الكاتب والأكاديمي عبد الله ساعف يحاضر في موضوع «كورونا واللايقين والعولمة»


قال الدكتور عبد الله ساعف، إن صدمة «كوفيد19» تشكل اختبارا مهما للغاية بل امتحانا جذريا آنيا بطريقة عنيفة غير اعتيادية، وبشكل مفاجئ،  وبحجم لم يكن معروفا من قبل، أحدث له العملاق الصيني صدى خاصا،  كدليل على هشاشة المجتمعات اليوم، حتى تلك التي تبدو الأكثر متانة واستماتة.
وأوضح عبد الله ساعف، الكاتب والباحث في العلوم الاجتماعية والعلاقات الدولية، يوم الخميس 16 أبريل الجاري، في أول لقاء من  «حديث الخميس» ، ضمن سلسلة من المحاضرات التي أطلقتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس بالرباط، أن محورية العلم داخل المجتمعات تنطلق من منظورين اثنين، الأول، يظهر العلم كمرجع للحقائق والاثباتات التي لا يمكن دحضها، هذا في تناس لمقولات عدة، منها أن المعرفة العلمية الحقة قابلة للتكذيب، وأن المعرفة معقدة، وأن الطابع المتقطع لتاريخ تشكيل العلوم كذلك يكذب هذا المنظور. أما المنظور الثاني فهو لا يستنفد هذه الاختلافات ولا يلغي إمكانيتها، مثلما نعيش اليوم بشأن التدابير المتخذة لمواجهة فيروس كورونا، طريقة التجارب، صلاحية الأدوية، العلاجات، النقاش الدائر حول الكلوروكين، والأجوبة عن الجائحة …العلوم تعيش وتتقدم من الخلاف والاختلافات التي هي جزء من البحث العلمي والنظريات العلمية لا يمكن أن تكون مطلقة
. ومن جهة أخرى أبرز الأكاديمي ساعف في محاضرته المعنونة ب «كورونا واللايقين والعولمة»، خلال حديثه عن مفهوم الأحداث الصادمة، أو الأحداث المنعرجات، أن سكان المعمور عاشوا سلسلة أحداث صادمة خلال العشرية الأخيرة، أحداث مفترق الطرق أو أحداث منعرجات تعلن عن نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة، ابتداء من الكوارث الطبيعية مرورا بالحروب التصادمية والأزمات الاقتصادية ،كأزمة2008، دون أن ننسى الأزمات السياسية بجميع ألوانها ومختلف محطاتها، لكن، يستدرك ساعف، مع اجتياح الفيروس للقارات الخمس دخل كوكبنا مرحلة مفصلية غير مسبوقة لم يتوقعها أحد على الإطلاق، لاختلاف هذه الجائحة الجديدة مع ما سبقها من الأوبئة الغريبة التي رصدتها مختلف الدراسات، نظرا لمحدودية تأثيرها وبالنظر لعدد المصابين وصبغتها المحلية.
وبعد استعراضه لعدد من الأوبئة التي عرفتها البشرية عبر التاريخ، أكد ساعف أنها هامشية في وقعها ومحدودية في تأثيرها وفي نطاق جغرافي ضيق، عكس فيروس كوفيد 19 الذي خلق فوضى في العالم، والذي يبدو الأكثر فتكا حتى الآن، خاصة مع بعض التوقعات التي تنبأت في البداية بمقتل 40 مليونا، وإن حدث هذا، لا قدر الله، سيكون حدثا تاريخيا غير مسبوق، واختبارا لا مثيل له من حيث تنبؤات توقعه وتوسعه ومسافاته وإيقاعاته ووتيرته وشدته، وتدفق المعلومات في ظل ثقافة رقمية وصلت اليوم إلى ذروتها.
وعرج  ساعف أيضا على مضمون اللا تحديد وجوانبه،  حيث يلزم فيروس كورونا بكل خصائصه التماهي في عالم عدم اليقين، العنف، المفاجأة، المدى، مستوى الاعتلال، العالمية… إلخ، وإعادة النظر لنسبية رؤيتنا للعالم، ولعلمنا، وممارساتنا، وحقيقة إدراكنا، لأننا محاطون بغموض كبير وانعدام تحديد مصيرنا، كل هذا لا يعني بتاتا الضياع في الشكوك المطلقة التي تغذي عدم الثقة والابتعاد عن القدرة على عدم إيجاد الحلول. وأشار الأكاديمي ساعف في نفس المحاضرة، إلى أن علم الفيروسات علم حاضر بفعالية نسبية في الميدان اليوم وربما هو حاضر في الغد، الطب جميل لكنه ببساطة ليس بعلم دقيق يسوده عدم اليقين قليلا وعلى نطاق واسع يتأرجح بين مستوى ثانوي وآخر رئيسي، ويبدو اللايقين سائدا حول أصل الفيروس، وأشكاله المختلفة، ودرجات أضراره وعواقبه، في جميع المجالات السياسية المحلية العلاقات الدولية الجغرافية السياسية، الاقتصاد، المجال الاجتماعي والثقافي. وبخصوص علاقة العولمة بفيروس» كوفيد19»، اعتبر ساعف أن هذا الأخير قد أصاب واستقر في قلب العولمة، حيث أن الفيروس قد ضربها ضربة قوية رغم ما تتوفر عليه من طاقات صلبة تنبني على وفرة كبيرة من الموارد المالية، أدت إلى وهم تطور نمو اقتصادي لا ينهار، وأدت إلى حدوث تحول في منظومة القيم الدائمة، أولا عبر سيادة اقتصاد شامل للمضاربة، ثانيا، عبر اعتماد موارد مالية كبيرة، ثالثا شركات كبيرة لها نطاق عالمي متحررة من قبضة الدول بنت سلاسل إنتاج متطورة. رابعا، اقتصاد تأسس على القدرة التنافسية والربحية، مع ما رافق ذلك من عواقب وخيمة على ظروف العمل.


الكاتب :   مكتب الرباط: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 20/04/2020