حكاية أول بطولة وأول لقب

تعتبر نعيمة رودان أول إمرأة مغربية تحرز ميدالية ذهبية لصالح المسايفة المغربية، حدث ذلك في نهاية الستينيات خلال بطولة الألعاب الرياضية للمغرب العربي التي جرت بتونس.ويسجل التاريخ أنها ظلت منذ سنوات صباها وعلى امتداد خمسين سنة مرتبطة برياضة المسايفة كمبارزة،مدربة ومسيرة. ويحسب لها أيضا أنها حملت قضية المرأة الرياضية المغربية على عاتقها مدافعة عن حقها في ممارسة رياضية سليمة وعادلة حيث انضمت للجنة المرأة والرياضة التي كانت تابعة للجنة الوطنية الأولمبية وساهمت إلى جانب زميلاتها من الأسماء الرياضية الكبيرة في منح الرياضة النسوية الاهتمام الذي يليق بها.
لخمسين سنة،لم تنفصل عن عوالم الرياضة، بل وسهرت على أن ترضع أبناءها الثلاثة عشق الرياضة إلى أن أضحوا بدورهم نجوما وأبطالا في رياضة المسايفة محرزين عدة ألقاب في إسبانيا وفي كل التظاهرات بأوربا والعالم.

في نفس الثانوية كانت معي تلميذتين تعشقان بدورهما رياضة المسايفة وكنا نزاولها نحن الثلاثة ويتعلق الأمر بعائشة فاندي ونزهة مؤدب. وكنا نحن الثلاثة قد بصمنا على بدايات جيدة والتحقنا بالفريق الوطني مما كان يجبرنا على التغيب أحيانا كثيرة عن الدراسة لمرافقة الفريق الوطني خصوصا في المنافسات التي كانت تقام خارج أرض الوطن.
كانت سنة 1969 بدايتي في ممارسة المسايفة، بدات التداريب في نادي السيارات وكان حينها النادي الوحيد بالدار البيضاء الذي يجمع كل الفئات ذكورا وإناثا وكان جل الأبطال فرنسيين.
خضت التداريب لمدة ستة أشهر متواصلة قبل أن يسمح لي بالمشاركة ولأول مرة في بطولة المغرب وكانت بمدينة الرباط، ونجحت أمام استغراب المتتبعين في التغلب على بطلة المغرب وكانت فرنسية الأصل كانت تبلغ من عمرها 45 سنة، وكانت هي تلك بداية تألقي في رياضة المسايفة.
انطلق المشوار إذن بأول مشاركة في بطولة المغرب وبأول لقب في مسيرتي الرياضية. وهنا لابد أن أستحضر أسماء المدربين الكبار الذين أشرفوا باقتدار على تدريبي وتعليمي والذين يستحقون كل الثناء وكل التقدير فقد كنت محظوظة وأنا أتدرب على يد كل من المدرب الوطني والأب الروحي مقداد بوشعيب رحمه لله، وكذلك المدرب والأب المؤطر السفيني عمر أطال لله في عمره، وكذلك المدرب Jean Jacque gillet .
وخلال التداريب المطولة والتي كانت تتطلب منا السفر إلى خارج المغرب، فأتذكر فكانو المربين المدربين الاكفاء العسكريين الأستاذ العوني مهدئ، والأستاذ عبي الحسين أطال لله عمرهما، والأستاذ عبد الرؤوف الفاسي رحمه لله، فهولاء الأساتذة لقنونا الكثير، وتعلمت على أيدهم اللعبة بكل تقنياتها. وبدعمهم ومساندتهم، أحرزت على العديد من الألقاب.
كما أسلفت ذكره، أول لقب أحرزته في بطولة المغرب جاء بعد أن خضت تدريب لمدة ستة اشهر فقط بعد ولوجي رياضة المسايفة.مباشرة بعد إحرازي لقب البطولة، اخترت لدخول تربص إعدادي بمركز المنظر الجميل Bellevue بالرباط وذلك للتحضير لألعاب المغربي العربي التي أقيمت في تونس سنة 1970.
في الحقيقة كانت التجربة الأولى والسفر الاول لي إلى بلد خارج الوطن. كنا في الفريق الوطني فئتي إناث وذكور. لم ولن أنسى تلك السنة، أولا لكونها كانت تجرتي هي الأولى خارج الوطن وكذلك لكونها تظاهرة جعلتني أمام منافسة مع بطلات من الجزائر وتونس وكن بطلات يمتلكنخبرة واسعة و تجربة.
قضينا بمدينة منستير التونسية 15 يوما كاملة فرياضة المسايفة تتطلب وقتا طويلا لإجراء المقابلات بحكم أن هنا ثلاث أنواع من الأسلحة المستعملة. في تلك البطولة المغاربية انطلقت في المباريات الإقصائية وتفوقت فيها من احتلال الرتبة الأولى ما أهلني للوصول لمرحلة ربع النهائي. نجحت في التأهل بعدها لنصف النهائي أمام تشجيعات زميلاتي وزملائي أعضاء المنتخب الوطني والأطر التقنية والإدارية وكذا وكان ذلك مهما بالنسبة لي تشجيع والدي الذي أصر على الالتحاق بنا لتونس بهدف دعمي وتشجيعي.
بوجود والدي في مدرجات القاعة التي كانت تحتضن المنافسات،كان الخوف ينتابني وفي نفس الوقت كانت هناك رغبة تجتاحني في تحقيق الفوز. وجاء اليوم الأهم والفاصل بعد تجاوزي لنصف النهاية. وصلت للمباراة النهائية، وأمام أنظار والدي، تمكنت من التغلب على منافساتي وكن جميعهن من أبرز بطلات المسايفة في الجزائر وتونس لأنجح في إحراز الميدالية الذهبية والفوز بلقب بطلة المغرب العربي.