تماترت بإمليل إقليم الحوز فضاءات سياحية جميلة تقبع في قعر التهميش

لاشك أن بلادنا تتوفر على فضاءات سياحية جميلة ، وهناك مستثمرون مغاربة واجانب ايضا قاموا باستثمارات من اجل توفير شروط الاقامة في هذه الفضاءات، لكن للأسف، هناك غياب إرادة فعلية من الجهات المسؤولة للرفع من مستوى المنتوج السياحي، حيث أن الواقع يؤكد أن مسؤولي القطاع ليس في أجندتهم ما يسهل مأمورية المستثمرين في تطوير القطاع السياحي. اذ لا يعقل ان يخسر المستثمرون الملايين من اجل توفير كل الشروط ، بينما يحاصرون ويعزلون بسبب اللامبالاة والتهميش . فبمنطقة تامترت بإمليل بإقليم الحوز فضاءات ساحرة اثارت اهتمام الكثير من المستثمرين ممن قاموا بانشاء مآوي سياحية وفنادق ووفروا فيها كامل الشروط التي يحتاجها السائح سواء كان مغربيا او اأجنبيا، لكن يبقى مجهودهم معزولا في غياب الطرق والمستشفيات والتواصل، وهو ما يخيف السائح من المغامرة في الذهاب الى هذه الفضاءات الساحرة.
جريدة الاتحاد الاشتراكي زارت بعض المناطق فوقفت على أن جمال فضاءاتنا يتم خدشه بسبب الاهمال والتهميش..

طرق مهترئة

بإقليم الحوز ، وغير بعيد عن المدينة الحمراء، تتواجد عدة فضاءات آية في الجمال، غير ان الوصول إليها صعب، بل يشكل شبه مغامرة.. ولعل منطقة إمليل تشكل حقا واحدة من الفضاءات الساحرة والتي كان بالإمكان ان تكون واحدة من اكبر الواجهات السياحية بالمغرب لمناخها الجميل ولتنوع تضاريسها، ناهيك عن طيبوبة ابنائها الذين يرحبون بأي زائر .. فبين الوادي والجبل يتشكل سحر طبيعي منقطع النظير، غير ان ازعاجا وتخوفا يرافق كل من حاول زيارة هذه المنطقة الجميلة، وهو الطريق الضيقة والمخترقة بالحفر وحواشيها متآكلة ما يشكل عرقلة في السير ويتسبب في اعطاب للسيارات.. يقول احد السكان: “هل نحتاج مرة أخرى الى كارثة طبيعية حتى تهتم الجهات المسؤولة ببنياتنا التحتية في الطرق، كما حدث سنة 1995 بأوريكة عقب الفيضانات التي اودت بحياة العشرات من المواطنين.. قد تجدون متعة في عدة الفضاءات لكننا نعاني الكثير في ظل الاهمال والتهميش، فلا طريق صالحة للمرور ولا مستشفيات، بل ان مناطق تعزل اثناء التساقطات المطرية..”
واضاف آخر: “كثيرون منا يغادر المنطقة بحثا عن لقمة عيش في المدن، فحتى المشاريع السياحية التي قام بها بعض المستثمرين، يبقى عملها موسميا ،فباستثناء فصل الصيف، في باقي الفصول تعيش المنطقة فراغا كبيرا، وحتى الفلاحة ، النشاط الرئيسي للسكان لا تستطيع امتصاص البطالة وضمان لقمة عيش كريمة، فمنتوجات التفاح والجوز عائداتها محدودة،وبالتالي لابد من الهجرة..”
شاهدنا بالفعل أن الطريق متآكلة وبصعوبة وصلنا الى منطقة تماترت الجميلة..فانطلاقا من “أسني ويركان” في اتجاه “إمليل” كانت الطريق ضيقة ومحفوفة بالمخاطر الى درجة أننا اضطررنا للوقوف أكثر من مرة لنتيح المرور للقادمين من الاتجاه المعاكس، أما التجاوز فيعد من المستحيلات، وان لم تنتبه تصاب إطارات عجلات السيارة بالتمزيق، لأن حواشي الطريق متآكلة، كما أن النوابض مهددة بالكسر في أية لحظة نتيجة الحفر العميقة التي تخترق الطريق التي لم تحظ حتى بالترقيعات العشوائية..
ورغم أن “إمليل” منطقة استراتجية وهي ممر يؤدي الى منطقة توبقال حيث توجد أعلى قمة جبلية في شمال إفريقيا، وبحيرة “إفني” التي تعد واحدة من أجمل البحيرات في المغرب، ناهيك عن أن هناك أيضا منفذا إلى محطة “أوكايمدن” ، غير أن هذا المنفذ المنطلق من “تامترت” لم يعبد لكنه يغري أصحاب رياضة المشي في المناطق المرتفعة، رغم هذه الأهمية الاستراتجية غير أن الجهات المعنية نهجت أسلوب التهميش، ما يجعل تنمية المنطقة بعيدة المنال، ورغم كل ذلك فقد غامر بعض المستثمرين وأقاموا مشاريع سياحية من مآوي وفنادق وغيرها.. لكنها تعاني بسبب التهميش وغياب التشجيع..

خيبات مستثمرين

لعل العديد من هذه المشاريع يتركز في امليل وفي منطقة تماترت التي وقفنا فيها على العديد من هذه المشاريع، لكنها تعاني الفراغ بسبب غياب طريق صالحة، يقول احد الفاعلين السياحيين: “قمت بمجهود كبير من أجل تنشيط القطاع السياحي بتماترت بإمليل اقليم الحوز ، شأني شأن الكثير من المستثمرين بمن فيهم الأجانب .. لدينا العديد من الأفكار من اجل تطوير هذا المجال، غير أننا نعانى الكثير في ظل العراقيل الادارية ، فللحصول على الترخيص تطلب مني الامر من أجل بناء هذا الفضاء السياحي اكثر من سنة بين الادارات، في ظل ثقافة “سير واجي” التي تعد منهجا لبعض الإدارات ، وما يليها من عراقيل.. تحديت ذلك وانشأت تحفة جميلة في تماترت، عراقيل كادت تعصف بكل مجهوداتي، ومع ذلك غامرت ، وها انت ترى ان السياح قليلون لأنه ليست ليهم ضمانات للوصول الى المنطقة اولا بسبب الطريق، إضافة الى غياب وحدات صحية، فالسائح يبحث عن الراحة، وفي نفس الوقت يطرح سؤالا عن البنيات التحتية، فلا يمكن ان يطمئن وهو لا يعرف انه سيجد من يسعفه ان أصيب بمرض مفاجيء او تعرض للسعة عقرب مثلا..”.
وأضاف: “وهنا لا يمكن ان تتم هذه التنمية الا من خلال صناعة سياحية تشاركية ما بين الدولة والساكنة والمستثمرين، وإن كان السكان لا حول ولا قوة لهم، فالمستثمرون يغامرون بمجهوداتهم وأموالهم، لكن المسؤولين لم يوفروا شروط ذلك من تسهيلات ادارية وتوفير البنيات التحتية من طرق ومستشفيات، وغيرها ..”
وقال مستثمر آخر: “إننا حقا نعاني أزمة، بسبب الاهمال والتهميش، وكثيرون منا يفكرون في بيع مشاريعهم او التخلي عنها، لأنه لا يعقل أن نصرف ملايين من الدراهم في هذه المشاريع لتنشط فيها “العناكيب” لبناء أعشاشها، على الجهات المسؤولة أن تهتم بالمناطق المهمشة وتوفر لها الأساسيات، وأنذاك يمكن ان تنطلق التنمية السياحية وغيرها بهذه المناطق الجميلة..”
وأضاف:” كيف يمكن لي ان استمر في عملي هذا، وأنا أشغل عددا من أبناء المنطقة مساهمة مني في امتصاص البطالة، ولكن في غياب اساسيات الاستقطاب السياحي ومن ضمنها البنيات الطرقية، فلا يمكن للسائح أن يخاطر للوصول الينا، وبالتالي فسنضطر لتسريح العمال لأنه يصعب ان تؤدي الأجور في غياب المداخيل التي تأتي طبعا من السياح، الذين لا يأتون للاسباب السالفة الذكر، قليلون فقط ممن يحبون المغامرة يأتون بشكل متقطع، وخاصة في فصل الصيف..”.
تألمنا كثيرا ، لأنه من العار أن يبقى هذا الجمال الخلاب تحت جبال من التهميش والنسيان واللامبالاة.. لا نريد ان نشير هنا الى المعاناة اليومية للساكنة، فالجميع يعرفها، فقط ننقل ما قاله أحد الشبان ونحن نسأله عن أوضاع المنطقة، فأجاب:”اذا كان الطقس في منطقتنا ينزل تحت الصفر في فصل الشتاء، فإن عزلتنا في كل الفصول تجعل أوضاعنا تحت الصفر في كل المجالات..؟”
ودعنا هذا الشاب وأقفلنا عائدين الى مراكش التي لم نصلها إلا بعد أن عانينا الويلات من سوء الطريق، وطبعا أدينا ثمن أعطاب سيارتنا غاليا في سبيل زيارة منطقة جميلة تستحق منا الكثير من التضحيات.


الكاتب : إنجاز: محمد المبارك البومسهولي

  

بتاريخ : 02/11/2017

أخبار مرتبطة

عرفت جهة الرباط سلا القنيطرة، حادثة سير خطيرة، يوم الاثنين 22 أبريل الجاري، على مستوى طريق ”الولجة” الرابطة بين مدينتي الرباط

20 تنظيما حقوقيا يدعو رئيس الحكومة للاستجابة لمطالب ساكنة فجيج     يواصل سكان فجيج احتجاجاتهم ضد ما يعتبرونه سعيا

شكلت نتائج محطة انتخابات 2021 على مستوى جماعة كرامة بإقليم ميدلت، لحظة مفصلية للقطع مع زمن حضرت فيه الانتكاسات المتعددة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *