مقتطفات من تاريخ الحركة الوطنية يرويها المقاوم امحمد الظاهر -12- تطوير منهجية التنظيم السياسي استعدادا للمواجهة المسلحة 2/2

قبل رحيله إلى دار البقاء ألف حول الحركة الوطنية بالمدينة القديمة، تحت عنوان ثنايا الذاكرة، إنه المناضل الكبير الغيور على وطنه المرحوم ذ. امحمد الظاهر، فمن هي هذه الشخصية البارزة، التي قاومت الاستعمار الفرنسي
مع زمرة من المقاومين الذين نقشوا
تاريخ الحركة الوطنية بمداد من الفخر والعز والكرامة؟
ولد سنة 1931 بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، وفي أول خطوة له، نحو التمدرس التحق بالكتاب القرآني، فحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، بعدها التحق بالمدرسة العبدلاوية، حيث نال الشهادة الابتدائية، تم تابع دراسته بجامعة القرويين بمدينة فاس، وبها أدى القسم على يد الشهيد عبد العزيز بن ادريس العمراني الحسني رحمه الله ،بعدها انتقل إلى مؤسسة عبد الكريم لحلو بالدار البيضاء، إلا أن القرار الجائر الذي أصدره المقيم العام الجنرال جوان حال دون حصوله على شهادة البكالوريا، فالتحق بالتعليم الرسمي كمدرس للغة العربية بالدار البيضاء لحزب الاستقلال، ومنها مباشرة إلى صفوف المقاومة المسلحة المغربية .اعتقل يوم 16 يونيو 1963 بمقر الكتابة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية بالدار البيضاء، مزج بين النشاط الوطني والسياسي والعمل الجمعوي خلال مسيرة الجهاد الأكبر بعد الاستقلال، فحصل على الوسام الوطني لأطر ومسيري بناء طريق الوحدة من طرف الملك المحرر المغفور له محمد الخامس، وساهم في بناء »الاتحاد الوطني للقوات الشعبية«، حيث انتخب عضوا ضمن الكتابة المحلية لفرع المدينة القديمة، وعضوا في اللجنة المركزية بالدار البيضاء .انتخب نائبا برلمانيا بالدائرة الثانية لعمالة الدار البيضاء في أول برلمان يشهد النور على يد المغفور له الحسن الثاني. أنعم عليه جلالة الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط، كما حصل على الدرع الوطني من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وحظي بتكريم من طرف مؤسسة الزرقطوني للثقافة والأبحاث.

 

لقد بات من الضروري دعم هذه اللجان التي تقف في خندق المواجهة وتطعيمها بمجموعة من الشباب. طلبة التعليم الثانوي بالذات. لما لهم من وعي ثقافي وارتباط أقرب من حبل الوريد بالنسبة إلى الحركة الوطنية عن طريق التعليم. وغيرهم ممن يجيدون القراءة والكتابة ولهم رغبة واقتناع كبيران في الانضمام إلى المعسكر الوطني. للمساهمة في تفعيل عمليات الكتابة على الجدران. التي كان لها تأثير قوي في المخططات العدوانية. والتصدي لها عن طريق التشهير بأبعادها. كما كانت تقلق راحة السلطات الإقليمية.
وتتحداها بشكل سافر، وتحبط أعمالها وتشوه أحلامها وتجعلها صغيرة في أعين المواطنين الذين مازالوا يقفون على عتبة الحيرة والتردد، وتزيل الغشاوة عن أبصارهم ليتحرروا من كابوس الخوف وتبعث الحماس في قلوبهم. لقد كانت بفضل الله خطوة اجابية في هذا المجال، حيث استجاب لهذه الدعوة الوطنية بحماس منقطع النظير صديق العمر ورفيق النضال امحمد الظاهر المناضل الأغر أحمد الأبر يزي النتيفي نسبا البيضاوي مسقطا، وهو المقاوم الملتزم الذي سيصبح رائدا ضمن لجنة المسيرين بعد مباحثات دارت بين الفقيد المناضل امحمد الظاهر والشهيد محمد الزرقطوني رحمهما الله، الذي أعطى موافقته المطلقة على هذا الترشيح وزكاه أيضا ثم خاطب رفيقي الدراسة الأخوين الجليلين المرحومين حسن بن الغالي الأكرم ومحمد المديوني اللذين لبيا النداء دون تردد وقبلا الدعوة بترحاب كبير، ما شجع امحمد الظاهر على المضي في هذا السبيل. ثم ما لبث أن انضم إلى هذه الخلية الفتية التي كان مناضلوها يحرصون على الجمع بين الدراسة والكفاح دونما تقصير: المناضل ابراهيم الشاب الذي كان يقبل على خوض المغامرات ويعتبرها تحديا للمستعمر بمجرد ما حدثه في هذا الموضوع، وكانت لقاءاتهم المنظمة تتم في بيت المناضل أحمد الابريزي تارة وبمنزل المناضل المديوني محمد ضمآن تارة أخرى، وأحيانا كان يستضيفهم المناضل ابراهيم الشباب في بيت خالته، الذي كان بابه الرئيسي يطل على محج بوطويل ومنفذه الخلفي أو الباب السري يفضي إلى عرصة اسماعيل الشراد التي كانت أرضيتها تمتد إلى ما قبل الباب الخلفي لسوق “باب مراكش” التي بنيت على أرضيتها حاليا مدرسة عبد الواحد المراكشي الابتدائية وفضاء الشهيد عبد الرحمن بلمخنت ومخفر الأمن الوطني. ووضعية هذا البيت على نحو ما ذكر مهمة بالنسبة إلينا خصوصا في الاوقات الحرجة. وقد أخذت هذه الخلفية على عاتقها تغطية كل المناطق الموجودة خارج السور والتي تقع تحت نفوذها سياسيا. إذ كان التنظيم العام يفرض على كل خلية أن تنجز أعمالها داخل اطار الحدود التي تخضع لها وتنتسب إليها لتنفيذ العمليات المطلوبة في جو سليم ومنضبط دون تشويش وتشويه وتضارب. وبفضل الله، أفرز هذا التخطيط المتقن، والتنظيم المحكم، معطيات إيجابية كان لها تأثير فعال في إنشاء خلايا المقاومة المسلحة وتكوينها.


الكاتب : إعداد: محمد تامر

  

بتاريخ : 31/07/2017