مقتطفات من تاريخ الحركة الوطنية يرويها المقاوم امحمد الظاهر -22- أحداث 8 دجنبر 1952

قبل رحيله إلى دار البقاء ألف حول الحركة الوطنية بالمدينة القديمة، تحت عنوان ثنايا الذاكرة، إنه المناضل الكبير الغيور على وطنه المرحوم ذ. امحمد الظاهر، فمن هي هذه الشخصية البارزة، التي قاومت الاستعمار الفرنسي مع زمرة من المقاومين الذين نقشوا
تاريخ الحركة الوطنية بمداد من الفخر والعز والكرامة؟
ولد سنة 1931 بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، وفي أول خطوة له، نحو التمدرس التحق بالكتاب القرآني، فحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، بعدها التحق بالمدرسة العبدلاوية، حيث نال الشهادة الابتدائية، تم تابع دراسته بجامعة القرويين بمدينة فاس، وبها أدى القسم على يد الشهيد عبد العزيز بن ادريس العمراني الحسني رحمه الله ،بعدها انتقل إلى مؤسسة عبد الكريم لحلو بالدار البيضاء، إلا أن القرار الجائر الذي أصدره المقيم العام الجنرال جوان حال دون حصوله على شهادة البكالوريا، فالتحق بالتعليم الرسمي كمدرس للغة العربية بالدار البيضاء لحزب الاستقلال، ومنها مباشرة إلى صفوف المقاومة المسلحة المغربية .اعتقل يوم 16 يونيو 1963 بمقر الكتابة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية بالدار البيضاء، مزج بين النشاط الوطني والسياسي والعمل الجمعوي خلال مسيرة الجهاد الأكبر بعد الاستقلال، فحصل على الوسام الوطني لأطر ومسيري بناء طريق الوحدة من طرف الملك المحرر المغفور له محمد الخامس، وساهم في بناء »الاتحاد الوطني للقوات الشعبية«، حيث انتخب عضوا ضمن الكتابة المحلية لفرع المدينة القديمة، وعضوا في اللجنة المركزية بالدار البيضاء .انتخب نائبا برلمانيا بالدائرة الثانية لعمالة الدار البيضاء في أول برلمان يشهد النور على يد المغفور له الحسن الثاني. أنعم عليه جلالة الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط، كما حصل على الدرع الوطني من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وحظي بتكريم من طرف مؤسسة الزرقطوني للثقافة والأبحاث.

 

ومع إشراقه شهر غشت 1953 اتضح لكل لبيب حكيم أن الأمر فصل وما هو بالهزل خصوصا بعد تحركات القياد والباشوات بزعامة باشا مراكش التهامي الكلاوي، وصنوه في الخيانة العميل عبد الحي الكتاني زعيمي المؤامرة الدنيئة ومنادتهما علانية بمبايعة السلطان المزعوم محمد بن عرفة «إماما» ومحاولة تنصيبه في البداية بمسجد بريمة بمراكش، أثناء صلاة الجمعة يوم 14 غشت وتم إجهاضها من لندن عناصر المقاومة الذين حجوا إلى مراكش قبل الموعد لأخذ مواقعهم ودراسة المسالك المؤدية إلى المسجد بتأطير الشهيد محمد الزرقطوني ورفاقه في الكفاح، الذين خططوا لهذه العملية بإتقان، مستعينين بمستقبليهم مناضلي مدينة مراكش الذين كانوا هم الآخرون في حالة استنفار وعلى أتم الاستعداد، وقد تم التحضير لها بالنسبة إلى متطوعي المدينة القديمة خلال اجتماع عقد بمنزل المقاوم بوشعيب بنور، قبل السفر بيوم و احد ترأسه الشهيد محمد الزرقطوني، رغم السرية التي نهجها منذ ملاحقته، إثر استقدامه لوفد أمريكا اللاتينية لمكان الحفل، الذي جاء إلى المغرب لتقصي الحقائق،
بمناسبة الاحتفال بالعيد الفضي، تحدث فيه عن أبعاد هذه العملية الجريئة وما تحمل في طياتها من معاني الفرض والإدانة، والتي يتطلب إنجازها اليقظة والحيطة والجرأة والحذر، منبها إياهم باستعمال وسائل النقل المتعددة تجنبا لإثارة الشبهات والوقوع فيما لا تحمد عقباه، وحدد لهم المكان والزمان، وانفض الجمع بعد ترتيب جميع إجراءات السفر.. وكان بود المناضل امحمد الظاهر، المشاركة في هذه العملية، غير أن الشهيد الزرقطوني، ارتأى أمرا آخر ألزمه به دون مناقشة، وذلك أن يبقى بالمدينة القديمة بالذات ليضطلع بمهمة التحضير للمظاهرة وتفعيلها والتي تقرر القيام بها يوم الأحد 16 غشت بعد أداء صلاة العصر مباشرة وعين له المسجد العتيق المعروف بجامع «دار المخزن» بجوار مقاطعة بوسمارة التي أصبحت وكرا لعناصر الإجرام القتلة، والتمس المناضل امحمد الظاهر بإلحاح شديد قبول مبلغ 32 ألف فرنك هي عبارة عن راتب شهر معلم في طريق الترسيم كمساهمة منه في تغطية مصاريف النقل لمن لا يتوفر عليه، من المناضلين وانتهت هاته العملية الهادفة إلى إجهاض تنصيب السلطان المصطنع محمد بن عرفة، بنجاح وتوفيق، على الشكل المطلوب بتدبير محكم.


الكاتب : إعداد: محمد تامر

  

بتاريخ : 16/08/2017