فرنسا و إعادة نساء وأبناء الجهاديين

أحيا سقوط معقلي تنظيم الدولة الإسلامية الأبرز في العراق وسوريا، الموصل والرقة، آمال المحققين الفرنسيين والبلجيكيين في العثورعلى إسلاميين متطرفين يشتبه في تدبيرهم اعتداءات باريس 2015) (وبروكسل .(2016)
وبين أبرز الملاحقين للاشتباه بتورطهم في تلك الاعتداءات، ثلاثة يصعب معرفة مكان وجودهم وما إذا كانوا نجوا بعد خروج التنظيم من المناطق التي كان يسيطر عليها منذ 2014.
أسامة عطار بلجيكي-مغربي 32( عاما) من العناصر الذين انضموا إلى الجهاديين منذ وقت طويل. سجن لفترة طويلة في العراق في نهاية سنوات الألفين، ويشتبه المحققون في باريس وبروكسل في أنه كان أحد قادة الخلية التي كلفت تنفيذ اعتداءات في أوروبا.
وعثرت الشرطة البلجيكية في حاسوب وجدته قرب مخبأ مهاجمي مطار بروكسل، على أدلة تثبت أن المسلحين المتطرفين كانوا على اتصال وثيق مع عطار الذي كان يقيم في الرقة في شمال سوريا قبل تحرير المدينة من تنظيم الدولة الإسلامية.
وتعرف عليه جزائري كان اعتقل في نهاية 2015 في النمسا في طريق عودته من سوريا للاشتباه في سعيه للمشاركة في اعتداءات 13 نونبر بباريس. وقال إن اسمه الحركي “أبو أحمد” وإنه كان رئيسه في الرقة وتعرف على صورته.
وأدرجته واشنطن في يونيو 2017 على لائحتها السوداء للإرهابيين الدوليين.
وبحسب مذكرة التوقيف الأوروبية الصادرة في حقه، فإن أسامة عطار قريب الأخوين إبراهيم وخالد البركراوي، وهما انتحاريان فجرا نفسيهما في 22 مارس 2016 في قاعة المطار ومترو بروكسل، ما أوقع 32 قتيلا وأكثر من 300 جريح، يختفي تحت هذا الاسم المستعار (تبقى هويته الحقيقية مجهولة) المهندس المفترض لاعتداءات باريس وبروكسل ويعتقد أنه صنع القنابل وأعد السترات الناسفة للانتحاريين. وهو سوري( 25عاما) من حلب يتخفى أيضا تحت اسمي ياسين نور ومحمد القاضي.
وعثر على حمضه النووي الريبي لدى فحص سترة ناسفة كان يحملها أحد الانتحاريين قرب “ستاد دو فرانس” في 13 نونبر 2015 شمال باريس. وكان قدم نفسه باعتباره مهاجرا، وعاد إلى سوريا قبل أسبوعين من اعتداءات باريس.
وهو الآخر مدرج في لائحة واشنطن للإرهابيين الدوليين. وقالت الخارجية الأمريكية إنه “بعد عودته إلى سوريا واصل إدارة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في أوروبا في مجال تصنيع القنابل”.
فرنسي-مغربي 28( عاما) كان خدم في الفيلق الفرنسي الأجنبي. ومن الألقاب التي تطلق عليه “ابو سليمان الفرنسي.”
وهو أيضا مدرج في لائحة واشنطن للإرهابيين الدوليين. وتعتبره الولايات المتحدة “من وجوه العمليات الخارجية لتنظيم الدولة الإسلامية”، وتعتقد أنه أسس “خلية مقاتلين أجانب أوروبيين لتكون الممون لهجمات في العراق وسوريا والخارج، وقد يكون بلغ عدد أعضائها 300.”
وتفسر تجربته وخدمته في الفيلق الأجنبي حيث كان عمل لستة أشهر في أفغانستان، صعوده داخل التنظيم الإسلامي المتطرف.ويشتبه في ضلوعه أيضا في تنظيم اعتداءات بروكسل وباريس.
وكان ولد في المغرب، لكنه كبر في لونيل، المدينة الصغيرة قرب مونبيلييه في جنوب فرنسا التي سافر منها منذ 2013 نحو عشرين شابا متطرفا للقتال مع تنظيمات إسلامية في سوريا والعراق.
فرنسا و إعادة نساء الجهاديين وأبنائهم

تمتنع الحكومة الفرنسية عن قطع أي تعهد إزاء الدعوات لإعادة زوجات وأبناء الجهاديين الذين أوقفوا في العراق وسوريا في دليل على ترددها وحذرها إزاء ملف “العائدين” الشائك.
يقول شقيقها لوكالة فرانس برس إن ليلى أرملة جهادي فرنسي في التنظيم ولديها طفلان عمرهما عام وعامين “نشآ تحت القصف”. فمنذ سيطرة قوات سوريا الديموقراطية التحالف الكردي العربي الذي تدعمه واشنطن على الرقة قبل أسبوعين، تم توقيف عدد من الأسر بعضها فرنسي مرتبط بالتنظيم.
توجه أمين الذي يعتقد أن شقيقته ونجليها محتجزون لدى قوات سوريا الديموقراطية، برسالة يوم الجمعة الماضي إلى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون طالبه فيها ب”السماح للقاصرين والنساء والأطفال (الفرنسيين) بالعودة إلى فرنسا”، وبمحاكمة النساء وفق الأعمال التي أقدمن عليها.
قبلها ببضعة أيام، وجه نحو عشرين “والدا وجدا وقريبا لشابات توجهن إلى سوريا أو إلى العراق”، أيضا رسالة إلى الرئيس الفرنسي والحكومة.
وندد هؤلاء في الرسالة بغياب أي إجراءات لإعادة هؤلاء المواطنات الفرنسيات وأطفالهن “الذين تقل أعمار نصفهم عن الست سنوات”، وشددوا على أن لا شيء يحول دون أن تقوم فرنسا بمحاكمة هؤلاء النساء على أرضها إذا شاءت.
يقول مارتان براديل المحامي الذي يمثل بعض هذه الأسر إن بين الفرنسيين مقاتلين و”أيضا أشخاص وخصوصا نساء غادروا للأسباب الخاطئة وسعيا وراء وعود كاذبة أو دعاية أو لأنهن تعرضن للخداع هناك”.
وطلب موقعو الرسالة خصوصا من أجداد الأطفال أن يعهد إليهم بحضانة هؤلاء بعد إعادتهم إلى فرنسا وأيضا بإقامة “مكتب مكلف بمتابعة هذه الأسر” في مختلف الإجراءات الإدارية التي تترتب عليها.
تقول الحكومة الفرنسية إن نحو 1700 فرنسي توجهوا للانضمام إلى صفوف الجهاديين في سوريا والعراق منذ العام 2014.
من بين هؤلاء قتل 278 شخصا. إلا أن الحكومة تقر بأن هذا الرقم أعلى بكثير على الأرجح وعاد 302 آخرون حتى الآن إلى فرنسا هم 178 رجلا (أوقف منهم 120) و66 امرأة (أوقفت منهن 14) و58 قاصرا غالبيتهم تقل أعمارهم عن 12 عاما.
وقد أوقف الباقون في سوريا والعراق أو قتلوا في المعارك أو فروا إلى آخر المناطق التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية أو حتى إلى معاقل جهادية أخرى (في ليبيا خصوصا.)
تلتزم الحكومة الفرنسية حذرا مضاعفا إزاء المسألة إذ لا تزال ذكرى الاعتداءات الدموية في 2015 والتي كان بين منفذيها “عائدون” من سوريا حاضرة بشكل قوي في الأذهان.
وأوضحت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، الثلاثاء، أن مصير الفرنسيين الموقوفين في مناطق نزاعات يتوقف على الدولة المعنية. وأضافت إذا كانوا في العراق، فالبالغون يمكن محاكمتهم هناك أما مصير الأطفال فيتم درس”كل حالة على حدة”، مع أخذ رغبة الوالدين في الاعتبار.
أما بالنسبة إلى سوريا، فتقول بارلي إن الوضع أقل وضوحا. وتضيف أنه إذا “كان هناك رعايا فرنسيون (…) بين أيدي فئات مختلفة، فإنه يتم تبليغ اللجنة الدولية للصليب الأحمر” بوجودهم، من دون إعطاء تفاصيل حول المصير النهائي للأشخاص المعنيين سواء كانوا من البالغين أو الأطفال.
لكن ذلك ليس كافيا لموقعي الرسائل إلى الرئيس إذ دعوه إلى عدم ترك النساء يخضعن للمحاكمة في سوريا والعراق الدولتان “اللتان تطبقان عقوبة الإعدام وحيث ينتشر التعذيب والتحرش الجنسي والاغتصاب”، وبالتالي يمكن أن تقوما بإدانة هذه النساء بتهمة الإرهاب على غرار المقاتلين.
وقال الباهي إنه سيواصل السعي من أجل عودة شقيقته ونجليها إلى فرنسا وأضاف أنه واثق من أنه “إذا منع كل هؤلاء الفرنسيين وخصوصا الأطفال منهم من العودة إلى بلدهم، فهناك خطر بخلق توتر جديد وجيل جديد من الجهاديين”.


بتاريخ : 02/11/2017