بعد نشره اسماء الأساتذة /ت المتغيبين و أسماء المؤسسات المتورطة في نقط المراقبة: هل قرارات حصاد تلامس فعلا الحقيقة؟

منذ تعيين محمد حصاد على رأس وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بحكومة سعد الدين العثماني, اظهر هذا الاخير أن تعيينه لم يكن عبثا ,بل جاء ليضع منظومة تعليمنا على سكتها الحقيقية علما منه ان قطاع التربية الوطنية يشكو من اختلالات واسعة وكثيرة. ويظهر ذلك جليا منذ الوهلة الاولى من خلال القرارات التي اتخذها لدخول موسم دراسي متميز ,اعتمادا على الاستعداد الجيد الخاص بالبنيات التحتية حتى تكون المؤسسات العمومية جاهزة لاستقبال التلاميذ في ظروف جيدة , وانتقل الى العتاد المدرسي ووعد بتوفيره كليا وفي شكل جديد ثم حط الرحال بحالة التلميذ والمدرس والاداري, حيث حث الجميع على احترام (الوزرة) للتلاميذ والتلميذات الاطر التربوية .وجودة الهندام للاطر الادارية.
شريحة مهمة من الاسر المغربية التي تعتمد في دراسة ابنائها على المدرسة العمومية استحسنت كل هذه القرارات واشادت بها ,خاصة جمعيات الامهات والاباء و الاولياء ومنظماتها, وخرجت بكل مكوناتها للمشاركة في هذه العملية لتحسين ظروف الدخول المدرسي ,هذا في الوقت الذي تصاعدت احتجاجات من هنا وهناك مثيرة ضجة كبرى حول الوزرة والهندام للأطر التربوية والادارية ,فيما اعتبرت فئة من هذه الشريحة أن ذلك يعتبر مسا بالاستاذ , بل ذهبت اقوال عبر صفحات التواصل الاجتماعي الى اكثر من ذلك بطرق كلها سخرية مطالبين من الوزير التفرغ لما هو اهم وهو تحسين اوضاع نساء ورجال التعليم والاستجابة الفورية الى المحتجين عن الحركة الانتقالية, الشئ الذي جعل البعض منهم ينظم وقفات احتجاجية بل اعتصامات بمقر المديريات الاقليمية ومنهم من اعترض سبيل الوزير نفسه, خلال زياراته التفقدية لبعض المؤسسات عبر ربوع المملكة والمطالبة برحيله,وهو سلوك ندد به العديد من نساء ورجال التعليم ,باعتباره لا يعبر عن رأي جلهم ,فمهم من وصفه بسلوك خارج عن مجال التربية والتعليم ,والحوار المفتوح والصريح هو الحل للعديد من المشاكل التي ما زال تعليمنا يتخبط داخلها.
لكن سكة حصاد تواصل سيرها رغم كل هذه الانتقادات, هناك سيل من القرارات والتصريحات منها من اخذ طريقه للتنفيذ, مثل ما هو متعلق بعدد التلاميذ. 30 تلميذا في المستوى الاول من التعليم الابتدائي و لا يتعدى العدد 40 في باقي الاقسام ,واذا كان عدد تلاميذ المستوى الاول من التعليم الابتدائي من الممكن تطبيقه في جل المدارس الابتدائية ,فإن باقي الاقسام من الصعب الوقوف عند عدد40, مما جعل العديد من الاكاديميات الجهوية والمديريات الاقليمية تفرض حق التصرف وتعلن عن امكانية تجاوز هذا الرقم الى حدود عدد 44 نزولا عند الاكراهات التي تفرض نفسها وتجنبا لعدة مواجهات مع الامهات والاباء والاولياء, خصوصا في بعض اقسام شعب معينة كعلوم الاقتصاد والرياضيات «ا-وب-» التي لا توجد في كل المؤسسات واحيانا تجد مؤسسة واحدة او اثنين في المديرية الاقليمية كلها حين تخرج نتائج اعادة التوجيه او عن طريق عملية الادماج من التعليم الخصوصي الى التعليم العمومي, وهي مشاكل ما زالت قائمة بالعديد من المديريات الاقليمية عبر التراب الوطني ومن القرارات التي انتظرها العديد من المتتبعين للشأن التعليمي هي تلك التي تخص متع الاساتذة من الانضمام والانخراط في مكاتب جمعيات امهات واباء وأولياء التلاميذ, فلحد الساعة لم تخرج في حقها أي مذكرة ملزمة هذه المسألة هي الاخرى لها مؤيدون ولها معارضون بمراكز القرار بمكاتب هذه الجمعيات لمصالح شخصية او ضد الادارة او للدفاع عن الادارة ,وبمنعهم قد تجد هذه المكاتب حريات التصرف والتطرق لعدة مواضيع كانت تجد حاجزا وسدا منيعا في شخص الاساتذة اعضاء هذه المكاتب, وعلى العكس من ذلك هناك فئة تدافع عن تواجد عناصر تنتمي الى اسرة التعليم بمكاتب جمعيات الامهات والاباء, على اعتبار ان لهم دراية شاملة بمشاكل المؤسسة التعليمية ,وما يمكن لجمعية الامهات والاباء ان تقوم به إزاء ذلك. وبين هذه الاراء وتلك يقف قرار وزير التربية الوطنية والكل ما زال يترقب بشوق الخطوة التي سيخطوها في هذا المجال, علما ان العديد من مكاتب هذه الجمعيات قد انتهت صلاحيتها ومنها من على ابواب انتهاء هذه الصلاحية ,وهم جميعا ينتظرون ما تحمله الايام القادمة للسير على نهجه .
إلا أن القرارين الاخيرين المتعلقين بالكشف عن اسماء المؤسسات التعليمية الخصوصية التي تأكد للوزارة انها نفخت في نقط المراقبة المستمرة, والتي حصرت عددها في الرقم 32 مؤسسة خصوصية وعدد المتغيبين من الاساتذة منذ الدخول المدرسي الحالي ونشر اسمائهم, بات من ابرز القرارات التي اججت الاوضاع وفتحت باب التأويلات والاراء ووجهات النظر المتفاوتة والمختلفة, والحقيقة ان القرار المتعلق بالمؤسسات الخصوصية التي تعمد الى نفخ نقط المراقبة المستمرة يصح ان نقول فيه «تمخض الجبل فولد فأرا» لأن الواقع المعيش في هذا المجال اكبر بكثير من العدد الذي اطلقته وزارة حصاد وحتى الاسماء الخاصة بالمؤسسات الخاصة التي افرجت عنها نفس الوزارة تدعو للاستغراب وطرح علامات استفهام عديدة ومتنوعة ,خاصة بمدن معينة رغم العديد من الشكايات الموضوعة لدى المصالح المختصة بالعديد من المديريات والاكاديميات من طرف تلاميذ او اباء اومسؤولين بالقطاع نفسه, لتطل علينا قبل اسبوع لائحة غريبة وعددها اغرب وكان 32 مؤسسة خصوصية هي التي اخرجت قطار منظومتنا التعليمية التربوية عن سكته الحقيقية ,وتسببت في اختلالات التوازن بين التعليم العمومي والتعليم الخصوصي. فحسب ما اكده العديد من الاباء والامهات والاطر التربوية ان عدد واسماء المؤسسات الخصوصية التي طالها البحث الوزاري و «الجزاء» المخصص لهم أي الزام المفتشين بامساك النقط هو بمثابة «الضحك على الذقون» فهل يعلم الوزير ان عددا كبيرا من المنسقين الاقليميين والجهويين الذين من المفروض أنهم سيتحققون من هذه العملية والذين طلب منهم الاشراف عن عملية امساك النقط بهذه المؤسسات منهم من يشتغل في العديد من المؤسسات الخصوصية ,ليسوا كمشرفين تربويين للمادة بل اساتذة داخل الاقسام ,فكيف يمكن لهم والحالة هذه ان تغيب عنهم هذه العملية قبل ان يطلب منهم الحسم فيها والاشراف على مسكها عن طريق «مسار»؟ وبعبارة اوضح فلنفترض ان هناك شكاية في هذا الموضوع تروم حول شبهات في نفخ نقطة ما ,من الذي سيشرف على البحث والتقصي, اليس المنسق الاقليمي ثم الجهوي , فكيف يمكنه ذلك وهو احد اساتذة هذه المؤسسة وأي احد الموظفين بها .
يؤكد العديد من المتتبعين للشأن التعليمي بالدار البيضاء, أن على مصالح الوزارة القيام ببحث صغير للوقوف على كل تفاصيل الحقيقة, وساعتها ستعرف اسم المؤسسات الخصوصية التي تمنح اقسام التدريس لمتفتشين اقليميين ومنسقين جهويين. صحيح ان هذا القطاع يضم شرفاء ونزهاء يؤمنون بشرف المهنة ويحافظون عليها وسمعتهم من سمعة عملهم ومهنتهم فلا مزايدة عليهم وعلى مهنتهم, لكن الامر يتطلب البحث والتدقيق والطرق الملتوية كثيرة واللوبي قوي ويقوى موسما بعد موسم.
وفي نفس السياق ,فقد سبق لمدير الاكاديمية الجهوية لجهة الدار البيضاء السابق نصر الدين الحافي, ان اوقف 4 مدراء لمؤسسات تعليمية خصوصية وبعد ان لمس الفرق الشاسع بين نقط الامتحان الاشهادي ونقط المراقبة المستمرة ,اليوم يأتي تقرير وقرار من وزارة التربية الوطنية ويدلي برقم خجول جدا لأسماء مؤسسات يغيب عنها من له تجربة وباع طويل في هذا المجال. الشئ الذي يطرح تساؤلات متعددة حول آليات الاشتغال التي اعتمدت عليها مصالح الوزارة وعن كيفية الوصول الى الخبر اليقين؟
اما فيما يتعلق بقرار الكشف عن عدد المتغيبين واسمائهم ,فبغض النظر عن الرقم المصرح به , أكان كبيرا او عاديا او صغيرا ,فالسؤال الذي يطرح نفسه ما الفائدة من هذه الخرجة الوزارية ؟ هل لتؤكد انها تراقب عملية الغياب عن قرب؟ ام الغاية تخويف وترهيب نساء ورجال التعليم؟ ام انها تريد ان تؤكد لنا انها وزارة ليس كسابقاتها تعتمد على الدقة في المراقبة وفي المحاسبة والتتبع؟ لكن ما غاب عن مصالح الوزارة المختصة في الموارد البشرية ,انها لا يمكن باي حال من الاحوال ان تصل الى رقم حقيقي في هذا المجال, فكم من متغيب لم تخبر به مؤسسته اعتمادا على نوعية علاقته بالادارة التربوية؟ فكم من مسؤول في الادارة يبقى محتفظا بالشهادة الطبية المقدمة من طرف احد المتغيبين, وغالبا ما يقرر عدم تقديمها وذلك لأسباب لا يعلمها الا الاثنين معا .والخطير في الامر ان الرقم 611 لا يدخل فيه الاساتذة غير الملتحقين بمقرات عملهم .
وللتذكير فقط فإن 75 استاذا/ة من المتعاقدين معهم لم يلتحقوا بمقر عملهم, بمعنى ان اكتر من 70 قسما بجهة الدار البيضاء سطات لحد الساعة بدون استاذ لمادة الرياضيات, هل تم حصرهم وعدهم ضمن المجموعة المعلن عنها؟ إذن حتى احصائيات عدد الساعات والايام تبقى غير دقيقة لعدم دقة عدد المتغيبين .فبدون شك غياب 75 استاذا بجهة الدار البيضاء سطات للرياضيات سيترك فراغا مقلقا, وبالتالي يصعب تغطية هذا الكم من الاساتذة والذي لم تجد له الاكاديمية لحد الساعة أي حل في انتظار ما ستحمله الايام القادمة من جديد في هذا الموضوع.
وإذا كانت وزارة التربية الوطنية قد حلت مشكلة 32 مؤسسة خصوصية ,ثبت لها انها غالطت المغاربة ودمرت مبدأ تكافؤ الفرص بنفخها في نقط المراقبة المستمرة واكتفت بإلزام بعض المفتشين مسك نقط المراقبة المستمرة عبر «مسار» , ونشرت عدد المتغيبين واسماء المؤسسات الذي اثار احتجاجات كبيرة وتساؤلات متشعبة ومتعددة , تبقى قرارات مجانية دون خطة بديلة للإصلاح واضحة .


الكاتب : محمد تامر

  

بتاريخ : 18/10/2017