العنف التربوي الظاهرة والتشريح

العنف تصرف بفعل إرادي أو بردود فعل سلبية تجاه الآخر قد يكون من فرد تجاه فرد او جماعة او من جماعة ضد فرد او ضد جماعة و هو تحويل لحالات نفسية الى فعل او افعال انتقامية من الآخر / الاخرين بأشكال ينتج عنها اذى إما نفسي واما اجتماعي و اما اقتصادي وأما جسدي …
ويتخذ العنف اشكالا متعددة منها اللفظي ومنها الجسدي ومنها الجنسي ومنها المعنوي…
وللعنف عدة اسباب تتراوح بين الاسباب الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والنفسية والنتائج المباشرة لمقتضيات التنشئة الاجتماعية والتأثير الاني لوسائل الاعلام بمختلف انواعها ومستويات برامجها واشرطتها وخصوصا منها الاعلام المرئي والمسموع والوسائط الاجتماعية مما تبثه من ظواهر العنف والرعب و الكراهية والاباحية المطلقة و الحقد …
ونعتقد ان العنف ظاهرة تعرفها كل المجتمعات بطبقاتها الاجتماعية المتباينة وهي غير مرتبطة بالسن او الجنس او العرق أو الدين، لأن منفذيها ضحايا تنشئة اجتماعية خاطئة وسيئة و منحرفة تغذت من الحقد الطبقي المجتمعي وقامت على قساوة المعاملة والاهمال وعدم الاستقرار وانعدام الحنان والعطف والتوجيه نحو الحقد والحسد والغيرة و كراهية الاخر …
ونحن إذ نتابع بقلق شديد و اهتمام بالغ ما يحصل من اعتداءات واستفزازات ضد اساتذة او طلاب او اداريين من قبل بعض التلاميذ والطلاب ببعض المؤسسات التربوية في كل مستوياتها من حين لآخر هنا و هناك، وبشكل منعزل من مثل ما حصل بمدن تارودانت والرباط والقنيطرة وسيدي بنور وبركان و سلا وما حصل – قبلا و خلال سنوات مضت – بالمدرسة الحسنية للأشغال العمومية وكلية الاداب مكناس وكلية الاداب تطوان وكلية العلوم القنيطرة و كلية الاداب اكادير و كلية العلوم وكلية الحقوق بمراكش وبفاس وتازة وبالموقع الجامعي الرشيدية وغيرها من المواقع التي اعتدى فيها طلاب على اساتذتهم او على طلاب مثلهم او على اداريين في خدمتهم و احيانا اخرى يحدث تبادل العنف بين مكوناته، وكل هذا أمر لا علاقة له بمنظومة التربية و التكوين بمستوياته الثلاث و اخلاق مكوناته الثلاث الاستاذ والطالب و الاداري .
وليس لي إلا ان أعلن عن تضامني اللامشروط مع كل الاساتذة والاداريين والطلاب و التلاميذ الذين يتعرضون للعنف بكل انواعه من موقعي الجامعي والاجتماعي والسياسي والفكري، كما اني اعلن عن تنديدي بما حصل مؤخرا للأساتذة، كما اني اعبر جهرا عن رفضي لهاته الظاهرة ذات المظاهر الاجتماعية والتربوية الغريبة عن مجتمعنا.وبالمناسبة فإني اسجل تضامني مع الحركات الاحتجاجية بخوض الاضراب و تنظيم الوقفات الاحتجاجية والتوقف عن العمل لمدة ساعة والتي اعلنت عنها النقابات التعليمية المنتمية للمركزيات النقابية الست وكذا النقابة الوطنية للتعليم العالي.
إن الفضاء المدرسي والجامعي كان دائما ويجب أن يظل مكانا للعلم والمعرفة والتربية والتكوين وصناعة النخب وإعداد المواطن الحق المتشبع بأخلاق المواطنة والتي تجعل منه فاعلا اساسا في التنمية والتطور والتقدم بكل انواعه و مستوياته وجسرا تواصليا مع الآخر في المغرب وخارجه، مؤمن ومقتنع بالحوار والنقاش الهادئ المتزن والقائم على اساس الوحدة على الاتفاق والاختلاف ,لأنه فضاء مدرسة الحياة وحبها والعمل بكل الوسائل من اجل غذ افضل للجميع في وطن يتسع لكل المغاربة ايمانا منا بأن تحصين المجتمع المغربي لن يتم إلا عبر مجموعة من المداخل و في مقدمتها المدخل التربوي. لأن التربية احد مفاتيح التمدن والتحضر و الوطنية.
ان ظاهرة العنف التى باتت تتكاثر يوما بعد يوم فى بعض مؤسسات منظومة التربية والتكوين بكل مكوناتها، ظاهرة غريبة عن المجتمع المغربي وعن اسرة التربية بكل مكوناتها. وعليه ندعو الحكومة من جهة الى مراجعة مضامين البرامج التعليمية وطرق ومناهج تلقينها والعمل على الزامية التعليم الاولي لكل الاطفال ما قبل الست سنوات, وكذا تفعيل الحياة المدرسية بأنديتها التربوية والحقوقية والبيئية والترفيهية وغيرها، وكذا توفير الاطر التربوية المتخصصة في علمي النفس والاجتماع والمنشطين التربويين . كما ندعو المجتمع المغربي بكل مكوناته ومسؤوليه الى تحمل المسؤولية الكاملة في التأطير والتكوين والتوعية ودعم مبادرات التربية على المواطنة بكل قيمها الانسانية والاخلاقية، وعلى إذكاء ثقافة الحوار والسلم والتعايش. فعيب كل العيب ان تصيب هاته الظاهرة نخب المجتمع وليس لنا إلا أن نعلن تضامننا مع كل ضحايا ظاهرة العنف في المنظومة من تلاميذ وطلاب واساتذة واداريين وفي المجتمع بكل مكوناته ومرافقه.
ظاهرة مرفوضة في مجتمعنا بكل المقاييس والقناعات والعقائد الفردية والجماعية, لذلك نوجه نداء لكل ضمير حي لمحاربة هاته الافة الغريبة عن مجتمعنا فالتربية مسؤولية الجميع، أسرة و قطاعات حكومية وجماعات منتخبة ومؤسسات عامة وخاصة وجمعيات الاباء ومنظمات المجتمع المدني.
كما ننادي بتحصين الرسالة التربوية بكل الوسائل وفي مقدمتها التنصيص على تكريم افراد اسرة التربية والتكوين, اساتذة واداريين وتلاميذ وطلابا، فالقضية مسؤولية المجتمع بكل مكوناته.


الكاتب : ذ .محمد الدرويش

  

بتاريخ : 15/11/2017