محاكمة رئيس منظمة إسبانية غير حكومية بسبب اختلاس أموال موجهة لمحتجزي تندوف

فضيحة جديدة للمتاجرين بمعاناتهم

بعد الفضيحة المدوية التي سبق أن كشف عنها المكتب الأوروبي لمكافحة الغش والمتعلقة بتحويل المساعدات الأوروبية المخصصة لمحتجزي تندوف وإعادة بيعها في أسواق الجزائر، موريتانيا ومالي، تفجرت فضيحة أخرى وهذه المرة متعلقة بعالم الاجتماع، أوريول هومز الذي يرأس منظمة إسبانية غير حكومية متهم باختلاس أموال موجهة لمحتجزي مخيمات تندوف بالجزائر تقدر قيمتها بأزيد من 700 ألف أورو.
وحسب وسائل إعلامية إسبانية فإن « الوكالة الإسبانية للتعاون والتنمية» التابعة للخارجية الإسبانية تتهم عالم الاجتماع المذكور بتحويل أموال لحسابه الشخصي كانت قد قدمتها للمنظمة غير الحكومية التي يرأسها، حيث فتح تحقيق حول الموضوع في 2013 ليتقرر في الأخير أن هذه التهم تستوجب المحاكمة أمام محكمة في برشلونة، وفي حال تمت إدانته سيتم حبسه لمدة أربع سنوات.
ذات المصادر أوضحت أن المبالغ التي اختلسها هومز، كانت مخصصة لتمويل مشروعين بمخيمات تندوف، المشروع الأول بقيمة 423.120 أورو للتكوين المهني، والثاني بقيمة 281400 أورو كان مخصصا لتمويل مشروع حول سياسة التشغيل، وعوض أن تجد هذه الأموال المتحصلة من دافع الضرائب الإسباني طريقها إلى محتجزي المخيمات، تحولت إلى حساب رئيس المنظمة الذي اغتنى على حساب الصحراويين المحتجزين فوق التراب الجزائري.
وفي مواجهة هذه التهم ادعى هومز أن منظمته واجهت عقبات لتمويل المشروعين وأن المبالغ التي كانت مخصصة لهما استعملت لأداء مستحقات الموظفين والرواتب ورسوم الضمان الاجتماعي، غير أن هذه المبررات لم تصمد أمام الحقائق التي كشفها التحقيق، حيث إن الوثائق التي في حوزة العدالة تؤكد بأنه في يناير 2012 وفي ظرف أسبوعين تم تحويل هذه المبالغ من الحساب الذي كانت فيه إلى حسابات أخرى تملكها نفس المنظمة غير الحكومية التي يرأسها هومز، ثم إلى أخرى مسجلة في نفس المقر الاجتماعي للمنظمة ليتم تحويلها عن الوجهة التي كانت مخصصة لها في البداية.
وتؤكد هذه المعطيات النزوع المتواصل سواء لقيادة البوليساريو أو لبعض الجمعيات والمنظمات غير الحكومية للاغتناء على حساب مآسي محتجزي المخيمات.
ففي 2013 طفت على السطح فضيحة تتعلق بتحويل المساعدات الأوروبية المخصصة للمحتجزين من طرف قيادات البوليساريو ومسؤولين جزائريين كشف عنها تقرير للمكتب الأوروبي لمكافحة الغش الذي أدان رسميا الاختلاس المنظم بالجزائر، منذ سنوات، للمساعدات الإنسانية الموجهة للصحراويين بمخيمات تندوف. وأكد أن جزءا كبيرا من هذه المساعدات يتم تحويلها لتباع في أسواق الجزائر موريتانيا ومالي.
وبدأت هذه القضية سنة 2003 عندما اكتشف مسؤول بالاتحاد الأوروبي صدفة في أحد أسواق مالي، حيث كان يقضي عطلته، أكياسا تباع للعامة تحمل علامة الوكالة الأوروبية للمساعدات الإنسانية ويضم كل واحد منها 25 كيلو غراما من الحليب المجفف.
ويقول التقرير إن الذي سهل عمليات الاختلاس هذه تقديم الاتحاد الأوروبي لمساعدات غذائية لفائدة 155 ألف لاجئ على مدى سنوات، وهو رقم قدمته الجزائر ولا يستند إلى أي إحصاء، حيث لم تسمح الجزائر لحد الآن للمفوضية السامية للاجئين بإحصاء ساكنة المخيمات.
وأوضح مكتب مكافحة الغش، في تقريره، أنه «من بين الأسباب التي جعلت هذه الاختلاسات ممكنة هي المبالغة في أعداد اللاجئين وبالتالي في المساعدات المقدمة»، مشيرا إلى أنه «لا الجزائر ولا جبهة البوليساريو وافقا على إجراء إحصاء لعدد سكان المخيمات.»
ومع بدء التحقيق كلف الاتحاد الأوروبي مركزا للأبحاث للتأكد عن طريق الأقمار الصناعية من العدد الحقيقي للمحتجزين الذي حدد إبانها ب 91 ألف شخص، وهو ما يعني أن الاتحاد الأوروبي ظل يقدم مساعدات ل64 ألف شخص غير موجودين على أرض الواقع.
ومن بين أساليب الغش التي كشفها التقرير إقدام المسؤولين الجزائريين وقيادة البوليساريو على إفراغ أكياس المواد الغذائية القادمة من أوروبا وتعويضها بمواد غذائية جزائرية أقل جودة.
وكشف التقرير أيضا إجبار البوليساريو أسرى الحرب المغاربة على العمل في بناء مستشفى ومدارس بتمويل من الاتحاد الأوروبي الذي كان يوفر أيضا أجرة العاملين في البناء، غير أن قيادة البوليساريو كانت تشغل الأسرى المغاربة بدون تعويض وتحتفظ لنفسها بالمبالغ المتبقية.
وكشف هذا التقرير لمن كانت لا تزال دعاية الانفصاليين تنطلي عليهم عن حجم الفساد المستشري بين قيادات الانفصاليين وعرابيهم الجزائريين، وذلك على حساب المحتجزين الذين يعانون منذ سنوات شظف العيش والحاجة، في حين يعيش المتاجرون بمآسيهم في أفضل الظروف.


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 19/09/2017