محمد الناصري.. حكاية جندي مغريى تعرض للاحتجاز القسري بمعتقلات تندوف لأزيد من 24 سنة -11- حين كشف الأسرى المغاربة خدعة البوليساريو لوفد لجنة الصليب الأحمر

محمد الناصري قصة متشعبة لدروب الحياة الشائكة. لم تمهله التفاصيل الشاردة مع سيولات الزمن متسعا من الوقت ليتنفس هواء الحب والمتعة لترمي به في قلب مغامرة اختبر فيها معنى القسوة والعذاب والألم..
قدر عليه أن يكون يتيم أُم وهو رضيع، قبل أن يُمْنَعَ من ممارسة شغبه الطفولي .. وبين حضن الجدة في الجبل وزوجة الوالد، قساوة عنوانها عصا الوالد بدل دفء الأُبوّة.. تم امتهان الشقاء بعيدا عن جحيم البيت..
قصة محمد الناصري، حكايات تتشعب بين الاحتجاز القسري بمعتقلات تندوف، حيث كان نصيبه أزيد من 24 سنة من التعذيب خلف الأسوار المظلمة التي غيبته عن أسرته و محبيه، مغيبة معها أيضا أزهى أيام شبابه، لكنها أيضا قصة بليغة لملحمة فردية من الصمود و الأمل والإيمان الصادق …

قبل أن نلتقي بلجنة الصليب الأحمر جاء عندنا الوزير الأول للجمهورية الصحراوية المزعومة الحبيب باينة وسألنا إن كان بيننا من هو متعلم، فكان الجميع يؤكد له أن لا أحد من الأسرى متعلم.. لأنهم كانوا حريصين على ألا يكون ضمننا متعلمون لأنه ستكون لنا القدرة على إيصال المعلومات الحقيقية عن وضع الأسرى في معتقلات مخيمات تندوف، طبعا كان هناك من لهم قدر محترم من التعليم لكننا اتفقنا على أن نقول جميعا بأننا غير متعلمين..
جاءت اللجنة وطافوا بأعضائها في الأماكن التي هيئت خصيصا للمناسبة داخل غرف التعليم والإقامة وغيرها مما زوروا به الحقيقة وأرادوا من خلاله إخفاء ممارساتهم الوحشية ضد الأسرى المغاربة..
وفي الليل جمعونا في مطعم تحت الأرض، وكانت لجنة الصليب الأحمر تتكون من رئيس الوفد الذي كان يدعى فيليب إن لم تخني الذاكرة، إضافة إلى طبيب وعنصر آخر وصحفيين، أخذوا يسألوننا عن وضعنا والظروف التي نعيشها، وهل نتعرض للتعذيب وغيرها من الأسئلة الدقيقة المرتبطة بالأسرى.. أخبرناهم أنه من الصعب علينا إعطاء المعطيات الحقيقية أمام مسؤولي البوليساريو المتواجدين معنا.. عندها طلب رئيس وفد لجنة الصليب الأحمر من مسؤولي البوليساريو الانسحاب من أجل الانفراد بالأسرى والاستماع إليهم بكل حرية وحتى لا يكون هناك أي ضغط مباشر أو غير مباشر..
طرح علينا رئيس الوفد سؤالا حول أي موقع نحن فيه بالصحراء؟؟
أخبرناه أننا لسنا في الصحراء المغربية، بل نحن في تندوف وعلى بعد 12 كلم من مركز الرابوني.. فاستغرب الأمر وتساءل كيف استمرت رحلتنا إلى هنا من السابعة مساء إلى غاية الصباح؟؟
أخبرناهم أنهم كانوا فقط يدورون بهم في مسالك وهضاب، ويكررونها لإيهامهم بأنهم بالفعل سافروا مسافة طويلة إلى الصحراء..أو ما يطلق عليه المرتزقة الأراضي المحررة..
لم يصدق الأمر، فنصحناهم بأن يوهموا مسؤولي البوليساريو أن أحد أعضاء الوفد مريض عندها سيكتشفون السرعة والمسافة التي تفصل هذا المكان عن مركز الرابوني..
وبالفعل، عمد أحد الصحافيين المرافقين للوفد إلى شرب كاس ماء ثم أخذ يتألم مدعيا بأنه يعاني مغصا شديدا في بطنه، فحُمِل إلى المستشفى في أقل من نصف ساعة..
انكشف إذن كذب مسؤولي البوليساريو.. ثم أعطينا للوفد المعطيات الحقيقية، وكشفنا لهم عن مظاهر التعذيب الوحشية التي نقاسيها، كما أعطيناهم لائحة المقتولين نتيجة لهذا التعذيب..وأخبرناهم عن نوعية الطعام والشراب التي تقدم للأسرى، وزودناهم بمعلومات عن مواقع وأسماء المراكز التي يحتجز فيها الأسرى المغاربة، بالإضافة إلى أننا صرحنا لهم بأنهم جاؤوا بنا لهذا المكان المخصص أصلا لجنودهم حين علموا بمجيء وفد الصليب الأحمر حتى يبينوا للوفد أن الأسرى لا يعانون من أي شيء، وهي طريقة لتزوير الحقيقة وإخفاء الواقع..
رحلت لجنة الصليب الأحمر بعدما ح صلت على الكثير من المعلومات التي زودناها بها، حيث كشفنا لها زيف ادعاءات البوليساريو، وخدع مسؤولي المرتزقة وتزويرهم للحقائق..
بعدما اكتشف الوزير الأول للمرتزقة أن من بين الأسرى الذين التقت بهم لجنة الصليب الأحمر من يتقنون اللغات، وأنهم استطاعوا أن يوصلوا الكثير من المعطيات للوفد.. غضب كثيرا وأمر بتعذيبنا أشد العذاب ولمدة سبعة أيام..


الكاتب : محمد المبارك البومسهولي

  

بتاريخ : 14/07/2017