أعطاب كثيرة في اليوم الأول من أسبوع ما بعد الحجر الصحي 

المرضى يلتحقون بالمستشفيات بحثا عن الأنسنة وتدارك التأخير في العلاجات

 

حجّ عشرات المواطنين، صباح يوم الاثنين 15 يونيو 2020، إلى عدد من المستشفيات على امتداد ربوع المملكة، سواء تعلق الأمر بالإقليمية منها أو الجهوية أو غيرها. مرضى حلوا من داخل المدن ومن خارجها، بحثا عن خدمة صحية، تتمثل في كشف طبي أو فحص بالأشعة أو من أجل تسلم أدوية، كما هو الحال بالنسبة لمرضى السرطان، أو غيرها من التدخلات العلاجية الأخرى.
إقبال لم يتميز بالسلاسة المرجوّة، إذ عاينت «الاتحاد الاشتراكي» عشرات المرضى مكدّسين جنبا إلى جنب، أمام شبابيك ختم الوثائق المرتبطة ببطاقة المساعدة الطبية راميد، فضلا عن الاصطفاف في طوابير أمام أبواب المصالح المختلفة، بحثا عن إمكانية لولوجها والاستفادة من الخدمة المطلوبة، وإن كانت هناك علامات تشير إلى أماكن الوقوف التي تنص على احترام التباعد الجسدي تفاديا لأية إصابة ممكنة بالعدوى، إلا أن الإقبال الكبير وارتفاع الطلب على هذه المصالح، ومحاولة إيجاد منفذ إلى الداخل، جعل الوقاية من كوفيد 19 مجرد أمر ثانوي أمام ملحاحية واستعجالية الهدف الصحي المنشود.
وطالب عدد من المرضى، وفقا لما تتبعته ووقفت عليه «الاتحاد الاشتراكي»، بحدّ أدنى من التواصل والإنصات والإرشاد، في مصالح المفروض أنها مفتوحة في وجه المواطنين، بحثا عن المعلومة الشافية، أو من أجل استرداد وثائق خاصة، أخطأ في تسليمها المهينون المعنيون بسبب خلط ما، أو قاموا بإتلافها، بينما المريض في تلك اللحظة يصارع الزمن لكونه في حاجة لرؤية الطبيب المختص، وكلما تأخر تدارك الخطأ كلما اقترب موعد انتهاء عمل الطبيب ومغادرته للمكان، هو ما يعني ذهابا وإيابا جديدين وموعدا آخر، أو طلبا لموعد اكتشف المعنيون أنه عليهم قضاء شهور أخرى للاستفادة منه. وبين هذا وذاك، كانت هناك حالات لمرضى تمت مطالبتهم بالانتقال إلى المصالح التي كانوا يتابعون فيها العلاج من أجل استقدام تقرير طبي، لمقارنته بخلاصات فحص جديد وإعداد تقرير في الموضوع، وعندما طرقوا أبوابها قيل لهم إن الوثائق كلها في الأرشيف ولا سبيل إليه، وكأن ليس هناك حلّ اسمه الرقمنة تطلّب ما تطلّب، وكأن الحفاظ على الوثائق والأرشيف من مسؤولية المرضى، وكأن تفويت موعد بسبب غياب وثيقة هو أمر هيّن، وفي ضرب لكل تنسيق بين مصالح المؤسسة الاستشفائية الواحدة، وإمعانا في رفع منسوب المعاناة، لأسباب جدّ مجهولة، وتتناقض مع كل ما تم بذله من جهد لمواجهة الجائحة الوبائية لفيروس كورونا المستجد.
مرضى، عانقوا بعضهم البعض، كرها لا طوعا، في منافذ مستشفيات ومصالح، وأمام شبابيك إدارية مختلفة، وآخرون لفحتهم أشعة الشمس وهم على ظهورهم فوق حمّالات في العراء، في انتظار سيارة إسعاف تعيدهم إلى مسكنهم لأنه ليس لهم القدرة على التنقل، سواء داخل تلك المدن أو خارجها، في غياب فضاءات للراحة والانتظار واتقاء أشعة الشمس، كحدّ أدنى، في مشهد بعيد عن كل عناوين الأنسنة التي تبين على أنها كانت مفتقدة في اليوم الأول من الأسبوع ما بعد رفع الحجر الصحي، وهو الاختلال العريض الذي يجب تصحيحه وتداركه قبل أن تتعاظم المشاكل وترتفع حدّتها، وتصبح صورة المؤسسات الصحية العمومية، مرة أخرى، مقترنة بممارسات سلبية قاتمة، استطاعت تضحيات العديد من الأطر الصحية، من أطباء وممرضين وتقنيين وغيرهم، محوها أثناء مواجهة كوفيد 19، الذين قدموا ملاحم متعددة، لا تزال المستشفيات في حاجة إليها، حتى لا تكون مؤقتة، لأن المواطنين والمرضى  كلهم شوق لاستمرارها خلال الأيام العادية، في مواجهتهم لأمراض مزمنة متعددة قاتلة بشكل أكبر من الكورونا، من قبيل السرطان وتصفية الكلي وأمراض الجهاز التنفسي والقلب والشرايين وغيرها من العلل الأخرى.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 17/06/2020