الفنان  محمد خيي وحش الشاشة المغربية  أو «سلمات أبو البنات»  للاتحاد الاشتراكي

مسلسل «سلمات أبو البنات»  يعكس قضايا المجتمع المغربي  وهذا سبب نجاحه

 

محمد خيي، وحش الشاشة المغربية بامتياز، استطاع أن ينحت اسمه  بمداد من الفخر والاعتزاز في الدراما المغربية، من خلال الكد والاجتهاد، فنان مثقف ومجتهد وخلوق ، هكذا يعرفه أصدقاؤه، هو ملح أي عمل فني  كان تلفزيونيا أو سينمائيا، يتماهى مع دوره حد التطابق، حين نتحدث عن محمد خيي، نتحدث عن قامة فنية، تراها منحنية ملء السنابل تواضعا.
من منا لا يستحضر أعمالا فنية رائعة  جمعته مع قامة أخرى، ويتعلق الأمر  بالفنان القدير  محمد البسطاوي رحمه لله.
محمد خيي ، سلمات أبو البنات، كما يناديه الجمهور الآن، الذي يتابع عمله المتميز  في دور  المختار سلمات، في هذا المسلسل الذي يعرض على  قناة « mbc5» طيلة شهر رمضان الكريم. عمل الفنان محمد  خيي  كما تنطق بذلك سيرته الفنية، تحت إدارة أغلب المخرجين السينمائيين المغاربة، ونال في العام 2007 جائزة أفضل ممثل في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة عن دوره في «سميرة في الضيعة» للطيف لحلو. وفي سنة 2012، فاز بجائزة أفضل أداء رجالي في مهرجان «فيستيكاب» ببوروندي عن تشخيصه للدور الرئيس في فيلم عز العرب العلوي «أندرومان». كما كانت له أدوار في العديد من الأفلام الأجنبية، منها دوره في فيلم علي بابا و الأربعين لصا لبيير أكنين (Pierre Aknine)، و»عين النساء» لرادو ميهايلينو، بالإضافة إلى عدد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.
في حوار مع جريدة الاتحاد الاشتراكي، يسلط  محمد خيي الضوء على مجموعة من المواضيع  التي يثيرها الجمهور، حول  علاقته بالمختار سلمات، الذي تماهى  مع  شخصيته، وكيف يقيم الدراما المغربية، وعن وجهة نظره  في «بناته الثلاث « التي جسدت أدوارهن الممثلات ،جيهات كيداري، فاطمة الزهراء بلدي وسلمى صلاح الدين،  وباقي الممثلين وضمنهم هاشم البسطاوي، نجل صديقه محمد البسطاوي، وماهو المطلوب  من أجل أن تصبح الدراما المغربية قادرة على المنافسة عربيا؟، إلى غير ذلك من النقاط التي أثارتها جريدة الاتحاد الاشتراكي  في الحوار التالي:

 

 

 شاهدنا الفنان  محمد خيي  في دور سلمات، دور  حسب رأي المشاهدين وتدويناتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، تماهى فيه محمد  خيي  مع سلمات بشكل كبير، الشيء الذي جعل الناس تشيد بهذا العمل، ماذا عن هذا الدور، وماهو المشترك بين الفنان محمد خيي  والأب  سلمات؟
قواسم مشتركة عديدة  تجمعني بالشخصية التي أديتها في هذا العمل الفني، مع المختار سلمات، هناك الإنسانية، الطيبوبة، «تمغرابيت»، علاقته الطيبة مع الناس، يحترم نفسه، يجب عائلته ويجتهد من أجل إسعادها، وكذلك علاقته مع بناته وغيرته عليهن، التفاهم والتوافق  مع الزوجة، كل تلك الخصال  التي أومن بها، وجدتها في شخصية المختار سلمات، لذا  أسعى دائما في حياتي العادية لكي تسود المحبة بيني وبين الناس، هذه الشخصية التي تعاطفت معها  كثيرا، تشبهني في العديد من الأشياء، فهو لديه ثلاث بنات وأنا لدي بنتان، وهو ما حفزني وساعدني أكثر على أداء هذا الدور بصدق ، لأنني أحس  بمشاعره، وقلبه على فلذات كبده، يريد لهن الخير، ومهووس  على مستقبلهن.
n نلاحظ  في مسلسل  سلمات، بروز وجوه جديدة أثارت إعجاب المتلقي وأتقنت الدور بشكل جيد، كيف يقيم محمد خيي هذه المشاركة، وهل يمكن الحديث عن ميلاد أسماء جديدة  ستغني الساحة الفنية؟
pp بصدق، أبان المشاركون  في مسلسل «سلمات أبو البنات «عن طاقات فنية كبيرة، سواء البنات الثلاث أو باقي الممثلين، الذين كان حضورهم مميزا، وأبانوا عن قدرات فنية كبيرة، وهو  مقياس على تطور الدراما المغربية، والكرة في ملعب  المخرجين والمنتجين المغاربة من  أجل احتضان  كل  الطاقات الواعدة، وإتاحة الفرص لهم في أعمال أخرى، من أجل مراكمة التجربة والتشخيص أمام الكاميرا، وبالممارسة يطور الإنسان نفسه، لقد لامست في كل الذين اشتغلوا في هذا العمل الدرامي ، التربية الحسنة والأخلاق العالية ، واحترامهم للفنانين الذين سبقوهم في هذا الميدان، وقد حرصت رفقة السعدية لديب على أن يشتغلوا وهم مرتاحو ن بدون ضغوط نفسية، وفعلا كما نقول «راسهم صغير» ،لديهم رغبة وحب للميدان الفني.
  من الممثلين  الذين شاركوا  في هذا العمل، هناك هاشم البسطاوي، نجل صديقك محمد  البسطاوي رحمه لله، الذي لبس الدور إن صح التعبير،  إلى درجة أن الجمهور نسي أن الأمر مجرد تمثيل، ما رأيك  في هذه الملاحظة، وماهو إحساسك وأنت جنبا إلى جنب مع ممثل هو ابن صديق حميم؟
بالنسبة لهاشم البسطاوي، فهو فنان مقتدر،  وأنا أكون سعيدا جدا حينما  يجمعني  به عمل فني، وقبل «سلمات أبو البنات «اشتغلنا في العديد من الأعمال الأخرى سواء في «دم المغدور «لعادل الفاضلي، أو مع أولاد السيد، وأيضا في عمل آخر «المدني» بالقناة الأولى للمخرج يوسف بريطل.
ماهي الأشياء التي استحضرتها  في الفقيد محمد البسطاوي  وأنت أمام  نجله هاشم البسطاوي؟
دائما، أكون فرحا وجد سعيد  بحضوره في أي عمل أشارك  فيه، له معزة خاصة في قلبي، إنه ابن أخي وصديقي محمد البسطاوي رحمه لله، الذي كانت علاقتنا علاقة أخوة صادقة، جمعتنا المحبة الخالصة  والفن وهموم أخرى،  ودائما كان هاجسنا في نقاشاتنا، هو كيف نعمل على تطوير الدراما المغربية وتطوير التشخيص، كذلك الأمر مع هاشم البسطاوي، أناقش هذه الهموم معه، له ذكاء في العمل ورغبة كبيرة في الاجتهاد والتطور، ومولوع بخلق الشخصية، وكلما تنوع الدور الموكول له، نرى أنه ينسجم مع الدور الجديد، فهو مهووس حقيقي  بميدان التشخيص، يحب مهنته، «كاينة منو الكاينة «كما نقول.

 


هل كان سي محمد خيي يتوقع هذا النجاح الكبير  لسلمات أبو البنات؟
حين اتصل بي المخرج هشام الجباري والمنتجة فاطنة بنكيران، ،تحدثا لي عن فكرة هذا العمل، وعن الشخصيات والعلاقة بينهم،  وعن المختار سلمات وبناته، فالعمل كان مغربيا قحا، يعكس ما يعيشه مجتمعنا، أعجبت بالفكرة والمضمون ، لأنهما يبرزان «تماغرابيت ديالنا».
حين شرعنا في التصوير، وكنا نرى المشاهد التي ليست غريبة عن مجتمعنا المغربي، مرة كنا نصحك، ومرة نبكي، وفق مضمون هذه المشاهد، ومع توالي الأحداث، تيقنا أن هذا العمل سيكون ناجحا، وسيتفاعل معه المتلقي، فأجمل شيء، هو أن تعالج الدراما المغربية مشاكل وهموم المغاربة، فالجمهور المغربي يريد أن يرى همومه وتطلعاته في الدراما المغربية، وهذا ما لمسناه  في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة الشباب الذين استرجعوا من خلال حلقات  هذا المسلسل ، قيمنا الأصيلة، التي  جسدها  مضمون هذا العمل، وعرفوا أيضا مكانة الأب داخل الأسرة من خلال شخصية المختار سلمات، وكذلك دور الأم، وهناك  من سيتذكر والده المتوفي أو أمه المتوفاة، وسيذكرون كل اللحظات الجميلة  والإحساس والدفء الذين كانا يوفرانهما، وكذلك طيش الصغر، ومن مازال يتمتع  بالوالدين، سيعرف قيمتهما، من أجل توطيد العلاقة بهما، وهذا المسلسل، الأساسي فيه، أنه خلق نقاشا في المجتمع، والكل يقول هذه هي الأسرة التي نريد.

 

  سلمات أبو البنات  بقناة « mbc5» وليس بالقناة الأولى أو الثانية ، ماهي ميزة ذلك، وهل هذا الاختيار  من شأنه أن يجعل المتلقي العربي ينفتح على  التجربة المغربية، وبالتالي تسويق القيم المغربية وكذلك اللهجة المغربية، وهل فتح  للمشاركين  الباب  لتلقي عروض المشاركة في أعمال عربية؟ 
حتى إذا كان هذا المسلسل في القناة الأولى المغربية، سيكون نفس التأثير والتفاعل، لكن من خلال   قناة» mbc5» ،أكيد سننفتح على جماهير أخرى غير الجمهور المغربي، ومن هنا أهمية الدراما، التي بوسعها تعريف الآخر بقيم  مجتمع ما، وبتقاليده وعاداته وتاريخه، ونحن في حاجة إلى ذلك.
وبخصوص  العروض التي يمكن أن تكون قد عرضت علينا ،لاننسى  أننا في زمن كورونا، والكل في الحجر الصحي، وإن كانت هناك من عروض، ستكون من بعد، فالمسؤولون بقناة mbc5،أكيد يتتبعون كل شيء عن الأعمال المغربية التي تبثها هذه القناة، وأكيد ستكون هناك منافسة مع الدراما الأخرى، وهذا في صالح الدراما المغربية.

جاء في إحدى  تدويناتك التي قلت فيها بالحرف، «أنا حزين وحزين بزاف تفارقت  مع المختار سلمات تصاحبت أنا وياه مزيان، راجل  لله يعمرها دار، لقيت فيه المغربي الحر، ماسخيناش ببعضياتنا، ولكن الدنيا هي هذه تحب وتستانس وتولف شي حد وتجي فآخر لحظة ودير بينك وبينو حد وتفرقكم، سلمات أبو البنات كيفما كان الحال، تهلا فراسك، غادي نبقا ديما نتفكرك وديما غادي تبقا فالذاكرة ديالي، بحال بزاف ديال الإخوان، تعرفنا تحابينا، فتحنا قلبنا لبعضياتنا ،وفواحد الساعة كل واحد شد طريقو، أبا المختار سلمات ماتنسانيش عنداك».إلى هذه الدرجة  تماهى  محمد خيي والمختار سلمات؟
لقد توطدت علاقتي مع المختار سلمات، لقد تماهيت مع هذه الشخصية، فتحت لها قلبي، لأنها تشبهني، وحتى حين أمثل مشهدا متعبا فيه الصراخ وغيره، فإنني أجد في ذلك متعة، بخلاف ماقد يراه البعض، علاقتنا كانت علاقة حب وعشق، تماما مثل صديقين حميمين، لكن في يوم  تتدخل الظروف ونودع بعضنا البعض ، أكيد ستحزن لهذا الفراق، التدوينة التي كتبتها على جدار صفحتي في الفيسبوك، لم أع كيف كتبتها،ولم أستوعب ذلك، إلا بعد أن راجعت تعليقات الجمهور، وتفاعلهم الإيجابي، لقد أحببت هذه الشخصية.
هل تخلص  محمد خيي الإنسان  من شخصية سلمات أبو البنات؟
عملي هو مشخص، حينما أمثل شخصية ما، أحاول التخلص منها بمجرد الانتهاء من العمل  حتى لا تؤثر علي في ما يأتي من أدوار لاحقة، وأريد أن تكون الشخصية التي أمثلها مغايرة تماما عن سابقاتها، سواء في طريقة المشي أو الحركات وغيرهما، وحينما أعود إلى حياتي الطبيعية  أكون أنا شخصيا.
 في الوقت الذي تتم فيه الإشادة  بسلمات أبو البنات، هناك بعض الانتقادات التي  ترتبط بالسيناريو، مثل ماحدث في إحدى الحلقات،  حين تعرضت ثريا  سلمات «جيهان كيداري،  إلى ما تعرضت له من طرف مديرها ياسين العباسي «ياسين أحجام»، ورغم  إصابتها  إصابة بليغة، حضرت خطبة شقيقتها أمال «فاطمة الزهراء بلدي «، وقامت بعلاج نفسها داخل المنزل ، دون أن يثير ذلك انتباه أي أحد، هذا المشهد  بدا  للمتتبعين  أنه غير  منطقي، وغير مستساغ ، في حالة إن لم ينتبه المخرج الذي هو كاتب السيناريو، كان من المفروض أن يعترض الممثلون على ذلك  فما هو السبب؟ وبماذا  تفسر  مثل هذه الأخطاء التي قد تسيء للعمل  برمته  من وجهة نظر البعض؟
لست بمخرج  هذا العمل ، حتى  أجيب عن هذا السؤال، وبصدق أنني لم أكن حاضرا أثناء تصوير  هذا المشهد.
 الفنان المغربي لايقل  أهمية وقدرة على العطاء والإبداع  من غيره في الوطن العربي وغيره، إذ يبين عن علو كعبه كلما  توفرت  الشروط  الموضوعية  له، ماهي الشروط والوسائل  التي يتطلبها الأمر حتى يمكن  أن  نسوق  الفنان والفن  المغربي  معا  خارج أرض الوطن؟
يجب أن تكون هناك سياسة ورعاية من المسؤولين من أجل  أن  تتطور  الدراما المغربية، وتصبح هناك منافسة حقيقية في العالم العربي وغيره، من خلال بعثات  للتكوين  في مجال كتابة السيناريو،  تكوينا أكاديميا علميا، وهذا لايعني أنه ليست هناك  مجهودات ، طبعا، هناك أسماء مغربية لها تكوين في كتابة السيناريو، فهناك من كان يمثل وهناك من كانت له علاقة بالمسرح، فغابا عن هذا المجال، ودخلا عالم كتابة السيناريو، لكن  «منكرهوش «يكون تكوين أكاديمي، وتكون المنافسة بين الأعمال الفنية، التي من شأنها تطوير الدراما المغربية، كان هناك أساتذة جامعيون  ومثقفون حقيقيون  يكتبون السيناريو، لكن للأسف ابتعدوا عن هذا المجال، حيث تلمس في عملهم  وجود أفكار ورسائل  مجتمعية، وأشياء مشبعة بحمولة ثقافية وفكرية، مما يساهم أيضا في تنوع الكتابة، فبالاجتهاد تتطور الدراما
 كيف  يقضي سي محمد خيي  الحجر الصحي في زمن كورونا؟
في زمن كورونا، كباقي المغاربة الملتزمين بالحجر الصحي،لا أخرج إلا للضرورة، طبعا  مع ممارسة الرياضة ، وطبعا القراءة، ضروري التزود بالمعرفة والثقافة لمساعدتك في عملك، ويصبح بإمكانك إن قرأت أي سيناريو، أن تكون لك القدرة لكي  تتعمق فيه أكثر، وتعرف أبعاده ومضمونه، كما أشاهد الأفلام لتغذية المخيلة والاطلاع على تجارب الآخرين.
كيف ترى الأعمال المغربية  التي تعرض في هذا الشهر الفضيل؟
pp أشاهد المسلسلات الرمضانية، رغم أن الوقت لايسمح بتتبع جميعها، لأن منها  من يتزامن عرضها في نفس التوقيت، منها «عنبر وياقوت «و»شهادة ميلاد «،»السر المدفون «، كما شاهدت عددا من حلقات «الإرث « الذي يتم إعادة حلقاته.
الشيء الجميل، أنه حينما تشاهد مسلسلا مغربيا تفتح لك الشهية، هناك تقدم كبير في الدراما المغربية سواء من حيث الصورة أو الإخراج والتشخيص، كما تضاعفت الأعمال المغربية، ومن خلال الممارسة والتراكم  نطور  أنفسنا  وأعمالنا، لنا قدرات يمكن بها منافسة الدراما الأخرى، التي تتسم بوفرة الإنتاج، فمن الكم أكيد يظهر الكيف، وإذا ما افترضنا فقط عشرين مسلسلا  ينتج في السنة ، أكيد أن عشرة مسلسلات ستكون  رائعة  وقادرة على المنافسة، وهذا من شأنه أن يخدم الدراما المغربية.
ماهي رسالتك للمغاربة في زمن كورونا؟
نصيحتي لأخوتي المغاربة، هي الصبر  حتى ننتصر في هذه المعركة  التي تخوضها بلادنا ضد فيروس كورونا، فلا نريد أن نفقد أي أحد منا، وعلينا  أن نحس بأن أي إنسان  ذهب ضحية هذا الوباء، فإنه واحد منا ومن عائلتنا، وعلينا البقاء في منازلنا، حتى نعود إلى حياتنا الطبيعية، فهذا  الفيروس الذي ابتليت به البشرية جمعاء، أظهر لنا  العديد من النعم  التي لم نكن  نعطيها  أهمية، كالخروج إلى الشارع، الالتقاء بالأصدقاء والجلوس في المقهى،  والتراحم من خلال زيارة الأهل والأحباب، وهي دروس بليغة لنا جميعا.


الكاتب : أجرى الحوار : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 14/05/2020