الاقتصاد الجزائري ضمن الخطوط الحمراء والدينار فقد ثلث قيمته في خمس سنوات فقط

 

شرعت عدد من الأصوات الجزائرية في دق ناقوس الخطر للتنبيه إلى خطورة الحالة الاقتصادية التي تواجهها الجارة الجزائر، حيث جاء في مقال نشره موقع جريدة الخبر المقرب من دوائر القرار في العاصمة الجزائر أن الحكومة «تواجه تحديات عديدة على مستوى الوضع الاقتصادي، من بينها التطور المتسارع لسعر صرف الدينار أمام الدولار، والذي فقد في التعاملات الرسمية ما بين 2012 و2017 أكثر من 33 في المئة من قيمته، حيث انتقل من 74 دينارا للدولار الواحد إلى 111 دينارا للورقة الخضراء». وبالإضافة إلى سعر الدينار لفت المقال إلى أن البلاد «تعيش أزمة اقتصادية خانقة، بالإضافة إلى تراجع سعر البترول الذي يقدّر متوسطه السنوي ب 51 دولارا للبرميل».
وسجل الدينار الجزائري خلال السنوات الخمس الماضية، تراجعا ملموسا، وهو ما أضعف قيمته الاسمية، كما ساهم في تآكل قدرته الشرائية، وهو ما يتضح من خلال دراسة مسار تطور العملة الوطنية من 2012 إلى 2017، حيث كان سعر صرف الدينار الجزائري يقدّر بـ 74 دينارا للدولار، ثم تطور تدريجيا إلى أن فاق عتبة 100 دينار للدولار، فـ 110 دينارات للدولار، وفاق هذا السقف بعدها، حيث يتوقع أن يفوق قريبا عتبة 115 دينارا للدولار الواحد، لاسيما وأن التوجه الذي تتبناه الحكومة يميل إلى اتجاه تخفيض أكبر لقيمة الدينار، رغم أن هذا التوجّه لا يخدم بالضرورة لا القدرة الشرائية للمواطن ولا القيمة الاسمية للعملة الوطنية ولا الاقتصاد الوطني.
ويؤدي تآكل العملة إلى اضطرار الحكومة الاستنجاد باحتياطي الصرف من العملة الصعبة التي تملكها الجزائر لاستيراد المواد الاستهلاكية من الخارج، وهو ما سيؤدي في الأخير إلى تراجع المخزون الاحتياطي، وقد فقدت الجزائر خلال الآونة الأخيرة نصف احتياطها الذي تراجع من 193 مليار دولار إلى نحو 100 مليار دولار في أكتوبر الجاري. ولا تقتصر تداعيات تراجع قيمة صرف العملة على المواطنين والمستهلكين، بل يتعدى ذلك إلى الشركات التجارية المنتجة والمستوردة للمواد الأولية، إذ ستكون في وضع لا يحسد عليه، بسبب صعود الدولار مقابل الدينار، بينما يؤثر انخفاض الدينار مقابل الأورو على قيمة الواردات الجزائرية، بما أن الجزائر تتعامل بنسبة 55 في المئة مع الاتحاد الأوروبي وبالتالي بالأورو.
وسعت الجزائر، في وقت سابق، إلى اتخاذ تدابير تقشفية ووجهت باحتقان شعبي وصل حد تهديد مناطق بإعلان الاستقلال والانفصال، واشتدت الضربات الإرهابية والفوضى وانتشار التهريب بكل أنواعه خاصة المخدرات وصنوف الأقراص المهلوسة، والتي يوجه جزء كبير منها للمغرب عبر المعابر السرية، حيث أعلنت السلطات المغربية في كثير من المرات ضبط شحنات مصدرها الجارة الشرقية. وتبقى كل المؤشرات، حسب الجريدة الاقتصادية، في الخانة الحمراء، سواء بالنسبة لعجز الميزان التجاري أو عجز ميزان المدفوعات، لاسيما بعد اعتراف الحكومة بنضوب صندوق ضبط الإيرادات في فبراير 2017، وهو الذي كان يضمن تغطية جزء من العجز، فضلا عن التراجع الكبير لاحتياطي الصرف والإبقاء على مستوى النفقات في مجال التجهيز، رغم إلغاء عدة مشاريع هيكلية والاستعداد لمراجعة سياسة الدعم، في محاولة لتخفيض فاتورة التحويلات الاجتماعية التي بلغت نحو 26 مليار دولار كدعم مباشر وغير مباشر.


الكاتب : محمد الطالبي

  

بتاريخ : 19/09/2017