بالمباشر : موعد مع الرئيس

تعيش الملاكمة المغربية حالة غريبة فعلا على مستوى بيتها الداخلي. هذه الرياضة بكل ما حققته من إنجازات وما أنتجته من أسماء كبيرة ذاع صيتها عبر العالم، وما تقدمه باستمرار من نشاط رياضي غير منقطع وعلى طول السنة من خلال البطولات والدوريات على المستوى الوطني، والحضور العربي والقاري والدولي، تعرف منذ فترة تصدعات تهدد كيانها وتؤثر بالتالي سلبيا على مردودها ونتائج منتخباتها.

يحز في النفس حقا أن تعاين بيتا تعيش تحت سقفه أسرة واحدة متماسكة نشيطة وهو يتهاوى ويكاد ينهار كانهيار منازل وبيوت مدننا العتيقة والقديمة، دون أن تكون هناك مبادرة لترميم الشروخات المهددة للبيت بالسقوط.
من منا لا يعترف للملاكمة المغربية بما حققته لفائدة الرياضة الوطنية؟ من منا لا يقر بكونها الرياضة الوحيدة التي لم يغب ممثلوها،ومعها ألعاب القوى، عن أي دورة أولمبية منذ دورة 1960 ، سنة بعد تأسيس اللجنة الوطنية الأولمبية؟ طبعا، الملاكمة المغربية لم تغب عن أي دورة سوى دورة 1980 بعدما انضم المغرب للدول المقاطعة لدورة تلك السنة التي احتضنتها موسكو عاصمة الاتحاد السوفياتي، حين قررت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها مقاطعة الألعاب الأولمبية وذلك ردا على الحرب السوفياتية في أفغانستان. ولم تشارك 65 دولة في الأولمبياد بما فيها المغرب على الرغم من دعوتها للمشاركة.
شاركت الملاكمة المغربية إذن ومنذ 1960 في كل الألعاب الأولمبية، وظل ملاكمون ومدربونا ومسيرو الجامعة منذ ذلك العهد، يثابرون ويجتهدون حتى سنة 1988 بمناسبة أولمبياد سيول حيث أحرز عبدالحق عشيق الميدالية النحاسية، كأول ميدالية في السجل الأولمبي للملاكمة المغربية.أربع سنوات بعد ذلك، يعود محمد عشيق،شقيق عبدالحق عشيق، لانتزاع ميدالية من نفس المعدن في الألعاب الأولمبية التي أقيمت في إسبانيا وتحديدا في برشلونة.
وتمر ثماني سنوات، وفي أولمبياد سيدني بأستراليا، يحرز الطاهر التمسماني ميدالية نحاسية هي الثالثة في سجل الملاكمة المغربية. في تلك الدورة التي جرت سنة 2000، توقف السجل الأولمبي الخاص بالملاكمة المغربية عن تدوين سطور جديدة في صفحاته. لم يعتبر ذلك فشلا لهذه الرياضة،فقد واصلت حضورها على المستوى الأولمبي بدون انقطاع إلى آخر دورة وهي التي أقيمت في ري ودي جانبرو سنة 2016. كما واصل ملاكمونا التألق وإحراز الألقاب حتى في أعلى مستويات المنافسات العالمية كبطولة العالم حيث أصبح محمد الربيعي بطلا للعالم سنة 2015، كما انتزع ملاكمون مغاربة آخرون ألقاب بقيمة عالية في مختلف البطولات القارية والعربية وفي الملاكمة الاحترافية كذلك.
الملاكمة.. ربما هي من الرياضات القليلة التي يواصل المنتسبون لها الحضور فيها ، من الممارسة كملاكم، إلى التدريب أو التسيير أو الإشراف على قاعة خاصة بها، كعنوان على علاقة وجدانية وعشق أبدي.
رياضة بهذا التاريخ الجميل، بناسها وأهلها، ونبلاءها، والمرتبطين بها الذين يناضلون ويتحدون كل الظروف وكل الصعاب حتى تظل قائمة معطاة وولادة، كيف لبيتها أن يتهادى وتتشتت أركانه؟
هي أسئلة حارقة، الأجوبة عليها اختزلها صديق متيم برياضة الفن النبيل حين قال: كل الحلول ممكنة، بشرط أن يوافق الرئيس على تحديد موعد مع «أهل بيت الملاكمة»
صحيح، متى كانت آخر مرة عقدت فيها أسرة الملاكمة جمعها العام؟» بيني وبينك وهذا سر لا للجهر به» كانت آخر مرة سنة 2012
خمس سنين، خمسة مواسم رياضية،فترة شاركت خلالها الملاكمة المغربية في الألعاب الأولمبية، في بطولات إفريقية وعربية.. فترة، برز خلالها أبطال، ورحل أبطال، ولدت أسماء وانتقلت أسماء إلى دار البقاء، وحدثت حكايات ووقعت وقائع، وأسرة الملاكمة لم تلتئم ولم يجتمع أفرادها.
ماذا في الجمع العام ما يخيف؟ هل هي التقارير المالية والأدبية؟ إن كان الأمر هكذا، فكيف لا يخيف الأمر والجامعة ترفع تلك التقارير نهاية كل موسم إلى مصالح الوزارة واللجنة الأولمبية حتى تضمن الاستفادة من المنحة السنوية؟
لماذا كل هذا الرعب من عقد جمع عام، من المفروض أن يكون مناسبة يلتقي فيها أهل البيت والأسرة، يتصافحون،يتحاسبون، يتعاتبون، لكنهم يظلون أسرة واحدة في بيت واحد؟
أعتقد أن ما قاله صديقي المتيم برياضة الفن النبيل كلام صحيح.. أسرة الملاكمة تنتظر موعدا مع الرئيس..
لا شيء مستحيل.. وفي الملاكمة،كل الحلول ممكنة.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 20/09/2017