مشاهدات من وسط حالة الطوارىء الصحية.. أطفال يواصلون دروسهم بتقنية الواتساب وأباء يتجنبون العدوى بالوصفات الشعبية

 

جابت سيارات رجال الدرك بمنطقة مديونة الشوارع والأزقة ليلة أول أمس للحرص على تنفيذ حالة الطوارىء الصحية التي أعلنت بالمغرب منذ الجمعة في الساعة السادسة مساء.. ورغم أن جل الساكنة نفذت الأوامر ودخلت منازلها في محاولة جادة للحيلولة دون أي إصابات جديدة بالفيروس، إلا أنه لوحظ أن البعض مازال لا يأخذ الأمور بالجدية المطلوبة ويواصل التجمعات في الشوارع والأزقة الجانبية إهمالا أو تجاهلا لما يشكله الأمر من خطورة عليه وعلى المحيطين به ..
هي حالات فردية خصوصا من جانب الشباب والمراهقين الذين يتجاهلون أن عواقبها قد تكون وخيمة على الجميع، رغم البلاغات المتكررة لوزارة الداخلية، التي أعلنت حالة الطوارىء الصحية وكذا النداءات التي أطلقت على الفيسبوك مثل نداء «ابق في داركم»
.. سيارات الدرك بصفاراتها التي تثير القلق والهلع في النفس، حسب قول إحدى السيدات وهي تكلم جارتها من نافذة مطبخها ..، لم تحرك أي ساكن عند هؤلاء الشباب الذين واصلوا تنكيتهم و مزاحهم وكان الأمر لا يعنيهم، وبين الفينة والأخرى يهرولون هاربين نحو أزقة أبعد في محاولة للتخفي عن أعين رجال الدرك، وهم يتصايحون وتتعالى قهقهاتهم وضحكاتهم وكأنهم أطفال في لعبة للغميضة، مما يدل على مدى استهتارهم واستهانتهم بأمرهو في غاية الخطورة والجدية …
وفيما تتابع الساكنة من النوافذ والشرفات بترقب كبير مرور سيارات الدرك في منظر لم يسبق لهم أن عاينوه من قبل .. ولم يعتادوه طوال حياتهم.. تتبادر إلى الذهن تساؤلات قلقة تدور كلها حول الفيروس وكيفية محاربته، ولم يجد بعضهم غير الوصفات الشعبية يتشبثون بها كطوق نجاة وسط توالي الأخبار بإصابات جديدة يسجلها الفيروس في مرمى المواطنين .. ليرتفع عددهم إلى ما فوق التسعين إصابة ..
لقد أصبح إشعال نار المجمر وإحراق بعض الأعشاب كنبات الاوكلبتيس و الخزامى والشيح منظرا مألوفا في بعض البيوت وفي الاسطح، بل حتى في الشارع وفي أماكن العمل، إيمانا من البعض أن هذه الأعشاب سلاح فعال ووصفات ناجعة تقضي على الفيروسات الطائرة و تحارب تلك الزاحفة أو المتسللة وتحيلها هباء منثورا.. شرب الليمون الحامض مع الماء والغرغرة بالملح والماء وأكل الثوم ومضغ القرنفل وصفات يتبادلها المغاربة، مؤكدين نجاعتها ضد شبح خفي يتحين أي فرصة للإهمال والتجاهل ليضرب ضربته ويردي ضحايا جدد…. يقول (م.ح) وهو يقرفص رفقة ابنه في درج بيته، وقد أشعل بدوره المجمر فيما تتابع زوحته، وقد حملت طفلتها بين يديها، المشهد ببعض المرح المشوب بالسخرية من منظر زوجها وابنها وهما يحاولان أن يحظىيا بأكبر قدرممكن من الدخان المتصاعد من نبات الأوكاليبتيس المحترق. يقول، «إنه دواء فعال ضد الميكروبات والفيروسات.. إن به زيوتا طيارة فعالة …تحارب جميع أنواع الميكروبات…».. خلال حديثنا وسط الدخان ينهض الولد ذو السبع سنوات بشكل مفاجىء ودون سابق إنذار ويبدأ في ترديد النشيد الوطني، وعند سؤاله قال بكل عفوية الأطفال «حيث سمعت قالوا خصنا نرددوه كاملين مع العاشرة باش نحاربو كورونا» …
وعندما سألته الجريدة عن دروسه، قال إنه يتواصل مع معلميه بواسطة تقنية الواتساب، إذ يرسل التلاميذ تحت إشراف الوالدين طبعا لمعلميهم ما أنجزوه من تمارين، حسب جدول تسلموه من قبل .. وذلك بتصوير إنجازاتهم أو عبر الاوديو، مرددين أيات القرءان الكريم التي حفظوها أو أي درس، كل حسب دوره، ولا ينتظرون كثيرا حتى تجيب المعلمة مشجعة هذا أو منبهة ذاك إلى خطأ في الكتابة أو في التمرين مع تشجيعهم على المواصلة مع ما يبعث فيهم ذلك من فرح وسرور بتجاوب معلميهم معهم، للعلم فهؤلاء التلاميذ ينتمون لمدرسة عمومية وليست خاصة..هي طريقة لا ننكر أنها أثلجت صدورنا وبعثت الأمل في نفوسنا .. فوجود مثل هؤلاء المعلمين الغيورين لا يمكن إلا أن يبعث الأمل في أن بلدنا بخير وسوف يتجاوز هذه المحنة بتضافر جهود جميع أبنائه البررة، رغم بعض التجاوزات التي تلاحظ هنا وهناك والتي تبقى فردية ولا يمكن تعميمها…


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 23/03/2020