سوق الاستثمار العاطفي غير موجه …في العالم الأزرق

التقييم بالإعجاب أو الاستهجان إلى غير ذلك من التوصيفات من المفارقات المذهلة على صفحات التدوين الاجتماعي للمبحرين المغاربة.. تحويمة خفيفة ورصد تفاعلي لبعض الردود والمروريات الفايسبوكية تقدم صورة واضحة المعالم عن ذكاء الناس وطبيعة تقييمهم وتفاعلهم مع الحياة على هذا الكوكب النيلي العجيب. إذ في الوقت التي تحظى فيه تدوينة باللغة الدارجة بأكثر من 300 معجب بعد 4 ساعات من تنزيلها لشخص مغمور أو له تجربة حديثة لم تصل بعد عتبات النجاح، تجد تدوينة لأحد أعمق الكتاب وأكثرهم تأثيرا في الثقافة المغربية والعالمية لا تتعدى 15 نقرة إعجاب .. بعد 24 ساعة من طرحها. هذا التفاوت المربك يعني شيئا واحدا هو المحاكاة والعشوائية التي تطبع ذهنية المبحر، حيث لا تحكم في الأهواء والرغبات والأمزجة. ليتضح في نهاية المطاف أن ثمة خطأ في استثمار العواطف. وهذا الخطأ ليس له قاعدة يرتكز الباحث عليها لاستنتاج خلاصات منطقية، رغم إدراكه لأهمية التقاسم وعلمه المسبق أن صداقات الكاتب العميق محدودة، فهي لا تتعدى بضع مآت .. حيث تقتصرعلى النخبة المثقفة بالأساس إضافة الي المهتمين وبعض المعجبين بالقراءات العابرة .
ويتفاقم هذا الشعور وتتعاظم الفجيعة عندما تدرك أن التدوينة الفائزة بمآت الجمجمات مجرد عبارات متداولة شعبوية في مضمونها مستهلكة من قبل الشارع والإعلام المريض ..أسطوانة قديمة الإخراج وغارقة في الشعبوية لا ذكاء ولا تنمية ذهنية ولا ارتقاء فكر…
ويمكن في السياق ذاته ملاحظة آراء متباينة وناشزة أحيانا تجاه تدوينة ما، الأمر الذي يعجل بطرح السؤال التالي: هل تؤثر فينا مواقع التواصل الاجتماعي إلى درجة التفاعل الناضج أي الارتقاء بذوقنا وفكرنا من خلال الالتقاء مع الآراء الناضجة والأفكار الخلاقة؟ أم تكرس التسطيح الفكري وتعزز النمط الشعبوي في التفكير والممارسة والخطاب الافتراضي؟
اليوم، لا أحد يتجاهل قوة وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي في حياة ساكنة الأرض من المحيط إلى المحيط وتفاعلها سلبا أو إيجابا مع أحداث العالم وهزاته وانتكاساته ومظاهر البشاعة فيه. لكن هل هذا التأثير يمس عمق الشخصية فينا أم يظل طافيا غير مؤثر؟
هل تمتد جسور التواصل بين الأشخاص الافتراضيين لتشمل ما هو ميداني، أي الوسط المهني الذي يضمهم بهدف التفكيك في أفق إعادة البناء والتطوير؟ أم يقتصر فقط على تلك الانطباعات العابرة كلما تعلق الأمر بصدفة على الطريق الافتراضي العام؟
لو دققنا النظر فيما تتيحه شبكات التواصل الاجتماعي من قنوات للتفاعل.. لأدركنا حجم الاستثمار الإيجابي لها في حالة الإبحار المفيد والناجع. فلا شك أن التوظيف الجيد لقنوات التواصل الاجتماعي يعود بالفائدة على الذات وعلى الوسط المهني تعزيزا وتماسكا وترسيخا للتنمية الذاتية والبشرية الحقيقية.
وفي هذه النقطة بالذات يقدم الخبراء في المجال التواصلي نصائح هامة للمبحرين بهدف تحقيق المنفعة الذاتية والاستفادة من الإبحارعبر الشبكات بهدف تعزيز الرصيد المعرفي والمهني. فمثلا على مستوى الإنجاز الذاتي يرى الخبراء أن مواقع التواصل الاجتماعي من أفضل الوسائل لنشر وتعميم الإنجازات الذاتية الناجحة لتهم أكبر شريحة بشرية ممكنة وفي زمن قياسي..
الفوز بجائزة ما أو الحصول على ترقية مهنية خارج الإعلان عنها في مواقع التواصل الاجتماعي تظل بلا نكهة دون أن نناقش أسلوب أو كيفية الإعلان، فتسويقها متاح وبنجاح اعتمادا على الفيديو القصير المركز والصور والروابط والمقالات وأحيانا البث المباشر..
الحديث عن كيفية تطوير المهنة والتفاعل بشأنها مع زملاء العالم الافتراضي خارج الحدود الترابية للبلد من انتظارات التواصل الاجتماعي عبر الشبكة وهو حتما ما يمكن من تطوير المحتوى في المجال المهني..
إن مشاركة الآخر والانفتاح على آرائه وارتساماته بهذا الخصوص، تصديرا واستقبالا، من صميم ايجابيات العمل الافتراضي. ورغم أن نشر محتوى بعض التدوينات لا يحظى بالتفاعل اللازم فهذا لا يعني التقليل من أهميته.
ولعل المشكلة الكبرى في تقديري تظل في انخراط رجال الصحافة والإعلام في تعزيز محتوى المنشور والتفاعل معه .. إن انخراط بعض المحسوبين على رجال الصحافة يقتصر على النشر فقط وتقديم بعض الملاحظات بين الفينة والأخرى، وقليلا بل نادرا ما يتفاعلون مع منشورات لزملاء لهم هم في الحقيقة من الأوفياء لهم. إن نشر محتوى أعلامي يحتاج إلى تطوير والى قراءات وتعليقات وانتقاداتن سيما حين يتعلق الأمر بمجالات حيوية لها علاقة بالتنمية الذاتية والمجتمعية في مجالات محددة .
متابعة الإعلاميين ورجال الصحافة للمنتوج الافتراضي للمدون الصديق والتفاعل معه بإيجابية سيساعد هذا الأخير على تعزيز الحياة المهنية وتحقيق المزيد من الانتشار، كما أن هذه العملية قد تساعدك في تصحيح معلومات مغلوطة أو تضيف معلومات قيمة ما يساعد على الإناء والتطوير .


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 09/10/2017

أخبار مرتبطة

لا شك أن الفنانة كرسيت الشريفة، سوف تبقى شخصية غنية خصبة متعددة الجوانب، لأنها لم تكن فنانة اعتيادية أو مؤدية

  على بعد أيام من تخليد العيد الأممي للطبقة العاملة، تعود الشغيلة الصحية للاحتجاج، تعبيرا منها عن رفضها للإقصاء الذي

  تشكل القراءة التاريخية لتجارب بعض الأعلام المؤسسة للفعل السياسي و الدبلوماسي في المغرب المستقل، لحظة فكرية يتم من خلالها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *