كتب لها وقع 2/2 «التراب الأمريكي» لجانين كامينز

`نشرت الكاتبة الأميركية جانين كامينز رواية مثيرة للجدل بعنوان «التراب الأمريكي» American Dirt ، تتحدث عن فرار أم مكسيكية وابنها الصغير إلى الحدود الأمريكية.
عُدّت الرواية من أهم وأعمق الروايات التي تعالج موضوع الهجرة، وبخاصة هجرة الأمريكيين اللاتينيين من جنوب القارة الأمريكية إلى شمالها، حيث يمثل ذلك الشمال الحلم بمستقبل أفضل.
وقد حظيت الرواية بالثناء على نطاق واسع قبل إصدارها، واختارتها المقدمة الشهيرة أوبرا وينفري لناديها للكتب، وهو فقرة من فقرات برنامجها الحواري تسلّط فيها الضوء على كتب أعجبتها. ووصفها الروائي الأمريكي دون وينسلو بأنها «عناقيد غضب» أزمنتنا، في إشارة إلى رواية «عناقيد الغضب» الشهيرة للروائي جون ستاينبيك. وكتب الروائي الأمريكي ستيفن كينغ عن الكتاب يقول: «أتحدى أي شخص يقرأ الصفحات السبع الأولى من رواية «التراب الأمريكي» ويستطيع التوقف عن إكمالها».

 

وأعلنت أوبرا أنها ستجتمع مع كامينز وسيتم بث محادثتهم في برنامجها الخاص المقبل على قناة «آبل تي في» Apple TV. وقالت وينفري: «لقد أصبح من الواضح الآن بالنسبة لي من تدفق الآراء المتحمسة للغاية، أن أقول إن هذا الاختيار قد أثار وتراً عاطفياً وخلق حاجة إلى مناقشة أعمق وأكثر موضوعية».
وكتب المؤلف الأمريكي دانيال أوليفاس مقالة في «الغارديان» بعنوان «لماذا غضب كتّاب لاتينيون من رواية «التراب الأميركي» لجانين كامينز؟». وقال إن دار النشر «فلاتيرون بوكس» قد اشترت حقوق رواية كامينز بمبلغ مقداره سبعة أرقام، أي بملايين الدولارات. وتساءل أوليفاس: «أي نوع من الكتب الذي يتطلب مثل هذا المبلغ الفلكي؟ كتاب أُشيد به باعتباره «عناقيد الغضب لعصرنا» و»رواية عظيمة للأميركيتين» من قبل مؤلفين محترمين مثل دون وينسلو وساندرا سيسنيروس. هل سبب ذلك الحبكة؟ ويجيب: إنها قصة أم مكسيكية وابنها يفران من عنف عصابات المخدرات. أوبرا وينفري أعطتها ختم الموافقة. كانت كامينز – التي تعرّف نفسها بأنه بيضاء ولكن مع جدة بورتوريكية – تجلس على قمة العالم الأدبي.
لكن التشققات في هذا الإحساس الكبير قد ظهرت بالفعل شكل مراجعة لاذعة للرواية على الإنترنت نُشرت (قبل حوالى ستة أسابيع من النشر الرسمي لرواية التراب الأميركي») من قبل كاتبة موهوبة اسمها ميريام غوربا. إن المراجعة – التي أصبحت منذ فترة طويلة فيروسية ونقلت في العديد من المنشورات التي تحظى بالاحترام – لم تدخر أوقية من الغضب أو الاشمئزاز لهذا الكتاب.
وقد جادلت غوربا بأن كامينز كانت مذنبة بتهمة «الاستيلاء على أعمال عبقرية من قبل أشخاص ملونين»، و«وضعت طبقة من المايونيز عليها لجعلها مستساغة لتذوق البراعم» و«إعادة تغليفها» لهم للاستهلاك الشامل العرقي.
كما وجّه كتاب لاتينيون آخرين مثل ديفيد باولز ودانييل بينيا وإزميرالدا بيرموديز ولويس ألبرتو يوريا انتقادات قوية لرواية كامينز ترددت في مراجعة غوربا المبكرة ولكن من خلال العدسات الخاصة بتجاربهم الفردية اللاتينية.
مراجعة أخرى نشرت في صحيفة «نيويورك تايمز» كتبتها بارول سيغال أدانت الرواية. لاحظت سيغال أن «الإخفاقات الحقيقية في الكتاب… لا علاقة لها بهوية الكاتبة وكل ما يتعلق بقدراتها كروائية».
كامينز بالتأكيد لم تساعد قضيتها. وكتبت تقول: «في أسوأ الأحوال، نرى [المهاجرين] كغوغاء غزاة أو مجرمين يستنزفون الموارد، وفي أفضل الأحوال، كتلة سمراء فقيرة بلا ملامح، تصرخ للحصول على المساعدة على عتبة منزلنا. نادراً ما نفكر بهم كأخوة لنا».
ويرى أوليفاس أن هذا «التفسير» يعد مسيئاً على العديد من المستويات (كتلة سمراء بلا ملامح)، أقلها يعكس الصور النمطية البغيضة المتعصبة التي دفعها دونالد ترامب لدعم وعده ببناء جدار كبير على حدودنا الجنوبية.
وزاد الناشر الأمر سوءاً من خلال إلغاء جولة كتاب كامينز مع بيان يقول إن هناك «مخاوف بشأن السلامة» و»نعتقد أنه يوجد خطر حقيقي» على كامينز ومختلف بائعي الكتب. وقال أوليفاس: «لن أكون مصدوماً إذا استشهد دونالد ترامب بمثل هذا الخوف في تجمع حاشد لإعادة الانتخاب». ويضيف: «نعم، الكتاب اللاتينيون غاضبون. وليس الأمر أننا نعتقد أن الكتاب اللاتينيين وحدهم هم الذين يجب أن يكتبوا الكتب ذات الطابع اللاتيني. لا، هذا لا يتعلق بالرقابة الذاتية. يمكن للكاتب الموهوب الذي يقوم بالعمل الشاق أن يخلق مؤلفات قوية ومقنعة عن الثقافات الأخرى. هذا يسمى الفن. لكن «التراب الأميركي» ليست فناً. إنها إهانة للكتاب اللاتينيين الذين عملوا بالكاد – بعضهم منا لعقود – للحصول على انتباه قليل من كبار الناشرين ومراجعي الكتب، بينما كان هؤلاء الكتاب يقومون ببناء مجموعة واسعة من الأدب الأخاذ الذي تنشره الجامعات والمطبوعات المستقلة في كثير من الأحيان بموازنات تقشفية. وعلى الرغم من أن الأشخاص الذين يديرون دار «فلاتيرون» لهم الحق في دفع سبعة أرقام لشراء ونشر كتاب مثل «التراب الأميركي»، فإنهم لا يتمتعون بالحصانة من المراجعات النقدية والانتقادات الصحيحة.
وهذا هو السبب وراء توقيع أكثر من 90 كاتباً من كتاب لاتينيين وكتاب آخرين خطاباً مفتوحاً إلى أوبرا وينفري يطلبون منها إعادة التفكير في إدراج رواية «التراب الأميركي» في نادي الكتب الشهير.
وتابع أوليفاس: «نعم نحن غاضبون. لكننا لن نسكت. نحن كتاب لاتينيون – بدعم من حلفائنا – الذين يقاتلون لفترة طويلة حتى لا يتوقفوا الآن. هناك حاجة إلى تغيير جذري في صناعة النشر، ليس فقط فيما يتعلق بالكتاب اللاتينيين، ولكن جميع الكتاب المهمشين الذين لديهم قصص مهمة يروونها بناءً على حياتهم وتجاربهم».


الكاتب : هيثم مزاحم

  

بتاريخ : 25/06/2020