صورت فرنسا المغرب في شريط وثائقي من الأعلى مرتين، الأولى كقوة مستعمرة ومحتلة ابتداء من سنة 1912 وأبدعت فنيا وجماليا، والثانية سنة 2017 مع المصور العالمي الفرنسي أرتو برتران ومن الأعلى كذلك، لكن كراعية ومحتضنة وداعمة سياسيا واقتصاديا هذه المرة .
وفي الحالتين معا، كان الإبداع وكان الإبهار والاستثناء، وإذا وجدنا كمغاربة مصوغات حضارية للدهشة الأولى سنة 1912 ونحن نتفحص أرشيف صور المغرب من الأعلى بحكم الهشاشة الثقافية والعلمية التي كان المغرب يعيشها في تلك الفترات المظلمة من تاريخه، فإنه يستعصي علينا حقا أن نبحث اليوم عن مبررات لدهشتنا الثانية بعد مضي أكثر من نصف قرن من الاستقلال..
لقد كان علينا كمغاربة أن ننتظر قرابة 70 سنة كي تبدع فرنسا من جديد، وتصورنا من الأعلى بفنية وجمالية تذهل المغاربة والعالم، في وقت كنا نترقب فيه بنفس الدهشة أن يحتفي أصحاب الكاميرات الثقيلة عندنا بمثل هذا الإنجاز، لكن بقدرات ذاتية محضة، ونحن هنا نؤكد أن الخصاص التقني وافتقاد الخبرة وضعف هامش المبادرة لدى المغاربة جاء نتيجة للسياسة المتبعة في تدبير الشأن الإعلامي ببلدنا ما جعل معظم كفاءاتنا الإعلامية مهاجرة، وفي حديث آخر مجرد تلاميذ مساعدين يجتهدون في تسويق المنتوج بدل منتجين لهفي الداخل .
ألا يخجل الأوصياء على القناة الثانية والأولى والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة….؟سبعون سنة بعد الاستقلال لم تستطع سياسات الدولة إنتاج طاقم يحسن تصوير المغرب من الأعلى ؟
أدعوكم، لمن لم يشاهد، إلى متابعة النسخة العربية للفيلم الوثائقي «المغرب من أعلى» الذي بثته القناة الثانية والذي أخرجه المصور الفوتوغرافي، يان ارتيس برتران، وأنتجته مؤسسة «هوب للإنتاج» بشراكة مع دوزيم.
فمن الجو يبدع المصور العالمي الفرنسي أرتو برتران في التقاط مشاهد الرمال الذهبية لشبه جزيرة الداخلة ممزوجة بزرقة منازل شفشاون ومرورا بحضارة فاس وبانورامية مسجد الحسن الثاني بالبيضاء، في رحلة استثنائية لاكتشاف مغرب جديد، مغرب متنوع بتضاريسه وطبيعته، وألوان مدنه وقراه..