محادثات استانا حول سوريا تركز على المناطق الآمنة وحاملة الطائرات الأمريكية مستعدة للدفاع عن الحلفاء

– تمحورت الجولة الخامسة من المحادثات حول سوريا في استانا الثلاثاء برعاية روسيا وإيران وتركيا حول التوصل إلى خطة لاقامة مناطق آمنة في سوريا للمساعدة على انهاء الحرب المستمرة هناك منذ ستة أعوام.
وكانت موسكو وطهران الداعمتان للرئيس السوري بشار الأسد قد اتفقتا مع أنقرة التي تدعم فصائل معارضة في مايو الماضي على إقامة أربع مناطق “خفض تصعيد” في سوريا، في اختراق محتمل نحو التوصل إلى تهدئة في الحرب التي أودت حتى الآن بقرابة 320 ألف شخص.
لكن في حين خفت حدة المعارك في الأسابيع التي تلت الاتفاق، إلا انها ازدادت في مناطق أخرى، ويبقى على اللاعبين الدوليين الأساسيين الانتهاء من تعيين حدود مناطق خفض التصعيد وتقرير من سيتولى مهمة حفظ الأمن فيها.
وقال الكسندر لافرنتييف رئيس الوفد الروسي المشارك في محادثات استانا للصحافيين ان هذه المواضيع “تخضع للنقاش” مؤكدا انه “لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن”.
وستختتم المحادثات التي تستمر يومين بمشاركة ممثلين عن النظام السوري والمعارضة الأربعاء بجلسة يحضرها جميع المشاركين، وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا يتنقل بين الوفود.
وحدد الاتفاق في مايو بشكل تقريبي المناطق التي يجب على المعارضة المسلحة وقوات النظام وقف القتال فيها، ويشمل ذلك ايضا وقف القصف الجوي مدة ستة اشهر، لكن روسيا وتركيا وايران فشلت في التوصل إلى تحديد دقيق للمناطق مع انتهاء المهلة المحددة لذلك.
ويعتقد أن 2,5 مليون شخص يعيشون في هذه المناطق الأربع، ومنها ادلب التي تسيطر عليها المعارضة اضافة إلى الأجزاء الشمالية من محافظة حمص والغوطة الشرقية قرب دمشق ومناطق في جنوب سوريا.
وتبقى نقطة رئيسية عالقة هي تحديد الدول التي ستعمل على ضمان الأمن في هذه المناطق، في ظل تقارير عن مشاحنات بين ايران وتركيا اثناء سعيهما لتعزيز نفوذهما.
وتلقت محادثات استانا دفعة قوية الاثنين بعد ان اعلن الجيش السوري بشكل أحادي وقف القتال حتى منتصف ليل السادس من يوليو في مدينة درعا والقنيطرة ومحافظة السويداء والتي تشكل مجتمعة احدى مناطق خفض التصعيد.
ميدانيا، تعرضت مدينة دوما معقل الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لغارات جوية الثلاثاء هي الأولى منذ التوصل إلى اتفاق مناطق خفض التصعيد في سوريا. وافاد مراسل فرانس برس في المدينة بأن ثلاث غارات استهدفت الاحياء السكنية صباح الثلاثاء ما أدى إلى مقتل امرأة وطفل بحسب مصدر طبي.
وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان الحصيلة ذاتها، مشيرا إلى اصابة عشرة اشخاص آخرين بجروح جراء الغارات التي قال ان طائرات سورية شنتها على المدينة.
واوضح ان هذه الغارات هي الاولى على دوما منذ التوصل إلى اتفاق مناطق خفض التصعيد في استانا في مايو الماضي.
وفي مدينة درعا جنوبا ، افاد المرصد عن اشتباكات اندلعت ليلا بين قوات النظام والفصائل المعارضة، تخللها القاء براميل متفجرة ورصاص قنص رغم ان المدينة مشمولة باتفاق استانا وبهدنة مؤقتة اعلنها الجيش السوري الاثنين.
لكنه أشار إلى ان الهدوء عاد تدريجيا إلى المدينة صباح الثلاثاء.
وفي الوقت الذي اعلنت فيه دمشق دعمها مناطق خفض التصعيد، فإن فصائل المعارضة كانت متشائمة ورفضت اي تدخل ايراني في الخطة.
وقالت روسيا ان الاتفاق سيساعد على تركيز القتال ضد الجماعات المتطرفة مثل فتح الشام، جبهة النصرة سابقا، وتنظيم الدولة الاسلامية.
والقت روسيا بثقلها في محادثات استانا منذ بداية العام الحالي في محاولة لإعادة السلام إلى سوريا بعد تدخلها العسكري إلى جانب الأسد.
وتهدف محادثات استانا إلى استكمال المفاوضات السياسية الأوسع التي تدعمها الأمم المتحدة في جنيف، ومن المتوقع ان تبدأ منتصف يوليو.
ولم تشارك دول غربية بشكل مباشر في محادثات استانا لكن الدبلوماسي الأمريكي الرفيع في الشرق الأوسط ستيوارت جونز حضر كمراقب.
حاملة الطائرات الأمريكية في المتوسط مستعدة للدفاع عن الحلفاء في سوريا
– قال ضابط رفيع على متن احدى اكبر حاملات الطائرات الأمريكية المنتشرة في شرق البحر المتوسط الاثنين ان قواته مستعدة للدفاع عن القوات الحليفة في سوريا، الا انها تبقى يقظة حيال “التوتر” مع حلفاء نظام دمشق.
ولعبت “يو اس أس جورج بوش” أكبر حاملة طائرات في العالم دورا محوريا في الحملة الجوية الأمريكية في العراق وسوريا وخصوصا ضد تنظيم الدولة الاسلامية، وفي بعض الأحيان استهدفت القوات الحكومية السورية ومن يحاربون القوات الحليفة للولايات المتحدة.
وتحمل السفينة الحربية التي يبلغ طولها 330 مترا بين 70 و90 طائرة في وقت واحد، وتشمل اسطولا من طائرات الأف-18 التي تضرب مواقع تنظيم الدولة في الموصل والرقة واماكن أخرى.
وقال جيمس ماكول احد القادة العسكريين على السفينة الحربية للصحافيين ان العدد الأكبر من الطلعات الجوية ال 1600 في الأشهر الخمسة الأخيرة استهدف تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، مشيرا إلى ان عددا قليلا استهدف حلفاء الحكومة السورية.
ويقاتل النظام السوري ايضا تنظيم الدولة الاسلامية، اضافة إلى حلفاء للولايات المتحدة في بعض مناطق سوريا.
وقال ماكول ان طائرة تابعة لحاملة الطائرات كانت وراء اسقاط مقاتلة سورية في 18 يونيو، بعد ان أصدرت الولايات المتحدة سلسلة تحذيرات عسكرية.
واعترف بأنه كان هناك “الكثير من التوتر” مع “القوات الحليفة للنظام” في بعض أجزاء سوريا.
وأضاف “نراقب قوات التحالف على الأرض ونعمل على ضمان سلامتهم”.
وتابع من حاملة الطائرات الراسية قبالة حيفا في اسرائي “قمنا بطلعات جوية دعما لبعض هذه الأهداف (…) لذا، فان هذا شيء نوليه الكثير من الاهتمام بشكل مطلق”.
وقامت الولايات المتحدة بأول عمل عسكري مباشر ضد النظام السوري في /أبريل عبر استهداف قاعدة الشعيرات الجوية ب 59 صاروخ توماهوك ردا على هجوم كيميائي مفترض.
والأسبوع الماضي اعلن البيت الابيض ان الرئيس بشار الأسد يحضر لهجوم جديد مفترض بالأسلحة الكيميائية.
ورفض الكابتن ويل بنينغتون الرد على سؤال عما اذا كان الجيش الأمريكي سيضرب قوات الأسد في حال استخدام الأسلحة الكيميائية مجددا.
وقال بنينغتون ان بين 20 إلى 25 مهمة تنطلق يوميا في ذروة النشاط العسكري.
واشار إلى ان القوات العسكرية الأمريكية لعبت دورا حاسما في دفع تنظيم الدولة إلى التقهقر في العراق وخسارة المسلحين السيطرة على معظم مناطق الموصل.
وأكد ان “المعركة تتجه إلى نهايتها في الموصل، رغم اعتقادي ان الأمور الأخيرة المتبقية ستكون قاسية نظرا إلى الشوارع الضيقة والكثافة السكانية (للأحياء)”.
وقد اعلن البنتاغون الشهر الماضي مقتل 484 مدنيا خلال هجمات ضد تنظيم الدولة الاسلامية منذ منتصف عام 2014، بينهم 105 قتلوا عندما أسقطت مقاتلة أمريكية قنابل على مبنى سكني في الموصل في آذار/مارس 2017.
وأدى ذلك إلى انفجار غير متعمد لمخزن متفجرات وتهدم المبنى على رأس مدنيين كانوا يحتمون فيه.
وأكد ماكول اتخاذ كل التدابير الممكنة لمنع سقوط ضحايا بهذا الشكل.
وأضاف ان “تقليل الإصابات المدنية على الأرض جزء مهم من عملنا”.
وتابع “لدينا طيارين كانوا يستدلون على ما يعتقدون انهم مدنيون على الأرض. في كل هذه الحالات كانوا قادرين على الاتصال برجالنا على الأرض او ايقاف الهجوم او الانتظار حتى ازالة الالتباس”.
ولم يعلق ماكول على بعض الأحداث المحددة.
وهي المرة الأولى التي تزور فيها حاملة طائرات أمريكية اسرائيل منذ العام 2000.
وقام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الاثنين بزيارة حاملة الطائرات برفقة السفير الأمريكي لدى اسرائيل ديفيد فريدمان.
وأشاد نتانياهو بدور السفينة في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال نتانياهو لطاقم السفينة والصحافيين على متنها “حاملة الطائرات هذه خدمت كقاعدة للطلعات الجوية ضد تنظيم الدولة الاسلامية، والحرب ضد التنظيم يجب اعتبارها كما هي، أي المواجهة بين الخير والشر”.
“الخط الأحمر” إزاء السلاح الكيميائي في سوريا
بعد إعراب رئيسي فرنسا والولايات المتحدة عن استعدادهما ل “رد مشترك” في حال حصول هجوم كيميائي في سوريا، أثارت العودة إلى مفهوم “الخط الأحمر”تساؤلات بين خبراء الملف.
وكانت باريس وواشنطن توعدتا بان “تعاقبا” معا السلطات السورية غداة هجوم كيميائي في آب/اغسطس 2013 ادى إلى مقتل اكثر من 1400 شخص بغاز السارين قرب العاصمة السورية، لان النظام يكون بذلك قد تخطى “الخط الأحمر” الذي رسمه الرئيس السابق باراك اوباما.
لكن اوباما تراجع في اللحظة الاخيرة ورمى الكرة في ملعب الكونغرس قبل ابرام اتفاق مع روسيا لتفكيك ترسانة سوريا من الاسلحة الكيميائية.
وشعرت فرنسا التي لا تستطيع ان تتدخل عسكريا بمفردها في سوريا، بالمرارة بعد تخلي الحليف الامريكي عن تنفيذ تهديده. وباتت مسالة التراجع عن التهديد بالتدخل في حال تجاوز “الخط الأحمر”، علامة مهمة في النزاع السوري راى فيها البعض بداية هزيمة للمعارضة السورية وانقلابا للوضع لمصلحة النظام السوري وحليفيه الايراني والروسي.
ومع ذلك، وبعد أربع سنوات، عاد مفهوم “الخط الأحمر” مجددا إلى مقدمة المشهد.
واعلنت واشنطن وباريس الثلاثاء استعدادهما للتدخل بطريقة منسقة ردا على اي هجوم كيميائي للسلطات السورية، وذلك بعد ان أعلنت الإدارة الأمريكية أنها رصدت استعدادات “محتملة” في هذا الاتجاه وخلصت إلى وجود نشاط مشبوه في قاعدة الشعيرات.
لكن مصدرا قريبا من الملف اعتبر ان الأمر لا يزيد عن “الجعجعة الكلامية” مشيرا إلى انه “حتى في حال تنفيذ ضربات، وفرنسا يمكنها بالفعل تنفيذها منفردة، فان الامر سيكون اقرب مرة اخرى إلى تسجيل الموقف اكثر منه اجراءات يمكن ان تقود النظام (السوري) إلى تغيير سياسته”.
كما ان الستين صاروخ توماهوك التي اطلقتها واشنطن ليل 6 إلى 7 ابريل على قاعدة الشعيرات، لم يستتبعها تغيير جذري في المقاربة الامريكية للملف السوري.
وكتب شارل ليستر الخبير في الشأن السوري “لن تكفي غارات تأديبية محدودة او تصريحات قوية، لردع نظام قتل مئات آلاف الاشخاص”.
ويرى خبراء ان الغارات والتهديد بغارات امريكية فرنسية لا يستهدف تغيير موازين القوى في سوريا.
من جهته، يرى الباحث كريستوفر فيليب ان الأمر لا يتعلق “بتهديدات جوفاء، لكن الأمر اقرب إلى رسالة إلى سوريا وإيران”.
وكان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون نفسه اكد في الاونة الاخيرة ان رحيل الرئيس السوري بشار الاسد لم يعد اولوية لدى فرنسا.
من جهة اخرى لا يزال التعاون الامريكي الفرنسي بحاجة إلى اثبات خصوصا وانه تم ابلاغ باريس بالغارات الامريكية في نيسان/ابريل 2017 بشكل متأخر، ولم يكن بامكانها الانضمام اليها حتى ولو كانت راغبة بذلك.
كما ان مسالة “الخط الأحمر” تطرح اشكالا آخر اخلاقي الطابع، بحسب باحثين، حيث انه يمكن تاويلها على انها تعني منح “صك على بياض” لأي فعل مغاير لما هو وارد بأنه يتجاوز “الخط الأحمر”.
وفي هذا السياق، تساءل البروفسور اللبناني في الجامعة الامريكية في باريس زياد ماجد عن رد الفعل ازاء “التعذيب في سجون النظام وبراميل المتفجرات والسكان المحاصرين”.
أما الباحث برونو تيرتري فراى ان مفهوم “الخط الاحمر” له مزية وهي التذكير بالمحرم التاريخي الذي يشكله استخدام الاسلحة الكيميائية. لكن هذا المحرم جرى انتهاكه مرارا منذ بداية النزاع السوري في 2011، بحسب تقديرات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.


بتاريخ : 06/07/2017