرف مختلف الفاعلين ونشر دراسة حول التظاهر السلمي بعلاقته مع الأشكال الجديدة لممارسته.


الكاتب : مكتب الرباط: عبدالحق الريحاني

  

بتاريخ : 10/03/2020