فاس بين اليوم والأمس أو عندما تعيش المدينة أحلك أيامها

تعيش مدينة فاس أحلك أيامها فاينما حللت وارتحلت في شوارع المدينة الحديثة او العتيقة إلا وتصدمك أبواب المتاجر المغلقة وإعلانات بيعها اوكرائها معلقة على أبوابها المصفدة ،ويستغرب القاطن بفاس او زائرها لإعلانات صادمة هي الاخري والتي تشير إلى شقق وفيلات ومكاتب للكراء او البيع او الرهن، ولعل هذه الإعلانات الصادمة تؤكد أن الوضعية الاقتصادية بفاس ليست على خير وان هذه الإعلانات مؤشر على تدهور القيمة العقارية لآلاف الشقق الفارغة التي أقيمت في عدد من التجزئات بفاس لاتجد من يقتنيها وهو ما يؤكد أن القوة الشرائية لساكنة فاس بلغت درجة الصفر رغم التسهيلات والتشجيعات والهدايا التي تضعها الشركات العملاقة لبيع عقاراتها فان دار لقمان تظل على حالها ويظل الكساد هو المهيمن على كل المجالات الاقتصادية.
ملايير الدراهم مجمدة في تجزئة ملعب الخيل الرائعة والتي تمتاز ببحيرة وممرات للرياضة وحدائق غناء لكن الشقق أصبحت أوكارا للطيور المهاجرة نفس الوضعية بتجزئة البساتين القريبة من ملعب الكولف بشارع العلويين والمحاذية لوادي الجواهر لاتحد من يقتنيها وهلم جرا شمال وجنوب وشرق فاس.
ومن المعلوم أن عددا هاما من المآثر والفنادق والمدارس بالمدينة العتيقة قد تم ترميمها كما أن فيسارية الكفاح وسوق المجادليين أدخلت عليهما إصلاحات هامة وأصبحا جوهرتين بين أسواق فاس لكن رغم هذه الإصلاحات الهامة و المجهودات الجبارة التي بذلتها وكالة التنمية وإعادة الاعتبار لفاس و التي كانت بتعليمات ملكية فان عددا هاما من الدكاكين مغلقة نظرا للكساد الذي يهيمن على فاس .
والغريب أن كل شوارع وأزقة فاس أصبحت تحت سيطرة ما يسمى الباعة المتجولون ،لقد تبدونت فاس واختلط الراجلون بأصحاب السيارات فالكل يتقاسم الطريق المخصص لمرور السيارات لان الارضفة محتلة ولم يعد القواد يستطيعون كبح جحافل الوافدين على فاس ولم يعد الباعة يخشون السلطات المحلية ومنهم من يشهر السيوف لردع رجال السلطة عن القيام بواجبهم ،ولعل ظاهرة أصحاب الكراريس والبيع بالتجول ترجع بالأساس إلى عوامل اقتصادية بالأساس فهناك الشباب العاطل والحامل للشهادات العليا وهناك المهاجرون من القري القريبة من فاس كل هؤلاء في حاجة ماسة إلى الأكل والشرب والاستشفاء وغير ذلك لان السياسات التي نهجتها الحكومات السابقة أدت إلى هاته الوضعية الكارثية التي تعرفها فاس وجل المدن المغربية
ومع الأسف الشديد فقد كان شارع محمد الخامس والحسن الثاني وشارع الشفشاوني عبارة عن أماكن يطيب التجول بها ويحلو الجلوس في مقاهيها رفقة الأصدقاء لتبادل الأحاديث والاستمتاع بجمال الغيد الفاسيات اللائي يجعلن من هاته الشوارع أماكن للفسحة حيث كان الشباب والشابات بفاس يظلون في صعود ونزول إلى وقت متأخر من الليل ولعل هذه العادة لازالت تمارس في بعض مدننا بالشمال وهي عادة اسبانية ،وبالإضافة إلى التجوال في الشوارع كانت المقاهي والمتاجر تظل مشرعة هي الأخرى وكان الصناع التقليديون يلبسوون الملابس المغربية التقليدية ويضعون على رؤوسهم الطرابش الحمراء وينتعلون البلغ الصفراء خاصة ايام الجمع حيث يقضون الاماسي في مقاهي المدينة الجديدة يرتشفون كؤوس الشاي والقهوة والمشروبات المتنوعة وفي الساعة الواحدة صباحا يؤوبون الى منازلهم بالمدينة العتيقة لايعترض طريقهم لصوص ولا قطاع طريق .
اما اليوم فان الوضعية انقلبت رأسا على عقب وأصبحت فاس سوقا فوضوية كبري ولم يعد باستطاعة السكان البقاء إلى وقت متأخر لان اللصوص أصبحوا سادة الشوارع والأزقة رغم المجهودات التي يقوم بها رجال الأمن بفاس مشكورين للحفاظ على سلامة وامن المواطنين ،فأين نحن من فاس الجميلة التي تغنى بها الشعراء وكتب عنها الادباء؟ في طليعتهم الراحل عبد الكريم غلاب في رائعته المعلم اعلي والكاتب الكبير محمد برادة في روايته لعبة النسيان وأين نحن من ايام جنان السبيل والكعدة يامن بغى الزين؟ وقصيدة الدمليج للراحل الملحوني الحاج محمد بوزوبع فشتان بين فاس الأمس وفاس اليوم ولم يعد في أيدينا فعل أي شيء وكل ما يمكن أن نقول رحم الله أيام فاس الجميلة وأملنا كبير ان يعمل مسؤولو فاس ومنتخبوها على إعادة شيء من ماضيها الجميل .


الكاتب : محمد بوهلال

  

بتاريخ : 22/08/2017