عبد العلي لخليطي، رئيس جمعية الشاشة الفضية بجرسيف في حوار لـ «الاتحاد الاشتراكي» : السينما، يجب أن تهتم بالطبقات المهمشة والمنسيين وكل التعبيرات الثقافية المقصية

على هامش الملتقى الوطني الخامس لسينما الشاشة الذي نظمته جمعية الشاشة الفضية بجرسيف في الأسابيع الماضية تحت شعار”جمال الصورة في عمق الهامش” صفحة ” فنون  وإعلام ” التقت ذ. عبد العلي لخليطي المدير الفني ورئيس الجمعية، الذي تفاعل ايجابيا مع أسئلتها فكانت الورقة التالية :

 

p من بين أهداف جمعية الشاشة الفضية التي تأسست في أكتوبر 2011 التعريف بالسينما ووظائفها . ما لذي تحقق عبر 5 سنوات من هذا الحلم ؟
n نعم بكل تأكيد، التعريف بالسينما ووظائفها، إلى جانب توظيفها كأداة كونية للتواصل والمساهمة في ترويج الأفلام السينمائية الهادفة والتي تخدم القضايا الوطنية والعربية والإنسانية بشكل عام ظل دائما وسيظل هدف الجمعية الأسمى، إضافة إلى دفع الشباب نحو اكتساب مبادئ قراءة الصورة وتحليلها من خلال ورشات تكوينية وعروض سينمائية لفائدة الشباب بالمجالين الحضري والقروي داخل وخارج الإقليم . كذلك من بين الأهداف التي نراهن على تحقيقها في الجمعية تشجيع الطاقات الشابة على الإخراج وإبداع أشرطة تصب في نفس الاتجاه.. ويمكن القول إجمالا إن المحبة و الشغف ذلك الحلم الذي راودنا مضغة جينية صار اليوم طفلا يافعا بعدما أرضعناه بمحبة حميمة حليب الصدق ودثرناه بالاجتهاد وألبسناه رداء أبيض يسمو للسلام. ها هو الهامش يتسامق فنيا، وصارت سينما الهامش بجرسيف عرسا سنويا تحج إليه الأسماء والتجارب والقامات الفنية، لما يحمله من هم إبداعي وفسحة فنية تشع من بين نجوم السينما .

p تتحدثون عن رأسمال رمزي هو الضامن لاستمرار نشاط الجمعية وحيويتها ؟
n من الوعي بجمالية الصورة وتأثيرها العميق تشكل الهاجس وتخصب لدينا نحو تشجيع الطاقات الشابة على إنتاج الصورة وعلى الإخراج السينمائي وإبداع أشرطة ذات بعد جمالي تصب في نفس الاتجاه. هذه الرغبة شكلت نقطة التقاء وتقاطع مع كوكبة من المبدعين ورجالات الفن وعشاق السينما وجمهور طويل عريض ومتحمس قادر على الإبداع برغبة شديدة وحماس منقطع النظير. إننا نعيش عصرا متغيرا تلعب فيه الصورة دورها الموجه حيث تحاصرنا في كل حركاتنا وسكناتنا تلهمنا، تفتننا تأسرنا وتهددنا. ومن إدراكنا لفعل الصورة وسطوتها حاولنا بكل ثقة وحزم أن نوجهها ونتحكم فيها بكل وعي عبر تلقين النشء آليات التلقي وامتلاك القدرة على القراءة الصحيحة لتوليد حس نقدي لديهم لتمكينهم من فرز الصالح من الطالح من خلال اشتغالنا اليومي في جمعية الشاشة الفضية التي ركزت اهتمامها وبراجها نحو إكساب جمهورها الخاص والعام مبادئ قراءة الصورة و تملك آليات تحليلها سواء من خلال ورشات تكوينية موضوعاتية أو عبر عروض سينمائية منتقاة لفائدة الشباب بالمجالين الحضري والقروي داخل وخارج إقليم جرسيف .

p سينما الهامش هل يعني أن مدينة جرسيف انفلتت اجتماعيا وجماليا وغادرت باتجاه المركز؟
n إن الاحتفاء بالهامش عموما جعل صوته مسموعا وإدخاله إلى دائرة الضوء ورد الاعتبار إلى أطرافه ومكوناتها المختلفة. وهنا يجدر الاهتمام إلى أرضية الندوة الفكرية التي أثثت الدورة الخامسة للملتقى للدكتور فريد بوجيدة. فالسينما كما نراها يجب أن تنطلق من هنا. من خلال الاهتمام بالطبقات المهمشة والمنسيين وكل التعبيرات الثقافية المقصية، لا على استحضار الغائب فقط ، بل على تعديل الاختلال في الوجود؛ لقد حاولت جمعية الشاشة الفضية بجرسيف بالفعل أن تجعل من الهامش مركزا ونجحت إلى حد بعيد. فكل تعبير ثقافي في الإقليم الشاسع والممتد اجتهدت كي تجد له صدى في السينما هوامش المدن الصاخبة، الكائنات الليلية، الشخصيات المستبعدة ، التعبيرات المسكوت عنها، المساحات الصامتة، الأنفاس المختنقة، بكاء المظلومين، الذكريات .. لكل ذلك يحق لجرسيف أن تشمخ وأن تنفض رتابتها اليومية لتبحر تجاه المستقبل، ويحق لها أن تسمو إلى آفاق الخيال لتراقص سحابات الأمل، وتتباهى بين النجوم إنها جرسيف واحة الإبداع وانبثاق الرجاء تسامق زيتونها المبدع وسماواتها الحالمة وعيونها المتفجرة بالحياة وهي تحتفل اليوم بملتقاها الوطني الخامس لسينما الهامش. ويالها من متعة نشعر بها ونحن نحقق هذا الإنجاز بنجاح والذي لم يكن ممكنا لولا الثقة التي وضعها فينا المشاركون جميعا والذين أتاحوا لنا الفرصة من جديد كي نسائل راهن السينما ومدى التطور والتجدد الذي تعرفه بعيدا عن الأحكام الجاهزة .

p كيف تعزز الهامش عبر الصورة جماليا وأنتم في الدورة الخامسة للملتقى الوطني للسينما ؟
n لقد فجر انبثاق الصورة بمدينة جرسيف غياب المدينة وفضح هيمنة المركز من خلال التأكيد على عمق الهامش والحفر عميقا في ذاكرته الجماعية واستجلاء كل مكوناته البصرية في الشكل والمحتوى، في الوجه والتجاعيد، في العين والرقبة، في الشعر والوشم والأقراط، في الفرح والرقص، في العويل والغناء، في الحكاية والغواية، في الجرح والألم، في المكان والزمان، في الجسد والروح، في الهندسة والألوان، في الكتابة والخطابة، وفي الذاكرة والتاريخ، في الأشياء كلها على امتداد ثلاثة أيام من عمر الملتقى كانت الصورة وكان الجمال. ويجدر بنا جميعا أن نردد مع الدكتور فريد بوجيدة سؤاله المفصلي: هل استطاعت سينمانا أن تبرز عمق هامشنا ؟ هو أيضا سؤال الندوة التي خلصت إلى أفكار واقتراحات ستساعدنا على الاستمرار والتطور .
جميعا يدرك أن مؤشر ازدهار الأمم والمجتمعات هو ازدهار آدابها وفنونها ومعارفها والعكس بالعكس صحيح. من هذا المنطلق نشتغل باستمرار كي تستمر السينما نابضة في جرسيف وتستمر معه هذه المغامرة الفنية الجميلة في التوهج من خلال دوراتها المقبلة. لا نخفي فرحنا في الجمعية ونحن نعزز المشهد السينمائي المغربي بإنجاز هذه الدورة والاحتفاء بالتنوع والتحديث الذي تعرفه السينما المغربية .

p الصورة شكلت 70 بالمائة من جدول أعمال النسخة الخامسة من الملتقى عروضا ندوة وورشات لماذا هذه الأهمية ؟
n ليست الصورة الفوتوغرافية اقتطاعا أو تجميدا للحظات تتسم بالديناميكية، كما يشرح مصطفى الشكدالي في ورقة تقديمية لكتاب زميله إدريس القري، فسواء تعلق الأمر بالكائنات أو الأشياء ، تسعى الصورة إلى إعطاء حياة إضافية لمواضيعها مادام من غايتها هي التداول المقرون بتعدد القراءات والتأويلات في عملية التواصل بينها وبين المتلقي. إنها بهذا المعنى ليست فقط تأريخا للحظات تتلاشى من الحاضر نحو الماضي بقدر ما هي إعادة الحياة للماضي ليؤثث الحاضر من جديد ويذوب فيه. ثم إن السينما “الصورة” فن جامع للفنون الإنسانية فهو مرآة للنفس البشرية يحرك ويؤثر ويجذب الأحاسيس والمشاعر بغية الارتقاء بالنفس فكرا وثقافة لتسمو بتطلعاتها وآمالها في التطور الإنساني وإقامة حوار حقيقي بين ثقافات الشعوب المختلفة لعولمتها في منظومة ثقافية ليس لها حدود مكانية ولا زمانية تشتغل لترتقي بالقيم الإنسانية في هذا الكون. فالسينما فن جميل غني بالتجربة الجمالية فهو أنقى نماذج الفن بما يتمتع من تجارب في متعة الخيال والإثارة وما يثير الإنسان في العالم الخارجي. ليست الصورة وحدها هناك أيضا فضيلة المحبة كقيمة إنسانية تجمعنا لولاها لما استطعنا أن نصل. فالشكر كل الشكر لرجال ومؤسسات أولت سينما الهامش هذه الرعاية التي كان رأسمالها الصدق والعشق وسلاحها الأمل وكلماتها المحبة، وستظل. تحية خاصة وشكر وتقدير بكل اللغات لكل من مدير عام الملتقى عبد العلي لخليطي وعبد الله مريمي في الإدارة الفنية عبد الصمد التركاويفي التسيق العام عتيقة أزولاي عز الدين الضوق وعزيز واعبيد في النقل واللوجيستيك محمد هشمي في الإعلام والتواصل علي تبوعلالت حبيبة بلحباس في الندوة والورشات كمال لقليب في اللجنة التقنية وسكينة حيحي جهاد لمرابط مريم مصلي في الاستقبال والإقامة وسارة السعودي ياسين باكا في التوثيق .


الكاتب : أعد الحوار: عزيز باكوش

  

بتاريخ : 27/07/2017

أخبار مرتبطة

  اعتبر المخرج الفرنسي من أصل جزائري مهدي بنعلال ، أن المهرجانات ليست نافعة فحسب، بل هي أكثر من ذلك،

  انعقد يوم الثلاثاء 30 أبريل 2024 بدار الثقافة لقاء ثان مخصص لتقديم كتابين وهما: «شذرات من مشاهد…» للمخرج المغربي

أساتذة و باحثون يجمعون على أهمية سينما فوزي بنسعيدي نظرا للمواضيع المطروحةو طريقة معالجتها     أجمع المتدخلون ،محمد باكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *