الكمامات وفعاليتها للحد من انتشار فيروس كورونا

تعيش الإنسانية اليوم أجواء انتشار جائحة covid-19 الذي يتسبب فيه فيروس من عائلة الفيروسات التاجية المعروف بفيروس كورونا المستجد SARS-COV-2، (وهو من فيروسات الجهاز التنفسي المستجدة) وينتمي لفصيلة كبيرة من الفيروسات التي تسبب في اعتلالات تتنوع بين الزكام البسيط إلى أمراض أكثر وخامة، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (SARS). تم تحديد هذا الفيروس الجديد في عام 2019، في مدينة ووهان، الصين. ويُمثِّل هذا الفيروس سلالة جديدة لم يسبق تحديدها لدى البشر من قبل.
شهد القرن الحادي والعشرون ثلاثة أوبئة قاتلة، بما فيه الوباء الحالي. تسببت فيها فيروسات تاجية مستجدة، تستضيفها الحيوانات وتنتقل فجأة إلى البشر: SARS-CoV سنة 2003 و MERS-CoV سنة 2012 وSARS-CoV 2 سنة 2020 .
إن انتشار هذا الفيروس عن طريق الهواء، بالإضافة للاتصال، يدعونا للتمعن جيدا في تفاصيل استخدام الكمامات ونوعها ودرجة الحماية التي يمنحها، كما يدعونا لنشر المعلومات الصحيحة بطريقة علمية دقيقة وتعميمها سواء للمواطنين أو وسائل الإعلام بشتى أنواعها لتفادي التأويلات الخاطئة وتحفيز الجميع على استعمالها عن قناعة ووعي وبالطريقة الصحيحة.

n د. ادريس العسري

1- طريقة انتقال الكائنات الحية الدقيقة المسببة للعدوى:

مع انتشار مرض كوفيد 19، أوصت منظمة الصحة العالمية باستخدام قناع مناسب له وهو N95 ،كأحد تدابير الحماية الشخصية. وتباعا لذلك تبنت مجموعة من الدول توصية إلزامية بارتداء قناع تنفسي بالنسبة لأطر التمريض من نوع N-95 أو ما يعادلها من المعايير الأوربية CE 149.2001 ، أي الفئة FFP2 أو FFP3 .
من أجل اختيار نوعية القناع، لابد من فهم طريقة انتقال الكائنات الحية الدقيقة المسببة للعدوى. بالنسبة لفيروس كورونا فالإضافة لانتقال العدوى عن طريق المخالطة المباشرة أو غير المباشرة (الاتصال التلامس الاحتكاك …) ، فإن الفيروس ينتقل كذلك عن طريق القطيرات («droplet transmission» par gouttelettes) وعن طريق الجو par l’air) («airborne transmission».
انتقال القطيرات التنفسية، «Droplet transmission»: تتشكل القطيرات أثناء السعال والعطس والتحدث، وكذلك عند إجراء سلسلة من العمليات التمريضية مثل شفط القصبة الهوائية أو تنظير القصبة الهوائية. يحدث الانتقال عندما تجتاز القطيرات المحملة بالكائنات الحية الدقيقة مسافة قصيرة (1 إلى 1.5 م) من شخص مصاب و / أو حامل للفيروس في الهواء وتصل إلى شخص آخر (إلى الملتحمة أو الغشاء المخاطي للأنف أو الفم).
القطيرات التي يزيد قطرها عن 5 ميكرون لا تبقى معلقة في الهواء، مما يعني أنه ليس من الضروري توفير معالجة خاصة للهواء أو التهوية ، بخلاف انتقال العدوى بالهواء .
انتقال العدوى بالهواء par l›air) («airborne transmission» نتكلم عن هذا النمط عندما يتعلق الأمر بجزيئات أقل من 5 ميكرون («نوى القطيرات») تحتوي على كائنات دقيقة «droplet nuclei» ، يمكنها أن تظل معلقة في الهواء لفترة طويلة. و تنتشر بعد ذلك على مسافة طويلة وتصل إلى الجهاز التنفسي لأشخاص في نفس الغرفة. لهذا السبب ، هناك حاجة إلى معالجة خاصة للهواء والتهوية لمنع انتقال العدوى بالهواء ومن الكائنات الحية الدقيقة التي تعتمد على هذا النمط من الانتقال نذكر المتفطرة السلية Mycobacterium tuberculosis وفيروس الحصبة وفيروس جدري الماء.
وتعتبر الأقنعة أو الكمامات من الوسائل الوقائية الأساسية وحسب خصائصها فإنها توفر الحماية لمستعملها أو للأشخاص المحيطين به بدرجات متفاوتة كما أن مجالات استعمالاتها مختلفة ومتعددة.
2- الأقنعة الجراحية:


الخاصيات:
تستخدم الأقنعة الجراحية استخداما واحدا وغالباً ما تتكون من طبقات متعددة. ويجب أن تكون هذه الأقنعة قادرة على احتجاز جسيمات يصل قطرها إلى ميكرومتر واحد. ومع ذلك ، يمكن أن تختلف قدرة الترشيح للقناع الجراحي (بين 0.5 ميكرون و 5 ميكرون وأكثر) . وتتم عملية الترشيح من الداخل إلى الخارج.
وتحتفظ الأقنعة الجراحية الاصطناعية بطاقة الترشيح لعدة ساعات (في المتوسط لمدة 5 ساعات)، حتى في الجو الرطب. ولا ينطبق الأمر نفسه على الأقنعة الورقية غير الجراحية، والتي توفر حماية محدودة (حوالي 30 دقيقة)، وخاصة عندما تتعرض للرطوبة أو تصبح مبللة.
حسب التنظيم الأوربي فإن الأقنعة الجراحية مواد طبية («medical devices «) ؛ وتدخل في إطار التوجيه الأوربي CEE /42/93 ويجب أن تحمل علامة CE .
الاستعمالات:
* حماية المرضى:
الهدف من استعمال الأقنعة الجراحية، حماية المريض أثناء الجراحة من الكائنات الدقيقة والجسيمات المنبعثة أثناء تبادل الكلام أو السعال أو العطس من قبل الفريق الجراحي. كما يمكن للمرضى ارتداء هذه الأقنعة في حالات العزل الوقائي وأثناء إجراءات طبية معينة .
يمكن للمرضى الذين يعانون من ضعف المناعة ارتداء قناع جراحي عند اضطرارهم لمغادرة الغرفة.
* حماية العاملين في الرعاية الصحية (الحماية الشخصية):
يستنتج مما سبق أن القناع الجراحي يحمي الأفراد من انتقال القطيرات والرذاذ، إلا أنه لا يحمي حامله من انتقال العدوى بالهواء par l›air) («Airborne transmission» . فعندما يُنْقَل شخصٌ مصاب بمرضٍ تنتشر عدواه عن طريق القُطيرات، لابد له أن يرتدي القناع الجراحي. فهذه الأقنعة توفر الحماية من الدم المتطاير والإفرازات السائلة الأخرى (في حالة تنظير القصبات الهوائية). ويُنْصَح أيضًا أخصائيو الرعاية الصحية بأن يرتدوه عند قيامهم بعلاج جرح متعفن.
وتجدر الإشارة إلى أن ارتداء القناع الجراحي المناسب ضروري للحماية من الدخان المنبعث أثناء جراحة الليزر أو الجراحة الكهربائية. يمكن ترشيح معظم المركبات الكيميائية من الدخان الجراحي بشكل فعال وامتصاصها بواسطة هذه الأقنعة. ومع ذلك، فإن بعض مجموعات البنزين وبعض جزيئات الحمض النووي الفيروسي، وفيروسات مثل HPV ( 0.045 ميكرون)، HBV ( 0.042 ميكرون) وفيروس نقص المناعة البشرية (0.10 ميكرون) يمكنها اختراق الأقنعة بسهولة. لذلك ينبغي النظر في استخدام أجهزة التخلص من الدخان المنبعث.
إن هذه الأقنعة لا توفر الحماية لمن يرتديها والتي تعتبر موادا طبية «Medical  Devices» حسب التشريع الأوربي والوطني ، بخلاف أقنعة التنفس التي تحمي من يستعملها، وهذه الأخيرة تدخل في خانة معدات الحماية الشخصية PPE Personal Protective Equipement حسب التوجيه الأوربي 89/686/EEC وتحديدا الفصل الخاص بالأقنعة التنفسية.

طريقة ارتداء القناع الجراحي:
إن الارتداء الصحيح لقناع جراحي، يشترط أن يكون الأنف مغطى بالكامل، وذلك بتكييف قوس الأنف المعدني. ومن الضروري أيضًا أن يمتد القناع إلى أسفل الفم وأن يتم تثبيته خلف الرأس بواسطة الأربطة. مع الالتزام بشروط الاستعمال التالية:
* لا تلمس القناع أثناء ارتدائه، لتجنب تلوث اليدين.
* لابد من غسل يدين بعد إزالته لأن القناع يتلوث ببكتيريا الجهاز التنفسي العلوي.
* يجب تغيير القناع الخاص بك بعد كل تدخل أو عندما تصبح مبللة (الرطوبة).
* لا ينصح باستخدام نفس القناع طوال اليوم، وأن لا يبقى حول الرقبة.
* تجنب وضع القناع في جيب ملابس العمل تحت أي ظرف من الظروف لاستخدامه لاحقًا.
* ضرورة إزالة القناع الخاص قبل مغادرة غرفة العمليات أو غرفة الولادة ويمكن التخلص من القناع مع النفايات الخالية من المخاطر.
3- أقنعة التنفس:


الخصائص:
تعتبر أقنعة التنفس وسيلة للحماية الشخصية PPE Personal Protective Equipement» « ، ويجب أن تحمل، وفقًا للتوجيه الأوروبي 89/686/EEC ، ملصق CE ورقم التسجيل. وتختبر وفقًا للمعيار الأوروبي EN149 للحصول على الموافقة ، ( EN تشير إلى «المعيار الأوروبي»).
أما N95 فيشير إلى المعيار الأمريكي 42CFR84. وهو اختبار معترف به من قبل المعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية NIOSH)). هذا الاختبار يقيّم فقط مادة الترشيح (وليس القناع نفسه ) بالجسيمات المتجانسة المكونة من كلوريد الصوديوم NaCl (الطور المائي phase aqueuse) ، متوسط قطرها يبلغ 0.3 ميكرون، بمعدل تدفق يبلغ 85 لتر/دقيقة، وعبارة N95 تفيد أن المادة تحتفظ ب 95% من الجسيمات.
وحسب معايير 42CFR84، نجد كذلك N99 و N100، التي تحتفظ ب99 و 99.97 ٪ من الجسيمات على التوالي. N» تعني «غير مقاومة الزيت» not resistant to oil .
يستخدم الاختبار الأوروبي الطور المائي NaCl بمعدل تدفق يبلغ 95 لتر/دقيقة (مع تحديد تدرج الضغط) والجسيمات التي يبلغ متوسط قطرها 0.6 ميكرون.
كما يتم إجراء اختبار للجسيمات السائلة باستخدام الهباء المتكون من زيت البارافين. وبالإضافة إلى ذلك، تجرى اختبارات على أشخاص واقِعِيين من أجل تحديد المستوى الإجمالي للتسرب من الخارج إلى الداخل. وهذا يعني أنه يؤخذ بعين الاعتبار الانسداد الجيد على مستوى الوجه. وتراعى هذه الخاصية عند تقييم الفعالية، وهو ما لا ينطبق على الاختبار الأمريكي.
ولتلبية متطلبات EN149/2001، يجب أن توفر أقنعة التنفس حماية جيدة ضد الغبار والدخان والأهباء (aerosols) «الصلبة» (S) و»السوائل» (L).
حسب المعايير الأوروبية EN149 ،يمكن تقسيم أقنعة التنفس إلى 3 فئات: FFP1) وFFP2 وFFP3 ). تشير الفئة «P» إلى أداء الفلاتر (performances ) وتشير الأحرف «FF» إلى القناع المرشح «filtering facepiece». وتتوافق الفئات الأعلى مع أعلى مستويات الكفاءة. وتحدد EN149 الحد الأدنى للمتطلبات التالية:
N95 * حسب المعايير الأمريكية تعادل تقريبا FFP2 حسب المعايير الأوربية.

استعمالات أقنعة التنفس
يوصى في نظام الرعاية الصحية باستخدام قناع التنفس عالي الكفاءة، الذي يعمل بالفلترة، لتوفير الحماية الشخصية من الأمراض المعدية المحمولة جوا مثل السل. الحصبة والجدري والآن السارس كوف 2 (sars-cov 2). والهدف هو إيقاف تسرب «نوى القطيرات» «droplet nuclei»إلى الداخل.
وهذا يعني أنه في غرف العزل الصحي التي تأوي المرضى المصابين بهذه العدوى، يجب ارتداء القناع قبل الدخول إلى الغرفة وإزالته فقط بعد مغادرة الغرفة. وينطبق هذا الإجراء الاحتياطي أيضًا عندما لا يكون المريض في غرفته.
وتجدر الإشارة إلى أن «نوى القطيرات» هي عبارة عن قطيرات جافة، مثل تلك التي تتكون أثناء السعال أو الكلام أو العطس أو حتى التنفس؛ وبفضل حجمها الصغير (حوالي 1 إلى 5 ميكرون)، يمكن أن تطفو وتبقى معلقة في الهواء لمدة طويلة من الوقت «عشرات الدقائق». لدرجة أن دخول غرفة بها تركيز عالٍ لهذه القطيرات أو التواجد في مكان مزدحم قد يؤدي إلى الإصابة بالعدوى إذا لم يستعمل القناع المناسب.
يصعب ترشيح جزيئات الفيروس بتوظيف تقنية الغربال عن طريق استخدام قناع النسيج الكثيف، حيث أن التنفس عبره في هذه الحالة يصبح مستحيلا. ومن أجل تجاوز هذه الصعوبة تم اختيار طبقة مرشح مصنوعة من ألياف صغيرة غير منسوجة والتي صممت للأقنعة القياسية في FFP2.
فعندما تواجه هذه الألياف جسيم صغير جدا مثل السارس – سيوف – 2 ليف، فإنها تلتصق به بشكل دائم نتيجة للقوات المشتركة بين الجزيئات، والمعروفة باسم فان دير واالس van der Waals. ومع تعدد الألياف غير المحبوكة تتضاعف فرص التصادم، وبالتالي تزيد كفاءة الفلتر. كما أن هناك آليات وعوامل أخرى تساهم في منع تسرب الجسيمات الدقيقة إلى الداخل.

طريقة ارتداء أقنعة التنفس:
هناك علامات تجارية ونماذج مختلفة في السوق.
يجب ارتداء القناع وفقًا لتعليمات الجهة المصنعة. إذا كان يتوفر على قوس أنفي معدني، فيجب أن يتم تشكيله أولاً بشكل صحيح بثنيه قليلاً في المنتصف. يجب أن يطوق القناع الفم والأنف بالكامل. مع الحرص على أن لا يكون أي تسرب للهواء.
وللتأكد من ذلك، يكفي القيام بشهيق وزفير عميقين، وإذا تسرب الهواء في مستوى القوس الأنفي، فيجب تغيير شكله وتكييفه بالشكل المناسب. يمكن معالجة التسربات الجانبية عن طريق إحكام ربط الأربطة أو إعادة تطبيقها.
4- القناع المناسب حسب نوع العدوى:

أ – القناع الجراحي يستعمل للوقاية من الجزيئات 1 ميكرون في حالة العدوى التي يمكن أن تنتقل عن طريق القطيرات «droplet transmission»
أمثلة:
* العدوى الحادة ب Haemophilus influenzae type B (التهاب السحايا والالتهاب الرئوي وتعفن الدم).
* عدوى النيسرية السحائية الحادة Neisseria meningitidis (التهاب السحايا والالتهاب الرئوي وتعفن الدم).
* العدوى البكتيرية الحادة للجهاز التنفسي التي تنتشر عن طريق قطيرات: الخناق diphtérie ، الالتهاب الرئوي الميكوبلازما، السعال الديكي، الطاعون الرئوي، التهابات المكورات العقدية من المجموعة أ « streptocoque du groupe A » (التهاب البلعوم أو الالتهاب الرئوي أو الحمى القرمزية عند الرضع والأطفال الصغار).
* الالتهابات الفيروسية الحادة المنتشرة عن طريق القطيرات: الفيروسات الغدية adénovirus ، الزكام ، النكاف oreillons ، الفيروس الصغير B19 B19 parvovirus الحصبة
ب – القناع التنفسي من الدرجة FFP2 في حالة: الحصبة، جدري الماء، السل ،السارس كوف 2 SARS-COV2
ج – قناع تنفسي من الدرجة FFP3 في حالة: السل المتفطرة المقاومة للأدوية Mycobacterium tuberculosis multirésistant
المرضى المصابون بالعدوى التي تنتقل عن طريق القطيرات من اللازم عليهم ارتداء قناع جراحي إذا اضطروا للخروج من غرفتهم (لإجراء فحوصات على سبيل المثال)، أما إذا كانوا يعانون من عدوى محمولة جواً، فيجب عليهم ارتداء قناع فئة FFP2 .
5- الكمامة الواقية المصنوعة من الثوب غير المنسوج ذات الاستعمال غير الطبي:

بعد صدور توصيات منظمة الصحة العالمية، الداعية الى استخدام الكمامات لدى العموم للحد من انتشار تفشي فيروس كورونا المستجد. وجدت الكثير من الدول نفسها غير قادرة على توفيرها لمواطنيها وبالتالي عاجزة عن إصدار قرار يلزم استعمالها لعموم المواطنين .
بعكس بلدنا المغرب الذي أصدر قرارا شجاعا في 7 من أبريل الماضي، إجبارية ارتداء الأقنعة الواقية، وتفعيلا لذلك أصدرت وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي قرارا في غاية الأهمية وهو القرار رقم 20.1060 صادر 8 أبريل 2020 والمتعلق بالكمامات الواقية المصنوعة من الثوب غير المنسوج ذات الاستعمال غير الطبي وشرع بالفعل في إنتاج الكمامات الواقية المدعمة وتوزيعها على نطاق واسع وبثمن مناسب عكس العديد من الدول التي لم تستطع لحد الساعة توفير الكمامات لمواطنيها.
في فرنسا مثلا، فإن أكاديمية الطب بنفس البلد أصدرت توصيات باستخدام القناع على نطاق واسع، وإلزاميته خلال فترة الحجر الصحي وكذلك عند رفعه، اعتبارا لكون الأشخاص الذين هم في فترة حضانة الفيروس أو حامليه بدون أعراض يفرزون الفيروس ويحافظون على انتقال العدوى، وأن ارتداء المواطنين للكمامات بشكل واسع يعتبر من أهم التدابير الحاجزية بمنعها القطيرات التي تحمل الفيروس من التسرب وإصابة الآخرين.
إلا أن الجمهورية الفرنسية عجزت عن توفير الكمامات بالعدد الكافي لمواطنيها واضطرت لاستيرادها من الصين وقد اعترض ذلك مجموعة من المعيقات اللوجستيكية بل تطور الأمر إلى أزمة سياسية داخلية وخارجية .
وقد أبان استعمال الكمامات الواقية كأهم التدابير الحاجزية عن نجاعته في مجموعة من مناطق العالم حيث أن عدد الإصابات والوفيات قليل جدا بالمقارنة مع الدول المجاورة مثل هونغ كونغ( 4 وفيات) ،وسانغفورة ( 14وفيات) ،وتايوان (6 وفيات) (حسب إحصائيات 27 أبريل 2020).
إن هذه الكمامات تعتبر حواجز وقائية تعزز كل الإجراءات الوقائية الأخرى مثل التباعد الاجتماعي والتعقيم ….. وعرَّف القرار رقم 20.1060 بشكل دقيق هذا النوع من الكمامات، الذي لا يصنف ضمن المستلزمات الطبية، بانها أداة مصنوعة من الثوب غير المنسوج تغطي الفم والأنف والذقن وتشكل حاجزا يمكِّن من الحد، قدر الإمكان، من الانتقال المباشر للعوامل المعدية . ولا يمكن استعمالها أكثر من أربع 4 ساعات.
واشترط أن تكون مطابقة للمميزات المحددة حسب المعيار المغربي «NM ST 21.5.200» .
وفصل طريقة صنعها وخصائصها حيث أنها تصنع انطلاقا من بولي بروبلين (Polyproplène spunbond vièrge) و تتميز بالخصائص الآتية:
* أن تغطي الأنف والفم والذقن ؛
* أن تفوق نفاذيتها مائة 100مليمتر من الماء ؛
* أن تتوفر على أربطة؛
* أن تمنع التسرب بشكل كاف بالنسبة إلى وجه مستعملها انطلاقا من الجو المحيط به، بما في ذلك عندما يقوم بتحريك رأسه ؛
* أن تكون ذات طبيعة تصد الماء وتتكون طبقتها الوسطى من عيون يتراوح حجمها بين 2و 5مايكرومتر، تمكن من منع انتقال العوامل المعدية دون أن تشكل أية صعوبة على عملية تنفس مستعملها.
في ظل ظروف استعمال عادية، يجب ألا تتفكك الكمامات الواقية المصنوعة من الثوب غير المنسوج ذات الاستعمال غير الطبي، أو تتالشى أو تتمزق.
* كما ينص القرار ذاته على مجموعة من الشروط الصارمة المتعلقة بالمطابقة والمواصفات القياسية والوثائق الواجب الإدلاء بها …
أثبتت الدراسات العلمية أن استعمال هذا النوع من الكمامات لدى عموم المواطنين من شأنه أن يحد بشكل كبير من انتشار الوباء، وذلك راجع لكون الأشخاص الحاملين للفيروس يمكن أن ينقلوا الفيروس لأشخاص آخرين حتى ولو لم تظهر عليهم الأعراض، أو في المراحل السابقة لظهورها، أو في مرحلة ظهورها، أو ما بعدها عن طريق الهواء، لذلك لابد من الجميع استعمال الكمامة الواقية عند الخروج.
وبالإضافة للحد من انتشار رذاذ اللعاب والقطيرات في الهواء، فإن الكمامات الوقائية تجنب مستعملها لمس أنفه أو عينه أو فمه، كما أنها تغير سلوكات وتصرفات مستعملها بطريقة لا إرادية وتجعله في حالة استنفار ويقظة متواصلتين للالتزام بالتدابير الوقائية.
لذلك، تعتبر هذه الكمامات من أهم التدابير الوقائية التي تلزمنا جميعا وتعبر عن مستوى الوعي الجماعي والرقي الحضاري والتضامن بين كل المواطنين من أجل تحقيق هدف مشترك وهو إضعاف قوة انتشار الوباء في بلادنا.
وإذا أردنا الخروج من هذه الأزمة المتعددة الأبعاد (الصحية الاجتماعية الاقتصادية …) وبأقل الأضرار والدخول في مرحلة ما بعد كورونا في أحسن الظروف وفي أقرب وقت، لابد من التحلي بالمسؤولية والالتزام الجماعي بالتدابير الاحترازية وبالتوصيات والقوانين الصادرة.


الكاتب : د. ادريس العسري

  

بتاريخ : 29/04/2020