الكعبة المشرفة من عام الفيل إلى عام كورونا أو الطير الأبابيل وكوبيد19، هل من علاقة؟

محمد إنفي

 

دون الخوض في تفاصيل التاريخ، نشير إلى أن عام الفيل، هو العام الذي حاول فيه أبرهة الحبشي، حاكم اليمن، هدم الكعبة، فسير جيشا عظيما، تتقدمه فيلة ضخمة.ولما اقترب من مكة المكرمة، وجد قطيعا من النوق، فاستولى عليه. وكانت النوق في ملكية سيد قريش، عبد المطلب،جدّ الرسول محمد    المولود في نفس العام.
خرج عبد المطلب إلى أبرهة ليطلب منه أن يرد إليه نوقه ويترك الكعبة وشأنها،فرد إليه نوقه، لكنه رفض العدول عن هدم الكعبة. وقد استهجن أبرهة موقف عبد المطلب واعتبره غير مشرف لسيد قريش الذي أتاه مدافعا عن نوقه لكن دون الوقوف في وجه جيشه المتقدم نحو الكعبة، فكان ردعبد المطلب بقولته المشهورة: “أما النوق فأنا ربها، وأما الكعبة فلها رب يحميها”.وكذلك كان؛فقد أرسل لله سبحانه وتعالى طيرا أبابيل(أسراب كثيرة من الطير) تحمل حجارة من سجيل (طين متحجر)،فأحالتهم إلى أشلاء متناثرة ومتبعثرة ومتهالكة، شبيهة بأوراق الزرع الذي أكلته البهائم وداسته وأفنته.
وقد ورد ذكر الطير الأبابيل في القرآن الكريم مرة واحدة، وذلك في سياق الحديث عن قصة أصحاب الفيل؛ قال لله تعالى:أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ   أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ   وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ   تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ   فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ   (سورة الفيل).
الغاية من هذا التذكيربقصة أصحاب الفيل، هي تسفيه أقوال الذين يزعمون، جهلا وجهالة،غباء وسفاهة، أن فيروس كورونا من جند لله. والقصد من هذا التسفيه، لعل بعضهم يتعظون ويكفون عن شطحاتهم الغبية التي تسيء إليهم وإلى إيمانهم القائم على الدجل والتخريف. فالطير الأبابيل من جند لله، بدليل القرآن والتاريخ، بغض النظر إن كان الطير قد خرج من البحر، حسب بعض الأقوال، أو أتى من وجهات أخرى؛ وقد سلطه الله على جيش أبرهة، فجعله كالزرع الذي أكلته الدواب وداسته وأفنته. وبهذا، حمى لله بيته الحرام.
فكيف يكون فيروس كورونا من جند لله، والحال أن بيت لله الحرام لم يسلم من أذاه؟ فما هو واقع الحال اليوم في مكة المكرمة، ومن خلاله واقع البيت الحرام؟هناك حظر كامل للتجول على مدى 24 ساعة يوميا من أجل احتواء كورونا، بعد أن أصبحت المدينة المقدسة بؤرة من أنشط بؤر انتشار الفيروس بالعربية السعودية؛ فلم يعد يطوف أحد بالكعبة ولم يعد يصلي أحد بالمسجد الحرام.
فأين يضع عقولَهم هؤلاء البلهاء الذين لا يكفون عن النعيق والزعيق والنهيق بأن فيروس كورونا من جند لله؟ وكم منهم يقسم بأغلظ الأيمان بأن كورونا من جند لله، وكأنه يريد أن يقول بأن لله كلفه بتبليغ هذا الخطاب السخيف!فهل يقبل العقل أن يكون من مهام جند الله أن يعملوا على أن يهجر العباد بيته الحرام وينقطع الطواف حول الكعبة التي حماها لله بجنده ضد جنود أبرهة؟
فهلا استعمل هؤلاء ما فضل عندهم من تمييز، إن كان فضل عندهم شيء، ليعتبروابالتاريخ والواقع ويقللوا من سفاسفهم وترهاتهم التي لا تنتهي؟ أليس من السخافة والبلاهة و…أن نعتبر من جند لله فيروسا يقضي عليه الصابون وكل أدوات التعقيم وتتم محاصرته بالحجر الصحي ويتم ردعه ببعض الأدوية المستعملة لعلاج أمراض قديمة في انتظار إيجاد لقاح أو دواء مناسب له؟ أليس في هذا الهراء إساءة إلى لله عز وجل وإلى جنده الذين لا يعلمهم إلا هو؟ “وما يعلم جنود ربك إلا هو” (سورة المدثِّر، الآية 31).

الكاتب : محمد إنفي - بتاريخ : 15/04/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *