حكاية رحلة رياضية امتدت لأزيد من خمسين سنة 27- المسايفة.. هل هي قدري المحتوم؟

 

تعتبر نعيمة رودان أول إمرأة مغربية تحرز ميدالية ذهبية لصالح المسايفة المغربية، حدث ذلك في نهاية الستينيات خلال بطولة الألعاب الرياضية للمغرب العربي التي جرت بتونس.ويسجل التاريخ أنها ظلت منذ سنوات صباها وعلى امتداد خمسين سنة مرتبطة برياضة المسايفة كمبارزة،مدربة ومسيرة. ويحسب لها أيضا أنها حملت قضية المرأة الرياضية المغربية على عاتقها مدافعة عن حقها في ممارسة رياضية سليمة وعادلة حيث انضمت للجنة المرأة والرياضة التي كانت تابعة للجنة الوطنية الأولمبية وساهمت إلى جانب زميلاتها من الأسماء الرياضية الكبيرة في منح الرياضة النسوية الاهتمام الذي يليق بها.
لخمسين سنة،لم تنفصل عن عوالم الرياضة، بل وسهرت على أن ترضع أبناءها الثلاثة عشق الرياضة إلى أن أضحوا بدورهم نجوما وأبطالا في رياضة المسايفة محرزين عدة ألقاب في إسبانيا وفي كل التظاهرات بأوربا والعالم.

رفع رأسه وصرخ: يا للصدفة.. أنا أتذكرك..و أتذكر كيف تعرضت للهزيمة على يد حكم غير عادل ظلمك أمام الجميع.
ثم أضاف: «أنا الآن رئيس جامعة المسايفة بمدريد».
هنا ابتسمت زوجته بتعجب، وصرخت: يالها من مفاجأة.. يحدث هذا اللقاء صدفة وبعد سنين طويلة.
التفت لي وسألني :هل مازلت تتابعين رياضة المسايفة؟ ولما علم أن ظروفي منذ استقراري بمدريد لم تمكني من مزاولتها كما ينبغني، دعاني إلى مرافقته لمتابعة إحدى المباريات آخر الأسبوع .
عدت للبيت بعد الحفل مع ابنتي وأنا أحدث نفسي.. لماذا المسايفة مرة أخرى،هل هي قدري؟ ألم أكن أخدت قرارا لا رجعة فيه، بعد كل ما تعرضت له في المغرب من نكران وإجحاف وإحباط، بعدم التفكير بتاتا في العودة لأجواءها؟
وصلت الى البيت، وحكيت لزوجي وأبنائي على المفاجأة ، كان البعض منهم سعيدا بالخبر فيما راود القلق الآخرين لأنهم لم يكن يرغبون في مشاهدتي وأنا أتعرض للإحباط من جديد. بل إن أبنائي ومن شدة تألمهم من معاناتي التي عشتها قبل هجرتنا لاسباني، قرروا تغيير توجهاتهم الرياضية وتخلوا عن المسايفة ولجؤوا لأنواع رياضية أخرى،كإبني مثلا الذي اختار كرة القدم لابني وانضم فعلا لإحدى الأندية الاسبانية، فيما اختارت البنات ممارسة “البالي” في نادي متخصص.
بعد جهد جهيد،نجحت في إقناع زوجي لكي يرافقني لحضور البطولة ومعنا ابنتي الصغيرة. عند وصولي للقاعة المحتضنة للمباريات، انبهرت بالتجهيزات والمرافق الرياضية. استقبلني الرئيس وقدم لي جميع أعضاء المكتب، جلست معهم في المنصة طيلة فترة المباريات ، وفِي وقت الغداء دعانا لوجبة الغذاء، وقبل أن أعود إلى بيتي، طلب مني أن ازورهم في الجامعة.صافحته وشكرت دعوته.
قضينا يوما جميلا..لم أعرف كيف تجدد في وجداني حب المسايفة وكيف تملكني الحماس للعودة إلى الميدان.
بعد البطولة بأسبوع، زرت جامعة المسايفة بمدريد وتعرفت على الكاتب العام وكذلك أعضاء المكتبن كما تمكنت من زيارة كل الأجنحة داخل الجامعة بما فيها قاعات التداريب والبطولات، وكذلك مكان الأسلحة الخ.
طلب مني إرسال جميع المعلومات عن مساري الرياضي. كنت سعيدة جدا، وكأن لأول مرة ألج مجال رياضة المسايفة معشوقتي للأبد.
لم أتردد،أرسلت المعلومات للجامعة .
فِي أوائل شهر ماي 2006 ، وأنا في انتظار ابنتي الصغرى أمام باب المدرسة،صدفة وقف بجانبي رئيس الجامعة المدريدية وكان بدوره ينتظر ابنه ، كانت المناسبة للحديث مرة أخرى حول المسايفة في اسبانيا، ثم عرض علي أن أقوم بتدريب التلاميذ في المدرسة، وطلب مني تهييء برنامج (مواعيد التداريب، ووضع قائمة بالتجهيزات المطلوبة لتنفيذ البرنامج)
منحني أسبوعا لكي أكون جاهزة.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 27/05/2020