‬‬ محاربة داء السرطان‮.. ‬التكفل بأزيد من‮ ‬200‮ ‬ألف مصاب بالسرطان في‮ ‬2016

عرف‭ ‬عدد‭ ‬المرضى‭ ‬المصابين‭ ‬بالسرطان‭ ‬المتكفل‭ ‬بهم‭ ‬بالمغرب‭ ‬ارتفاعا‭ ‬ملحوظا،‭ ‬إذ‭ ‬انتقل‭ ‬من‭ ‬21‭ ‬ألفا‭ ‬و957‭ ‬سنة‭ ‬2009‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬في‭ ‬2016،‭ ‬مما‭ ‬يجسد‭ ‬الالتزام‭ ‬الموصول‭ ‬للمغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خفض‭ ‬نسب‭ ‬الوفاة‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬الأمراض‭ ‬انتشارا،‭ ‬والسبب‭ ‬الأول‭ ‬للوفيات‭ ‬في‭ ‬العالم‮.‬
فقد‭ ‬أضحى‭ ‬تحسين‭ ‬مكافحة‭ ‬السرطان‭ ‬رهانا‭ ‬أساسيا‭ ‬للمغرب،‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الأولويات،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬عوامل‭ ‬الخطر،‭ ‬وتطبيق‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وقائية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬واقعية‭ ‬وتشجيع‭ ‬الفحص‭ ‬المبكر‭ ‬والتكفل‭ ‬بالمرضى‮.‬

 

عرف‭ ‬عدد‭ ‬المرضى‭ ‬المصابين‭ ‬بالسرطان‭ ‬المتكفل‭ ‬بهم‭ ‬بالمغرب‭ ‬ارتفاعا‭ ‬ملحوظا،‭ ‬إذ‭ ‬انتقل‭ ‬من‭ ‬21‭ ‬ألفا‭ ‬و957‭ ‬سنة‭ ‬2009‭ ‬إلى‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬في‭ ‬2016،‭ ‬مما‭ ‬يجسد‭ ‬الالتزام‭ ‬الموصول‭ ‬للمغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خفض‭ ‬نسب‭ ‬الوفاة‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬الأمراض‭ ‬انتشارا،‭ ‬والسبب‭ ‬الأول‭ ‬للوفيات‭ ‬في‭ ‬العالم‮.‬
فقد‭ ‬أضحى‭ ‬تحسين‭ ‬مكافحة‭ ‬السرطان‭ ‬رهانا‭ ‬أساسيا‭ ‬للمغرب،‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الأولويات،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬عوامل‭ ‬الخطر،‭ ‬وتطبيق‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وقائية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬واقعية‭ ‬وتشجيع‭ ‬الفحص‭ ‬المبكر‭ ‬والتكفل‭ ‬بالمرضى‮.‬
وبذلك،‭ ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬الأميرة‭ ‬للا‭ ‬سلمى،‭ ‬رئيسة‭ ‬مؤسسة‭ ‬للا‭ ‬سلمى‭ ‬للوقاية‭ ‬وعلاج‭ ‬السرطان،‭ ‬انخرط‭ ‬المغرب‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬المقاربة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وتعبأ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشاركة‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬مخطط‭ ‬وطني‭ ‬للوقاية‭ ‬ومراقبة‭ ‬السرطان‭ ‬‮(‬2010‭ ‬‮-‬‭ ‬2019‮).‬
وبفضل‭ ‬هذا‭ ‬المخطط،‭ ‬استطاع‭ ‬المغرب‭ ‬تحقيق‭ ‬تقدم‭ ‬هام‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬السرطان،‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التكفل‭ ‬بالتشخيص‭ ‬والعلاج‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بناء‭ ‬وإعادة‭ ‬تهيئة‭ ‬وتجهيز‭ ‬تسعة‭ ‬مراكز‭ ‬جهوية‭ ‬للأنكولوجيا‭ ‬‮(‬الرباط‭ ‬والدار‭ ‬البيضاء‭ ‬والحسيمة‭ ‬وفاس‭ ‬ومراكش‭ ‬وأكادير‭ ‬ووجدة‭ ‬ومكناس‭ ‬وطنجة‮)‬،‭ ‬وبناء‭ ‬وتجهيز‭ ‬قطبين‭ ‬للأنكولوجيا-وأمراض‭ ‬النساء‭ ‬بالرباط‭ ‬والدارالبيضاء‮.‬‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬وحدتين‭ ‬لأمراض‭ ‬الدم‭ ‬وسرطان‭ ‬الأطفال‭ ‬‮(‬بالرباط،‭ ‬والدار‭ ‬البيضاء‮)‬،‭ ‬ويجري‭ ‬بناء‭ ‬وتجهيز وحدتين‭ ‬بالمركز‭ ‬الاستشفائي‭ ‬الجامعي‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬فاس‭ ‬ومراكش،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬وتجهيز‭ ‬ثلاث‭ ‬مصالح‭ ‬للعلاج‭ ‬الكيميائي‭ ‬للقرب‭ ‬‮(‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬وبني‭ ‬ملال،‭ ‬والرشيدية‭ ‬والناظور‮)‬‭ ‬لخدمات‭ ‬العلاج‭ ‬الكيميائي‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬النهاري،‭ ‬مع‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬تجهيز‭ ‬مشروع‭ ‬بتطوان‮.‬
ومكن‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬من‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬المخصصة‭ ‬للأدوية‭ ‬المضادة‭ ‬للسرطان‭ ‬والتي‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬درهم‭ ‬سنة‭ ‬2009‭ ‬إلى‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬مليون‭ ‬درهم‭ ‬سنة‭ ‬2016،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ميزانية‭ ‬تخصصها‭ ‬مؤسسة‭ ‬للا‭ ‬سلمى‭ ‬للوقاية‭ ‬وعلاج‭ ‬السرطان‮.‬
وفي‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالوقاية،‭ ‬شجع‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬بلورة‭ ‬برنامج‭ ‬لمكافحة‭ ‬التدخين‭ ‬‮(‬مشروع‭ ‬إعدادية،‭ ‬وثانويات‭ ‬ومقاولات‭ ‬دون‭ ‬تدخين،‭ ‬ومستشفيات‭ ‬دون‭ ‬تدخين،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬قافلات‭ ‬إعلامية‭ ‬بشأن‭ ‬أخطار‭ ‬التدخين‭ ‬ونمط‭ ‬الحياة‭ ‬الصحية‮)‬،‭ ‬ووضع‭ ‬دليل‭ ‬وطني‭ ‬للمساعدة‭ ‬على‭ ‬الإقلاع‭ ‬عن‭ ‬التدخين‭ ‬والتكوين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬لفائدة‭ ‬1200‭ ‬طبيب‭ ‬وإدماج‭ ‬المساعدة‭ ‬للإقلاع عن‭ ‬التدخين‭ ‬ضمن‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬الأولية‭ ‬والمستشفيات،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المستشفيات‭ ‬الجامعية‮.‬
وبشأن‭ ‬محور‭ ‬الكشف‭ ‬المبكر،‭ ‬استفادت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬و616‭ ‬ألفا‭ ‬و481‭ ‬سيدة‭ ‬من‭ ‬فحص‭ ‬سرطان‭ ‬الثدي‭ ‬‮(‬أي‭ ‬نسبة‭ ‬مشاركة‭ ‬ب‭ ‬32‭,‬8‭ ‬في‭ ‬المئة‮)‬‭ ‬وتشخيص‭ ‬ألف‭ ‬و238‭ ‬إصابة‭ ‬بالسرطان‭ ‬سنة‭ ‬2016‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬برنامج‭ ‬الكشف‭ ‬المبكر‭ ‬لسرطان‭ ‬الثدي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تفعيله‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬جميع‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية‭ ‬التابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الصحة‮.‬‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬التكفل‭ ‬بسرطان‭ ‬عنق‭ ‬الرحم،‭ ‬استفادت‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬216‭ ‬ألفا‭ ‬و196‭ ‬امرأة‭ ‬من‭ ‬الفحص‭ ‬المبكر،‭ ‬وتم‭ ‬تشخيص‭ ‬99‭ ‬حالة‭ ‬إصابة‭ ‬بالسرطان‭ ‬سنة‭ ‬2016‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬برنامج‭ ‬فحص‭ ‬سرطان‭ ‬عنق‭ ‬الرحم‭ ‬المدمج‭ ‬في‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬الأولية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬ثماني‭ ‬جهات‭ ‬‮(‬الرباط‭ ‬سلا‭ ‬القنيطرة،‭ ‬والدار‭ ‬البيضاء‭ ‬سطات،‭ ‬وفاس‭ ‬مكناس،‭ ‬ودرعة‭ ‬تافيلالت،‭ ‬وبني‭ ‬ملال‭ ‬خريبكة،‭ ‬ومراكش‭ ‬آسفي،‭ ‬وطنجة‭ ‬تطوان-الحسيمة،‭ ‬وسوس‭ ‬ماسة‮).‬
وفي‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعلاجات‭ ‬التلطيفية،‭ ‬تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬بلورة‭ ‬استراتيجية‭ ‬للرعاية‭ ‬التلطيفية‭ ‬ودليل‭ ‬للرعاية‭ ‬التلطيفية‭ ‬‮(‬قيد‭ ‬الاعتماد‮)‬،‭ ‬وإنجاز‭ ‬خمسة‭ ‬مشاريع‭ ‬تجريبية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬خمس‭ ‬جهات‭ ‬‮(‬‭ ‬الرباط،‭ ‬والدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬ومراكش،‭ ‬وفاس،‭ ‬والشرق‮)‬‭ ‬وتكوين‭ ‬100‭ ‬مهني‭ ‬في‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الرعاية‭ ‬التلطيفية‭ ‬والدعم‭ ‬النفسي‭ ‬والاجتماعي‮.‬
ويشكل‭ ‬تخليد‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2007‭ ‬بمبادرة‭ ‬مؤسسة‭ ‬للا‭ ‬سلمى‭ ‬للوقاية‭ ‬وعلاج‭ ‬السرطان‭ ‬ووزارة‭ ‬الصحة،‭ ‬فرصة‭ ‬لزيادة‭ ‬الوعي‭ ‬بأهمية‭ ‬التشخيص‭ ‬المبكر‭ ‬والنظر‭ ‬إلى‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬حققها‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬هذا‭ ‬الداء‮.‬

«جنات‮» ‬‭ ‬لإيواء‭ ‬المرضى‭ ‬‮..‬‭ ‬ضماد‭ ‬
على‭ ‬جراح‭ ‬المعاناة‭ ‬

‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬السنة،‭ ‬تتردد‭ ‬لطيفة،‭ ‬المصابة‭ ‬بسرطان‭ ‬الثدي،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬ربيعها‭ ‬السادس‭ ‬والثلاثين،‭ ‬على‭ ‬‮”‬جنات‮”‬‭ ‬الجمعية‭ ‬الخيرية‭ ‬المخصصة‭ ‬لإيواء‭ ‬مرضى‭ ‬السرطان‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الرباط،‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬عشرات‭ ‬المصابات‭ ‬بالداء‭ ‬اللائي‭ ‬يتوافدن‭ ‬على‭ ‬بيت‭ ‬‮”‬الحاجة‭ ‬خديجة‮”‬‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬المغرب‮.
‮»‬حين‭ ‬علمت‭ ‬بإصابتي‭ ‬بسرطان‭ ‬الثدي،‭ ‬كنت‭ ‬حاملا‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الرابع‮»‬،‭ ‬تقول‭ ‬لطيفة‭ ‬المنحدرة‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬العرائش‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬لوكالة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬للأنباء،‭ ‬وتضيف‭ ‬‮»‬في‭ ‬البداية‭ ‬لم‭ ‬آبه‭ ‬بإصابتي‭ ‬بالمرض‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬حملت‭ ‬هم‭ ‬طفلتي‭ ‬التي‭ ‬بين‭ ‬أحشائي،‭ ‬وطفلي‭ ‬التوأم‭ ‬اللذين‭ ‬لم‭ ‬يتجاوزا‭ ‬بعد‭ ‬سن‭ ‬العاشرة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مقاساة‭ ‬التنقل‭ ‬بين‭ ‬الرباط‭ ‬والعرائش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬المأوى‭ ‬وقلة‭ ‬ذات‭ ‬اليد،‭ ‬لولا‭ ‬دعم‭ ‬جمعية‭ ‬‮»‬جنات‮»‬‭ ‬المجاني‭ ‬وغير‭ ‬المشروط‭ ‬لتوفير‭ ‬المأوى‭ ‬والرعاية‮».‬
منذ‭ ‬العام‭ ‬2007،‭ ‬يقول‭ ‬صالح‭ ‬القرطي‭ ‬نائب‭ ‬رئيسة‭ ‬الجمعية،‭ ‬و»بعد‭ ‬معاناتها‭ ‬لسنوات‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬الذي‭ ‬توفى‭ ‬بسبب‭ ‬مرض‭ ‬السرطان،‭ ‬ارتأت‭ ‬الحاجة‭ ‬خديجة‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬بيتها‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬طوابق‭ ‬بحي‭ ‬يعقوب‭ ‬المنصور‭ ‬بالرباط‭ ‬للمصابات‭ ‬بهذا‭ ‬الداء‭ ‬ممن‭ ‬اجتمع‭ ‬عليهن‭ ‬المرض‭ ‬وقلة‭ ‬ذات‭ ‬اليد،‭ ‬وممن‭ ‬لا‭ ‬يتوفرن‭ ‬على‭ ‬بيت‭ ‬يأويهن‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬العلاج،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬الأكل‭ ‬ووسيلة‭ ‬للتنقل‭ ‬من‭ ‬الجمعية‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى،‭ ‬ومختلف‭ ‬ظروف‭ ‬الراحة‮».‬
عن‭ ‬بدايات‭ ‬الجمعية،‭ ‬يقول‭ ‬صالح‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬استقته‭ ‬الوكالة‭ ‬بمناسبة‭ ‬تخليد‭ ‬اليوم‭ ‬الوطني‭ ‬لمحاربة‭ ‬داء‭ ‬السرطان‭ ‬‮(‬22‭ ‬نونبر‮)‬،‭ ‬إنه‭ ‬‮»‬وبعد‭ ‬سنتين‭ ‬شهد‭ ‬إبانهما‭ ‬‮»‬بيت‭ ‬الحاجة‮»‬‭ ‬إقبالا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المصابات‭ ‬بهذا‭ ‬الداء،‭ ‬تخطى‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬الثلاثين‭ ‬مصابة،‭ ‬ارتأت‭ ‬الحاجة‭ ‬خديجة‭ ‬تأسيس‭ ‬جمعية‭ ‬بطريقة‭ ‬قانونية‭ ‬اختارت‭ ‬لها‭ ‬اسم‭ ‬‮»‬جنات‭ ‬لإيواء‭ ‬مرضى‭ ‬السرطان‭ ‬بالمجان‮»‬،‭ ‬وتطوير‭ ‬وتنويع‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المحسنين،‭ ‬وبعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬لترميم‭ ‬مقر‭ ‬الجمعية‭ ‬آنذاك‭ ‬وتجهيز‭ ‬مرافقها‮».‬
على‭ ‬أحد‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬مرقد‭ ‬نزيلات‭ ‬الجمعية،‭ ‬تتواجد‭ ‬‮»‬فوزية‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬وافدة‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬الجمعية،‭ ‬في‭ ‬حديثها‭ ‬للوكالة‭ ‬بدت‭ ‬هذه‭ ‬السيدة‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬مشرع‭ ‬بلقصيري‭ ‬عازمة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬مرض‭ ‬نزع‭ ‬منها‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬أنوثتها‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬ستة‭ ‬أشهر،‭ ‬مفعمة‭ ‬بأمل‭ ‬لا‭ ‬تخبو‭ ‬جذوته‮.‬
تقول‭ ‬‮»‬فوزية‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬أم‭ ‬لستة‭ ‬أطفال‭ ‬‮»‬زوجي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مرض‭ ‬مزمن،‭ ‬وأجد‭ ‬نفسي‭ ‬عاجزة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬مصاريف‭ ‬التنقل‭ ‬إلى‭ ‬الرباط،‭ ‬وقد‭ ‬أتخلى‭ ‬عن‭ ‬العلاج‭ ‬لهذا‭ ‬السبب،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬قدومي‭ ‬ل»جنات‮»‬‭ ‬أستطيع‭ ‬توفير‭ ‬مصاريف‭ ‬التنقل‭ ‬اليومي‭ ‬أو‭ ‬الأسبوعي‭ ‬على‭ ‬الأقل‮»‬،‭ ‬مضيفة‭ ‬‮»‬هذه‭ ‬الجمعية‭ ‬أنقذت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬المشابهة‭ ‬لحالتي‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬المرض،‭ ‬فثمة‭ ‬من‭ ‬يتخلين‭ ‬عن‭ ‬حصص‭ ‬العلاج‭ ‬المنتظم‭ ‬بسبب‭ ‬طول‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬مقار‭ ‬سكناهن‭ ‬وقصر‭ ‬ذات‭ ‬اليد‮».‬
أما‭ ‬الحاجة‭ ‬‮»‬فاضمة‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬المستفيدات‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬الجمعية،‭ ‬والتي‭ ‬تتردد‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬على‭ ‬الرباط‭ ‬للتتبع‭ ‬الطبي‭ ‬لحالتها‭ ‬بعد‭ ‬تعافيها‭ ‬من‭ ‬المرض،‭ ‬فقالت‭ ‬‮»‬قبل‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬أصبت‭ ‬بسرطان‭ ‬الرحم،‭ ‬بعد‭ ‬اكتشافي‭ ‬المرض‭ ‬انتقلت‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬خنيفرة‭ ‬إلى‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬ثم‭ ‬الرباط،‭ ‬حيث‭ ‬أرشدني‭ ‬أحد‭ ‬معارفي‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬‮»‬الحاجة‭ ‬خديجة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تلقيت‭ ‬الرعاية‭ ‬والدعم‭ ‬المادي‭ ‬والنفسي‮»‬،‭ ‬وتؤكد‭ ‬وهي‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬مغالبة‭ ‬دموعها‭ ‬‮»‬تربطني‭ ‬علاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬بهذا‭ ‬البيت‭ ‬وساكنيه،‭ ‬هنا‭ ‬كتبت‭ ‬لي‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭ ‬بعد‭ ‬مقاساة‭ ‬مع‭ ‬مرض‭ ‬قلب‭ ‬حياتي‭ ‬رأسا‭ ‬على‭ ‬عقب‮».‬
طوال‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬الجمعية،‭ ‬لم‭ ‬يفتأ‭ ‬عدد‭ ‬الوافدات‭ ‬عليها‭ ‬يتزايد‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬حالات‭ ‬الإصابة‭ ‬بالسرطان،‭ ‬لاسيما‭ ‬سرطان‭ ‬الثدي،‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬أغلبية‭ ‬الحالات‭ ‬المتواجدة‭ ‬ب»جنات‮»‬‭ ‬حسب‭ ‬صالح،‭ ‬مبرزا‭ ‬أنها‭ ‬تستقبل‭ ‬حوالي‭ ‬120‭ ‬حالة‭ ‬خلال‭ ‬الشهر،‭ ‬تأويها‭ ‬الجمعية‭ ‬بين‭ ‬يوم‭ ‬و20‭ ‬يوما،‮ ‬بمعدل‭ ‬12‭ ‬إلى‭ ‬18‭ ‬حالة‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬وهو‭ ‬عدد‭ ‬يصل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬25‭ ‬بسبب‭ ‬‮»‬عجزنا‭ ‬عن‭ ‬صد‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬المزرية‭ ‬بعد‭ ‬معاناة‭ ‬يوم‭ ‬شاق،‭ ‬حيث‭ ‬نضطر‭ ‬إلى‭ ‬تدبر‭ ‬الأمر‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تجاوزنا‭ ‬الطاقة‭ ‬الاستيعابية‮»‬،‭ ‬قائلا‭ ‬‮»‬تكفيهن‭ ‬معاناتهن‭ ‬مع‭ ‬المرض‮».‬
وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف،‭ ‬يؤكد‭ ‬صالح‭ ‬أن‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬يواجه‭ ‬الجمعية‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬محدودية‭ ‬الطاقة‭ ‬الاستيعابية،‭ ‬بموازاة‭ ‬التزايد‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الوافدات‭ ‬عليها،‭ ‬خاصة‭ ‬أولئك‭ ‬القادمات‭ ‬من‭ ‬مدن‭ ‬وقرى‭ ‬نائية،‭ ‬‮»‬فمنهن‭ ‬شابات‭ ‬في‭ ‬مقتبل‭ ‬العمر،‭ ‬ومنهن‭ ‬أمهات‭ ‬يعشن‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬العودة‭ ‬لبيوتهن‭ ‬وأطفالهن‮»‬،‭ ‬‮»‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬وسيلة‭ ‬للتنقل‭ ‬تنضاف‭ ‬إلى‭ ‬سيارة‭ ‬أمدتنا‭ ‬بها‭ ‬المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬بسعة‭ ‬تسعة‭ ‬مقاعد‮».‬
المتحدث‭ ‬ذاته‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬عزم‭ ‬الجمعية‭ ‬افتتاح‭ ‬مقر‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬مقرها‭ ‬الحالي،‭ ‬معتبرا‭ ‬‮»‬أنه‭ ‬حلم‭ ‬تحقق‭ ‬للقائمين‭ ‬عليها‭ ‬كما‭ ‬المستفيدات‭ ‬من‭ ‬خدماتها،‭ ‬لا‭ ‬ينقصه‭ ‬سوى‭ ‬التجهيز‭ ‬ببعض‭ ‬المعدات‭ ‬والأثاث‮»‬،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬التحضير‭ ‬لافتتاح‭ ‬فرع‭ ‬آخر‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نقوم‭ ‬بتكوين‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المساعدين‭ ‬الاجتماعيين‭ ‬ليقدموا‭ ‬خدمات‭ ‬مماثلة‭ ‬لتلك‭ ‬المتوفرة‭ ‬بالرباط،‭ ‬ولكي‭ ‬تنعم‭ ‬المريضات‭ ‬بظروف‭ ‬مواتية‭ ‬تتلاءم‭ ‬مع‭ ‬وضعهن‭ ‬الصحي‭ ‬الحرج،‭ ‬لاسيما‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التغذية‭ ‬والنظافة‭ ‬والراحة‮.‬
كما‭ ‬أبرز‭ ‬أن‭ ‬خدمات‭ ‬‮»‬جنات‮»‬‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬الإيواء،‭ ‬بل‭ ‬تشمل‭ ‬أنشطة‭ ‬ترفيهية‭ ‬تتوخى‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬النفسي‭ ‬والمعنوي‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المريضات‭ ‬يقدمها‭ ‬متطوعون‭ ‬من‭ ‬طلبة‭ ‬الجامعات‭ ‬والجمعيات‭ ‬الشبابية‭ ‬والنسائية،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬‮»‬الكثيرات‭ ‬يستعدن‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬والحيوية‭ ‬بعد‭ ‬البوح‭ ‬والترويح‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬وبعد‭ ‬معاينة‭ ‬أولئك‭ ‬اللائي‭ ‬تحملن‭ ‬الصعاب‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬المرض‮».‬
في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬قالت‭ ‬لطيفة‭ ‬الوادي،‭ ‬إحدى‭ ‬المساعدات‭ ‬الاجتماعيات‭ ‬بالجمعية،‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬2011،‭ ‬‮»‬أسعى،‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى،‭ ‬بمعية‭ ‬باقي‭ ‬مكونات‭ ‬الجمعية‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬النفسي‭ ‬والمعنوي‭ ‬للنزيلات،‭ ‬أزورهن‭ ‬بمعدل‭ ‬مرتين‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬رفقة‭ ‬محسنات‭ ‬يسعين‭ ‬إلى‭ ‬إدخال‭ ‬الفرحة‭ ‬على‭ ‬قلوبهن‮».‬
لطيفة‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬الجمعية‭ ‬‮»‬بيتها‭ ‬الثاني‮»‬،‭ ‬مضيفة‭ ‬‮»‬يعتريني‭ ‬فرح‭ ‬عارم‭ ‬عندما‭ ‬أرى‭ ‬البسمة‭ ‬بادية‭ ‬على‭ ‬وجوههن،‭ ‬وبت‭ ‬أحمل‭ ‬على‭ ‬عاتقي‭ ‬مسؤولية‭ ‬معنوية‭ ‬لدعمهن‭ ‬على‭ ‬تخطي‭ ‬معاناة‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬المرض،‭ ‬بل‭ ‬تشمل‭ ‬أسرهن‭ ‬وأنوثتهن‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‮».‬
وعن‭ ‬توفير‭ ‬الدواء‭ ‬لهؤلاء‭ ‬النساء‭ ‬قال‭ ‬صالح‭ ‬إن‭ ‬ثمة‭ ‬جهودا‭ ‬تبذل‭ ‬لتوفير‭ ‬الدواء‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬توفره‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المختصة،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬العلاج،‭ ‬والمساعدة‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬خمسمائة‭ ‬درهم‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬للحالة‭ ‬الواحدة،‭ ‬مضيفا‭ ‬‮»‬حددنا‭ ‬لائحة‭ ‬للأدوية‭ ‬الأكثر‭ ‬طلبا،‭ ‬والتي‭ ‬يقوم‭ ‬بعض‭ ‬المحسنين‭ ‬بتوفيرها‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬وجدت‭ ‬حالة‭ ‬اجتماعية‭ ‬مزرية‭ ‬يتكفل‭ ‬بعض‭ ‬المحسنين‭ ‬بتوفير‭ ‬مصاريف‭ ‬الدواء‭ ‬كاملة‭ ‬بلا‭ ‬تردد‮».‬
إضافة‭ ‬إلى‭ ‬طاقم‭ ‬الجمعية‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬أفراده‭ ‬كمتطوعين‭ ‬لخدمة‭ ‬مريضات‭ ‬السرطان،‭ ‬أبرز‭ ‬أن‭ ‬الجمعية‭ ‬تشغل‭ ‬حوالي‭ ‬7‭ ‬مستخدمين‭ ‬يسهرون‭ ‬على‭ ‬الشؤون‭ ‬الإدارية‭ ‬ولاسيما‭ ‬تسجيل‭ ‬البيانات‭ ‬الشخصية‭ ‬للنزيلات‭ ‬وتنظيم‭ ‬مواعيدهن،‭ ‬وكل‭ ‬الحسابات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالجمعية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬موظفة‭ ‬الاستقبال‭ ‬والعاملات‭ ‬في‭ ‬المطبخ،‭ ‬والسائق‭ ‬الذي‭ ‬يتكلف‭ ‬بإيصال‭ ‬المريضات‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬حسب‭ ‬موعد‭ ‬كل‭ ‬واحدة‭ ‬منهن.كما‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬العاملين‭ ‬والمتدخلين‭ ‬بالجمعية‭ ‬يبذلون‭ ‬قصارى‭ ‬جهدهم‭ ‬لتقديم‭ ‬خدمة‭ ‬إنسانية‭ ‬متكاملة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬شقيقته‭ ‬رئيسة‭ ‬الجمعية‭ ‬‮»‬وهبت‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أملك‭ ‬لمريضات‭ ‬السرطان،‭ ‬وأرجو‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬بيتي‭ ‬مفتوحا‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬كل‭ ‬مريض‭ ‬ومحتاج‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬وفاتي‮».‬

نضال‭ ‬أمينة‭ ‬ضد‭ ‬السرطان‮.‬
‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1998،‭ ‬تلقت‭ ‬أمينة‭ ‬خبر‭ ‬إصابتها‭ ‬بداء‭ ‬السرطان،‭ ‬لتكون‭ ‬لحظة‭ ‬تحول‭ ‬بعثرت‭ ‬هدوء‭ ‬حياتها،‭ ‬وبداية‭ ‬معركة‭ ‬شرسة‭ ‬ضد‭ ‬المرض‭ ‬واختبارا‭ ‬حقيقيا‭ ‬للصبر‭ ‬والمثابرة‮.‬
السرطان‭ ‬أو‭ ‬‮»‬المرض‭ ‬الخايب‮»‬‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يسميه‭ ‬المغاربة،‭ ‬يظل‭ ‬في‭ ‬المخيلة‭ ‬الشعبية‭ ‬مرضا‭ ‬محاطا‭ ‬بالغموض‭ ‬وغير‭ ‬معروف،‭ ‬مما‭ ‬يجعله‭ ‬موضوع‭ ‬معتقدات‭ ‬خاطئة‭ ‬تصل‭ ‬بالبعض‭ ‬إلى‭ ‬اعتباره‭ ‬‮»‬عقابا‭ ‬إلهيا‮».‬
تم‭ ‬تشخيص‭ ‬إصابة‭ ‬أمينة،‭ ‬البالغة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬40‭ ‬سنة،‭ ‬بسرطان‭ ‬الثدي‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬متقدمة،‭ ‬‮»‬حين‭ ‬تلقيت‭ ‬الخبر،‭ ‬كنت‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الصدمة‮»‬،‭ ‬تقول‭ ‬أمينة‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لوكالة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬للأنباء،‭ ‬وتضيف‭ ‬‮»‬رفضت‭ ‬تقبل‭ ‬المرض‮.‬‭ ‬احتجت‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬والإيمان‭ ‬بالله‭ ‬لتجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬المظلمة‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدائرة‭ ‬المغلقة‮».‬
‮»‬كانا‭ ‬صغيرين‭ ‬آنذاك،‭ ‬أكرم‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬وحياة‭ ‬14‭ ‬سنة،‭ ‬لمن‭ ‬سأتركهما؟‭ ‬من‭ ‬سيهتم‭ ‬بهما؟‭ ‬من‭ ‬سيعد‭ ‬لهما‭ ‬أطباقهما‭ ‬المفضلة؟‭ ‬هل‭ ‬سيصبحان‭ ‬يتيمين‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬اللعين؟‮»‬‭ ‬‮»‬في‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬بالضبط‭ ‬تقول‭ ‬أمينة‭ ‬‮»‬أسررت‭ ‬لنفسي‭ ‬بأنني‭ ‬لم‭ ‬أمت‭ ‬بعد‭ ‬وسأهزم‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬برأس‭ ‬مرفوعة‮».‬
بشجاعة‭ ‬وقوة‭ ‬وإصرار‭ ‬وتفاؤل،‭ ‬تحكي‭ ‬أمينة‭ ‬تجربتها‭ ‬مع‭ ‬مرض‭ ‬السرطان‭ ‬والدموع‭ ‬تغالب‭ ‬عينيها‭ ‬فيما‭ ‬ترتسم‭ ‬ابتسامة‭ ‬نصر‭ ‬محتشمة‭ ‬على‭ ‬محياها‮.‬‭ ‬وتبوح‭ ‬هذه‭ ‬المرأة‭ ‬الشجاعة‭ ‬التي‭ ‬تحتفظ‭ ‬بديناميتها‭ ‬رغم‭ ‬تقدمها‭ ‬في‭ ‬السن‭ ‬قائلة‭ ‬‮»‬اللحظة‭ ‬الأكثر‭ ‬إيلاما‭ ‬كانت‭ ‬حين‭ ‬تمت‭ ‬إزالة‭ ‬الثدي،‭ ‬أحسست‭ ‬وكأنهم‭ ‬أزالوا‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬أنوثتي،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬تقبل‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬غير‭ ‬أنني‭ ‬تعلمت‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬تقدير‭ ‬جسدي‭ ‬والمرأة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬غدوت،‭ ‬بجراحي‭ ‬وندوبي‮».‬
وتتذكر‭ ‬بمرارة‭ ‬‮»‬بعد‭ ‬العملية،‭ ‬كانت‭ ‬مرحلة‭ ‬العلاج‭ ‬الكيميائي،‭ ‬كانت‭ ‬اختبارا‭ ‬حقيقيا‭ ‬لمعنى‭ ‬الصبر،‭ ‬كنت‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬تعب‭ ‬كبير،‭ ‬وفقدت‭ ‬شعري‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬نفسي‭ ‬في‭ ‬المرآة‭ ‬وصعب‭ ‬على‭ ‬البعض‭ ‬التعرف‭ ‬علي،‭ ‬كنت‭ ‬منهكة‭ ‬ونحيلة‮».‬‭ ‬استرسلت‭ ‬أمينة‭ ‬‮»‬كانت‭ ‬تجربة‭ ‬جد‭ ‬قاسية‭ ‬ومؤلمة‭ ‬لكن‭ ‬بفضل‭ ‬دعم‭ ‬أسرتي‭ ‬استطعت‭ ‬تجاوز‭ ‬هذه‭ ‬المحنة،‭ ‬تخوف‭ ‬طفلاي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬المفاجئ‭ ‬لكن‭ ‬وبالتدريج‭ ‬وبعد‭ ‬توضيح‭ ‬طبيعة‭ ‬المرض‭ ‬أضحيا‭ ‬سندا‭ ‬لي‭ ‬وأضحى‭ ‬حبي‭ ‬لأسرتي‭ ‬أكثر‭ ‬قوة،‭ ‬فالأطفال‭ ‬يظهرون‭ ‬تفهما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الكبار‭ ‬أحيانا‮».‬
وتشدد‭ ‬أمينة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮»‬الدعم‭ ‬المعنوي‭ ‬للأسرة‭ ‬جد‭ ‬هام‭ ‬لكل‭ ‬شخص‭ ‬مصاب‭ ‬بالسرطان،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للطاقم‭ ‬المعالج‭ ‬وخاصة‭ ‬الطبيب‭ ‬المختص‭ ‬إذ‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالدعم‭ ‬النفسي‭ ‬الأول‮».‬
وبإيمان‭ ‬قوي‭ ‬تضيف‭ ‬أمينة‭ ‬‮»‬الشفاء‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬ليس‭ ‬نهائيا،‭ ‬إذ‭ ‬هناك‭ ‬توجس‭ ‬دائم‭ ‬من‭ ‬ظهور‭ ‬ورم‭ ‬آخر‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي،‭ ‬إذ‭ ‬بعد‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬تم‭ ‬تشخيص‭ ‬إصابتي‭ ‬بسرطان‭ ‬الثدي‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬تم‭ ‬اكتشاف‭ ‬المرض‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬مبكرة‭ ‬بفضل‭ ‬المراقبة‭ ‬المنتظمة‮».‬
وتنصح‭ ‬أمينة‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المراقبة الدورية‭ ‬والكشف‭ ‬المبكر‭ ‬هما‭ ‬وصفة‭ ‬علاج‭ ‬أسهل‭ ‬وناجع‭ ‬ضد‭ ‬السرطان‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬المرتبطة‭ ‬ببعض‭ ‬العلاجات‭ ‬المؤلمة،‭ ‬مثل‭ ‬إزالة‭ ‬الثدي،‭ ‬داعية‭ ‬النساء‭ ‬إلى‭ ‬مراجعة‭ ‬الطبيب‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ملاحظة‭ ‬تغير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الثديين‭ ‬والقيام‭ ‬بمراقبة‭ ‬دورية‭ ‬للكشف‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تغير‭ ‬محتمل،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬سن‭ ‬الأربعين‮.‬
وتلاحظ‭ ‬أمينة‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬خطا‭ ‬خطوات‭ ‬هامة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬السرطان،‭ ‬إذ‭ ‬تلاحظ‭ ‬ظهور‭ ‬وعي‭ ‬حقيقي‭ ‬بالمرض‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البرامج‭ ‬والوصلات‭ ‬وحملات‭ ‬التحسيس،‭ ‬كما‭ ‬أضحى‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬العلاج‭ ‬أكثر‭ ‬سهولة‮.‬
وعلى‭ ‬غرار‭ ‬أمينة،‭ ‬عديدات‭ ‬هن‭ ‬النساء‭ ‬اللائي‭ ‬يكافحن‭ ‬السرطان‮.‬‭ ‬فسرطان‭ ‬الثدي‭ ‬وعنق‭ ‬الرحم‭ ‬يشكلان‭ ‬بالمغرب‭ ‬مشكلا‭ ‬حقيقيا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصحة‭ ‬العمومية،‭ ‬فهما‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشارا‭ ‬ويمثلان‭ ‬حوالي‭ ‬خمسة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬10‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بالسرطان‭ ‬لدى‭ ‬النساء‮.‬‭ ‬كما‭ ‬يتم‭ ‬التشخيص‭ ‬بشكل‭ ‬متأخر‭ ‬مما‭ ‬يؤخر‭ ‬التكفل‭ ‬العلاجي‭ ‬ويصعب‭ ‬مهمة‭ ‬الشفاء‮.‬‭ ‬ويبقى‭ ‬الكشف‭ ‬المبكر‭ ‬وسيلة‭ ‬بسيطة‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تنقذ‭ ‬حياة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النساء‮.‬


الكاتب : ‮ ‬إيمان بروجي‮ / ‬فاطمة الزهراء الراجي‮ ‬

  

بتاريخ : 27/11/2017