مراكز اجتماعية تتحول إلى مقاولات خاصة بسيدي مومن

 
بعد مرور 12 سنة على انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2006، والذي كان فيه اختيار سيدي مومن رمزيا وليس اعتباطيا عند بدء تنفيذ برنامج التنمية البشرية، كإشارة على التطرف الذي يتخذ من المناطق الاجتماعية الهشة مرتعا له، وفي إطار برنامج محاربة الإقصاء الاجتماعي في الوسط الحضري الذي يهدف إلى دعم الأنشطة المدرة للدخل، وضمن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والمتفق عليه من جهة أولى بين اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، ممثلة في شخص رئيسها عامل عمالة مقاطعات البرنوصي بالدارالبيضاء، واللجنة المحلية للتنمية البشرية في شخص رئيس مقاطعة سيدي مومن من جهة ثانية، والجمعية الحاضنة للمشروع كجهة ثالثة، عرف حي سيدي مومن بالدارالبيضاء، ومباشرة بعد أحداث 16 ماي 2013، انطلاق تشييد وتدشين العديد من المراكز السوسيو اجتماعية بكلفات مالية مهمة توفر تكوينات في مجال الموسيقى والمسرح والسينما وغيرها..، كما هو الشأن بالنسبة لمركز سيدي مومن للتنمية البشرية، والذي تم تدشينه من طرف جلالة الملك شهر أكتوبر سنة 2008، بكلفة 14 مليونا و366 الف درهم، ومساحة أرضية بلغت 3200 متر مربع..؛ وقد كان الخطاب الملكي بتاريخ 18 ماي 2015 واضحا بأن الهدف الأسمى للمبادرة الوطنيـة هو محاربة الفقر والإقصاء الاجتمـاعـي والهشاشة؛ وارتكاز العمليات حول تحسين الولوج للبنيات التحتيـة والـتـجـهـيـزات الاجـتـمـاعـيـة الأساسية، وتشجيع التنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي، والاندمـاج الاجـتـمـاعـي والاقـتـصـادي للساكنة المستهدفة.. ، ويبقى أخصها حي سيدي مومن الذي شد الانتباه عالميا خلال العمليات الإرهابية التي عرفها المغرب، الذي يعتبر من بين أكبر الأحياء كثافة ومساحة، حيث يبلغ عدد سكانه حاليا 454779 نسمة، مساحته 26.9 كلم مربع، وكثافته السكانية 17289/ كلم مربع، كما يعد أكثر أحياء الدارالبيضاء هشاشة وعزلة وتهميشا..، بالمقارنة مع مقاطعة سيدي البرنوصي بنفس العمالة التي يصل عدد سكانها إلى 173149 نسمة، وتصل مساحتها الى 12.3 كلم مربع، و 14080/ كلم مربع ككثافة سكانية.
من جديد وبعد مرور 12 سنة على إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومن خلال التتبع العام للشأن المحلي بسيدي مومن،  مفارقات كبيرة تدفع إلى طرح أسئلة عميقة وجوهرية، وهي لماذا لم يستطع حي سيدي مومن بالدارالبيضاء حتى الآن تحقيق أهدافه الإنمائية رغم كل الجهود والإمكانيات المادية والبشرية التي تم رصدها من أجل تحقيق طموح الساكنة ؟، من تكون الجمعيات المستفيدة من المراكز ضمن مشاريع التنمية البشرية منذ 2006، وما علاقتها بالمسؤولين المحليين وغيرهم ؟، وماهي القيمة المضافة التي قدمتها هذه المراكز للمنطقة اذا لم تساهم في تقدمها والرقي بها وفي ازدهارها؟، في وقت نسمع فيه كون المغرب لم يتجاوز المركز 123 في تقرير التنمية البشرية الذي تصدره منظمة الأمم المتحدة، إضافة إلى تحول بعض هذه المراكز إلى ما يشبه ملكية خاصة لجمعيات أوأفراد في وقت تثار فيه التساؤلات، بخصوص شروط وكيفية تدبيرها من طرف الجمعيات الحاضنة للمشاريع وعن مدة تسييرها، وضبط المحاسبة المالية وغيرها..، مع الإشارة الى أن مجموعة من هذه المراكز أصبحت تدر مداخيل مهمة عن طريق تشييد قاعات للأفراح والأعراس وكرائها للعموم ، وتنظيم دورات تكوينية في مختلف المجالات بالمقابل ضاربين بذلك عرض الحائط مجانية الاستفادة من المرافق العمومية بالرغم من أنها تدخل ضمن مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛ شأن ذلك شأن أحد المراكز الذي يتوفر على قاعة للحفلات والأعراس بالمقابل وكذا مؤسسة خاصة بتقديم القروض الصغرى، رسمه العقاري رقم 12505C ، وتقدر مساحة قطعة الارض ب 2500 متر مربع، تتحمل فيه الجمعية المسيرة تكاليف البناء، والمفروض فيها تقديم الخدمات للساكنة في إطار ما هو اجتماعي خيري وانساني – تتوفر الجريدة على نسخة من العقد المبرم- حيث يستفيد بالمقابل حسب بنود العقد من مجانية الضوء والكهرباء من طرف جماعة الدار البيضاء، والصيانة والموظفين من طرف المقاطعة الجماعية، حيث تحولت الى ملكية وتدبير شبه خاصين، ضمن عقد مبرم بتاريخ 30 يونيو 2005 مازال قائما الى حدود الآن، مع جمعية حاضنة للمشروع يديرها وزير سابق، وجماعة الدارالبيضاء، ومنعش عقاري، ومقاطعة سيدي مومن بتراب عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي بالدارالبيضاء !؟..
وجدير بالذكر أنه نظمت مؤخرا، جمعيات المجتمع المدني والحقوقي بحي التشارك وليلي  زرهون وشالة أمام المركز المذكور وقفة احتجاجية، مستنكرة ما تشهده المراكز الاجتماعية والثقافية من استرزاق ومحسوبية، ودعت من خلالها مسؤولي المنطقة إلى مراجعة بنود وعقود الشراكة مع ضرورة توضيح الأهداف التي أحدثت من أجلها، لاسيما وأن الأراضي التي أقيمت عليها مفوتة من طرف مجلس جماعة سيدي مومن مقابل تقديم منفعة عامة وخدمة لأبناء الساكنة…، تم خلالها توزيع بيان استنكاري، وجهت نسخة منه حسب مضمونه الى كل من الديوان الملكي، وزارة الداخلية، ولاية جهة الدارالبيضاء سطات، عمالة مقاطعات سيدي البرنوصي، المقاطعة الجماعية سيدي مومن، ووسائل الإعلام..


الكاتب : التهامي غباري

  

بتاريخ : 03/07/2017