محمد الناصري.. حكاية جندي مغريى تعرض للاحتجاز القسري بمعتقلات تندوف لأزيد من 24 سنة 14

يفرضون على الأسرى خلع الحجارة بأسنانهم.. واختفاء الضابط المغربي المعطاوي

 

محمد الناصري قصة متشعبة لدروب الحياة الشائكة. لم تمهله التفاصيل الشاردة مع سيولات الزمن متسعا من الوقت ليتنفس هواء الحب والمتعة لترمي به في قلب مغامرة اختبر فيها معنى القسوة والعذاب والألم..
قدر عليه أن يكون يتيم أُم وهو رضيع، قبل أن يُمْنَعَ من ممارسة شغبه الطفولي .. وبين حضن الجدة في الجبل وزوجة الوالد، قساوة عنوانها عصا الوالد بدل دفء الأُبوّة.. تم امتهان الشقاء بعيدا عن جحيم البيت..
قصة محمد الناصري، حكايات تتشعب بين الاحتجاز القسري بمعتقلات تندوف، حيث كان نصيبه أزيد من 24 سنة من التعذيب خلف الأسوار المظلمة التي غيبته عن أسرته و محبيه، مغيبة معها أيضا أزهى أيام شبابه، لكنها أيضا قصة بليغة لملحمة فردية من الصمود و الأمل والإيمان الصادق …

 

في أحد الأيام ذهبوا بنا الى ما يسمى بالمقاطعة 6 على أساس أن نبني لهم مرائب «جراجات» للدبابات والدخيرة، اخذوا مجموعة منا لفضاء خلاء لملء الشاحنات بالحجارة التي تستعمل للبناء، كانوا تحث حراسة شخصين ،أحدهما يدعى محمود والثاني يدعى علي.. وبعدوانية كبيرة فرضا هذين الشخصين على الأسرى أن يقوموا بقلع الحجارة بأسنانهم، في مشهد مؤلم ومؤثر، أحد سائقي الشاحنات تعاطف مع الاسرى وأخبر مدير االبناء بأن علي ومحمود المسؤولان عن مجموعة جمع الحجارة يعذبون الأسرى بشكل غير مسبوق، حيث يفرضون عليهم الانحناء على ركبتهم تم القيام بقلع الحجارة بأسنانهم.. عندها فقط أمر بمنع قلع الحجارة بأسنان الاسرى..
من مظاهر الخداع الذي يمارسه مسؤولو مرتزقة البوليساريو أنه حين تأتي الوفود والمنظمات الأجنبية فإنهم ينظمون عمل الأسرى وتكون الاشغال بشكل عادي وبدون عصا فالحراس يراقبون من بعيد ويوجهون ابتسامات صفراء نحونا ثم يكذبون على هذه الوفود بأننا نتقاضى أجرا مقابل الأشغال التي نقوم بها.. الإدعاء بأنهم يخصصون لنا أجرا مقابل الأشغال هو أسلوب لجعل هذه المنظمات تضاعف لهم الدعم المادي..
فرَضت عليهم منظمة الصليب الأحمر أن يكون المسؤول عن أماكن احتجاز الأسرى واحد من الاسرى حتى يعبر عن مطالب الأسرى وحاجياتهم ويكون مسؤولا عن تنظيمهم والإشراف على كل ما يتعلق بالقضايا اليومية للأسرى..
الح علي زملائي في مجموعتنا أن اكون مسؤولا عن المجموعة، كان الأمر بالنسبة لي يشكل هاجسا، امتنعت في البداية، لكن زملائي الأسرى أصروا على أن اكون مسؤولا.. قلت لهم سأقبل، ولكن على أساس أن قبولي لهذه المهمة سيتم وفق شروط محددة..
قال أحد مسؤولي المرتزقة ما هي شروطك؟
أجبته بما يلي:
1 انا ضد أسلوب الاستخبار بمعنى أن تأتي أنت أو مدير السجن أو أي كان ليطلب مني أن اعطيه اخبار الاسرى وما يقومون به او عماذا يتحدثون..
2 الرفص التام بأن يقتحم علينا الحراس اماكن النوم لاستفزاز الأسرى ومساءلتهم عن البستهم وشكلهم
3 ضرورة توفير المياه الكافية للأسرى، فلا يعقل أن تسلم للأسير 5 ليترات من الماء يشرب منها ويستحم بها او يستعملها للوضوء ويغسل بها، فأنا سأمكنهم من ملء كل الاواني التي عندهم
4 لن اقبل ان يتم تفتيش الأسرى كلما تمت سرقة خارج مكان الأسر
قبل هذا المسؤول شروطي ..
تسلمت المفاتح، لم اكن أدري أن هذه المسؤولية ستجر علي عذابا شديدا، وسأتحمل فيها مسؤولية عمل لم أقترفه,, ففي أحد الأيام توصل أحد الطيارين المغاربة الأسرى وهو ضابط يدعى «المعطاوي» بصور لأبنائه وتأثر بهم بشكل كبير أعاذ إليه حرارة التفكير بطريقة للهروب من جحيم الأسر والالتحاق بأبنائه.. وكان المعطاوي قد جاء به الطبيب من قشلة أخرى إلى القشلة التي أشرف عليها، إذ اراد الذهاب به إلى المستشفى لتمكينه من النظارات لأنه يعاني من نقص في النظر، في ذلك اليوم طلب مني المعطاوي أن أبعثه مع الشاحنة التي ستحمل الأسرى الذين خضعوا للعلاج أن يعودوا الى أماكن إقامتهم الاصلية في «القشلات الأخرى»
رفضت طلبه باعتبار أن الطبيب هو من جاء به إلى هذه القشلة وبالتالي فهو من له سلطة اتخاذ القرار.. اتصل بإدارة القشلة قصد تحويله الى مكانه الاصلي فرفضت طلبه..عاد في حالة غضب شديد.. في تلك الليل سيختفي الضابط المعطاوي.. وهو الحادث الذي ستبدأ معه معاناتي أكثر,,


الكاتب : محمد المبارك البومسهولي

  

بتاريخ : 18/07/2017