كتب لها وقع .. «التراب الأمريكي» لجانين كامينز 2/1

`نشرت الكاتبة الأميركية جانين كامينز رواية مثيرة للجدل بعنوان «التراب الأمريكي» American Dirt ، تتحدث عن فرار أم مكسيكية وابنها الصغير إلى الحدود الأمريكية.
عُدّت الرواية من أهم وأعمق الروايات التي تعالج موضوع الهجرة، وبخاصة هجرة الأمريكيين اللاتينيين من جنوب القارة الأمريكية إلى شمالها، حيث يمثل ذلك الشمال الحلم بمستقبل أفضل.
وقد حظيت الرواية بالثناء على نطاق واسع قبل إصدارها، واختارتها المقدمة الشهيرة أوبرا وينفري لناديها للكتب، وهو فقرة من فقرات برنامجها الحواري تسلّط فيها الضوء على كتب أعجبتها. ووصفها الروائي الأمريكي دون وينسلو بأنها «عناقيد غضب» أزمنتنا، في إشارة إلى رواية «عناقيد الغضب» الشهيرة للروائي جون ستاينبيك. وكتب الروائي الأمريكي ستيفن كينغ عن الكتاب يقول: «أتحدى أي شخص يقرأ الصفحات السبع الأولى من رواية «التراب الأمريكي» ويستطيع التوقف عن إكمالها».

القصة محبوكة بدقة ويعود نجاحها الباهر إلى كونها رواية إنسانية صادقة، تروي مأساة المهاجرين الهاربين من بلدانهم عبر الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة. بطلة الرواية ليديا وابنها لوكا يهربان من مدينة أكابلكو بعدما قتل قتلة مأجورون تابعون لأحد كارتيلات المخدرات، زوجها الصحافي وجميع أفراد أسرتها، بسبب فضحه جرائم الكارتيلات في المكسيك. تصور جينين كمنز معاناة المكسيكيين وشخصيات أخرى من دول أميركية لاتينية مختلفة.
تصوّر الكاتبة كامينز في روايتها معاناة المهاجرين المكسيكيين والأميركيين اللاتينيين الآخرين وهم يعبرون على ظهر قطارات شحن مكسيكية تقوم بنقل البضائع إلى الحدود. ومن هناك تقوم مافيات تهريب بتهريب المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
لا تكفي معاناة ليديا وابنها لوكا ورفاقهم في تحمّل مشقات ومخاطرة السفر على ظهر قطار وخطر مافيات الكارتيلات والتهريب التي تخطف وتقتل البعض أو تغتصب البعض وتساوم على فديات مع أهلهم. بل تبدأ معاناتهم الجديدة بعد وصولهم إلى الولايات المتحدة حيث يعيشون كمهاجرين غير شرعيين خائفين من انكشافهم وترحيلهم.
لكن الرواية أثارت جدلاً ونقداً كبيرين بين النقاد والأدباء اللاتينيين، وبخاصة الكتاب الأمريكيون المكسيكيون الذين انتقدوا الرواية بسبب تصويرها النمطي للمكسيكيين والربح الكبير الذي ستحققه من نشر الكتاب وهو بملايين الدولارات. فقد تنافست على شراء حقوق نشرها تسع دور نشر أمريكية في مزاد علني مفتوح. كما بيعت حقوق ترجمتها إلى أكثر من أربعين لغة عالمية من بينها العربية، وتم التعاقد لتحويلها إلى فيلم سينمائي.
يشار إلى أن الكاتبة جانين كامينز هي من خلفية أيرلندية وبورتوريكية.
وقد ألغى ناشر الرواية ما تبقى من جولتها الترويجية، مشيراً إلى مخاوف على سلامة الكاتبة الروائية.
وقال بوب ميلر، رئيس وناشر «فلاتيرون بوكس» ​​في بيان: «أمضت جانين كامينز خمس سنوات من عمرها في كتابة هذا الكتاب بقصد تسليط الضوء على المآسي التي تواجه المهاجرين. نشعر بالحزن لأن عمل الخيال الذي تم بحسن نية أدى إلى مثل هذا الضغينة.» وأضاف: «لسوء الحظ، أدت مخاوفنا بشأن السلامة إلى اتخاذ قرار صعب بإلغاء الجولة الترويجية للكتاب».
قوبلت الرواية الأمريكية الثالثة للكاتبة كامينز بثناء هائل قبل النشر واختيرت لنادي أوبرا وينفري للكتاب. ولكن بعد إصدارها، تعرض الكتاب لنقد بسرعة لوضع الرواية ككتاب أساسي عن المهاجرين المكسيكيين.
قالت جوليسا أرسي رايا، مؤلفة كتاب «حلمي السرّي الأمريكي»، إن «التراب الأميركي» لا تمثل تجربتها كمهاجرة غير شرعية في أمريكا. وشارك المؤلف سيليست نَغ في مراجعة تصوير كامينز للمكسيك بأنها «غير دقيقة بشكل مثير للضحك». واستنكر روكسان غاي قرار أوبرا بالترويج للرواية.
وقالت مريم غوربا، وهي كاتبة أميركية-مكسيكية، لصحيفة الغارديان: «آمل أن يجعل هذا الناس يدركون كيف يكون النشر المحافظ حقاً».
ووسط هذا الجدل، واصل الناشر البريطاني «فلاتيرون بوكس وهيدلاين»، دعم المؤلفة. لكن بدا أن ميلر يتعرف على الأخطاء التي ارتكبتها الشركة. وقال في بيان: «ما كان ينبغي لنا أن ندعي أنها كانت رواية تحدد تجربة المهاجرين؛ ما كان ينبغي لنا أن نقول إن زوج جانين كان مهاجراً غير موثق بينما لم نحدد أنه من أيرلندا؛.. يمكننا الآن أن نرى مدى عدم حساسية تلك القرارات وغيرها، ونحن نادمون على ذلك».
تحدثت كامينز عن شكوكها حول كتابة الكتاب. وقالت لمدير المكتبة خافيير راميريز: «عشت في لحظة خوف، من الاتصال بي لمحسابتي قائلين:» من تعتقدين نفسك؟». وأضافت: «وفي النهاية، الأشخاص الذين قابلتهم على طول الطريق، والمهاجرون الذين تحدثت إليهم، والأشخاص الذين وضعوا أنفسهم في طريق الخطر لحماية الأشخاص المستضعفين، أظهروا لي كيف تبدو الشجاعة الحقيقية. جعلوني أتعرف على جبن بلدي. عندما يضع الناس حياتهم حقاً على المحك، خائفين من كتابة كتاب شعرت بالجبن».
وفيما يتعلق بالدفعات المكونة من سبعة أرقام التي قيل إنها كسبتها، قالت كامينز: «لم أرغب أبدًا في رفض الأموال التي قدمها لي أحدهم في مقابل شيء استغرقني سبع سنوات لأكتبه. أقر بأن هناك تفاوتاً هائلاً في المهنة، حول من يحظى بالاهتمام لكتابة الكتب».
لقد قامت كامينز بعدد قليل من المظاهر الترويجية للكتاب منذ إصداره، ولكن على مدار الأيام القليلة الماضية، ألغت مكتبة «لافت بانك بوكس»، ومقرها سانت لويس، حدثاً وألغت دار «فلاتيرون» المقابلات في عدد من متاجر كاليفورنيا. وكان من المقرر أن تستمر جولة كتابها الذي تمت ترقيته، مع توقف في كل مكان من سياتل إلى أوكسفورد في ولاية مسيسيبي.
تخطط «فلاتيرون» الآن لإرسال الكاتبة إلى فعاليات قاعة المدينة، حيث سينضم إلى المؤلفة «بعض المجموعات التي أثارت اعتراضات على الكتاب».


الكاتب : هيثم مزاحم

  

بتاريخ : 24/06/2020