حكاية رحلة رياضية امتدت لأزيد من خمسين سنة : عندما تفاجأت بوجود والدي وسط الجمهور في اسبانيا -8-

تعتبر نعيمة رودان أول إمرأة مغربية تحرز ميدالية ذهبية لصالح المسايفة المغربية، حدث ذلك في نهاية الستينيات خلال بطولة الألعاب الرياضية للمغرب العربي التي جرت بتونس.ويسجل التاريخ أنها ظلت منذ سنوات صباها وعلى امتداد خمسين سنة مرتبطة برياضة المسايفة كمبارزة،مدربة ومسيرة. ويحسب لها أيضا أنها حملت قضية المرأة الرياضية المغربية على عاتقها مدافعة عن حقها في ممارسة رياضية سليمة وعادلة حيث انضمت للجنة المرأة والرياضة التي كانت تابعة للجنة الوطنية الأولمبية وساهمت إلى جانب زميلاتها من الأسماء الرياضية الكبيرة في منح الرياضة النسوية الاهتمام الذي يليق بها.
لخمسين سنة،لم تنفصل عن عوالم الرياضة، بل وسهرت على أن ترضع أبناءها الثلاثة عشق الرياضة إلى أن أضحوا بدورهم نجوما وأبطالا في رياضة المسايفة محرزين عدة ألقاب في إسبانيا وفي كل التظاهرات بأوربا والعالم.

 

وأنا منهمكة في المواجهة، ترائى لمسمعي صوت يشجعني لم يكن أبدا غريبا عني. بل إنه ناداني باسمي بنبرة وحس لم أسمعهما إلا في صوت والدي. نسيت حينها أني في مباراة دولية تتطلب التركيز الكامل فإذا بي أسمع مشجع يناديني باسمي فنسيت نفسي والتفتت للمدرجات فإذا بي أرى والدي وسط الجمهور.. والدي نعم.. لقد التحق بنا في الديار الاسبانية وعلى حسابه الخاص وذلك من أجل تشجيعي.
رؤية أبي جعلتني أنسى أنني في مباراة دولية رسمية استغلتها منافستي وحققت ضدي لمسة . كانت مشاركتي جد فعالة مع العلم ان صحتي لم تكن كالعادة بحكم السفر المتعب. كانت مشاركة مهمة جدا من حيت الدول الحاضرة 31 pays participants ، وكانت مشاركتنا جد مشرفة شبان وشابات، لم نحصل على ميداليات لكن وصلنا للربع النهائي .
وهنا يستحضرني موقف جد غريب. شاركت سنة 1972 فًي تلك البطولة الدولية في مدينة مدريد ، سنوات عديدة مرت بعد ذلك،عدت إلى مدريد للعيش والاستقرار فيها وحدث أن مررت في أحد الأيام بجانب الفندق الذي كنّا نقيم فيه خلال تلك البطولة، كنت رفقة زوجي،وقفت أتأمل في المكان لتعود لذاكرتي تلك الذكريات الجميلة من الماضي كما عادت لذهني كل الذكريات التي عشناها ونحن مع الفريق الوطني وكل الفرق التي كانت تقيم معنا.
عدنا الى الوطن بالسيارات مرة أخرى، مرهقين ومتعبين جدا لكننا استفدنا كثيرا واكتسبنا خبرة كبيرة على مستوى الاحتكاك مع مدارس أخرى ومع دول أوربية وأمريكية .
على مستوى الجانب المالي والمنح والمكافئات، وطيلة مساري ومع كل الألقاب والبطولات التي أحرزتها، خاصة ميداليتي الذهبية الأولى في مساري والأولى في تاريخ المسايفة المغربية، لم أحصل أبدا على أي منحة أو مكافئة مالية،ولم نكن نحصل سوىعلى مصروف الجيب وفي مناسبات قليلة ونادرة مثل مناسبة خوضنا للاستعداد والتحضير للمشاركة في بطولة البحر الأبيض المتوسط لسنة (1983) حينها كنا في تربص بباريس عاصمة فرنسا حيث كنا نحصل 100 درهم يوميا ونصفها عندما يكون المعسكر في المغرب.
كنت أعتمد في تغطية مصاريفي على التداريب والتغذية والملابس الرياضية على ما كان يقدمه لي والدي من ماله الخاص.
بعد بطولة العالم باسبانيا لسنة 1972 ،عمل الطاقم التقني التابع للجامعة على العمل بجدية والقيام بالتداريب في المعسكرات طيلة العطل المدرسية . تهيأنا للذهاب الى تونس لإجراء بطولة المغرب العربي لسنة 1973 . سافرنا الى الديار التونسية وكان والدي يرافقنا مرة أخرى. وبمجرد وصولنا لمطار تونس قرطاج كان التونسيون يسألون هل حضرت نعيمة رودان؟ علمت أنهم كانوا يعرفون أني أتوفر على مستوي تقني جيد يمكن أن ينافس مستوى بطلاتهم.. لكن مع الأسف في تلك السنة، حدث لي ما لم يكن في الحسبان،فقد تعرضت وأنا أبارز بطلة تونس لحادث في الحلبة حيث سقطت وأصيبت رجلي اليمنى بكسر نقلت إلى المستشفى في العاصمة التونسية ليقرر إلزامي بالراحة و منعني من التباري كما وضع الجبس على رجلي. توقفت مشاركتي ومع ذلك أحرزت على الميدالية الفضية.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 04/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *