المطربة صباح الشنا صاحبة الأغنية الشهيرة “أشتا تا تا ” المتوجة من طرف اليونيسف لـ «الاتحاد الإشتراكيّ»:

الأغنية المغربية تخطت حدود الوطن وعلى مسؤولي موازين الالتفات إلى كل الفنانين المغاربة
تعاملت مع الموسيقار محمد الموجي ومتلث المغرب في امريكا وأوروبا والدول العربية

 

الفنانة صباح الشنا، عشقت الفن منذ الصغر، تدرجت في العديد من البرامج التلفزيونية المعنية بالتنقيب عن الاصوات القادرة على حمل مشعل الأغنية المغربية، مرت من برنامج “مواهب” للراحل عبد النبي الجيراري، غنت أمام الملك الراحل الحسن الثاني في قصره وهي طفلة، وغنت في عيد ميلاد ولي عهده آنذاك الملك محمد السادس، تعاملت مع العديد من المبدعين المغاربة وغيرهم من ضمنهم الموسيقار محمد الموجي، استطاعت أغنيتها الشهيرة”أشتا تا تا” أن تحصد جائزة اليونيسيف بمناسبة اليوم المغاربي للتلقيح، هذه الأغنية رددها الكبار والصغار على حد سواء. ويتم ترديدها في بعض المدارس الأمريكية.
اليوم تعود إلى الساحة الفنية بعد غياب طويل، نظرا لالتزاماتها الأسرية، وهي كلها إصرار لتقديم كل ما هو جميل .
ترى أن الأغنية المغربية تخطت حدود الوطن بفضل شباب مبدع طموح، لكن تلاحظ أن الساحة أيضا بها أغان هابطة يجب تجاوز الأمر مستقبلا.
المطربة القديرة صباح الشنا تدعو مسؤولي المهرجان الدولي موازين لإحقاق العدالة بين الفنانين، والانفتاح عليهم بدل الاهتمام بأسماء معينة، تكاد تحتكر هذه التظاهرة الفنية .
في هذا الحوار تسلط الفنانة صباح الشنا الضوء على العديد من القضايا التي طرحتها جريدة “الاتحاد الإشتراكي”.

 

ما جديد الفنانة صباح الشنا، وأين اختفت ؟

جديدي الفني هو عبارة عن أغنية بعنوان “أنا وليت”، وهي خصيصا جاءت بمناسبة عودتي إلى الميدان الفني بعد غياب طويل .
والعودة جاءت وليدة الصدفة، كما تعلم، بعد غياب دام عشر سنوات، إلى درجة أنني فقدت التفكير في الرجوع والعودة إلى المجال الفني بصفة نهائية، إذ تولد هذا الشعور لحظة تكريم الفنان القدير عبد المنعم الجامعي من طرف الإذاعة الوطنية، إذ كان قد اتصل بي لأكون ضمن ضيوف حفل تكريمه ولأداء أغنية من أغانيه، وبالضبط أغنية “ماشي دق الزين هذا”، وقد أهداني هذه القطعة الغنائية على أساس إعادة تسجيلها بصوتي .
وأثناء التمرين، اتصل بي مدير الإذاعة الوطنية الذي تساءل عن غيابي عن الساحة الفنية، وهو الغياب الذي كان بسبب التزامات عائلية ومسؤولية تربية ابني، خاصة في السنوات الأولى حتى أمنحه حقه الكامل في التربية، وقد أبلغني السيد المدير أن الإذاعة الوطنية قررت تكريمي، وهو ما حصل، إذ دعوت كل زملائي الفنانين الذين اكتشفت مواهبهم البرامج الخاصة بذلك من جيلي، وكان الحفل بدفء عائلي، حضره أيضا أساتذتنا في الفن والموسيقى الذين تعاملت معهم في مسيرتي الفنية.
بعد حفل تكريم الفنان عبد المنعم الجامعي، كان لي لقاء مع صديق العائلة الفنان أحمد السكوري، الذي سألني، هو الآخر، عن إحساسي وأنا بعيدة عن الميدان الفني، طبعا كان ردي بشكل تلقائي، الحنين دائما يشدني إلى الميدان الفني، بل إن ابني منذ كان في ربيعه الخامس، دائما يلح علي كي يراني أغني فوق الخشبة، وكنت أعده بذلك، الحقل الفني دائما كان مليئا بالمضايقات، وكان والدي يساندني، لما توفي رحمه الله وجدت نفسي بدون سند، وحينما كنت أحضر لحفل تكريمي، جاء الفنان أحمد السكوري إلى منزلي، وأعطاني أغنية، إذ أحسست أنها تتحدث عني، وتترجم مشاعري وأنا بعيدة عن الميدان وشوقي إلى ذلك، أعجبت بالأغنية كلمات ولحنا،هكذا سجلناها وقدمتها في حفل تكريمي، لتتوالى بعد ذلك التكريمات، حيث وجدت الجمهور متفاعلا معي، رغم هذا الغياب، وهو ما ترجمه التفاعل التلقائي معي.

 

هل يمكن الحديث عن عودة رسمية لك إلى الميدان الفني؟

أكيد، وأعلن رسميا من خلال منبركم عن عودتي إلى الميدان الفني، وأنا بصدد التحضير لأعمال وأداء كل ما هو في المستوى الذي ينتظره مني الجمهور لحنا وكلمات وتوزيعا، رغم أن الساحة الفنية تغيرت كثيرا، لكنني حريصة على أن يكون منتوجي الفني مزيجا بين ما هو حديث وما هو أصيل، أي الزمن الجميل وزمن الشباب الذي فيه أيضا إبداع، إذ نجد شبابا مبدعا أعطى الشيء الكثير للأغنية المغربية، وأتمنى أن أتوفق في ذلك، ليكون العمل ناجحا وهادفا، ورغم هذا الغياب كنت حاضرة، أتتبع كل ما هو جديد في الساحة الفنية، لكن حينما عدت بشكل عملي، وجدت المجال قد تغير شيئا ما، ونالت الأغنية المغربية الشهرة أكثر مما كانت عليه من قبل، فهناك طاقات فنية حقيقية سواء كانوا أصواتا أو ملحنين أو شعراء غنائيين أو موزعين.
لكن الميدان الفني مازال يتطلب كما كان من قبل، من يأخذ بيدك، فهناك مهرجانات متعددة مثل موازين وغيره، وللأسف نجد أسماء بعينها هي المهيمنة وحاضرة في هذه المهرجانات والتلفزيون، سؤال يؤرقني ولا أجد له جوابا ومبررا مقنعين. ومن هذا المنبر أدعو المسؤولين عن المهرجان الدولي موازين أن يلتفتوا لكل الأجيال، ومنحهم الفرصة للمشاركة في هذه التظاهرة الفنية الكبيرة والتواصل مع الجمهور، فمن حق الفنانين المغاربة أن يشاركوا في موازين دون إقصاء أو تهميش .

 

أغنية “أشتا تا تا “ماذا تعني لك هذه الأغنية؟

هذه قطعة جميلة، كانت مع مجموعة من الأطفال، وأنجزتها بمناسبة التلقيح المغاربي الأول سنة1987، إذ تم هذا العمل الفني مع اليونيسف، وكنت قد حصلت من خلالها على المبلغ الأول، ولاقت الأغنية نجاحا كبيرا خاصة وسط الأطفال، وهذا ليس بغريب فأنا شخصيا لديعلاقة استثنائية مع الطفل، إذ يكون التجاوب بيننا بسرعة وبشكل تلقائي..، وبخصوص هذه الأغنية اجتمعت بالأستاذ محمد الشرقاوي والأستاذ محمد عمار وشقيقه خالد عمار، حيث تحدثنا عن الفكرة، وأنا من اقترحت لازمة”أشتا تا تا”، وبسرعة تمت كتابة الكلمات التي تقول”الشتا تاتا،الوليدات الحراثة، التلقيح فكل مكان، فوزوا فوزوا يا صبيان …”
حيث تعدى الإقبال على هذه الأغنية الأطفال إلى المجتمع المغربي برمته، ومؤخرا علمت أنها تذاع في مدارس بالولايات المتحدة الأمريكية، وهذا شرف كبير لي، بعد أن أخذت هذه الأغنية هذا المسار.

 

بعد مرور عشر سنوات عن غيابك، أكيد هناك الكثير يعرفونك، لكن الجيل الجديد قد لا يعرفون الفنانة صباح الشنا بما يكفي، ماذا عن مسارك الفني حتى يعرفك الجيل الجديد أكثر؟

الجيل الجديد يعرف صباح الشنا من خلال الأعمال الفنية الجديدة، رغم ذلك تفاجأت لما قدموني باسمي في حفلات أن الأطفال يعرفونني من خلال الاطلاع على أعمالي في اليوتوب، الشيء الذي أثلج صدري، ويدعوني إلى العمل وتقديم أغاني للأطفال مستقبلا والأغاني الشبابية.
شخصيا، ولجت عالم الفن في سن الخامسة عشر من عمري، قبل ذلك شاركت في برامج للأطفال”باحميدون وبا إدريس” كما كنت أصغر مشاركة في برنامج “مواهب” للأستاذ عبد النبي الجيراري في سن التاسعة، وأنا ممنونة لهذا العملاق، حيث كنت أحضر للبرنامج، وشاركت في سن صغيرة في أغنية دينية للأستاذ عبد الحميد بوجندار وأخرى دينية مع الأستاذ أحمد بنموسى، وتعاملت من بعد مع مجموعة من الأسماء العملاقة منها عبد اللطيف السحنوني في أغنية “راضية بلمكتاب” والأستاذ جمال الأمجد في أغنية “منك لله”، كما تعاملت مع الموسيقار المرحوم محمد الموجي، إذ كان اللقاء في مصر أثناء افتتاح دار الأوبرا المصرية، حيث ذهبنا إلى القاهرة بمعية وزير الثقافة المغربي آنذاك، و قدمنا ملحمة العهد، شارك فيها ممثلون ومطربون ومسرحيون مغاربة..
كان لقاء أولي مع الموسيقار محمد الموجي هناك، قبل أن نلتقي في باريس صحبة ابن شقيقه الذي هو شاعر غنائي وملحن، وقد تعاملت مع الموسيقار محمد الموجي في أغنية “مش غنغلط مرتين ” كلمات ممدوح عبد الحليم، كما غنيت أيضا أغان ليبية من توقيع كبار الفنانين الليبيين منهم الملحن أحمد حسن، إلى غير ذلك من الأغاني المغربية والعربية، وأنجزت أوبريت بعنوان “أطفال المغرب قادمون”، كان عملا جميلا، لكن للأسف لم يسلط عليه الضوء إعلاميا بالشكل المطلوب، هو عمل يتحدث عن التربية والوطنية والثقافة المغربية وتاريخ بلادنا، كما غنيت صحبة الموسيقار عبد الوهاب الدكالي وعمري عشر سنوات في أغنية “حبيب الجماهير “، إذ كنت ضمن الكورال الذي كان مؤلفا من الأطفال.

 

ماذا عن غنائك في القصر الملكي، وما هي ذكرياتك مع الراحل الملك الحسن الثاني ؟

غنيت في إحدى المناسبات الوطنية في الساحة الوسطى للقصر الملكي بالرباط، وغنيت في عيد ميلاد جلالة الملك محمد السادس لما كان وليا للعهد، ولازلت أتذكر أنه بعد انتهاء الحفل، سلم علينا جلالة الملك الراحل الحسن الثاني، وأنا طفلة آنذاك، حيث وضع يده فوق كتفي وسألني عن اسمي واسم عائلتي وهل أتابع دراستي، وقال لي جلالته رحمه الله”اشنو باغية تكوني”، إشارة إلى المهنة التي أريدها مستقبلا، لكنني أجبته بعفوية،”بغيت نبوسك “، وفعلا قبلته على خده، وأحسست كأنه والدي فعلا،إذ ملامحه تشبه ملامح والدي رحمهما الله جميعا.

 

ماذا عن الأوبريت: أطفال المغرب قادمون “وما مصيرها؟

هذه الملحمة تضم العديد من الأغاني ومليئة بالدروس والعبر والرسائل التربوية، سجلت مع الأطفال، كان معي الأستاذ أحمد عمار، سجلناها في استوديو خاص اسمه استوديو المحجوب، وقد تكلف والدي رحمه الله بالإنتاج، وقد عرضت الفكرة على التلفزيون المغربي، لكن كان التردد هو سيد الموقف، بعد مرور فترة من الزمن، تم الاتصال بي للقاء مدير التلفزة قصد تصوير هذا العمل، وقيل لي إن جلالة الملك الحسن الثاني طلب تسجيل أربعة ملاحم منها واحدة خاصة بالأطفال، لكن رغم أن جلالته هو من قام بتخصيص مبلغ مالي مهم للإنتاج،إلا أن المبلغ المالي المخصص لي لم أتوصل به كما منحه الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله، وقد أشرف على التصوير الأستاذ محمد عاطفي، وعرضت أيضا في ليبيا لما زرنا هذا البلد بمعية الفنان عبد الهادي بلخياط والأستاذ عبد القادر الراشدي، لما رأى المسؤولون هناك هذه الأوبريت، طلبوا إنجاز عمل مشابه، وقد صورنا أغان ليبية لصالح التلفزيون الليبي في بنغازي وطرابلس، كانت رحلة موفقة .

 

ماذا عن مشاركتك الفنية خارج المغرب؟

مثلت المغرب في العديد من التظاهرات الفنية، في فلوريدا الأمريكية بالضبط في “وولد ديزني”وفي تونس رفقة الفنان الراحل عماد عبد الكبير ودول أوربية، فرنسا، بلجيكا، إسبانيا، إنجلترا، التايلاند، قطر، الكويت، الإمارات العربية المتحدة وغيرها من البلدان، حيث قدمنا صورة مشرفة للوطن .

بعد عودتك إلى الميدان الفني، كيف ترين الإنتاج الآن؟

بصدق الإنتاج هو العائق الوحيد أمام الفنان، فالأفكار موجودة، لكن يعوزها التنفيذ، ولابد من جهات رسمية أو غير رسمية للمساعدة، وفي غياب ذلك فالفنان ملزم بالإنتاج من ماله الخاص، وليس كل فنان في استطاعته ذلك، إذ الوضعية المالية لجل الفنانين معروفة .

ماذا عن الأغنية المغربية الحالية، كيف تراها صباح الشنا؟

الأغنية المغربية اليوم أصبح لها صيت وتجاوزت حدود الوطن، بل أضحت عالمية بفصل مجهودات العديد من الشباب المغربي منهم سعد لمجرد وغيره، هناك كلمات مبسطة وألحان وتوزيع في المستوى، وهذا لا يعني أنه ليست هناك أعمال ذات كلمات هابطة وغير لائقة، وهو ما يجب تفاديه.
على العموم الأغنية المغربية اليوم فرضت نفسها حتى على النجوم العرب الذي يصرون على أدائها، كما أنهم يرددون الأغاني القديمة مثل “مرسول الحب”، “ياك أجرحي” سواء في مهرجان موازين أو غيره.


الكاتب : أجرى الحوار: جلال كندالي

  

بتاريخ : 06/11/2017

أخبار مرتبطة

  اعتبر المخرج الفرنسي من أصل جزائري مهدي بنعلال ، أن المهرجانات ليست نافعة فحسب، بل هي أكثر من ذلك،

تم في حفل اختتام الدورة الخامسة لمهرجان إبداعات سينما التلميذ، مساء الأحد 28 أبريل 2024 بالمركب الثقافي بالحي المحمدي بالدار

  كشفت الجهة المنظمة لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، أن الدورة 25 التي ستقام مابين 27 و29 يونيو 2024 بالصويرة، ستعرف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *