عندما يحل الصندوق الوطني لضمان حوادث السير مكان شركات التأمين

عندما تقع حادثة سير ويتعذر التوصل إلى المتسبب المباشر فيها، والذي يتحمل المسؤولية في وقوعها، أو عندما لا تتوفر السيارة التي تعرضت للحادثة على تأمين يكفل لصاحبها التعويض عن الأضرار الجسدية والمادية الناجمة عنها، فإن الصندوق الوطني لضمان حوادث السير يحل مكان شركات التأمين بالمغرب بقوة القانون، حيث تتم مطالبته بالتعويض عن جميع الأضرار الناجمة عن الحادثة. غير أن المتتبع لموضوع التعويض عن حوادث السير يلاحظ تعثرا واضحا في تنفيذ الملفات من هذا القبيل، إذ قد يصل المتضرر الى سنوات   و سنوات من الترقب في انتظار أن يتوصل بمبلغ التعويض ، و هو ما يضع نقط استفهام كثيرة حول دور الجهات الوصية و مدى مراقبتها و الاختصاصات المخولة لها لاجبار الجهة المسؤولة، سواء عن الحادثة أو التي تحل محلها في المسؤولية ، على الوفاء بالتزاماتها في ظل جهل المواطن للمساطر القانونية التي تكفل له حقوقه المشروعة.
بجانب الرجوع إلى المؤمن، فإن هناك من الحالات التي يمكن فيها، بل ويكون السبيل الوحيد، الرجوع إلى جهة أخرى تجمع بين طياتها جميع الحالات التي لا يمكن فيها الرجوع إلى شركة التأمين، ويتعلق الأمر بالرجوع إلى صندوق ضمان حوادث السير (صندوق مال الضمان سابقا). ويتطلب أمر الإحاطة بأحكام هذا الرجوع التعريف بالصندوق المذكور في الفقرة الأولى و التطرق إلى الحالات التي يتم فيها هذا الرجوع في الفقرة الثانية، ثم أخيرا التعرف على الشروط الخاصة باللجوء إلى هذا الصندوق في الفقرة الثالثة.
حالات الرجوع إلى صندوق ضمان حوادث السير

إن الغاية التي أدت بالمشرع المغربي إلى إحداث صندوق ضمان حوادث السير تتجلى في تمكين الضحايا وأصحاب الحقوق من الحصول على تعويض في الحالات التي لا يغطيها التأمين.
وقد جاء في المادة 143 من مدونة التأمينات أنه :» كل محضر يحرره ضباط أو أعوان الشرطة القضائية بخصوص حادثة سير بدنية تسبب فيها شخص مجهول أو غير مؤمن يجب أن يشير صراحة إلى هذه الواقعة.
يجب أن ترسل نسخة من كل محضر محرر طبقا لأحكام الفقرة السابقة إلى صندوق ضمان حوادث السير خلال أجل شهر من تاريخ اختتامه » .
وهذا ما يوضح ضرورة إخبار صندوق ضمان حوادث السير، وبالتالي يشير إلى الحالات التي يمكن فيها الرجوع إليه، إلا أن مسطرة اللجوء إليه تختلف باختلاف هذه الحالات والتي يمكن إيجازها في الآتي:
حالة كون مرتكب الحادثة ظل مجهولا.
فإذا ارتكبت الحادثة من طرف شخص مجهول، كأن يكون ارتكبها وفر ولم يعثر عليه بعد ذلك، ففي هذه الحالة يعتد بالمحضر المحرر وفق ما نصت عليه المادة 143 من مدونة التأمينات، والتي تعتبر المحضر وثيقة رسمية بالنسبة للمصاب ولذوي حقوقه، إذ على أساسه يقع إثبات وجود الحادثة، وفي نفس الوقت إثبات مسؤولية الفاعل الذي ظل مجهولا .
كما أن توجيه محاضر الشرطة مباشرة إلى صندوق ضمان حوادث السير لا يعفي الضحية أو ذوي حقوقه من تقديم طلبهم إلى الصندوق المذكور داخل الأجل القانوني. وصندوق ضمان حوادث السير إما أن يوافق على طلب التعويض بالدخول في مفاوضات مع الطالب لتحديد المبلغ، أو ألا يوافق إذا تبين له أن الشروط اللازمة غير متوفرة، وهنا يلجأ المتضرر إلى المحكمة الابتدائية المختصة للحصول على التعويض.
– حالة يكون فيها مرتكب الحادثة معروفا إلا أنه بدون تأمين. وسواء كان ذلك بصفة كلية أو جزئية، بشرط القيام بإجراءين يتمثلان في توجيه طلب إلى صندوق ضمان حوادث السير بالإضافة إلى الحصول على صلح مع مرتكب الحادث.
كما أن طلب التعويض يجب أن يرفق وجوبا بنسخة من الحكم النهائي القابل للتنفيذ أو بنسخة من وثيقة الصلح مصادق عليها من طرف السلطات الإدارية المختصة.
حالة يكون مرتكب الحادث معروفا إلا أنه أثيرت بشأنه دفوع تتعلق بتوقيف عقد التأمين أو الضمان أو عدم التأمين أو التأمين الجزئي. وفي ذلك يتجلى الدور الاجتماعي الذي يقوم به الصندوق وهو ما يتطلب السماح بإدخاله في الدعوى، سواء كان مرتكب الحادثة غير مؤمن أو كان من شأن مؤسسة تأمينية أن تدفع بأي عنصر من شأنه أن يؤدي إلى استبعاد الاستفادة من ضمانها كليا أو جزئيا، وبالتالي تحويل الحق للمحاكم في إصدار الأحكام المناسبة ضد الصندوق بما في ذلك إحلاله في حدود التزاماته القانونية محل المسؤول عن الحادثة في نفس الوقت الذي تأمر فيه بإخراج مؤسسة التأمين من الدعوى، وذلك إذا ثبت عسر المسؤول المذكور.
وعليه، فإنه إذا أصيب شخص بأضرار جسمانية نتيجة حادث سير تسببت فيه سيارة وأثبت الضحية أو ذوو حقوقه بأن الضرر ناتج عن الحادث، استحق التعويض من الصندوق الخاص بتعويض ضحايا حوادث السير، وهذا بغض النظر عن تصرفه وخطئه في الحادث، هذا بطبيعة الحال في حالة عدم وجود تأمين يغطي هذه الأخطار أو عدم كفايته.
أما في غير الحالات الثلاث المذكورة، فإن التعويض تتم المطالبة به في مواجهة شركة التأمين طبقا لظهير 02 أكتوبر 1984 المتعلق بالتعويض عن الأضرار التي تتسبب فيها عربات ذات محرك، حيث تشمل مختلف الصور التي يرجع فيها المضرور بصفة مباشرة إلى المسؤول المدني الذي تسبب في الحادثة المرتكبة بواسطة عربة برية ذات محرك بمقتضى المادة 106 ق ل ع، وإلا سقط حقه في المطالبة بالتعويض إذا انعدم أجل التقادم، كما تشمل هذه الحالة مختلف الفروض التي تتجه فيها دعوى المضرور إلى المطالبة بالتعويض عن أضرار أخرى غير تلك التي شملها ظهير  02 أكتوبر 1984.
وتجدر الإشارة إلى أن الرجوع إلى المسؤول المدني في الحالات المذكورة أعلاه، يشمل مختلف الأحوال التي يسقط أو ينعدم فيها التأمين، بحيث تتحلل شركة التأمين أو صندوق ضمان حوادث السير من الالتزام بالحلول محل مالك السيارة المؤمن عنه.
شروط اللجوء إلى صندوق ضمان حوادث السير

من أجل الرجوع إلى صندوق ضمان حوادث السير لابد من توفر ثلاثة أنواع من الشروط:
أولا : الشروط الخاصة بطبيعة الضرر الذي يقبل التعويض من طرف الصندوق، إذ يشترط فيه أن يكون ضررا بدنيا لاحقا بالضحية أو بذوي حقوقه، وبالتالي يتم استثناء الأضرار المادية التي تلحق بالسيارة نفسها أو بالأمتعة أو غيرها من الأشياء.
– الشروط المتعلقة بالسيارة: ويعني ذلك أن الحادث يجب أن يقع بواسطة السيارة، ويدخل في عموم هذا اللفظ السيارات والدراجات ذات المحرك والعربات المجرورة بها أو المتجولة في الطرق، ما عدا العربات التي تسير على سكة حديدية. أما العربات التي لا تتوفر على محرك فلا ضمان يشملها من جانب صندوق ضمان حوادث السير.
-الشروط المتعلقة بالمتضرر ويمكن تلخيصها في الآتي:
1-أن يكون الضحايا أو أصحاب الحقوق قاطنين بالمغرب أو من رعايا دولة يتمتع فيها الرعايا المغاربة بشرط المعاملة بالمثل.
2-أن يكون الحادث قد وقع بالمغرب.
3-أن يكون الحادث يمنح الحق في التعويض حسب التشريع المغربي المطبق، وأن الحادث لا يمنح الحق في التعويض الكامل في أي إطار آخر ، كما تنص على ذلك المادة 149 من مدونة التأمينات .


بتاريخ : 20/11/2017