عرّف نفسه بـ: مسيحي بلا كنيسة واشتراكي بلا حزب

الشاعر الكناري فيرناندو ديلغادو يفوز بجائزة النقد الأدبي

 

فاز الأديب الكناري فيرناندو غونثاليث ديلغادو (المعروف اختصاراً بفيرناندو ديلغادو) بجائزة النقد الأدبي لسنة 2020 في صنف الشعر عن ديوانه «البحر العاري» الصادر عام 2019 عن دار (Pre-textos) للنشر بمدينة بلنسية الإسبانية. وهي جائزة مرموقة تمنحها، سنويّاً منذ تأسيسها عام 1956، جمعية الكُتّاب والنقاد الأدبيين في بلنسية للأعمال السردية والشعرية والنقدية المتميّزة. وحسب لجنة تحكيم الجائزة، فإن ديوان «البحر العاري» يمثِّل «نُضجَ كاتبٍ كاملٍ ومتعدِّدٍ في الآن نفسه، والذي بيَّن في هذا العمل عن كلِّ مهارته وتفوُّقه من خلال أشعار مُحكمة وقوية ذات إيقاع عظيم وموسيقية رنّانة». وسيتم تسليم الجوائز للفائزين، كما جرت العادة، في السبت الأخير من شهر شتنبر القادم إذا سمحت بذلك الظروف الصحية التي فرضتها الجائحة العالمية هذا العام.
ويتألّف ديوان «البحر العاري» للشاعر فيرناندو ديلغادو، المزداد سنة 1947 في مدينة سانتا كروث بجزيرة تينيريفي، من نصوص شعرية قصيرة تتصدّر الكتاب بالإضافة إلى قصيدة مركزية تحمل عنوان «ملك البحر» مستلهمة من تاريخ الغوانش الأمازيغيين وهم السكان الأصليون لجزر الكناري. ويسرد الشاعر في هذه القصيدة الملحمية المقاومةَ البطولية التي واجه بها الملك الغوانشي «أتاناوسو»، حتى الموت، الغزاةَ القشتاليين الذين أرادوا احتلال جزيرته في أواخر القرن الخامس عشر، ويتعلّق الأمر بإحدى جزر الكناري السبعة المعروفة حالياً باسم لابالما. كما يُحيل النص على قصة الحب التي جمعت بين هذا الملك الشجاع وزوجته الغوانشية «أسيرينا» التي تنازع حبّها طويلاً مع ملك كناري آخر؛ لذلك فالقصيدة تجمع، بأسلوب ملحمي بديع، بين ثلاث ثيمات أساسية: الحب، الحرب والموت.
ألّف الشاعر فيرناندو ديلغادو هذا العمل الشعري، قبل سنوات، بطلب من الموسيقي الإسباني الموهوب إرنيستو هالفتير ليتمّ تقديمه على شكل أوبرا تحت إشراف هذا الأخير، لكن وفاته في العام 1989 حالت دون ذلك. ظلّ هذا الديوان مجرّد مخطوطٍ حتى بادر الشاعر الكناري إلى نشره السنة الماضية؛ وهو كتاب «عرف الشاعر كيف يجمع فيه بين ضرورة التجريب المُلحّة وبين الدقة المطلقة والكثافة التعبيرية»، على حدِّ تعبير لجنة تحكيم الجائزة.
ويُعَدُّ فيرناندو ديلغادو، الحاصل على إجازتين واحدة في الفلسفة والآداب وأخرى في علوم الإعلام من جامعة كومبلوتنسي بمدريد، من الشعراء الكناريين الذين فرضوا وجودهم، عبر مشوارٍ طويل، على الساحة الأدبية والإعلامية الإسبانية. وقد أصدر أول أعماله الشعرية منذ سن العشرين تحت عنوان (كلمة عاجلة) الذي حاز به جائزتين في الأرخبيل الكناري: جائزة خوليو طوبار سنة 1967 وجائزة مدينة لالاغونا سنة 1968. كما فاز ديوانه الثاني (هيكلٌ بائس) على جائزة أنطونيو دي بيانا في العام 1969. وتوالت لاحقاً أعماله الشعرية ومنها: (نسقٌ مِن تكهُّنات، 1981)؛ (سيرةُ الابنِ الذاتية، 1995)؛ (حضورُ الرماد، 2001)؛ (العصفورُ المختبئُ في أحدِ المتاحف، 2010)؛ و (حيثُ كنتُ، 2014).
يُعتبر فيرناندو ديلغادو، علاوةً على كونه شاعراً، روائياً مميّزاً أيضاً، فلقد صدرت له أكثر من عشر روايات كتب أولاها منذ العام 1973 وعنوانها (Tachero) مكّنته من الفوز بجائزة بينيتو بيريث أرماس وهي أرفع جائزة للرواية في جزر الكناري. وبعد ست سنوات عاد ليفوز بجائزة كنارية أخرى وهي جائزة بينيتو بريث غالدوس للسرد سنة 1979 عن روايته (إبادةٌ في لستينيا). وفي 2005 حاز جائزة بلانيطا للأدب عن رواية (نظرةُ الآخَر) التي نُقلت إلى شاشات السينما على يد المخرج الإسباني بيثينتي أراندا. وفي 2015 حصلت روايته (عيناها عليَّ) على جائزة أثورين التي يمنحها المجلس الإقليمي لمنطقة أليكانطي بإسبانيا. ومن رواياته أيضاً: (بعض الأشخاص، 1989)؛ (كلِّمني عنك، 1993)؛ (لم تكن في السماء، 1995)؛ (جزيرة بلا بحر، 2002)؛ (من حياة إلى أخرى، 2009).
وعُرف فيرناندو ديلغادو أيضاً باشتغاله في الصحافة إذ عمل منذ أواخر ستينيات القرن الماضي في الإذاعة الوطنية الإسبانية بجزيرته الكنارية تينيريفي، ثم انتقل لاحقاً إلى العاصمة مدريد لإدارة القسم الثقافي في إذاعة إسبانيا الخارجية. وفاز كصحفي بالعديد من الجوائز وألّف كتباً مقالية، كما تقلّد العديد من مناصب المسؤولية في إدارة الإذاعة والتلفزة الإسبانية وأسس إذاعات خاصة وتعاون مع كبريات الصحف الإسبانية حتى قرّر سنة 2005 أن يعتزل الإعلام ويتفرّغ للأدب. وهي نفس السنة التي استقرّ فيها هذا الشاعر الكناري في بلنسية جنوب شرق إسبانيا. وفي 2015 انخرط في «الحزب الاشتراكي لبلاد بلنسية» بدعوة من الأمين العام لهذا الحزب ذي الطابع الجهوي، بناءً على مبدأ أخلاقي وإيماناً منه بعصر التغيير لاسيما أنه كان دائماً يُعرِّف نفسه قائلاً «أنا مسيحيٌّ بلا كنيسة واشتراكيٌّ بلا حزب».
*باحث في الأدب الإسباني – الكناري


الكاتب : علي بونوا *

  

بتاريخ : 13/06/2020

أخبار مرتبطة

  “لا معنى لمكان دون هوية “. هكذا اختتم عبد الرحمان شكيب سيرته الروائية في رحلة امتدت عبر دروب الفضاء الضيق

  (باحثة بماستر الإعلام الجديد ، والتسويق الرقمي -جامعة ابن طفيل – القنيطرة) حدد الأستاذ عبد الإله براكسا، عميد كلية

  في إطار أنشطتها المتعلقة بضيف الشهر، تستضيف جامعة المبدعين المغاربة، الشاعر محمد بوجبيري في لقاء مفتوح حول تجربيته الشعرية،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *