إفريقيا:الديمقراطية، هي الطريق الصحيح نحو المستقبل

الاتحاد الاشتراكي

لم تكن إزاحة رئيس زيمبابوي روبرت موغابي سهلة، ولا عن طيب خاطر، ولا أبدا استجابة طوعية لمطلب عام عبرت عنه مؤسسة الجيش كما المظاهرات الشعبية. فالديكتاتوريون- في مختلف بقاع العالم- لهم وهم عميق بأنهم الأجدر بالسلطة مدى الحياة، وأن كرسي الحكم، صُمّم على مقاسهم وليس ببلدهم، مهما كان عدد سكانه وأحزابه ونخبه، وأنهم شخصية تستحق هذا المنصب.
قضى موغابي أكثر من ثلاثة عقود رئيسا لهذا البلد الافريقي المحاط من جميع الجهات بأربع دول. جاء إلى السلطة في1980 ،السنة التي تمت فيها الإطاحة بنظام عنصري، مارس أقسى صنوف التعذيب على السود. وباسم قيادته لمعركة التحرر، احتكر الرئاسة، وسيّجها بالعسكر، والحزب الواحد، وتزوير الانتخابات، والتنكيل بالمعارضة. وظل يناور حتى ساعات بعد إجباره على الاستقالة وهو في سن 93.
موغابي، هو نموذج مما تعرفه العديد من الدول الإفريقية، نموذج صارخ لأنظمة لا ديمقراطية شمولية، جاء رؤساؤها إلى القصر على ظهر دبابة في موجة الانقلابات العسكرية التي عرفتها عشرات البلدان، أو عملوا على ليّ عنق دستور شكلي لتمديد ولاية الرئاسة أكثر من مرتين وربما إلى النفس الأخير من الحياة. وهذا حصل ويحصل في شرق القارة كما في وسطها أو غربها أوشمالها. فمازال هناك رؤساء جثموا على صدر شعوبهم لأكثر من ثلاثة عقود، ورؤساء لم تعد لهم القدرة حتى على الحركة…وأصبح ينوب عنهم في القرار والتدبير عائلات أو أجهزة تتحكم في مصائر هذه الشعوب.
إن إفريقيا اليوم، بحاجة إلى الديمقراطية، إلى التداول السلمي على السلطة من خلال انتخابات شفافة وذات مصداقية، لوضع حد للظاهرة الموغابية أو «التمديدية»، التي عاقت تقدم المجتمعات وتنميتها ،بل وأشعلت حروبا أهلية، وأحرقت عواصمَ ومدنا، وأزهقت عشرات آلاف الأرواح، وجعلت المئات من الأشخاص مفقودين لايعرف لهم مصير.
إفريقيا، التي قدمت شعوبها تضحيات جساماً، من أجل الاستقلال ومناهضة العنصرية، تتوق إلى دولة بمؤسسات تفرزها صناديق الاقتراع دونما تزوير أو تلاعب بالنتائج.
لقد جعلت الأنظمة العسكرية واللا ديمقراطية، التي تسترت -في الغالب- تحت عباءة الحزب الحاكم، افريقيا سوقا للسلاح على حساب التنمية، وقدمت خيرات القارة من موادَّ أولية وغابات،هدية للخارج، كي تحمي نفسها، وبذلك حرمت شعوبها من ثرواتها، وهو ما نتج عنه فقر ومجاعات وهجرات.. والمتأمل في خرائط هذه الأنظمة سيجد -دون شك- أنها حيث وجدت، حدثت هذه المآسي، وجروح بعضها مازال ينزف إلى الساعة.
اليوم، آن لهذه المرحلة، مرحلةِ «رؤساء مدى الحياة» أن تنتهي . وأن تقرر الشعوب بكل حرية وديمقراطية، ومن خلال آليات الانتخاب، من يدخل قصر الرئاسة ولولاية محددة، ومن يقود الحكومة، وذلك عبر التداول السلمي المتعارف عليه عالميا، دون استقواء بالعسكر أو بميليشيات أو بحزب حاكم أو بالخارج. فذلك هو طريق المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *