خواطر المجنون (3)

28
***
لأمر ما،
في نفسي، بين الحقيقة والمجازْ
أظل يقظانَ
بينما تحلمينَ بقصر على البحرِ
وتتأملينَ الطبيعةَ في روحي.
لأمر ما،
قد نُطلق نارا على الحبّ،
فلا يموتُ.
نعيشُ بندبةٍ في القلبِ مثل عاهة مستديمة.

29
***
في العادةِ،
عندما تهبُّ الريحُ
أشمّ عطرك الذي أُنْسِيتُهُ،
وتلك الابتسامةُ أتذكرها،
والسماء التي كانت تطلُّ من عينيكِ
لاتزالُ تطلّ من قلبي.
30
***
في الغياب
أتعلم السعي بين الألم وأزهاره
بين فرح كان محتملا وحلم في اليقظة.
في الغياب
كل شيء يبدو مكثفا
كل شيء يبدو ثقيلا.
ثقيلا مثل انتظار المطر.
31
***
وغدٌ كما يليقُ بعاشق.
هشٌّ لأنه يكتبُ الشعرَ.
رماديّ مثلَ وجه الشتاء
وواضحٌ.
واضح فقط لأنهُ من هناكَ.
من كل الأمكنةِ حيث المطرُ
ينزل من عينيك.
32
***
الليلُ مكانٌ أيضا.
فيه تحتفي النجوم بالملائكة
وينصبُ الحبُّ فيهِ فخاخه للجسدْ.
قد لا يكون الأمرُ مثاليّا
لكنّ الليلَ مكانٌ لعزلةِ الروحِ
تفدُ الأشباح إليهِ للتنزه
أو فقط لإعادة حلم قديم إلى مكانه!

33
***
لا أنام
إلا لأنتظر حلما.
ويحدث أن أستيقظ فيهرب الحلم
ولا أجد يدي معي،
ولا أجد لي شكلا،
وروحي
لا أجد.
ويحدث أن أنظر إلى السماء:
القمر مربع
والنجوم ذاهبة في غيها إلى هاوية
والحلم بأجنحة بيضاء مثل ملاك
روحي تتبعه
ويدي
كل ما يعنيها
أن تجد إطارا عندما تكتمل الصورة
وتسجن العالم على جدار.
34
***
«هو»
كان يكتب لزوجة قلبه شعرا
وأنا أراقبه
أقتفي خطاه على ضفة النهر
كانت بلا أثر.
«هو»
لم يكن يكتب شعرا،
كان يمشي
على الماء.
35
***
أريد أن أزرع أرنبين
في حديقة البيت.
الحياة باختصار
لقاء اثنين لا حرب بينهما.
اثنين على الوردة الوحيدة للحلم
وعلى طاولة بكرسيين فقط على حافة العالم.
هناك
لا في الجنة
ولا في النار.
36
***
في صباح الأحد
قد يحدث ما نتوقعه
أن أشرب شايا وقهوة
أن أرسل قلبي إلى الغابة كي يطارد الحنين
أن أترك يدي في البيت لتنسق الحديقة
أن أبحث في الهاتف عن أخبار مبهجة
وعن أحلام تحققت
أن أنشغل عن العالم بعد ذلك
لا لأفكر في الموت كما تريد الخرافة
لا لأهرب من بقية يوم الأحد وهي تزحف نحو المساء.
في صباح الأحد
قد لا يحدث شيء.
أرى بوضوح ما هناك وما وراءه
كل شيء على حاله
قلبي الذي في الغابة
يدي التي في البيت
وأحلامي التي تنمو مثل لبلاب
على حائط الحياة
أحلامي التي لم تيأس بعد.
37
***
يوما ما،
سينتهي كل هذا.
سنسقط واحدا واحدا
ونمضي معاً.
لا أحدا يعرف أحداً
ولا أحد يكترثُ.
يوما ما
سنحملُ معاولنا معنا ونحفرُ
لندفنَ الحياة في مكانٍ ما
بعيدا عن ضوء النهار وعن شبقنا في الليلِ.
يوما ما
سنتذكرُ خوفنا الهيكليَّ من الضحك،
ومن الغولِ
والجحيم
والفقيه
والشيطانِ
ومن الحبِّ.
سنتذكر ونندمُ.
يوما ما
سينتهي كلّ هذا.
ولا أحدَ سيكترثْ.


الكاتب : جمال الموساوي

  

بتاريخ : 29/09/2017