الدكتور عبد الرحيم غريب الباحث في المجال الرياضي

لتحقيق التنمية الرياضية، أصبحنا مطالبين بالاعتماد على العلم وعلى البحث

 

على هامش انعقاد المناظرة الدولية حول البحث العلمي في المجال الرياضي، خلال الشهر الفائت، والتي احتضنتها على مدى يومين ، المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بمدينة الدار البيضاء، التقت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» بالدكتور عبد الرحيم غريب الباحث في المجال الرياضي الذي يعتبر المنسق الأول في تنظيم المناظرة، وحاورته في مجموعة من القضايا التي تهم مجال البحث العلمي في المجال الرياضي.
المناظرة إياها، والتي نظمت من طرف مختبر البحث الاستشرافي في المالية والتسيير التابع للمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بمدينة الدار البيضاء ، اختتمت أشغالها بإصدار توصيات حول ثلاثة محاور: الأول ناقش الحكامة والرياضة، حيث دعا المشاركون إلى تفعيل الشراكة من مراكز التكوين الخاصة بالتدبير والوزارة الوصية قصد الاستفادة من خبرة الأساتذة الباحثين في مجال التسيير والتسويق الرياضي. وفي محور قانون الرياضة، أوصت المناظرة بتفعيل الشق الخاص بقانون التربية البدنية والرياضة 30.09، من خلال إصدار القوانين التنظيمية الخاصة بجميع بنود هذا القانون. إضافة إلى ضرورة إعادة النظر في بعض مضامين 09.09 الخاص بالحد من الشغب. أما المحور الثالث الخاص بالتنمية الترابية، فقد طالب بتفعيل دور المجتمع المدني تحت إشراف الجماعات الترابية من أجل تطوير الممارسة الرياضية بالنسبة لشرائح المجتمع، وإعادة الدور الفعال للرياضة المدرسية، وإلى خلق جمعيات من طرف الباحثين الأكاديميين من أجل تطوير الشأن الرياضي المحلي.
كما دعا المشاركون إلى التفكير في سياسة رياضية شمولية بمشاركة جميع الفاعلين في الشأن الرياضي من وزارات وجماعات ترابية ومجتمع مدني، قصد إشراك السكان في تدبير الشأن الرياضي المحلي. وتفعيل دور المجالس الرياضية المحلية.

 

كيف تقرأ الخلاصات التي انبثقت عن المناظرة؟

من الصعب اختزال العمل في عدد من الخلاصات في حيز من الوقت، المهم من هذا المؤتمر، هو لم شتات أسرة البحث العلمي في المجال الرياضي، وأن يتحقق التعارف بين أفراد هذه الأسرة.كان لابد من بعث إشارات لأصحاب القرار بأن هناك باحث رياضي، ليس له طموح سوى البحث العلمي، ويمكن بالأدوات التي يتوفر عليها من مواكبة التطور الذي يعرفه هذا المجال، ونفعه خير من ضرره.
نتأسف أننا، إذا قارنا أنفسنا بالدول المتقدمة كفرنسا مثلا، التي تنتج كما هائلا من الأبحاث وتضعها رهن الباحث الذي تستعمل كمادة أولية، يستخرج منها عدة خلاصات تعود بالنفع على المجال الرياضي، أما في المغرب فالإحصائيات التي تنتجها المندوبية السامية للتخطيط تعد قليلة جدا، مما يصعب المأمورية على الباحث الذي يحتاج إلى أرقام وإحصائيات من أجل استعمالها في البحث.

وما العمل إذن؟

بات من اللازم على المندوبية أن تولي أهمية للتخطيط من جل تسهيل الوضع على الباحث. نفس الأمر ينطبق على الأندية والوزارات والجامعات الشحيحة هي أيضا في مجال الأرقام والإحصائيات والبيانات. فالباحث يجد صعوبة، فيما يتعلق بالأندية والجامعات مثلا، في الحصول على التقريرين الأدبي والمالي، لكي يقوم من خلالهما باستخراج المعطيات، والخلاصات والأرقام التي يمكن أن يبني عليها أبحاثه. وربما من خلال تلك القراءة العلمية للتقريرين الأدبي والمالي، يمكن للمتتبع أن يفاجأ، لأن نظرة الباحث تختلف عن الرجل العادي.

كيف قرأت المناظرة واقع الرياضة المغربية؟

اشتغلنا في المؤتمر على الحكامة ،وأهم معطى في الحكامة هو توفر رؤية. نحن نتساءل ومنذ عدة سنوات وعقود، حول الكيفية التي يتم بها التسيير الرياضي، وما هي الإستراتيجية، لهذا لايمكن تقييم الحصيلة إلا إذا وضعنا أمامنا أهداف على المستوى القريب والبعيد وتحديدها في زمن معين، وفيما بعد، ننظر ونعاين ما هي النسبة التي وصلنا اليها، وما هي الأسباب التي منعتنا من تحقيق نسبة كبيرة من الأهداف، مما يخول لنا الإجابة على السؤال:هل نحن في الطريق الصحيح أم العكس؟
في ما يتعلق بمراقبة التسيير، فإنها تبقى طريقة نمطية، إننا قمنا بما هو مطلوب منا في حدود الأهداف، في حين أكثر الأندية تعاني من الخصاص المادي الذي يربك التسيير الصحيح مما يوحي أن جل الأندية تسير بطريقة عشوائية تؤكد أنه ليست هناك نظرة مستقبلية، ليس هناك تخمينات لتقنين التسيير المادي. وهنا أتحدى أي نادي قام بوضع تصور مالي للموسم الجديد،الأندية تشتغل بطريقة (كل نهار و نهارو).
أما الجانب الذي يهم اللاعب، أعتقد أنه من المستحيل أن ينام اللاعب هاويا ويستيقظ محترفا. لهذا، هناك أمور عدة تتطلب عدد من سنوات التكوين، بمعنى، أن نظام الاحتراف يجب أن يرافق اللاعب في صغره وفي شبابه وفي فئة الأمل حتى يصل الى فئة الكبار. وغير مقبول بل يعد من الخيال أن يوقع اللاعب عقدا فقط لكي يصبح محترفا بين عشية وضحها.هل يمكن أن نقول بأن هذا النادي يعيش الاحتراف ؟ والطبيب متطوع، والممرض متطوع، والمسير متطوع؟ إما أن تكون كل المنظومة محترفة وإما لن يكون هناك احتراف..

تطرق الباحثون والمتدخلون في المناظرة عن السياسات الرياضية، ماذا تعنون بذلك؟

حاولنا الانفتاح، كباحثين، على رياضات أخرى، من أجل الدراسة و التحليل، والانفتاح على السياسات الرياضية لأنه حان الوقت لكي تأخذ الأمور بكل جدية. كان بإمكان وضع خريطة الطريق بعد الرسالة الملكية لسنة 2008، ولكن ، وقد مرت تسع سنوات ، ألم يحن الوقت لتقييم الحصيلة ؟ وقد ظهرت لنا التجليات على دسترة الرياضة من خلال ثلاث مواد في دستور 2011. ما نتمناه هو تحديد إطار للجهوية الموسعة في علاقتها بالرياضة، وأن نراها ترسم تصورا ومنهجية لدفع المواطن لممارسة الرياضة.

أين وصل البحث العلمي في مجال الرياضة في المغرب؟

بكل صدق، إذا رجعنا إلى العشر سنوات الماضية ، كان في هذا المجال، باحث علمي رياضي واحد ويتعلق الأمر بالأستاذ محمد قعاش، الذي حصل على الدكتوراة في فرنسا، والذي يعود له كل الفضل في تأطير مجموعة من الطلبة والباحثين المغاربة. اليوم أصبح العدد أربعة، مما خولنا الوصول إلى ثلاثة أطروحات انضافت لأطروحة محمد قعاش، الأولى في الحكامة الترابية، وأخرى في الحكامة الرياضية، و الثالثة في السياسات الرياضية في المغرب، والجميل أن هؤلاء الباحثين ساهموا في تكوين باحثين آخرين وأصبح لنا شجرة مثمرة.
في المناظرة،ألقيت أكثر من ستين مداخلة، ما يوضح أن مجال البحث العلمي تطور بشكل كبير،علما أن عدد كبير من تلك المداخلات كانت لشباب المستقبل، ولم يتم تقييم العمل على مستوى الكم بل على مستوى الكيف، وقد لاحظنا أن هناك أبحاث جيدة وأخرى متوسطة، و هذا بشهادة الضيوف الأجانب الذين قاموا بتقييم مدى مستوى هذه الورشات والأبحاث، وكذلك إبداء الملاحظات على ما قدمه الطلبة الباحثون.
اليوم، يكمن أن نجزم بأن هناك أسرة كبيرة للبحث الرياضي، والدليل أن الباحثين الضيوف انبهروا ببعض الأبحاث، وعبروا عن رغبتهم في إبرام شراكات في المستقبل القريب من أجل تبادل الخبرات في هذا المجال.

مما يثير الاستغراب هو غياب مسؤولي الرياضة الوطنية عن حضور المناظرة ؟

بما أنني مشرف على التنظيم، فقد قمت بنشر بلاغات صحفية وإعلانات في كل الجرائد لكي تكون الدعوة عامة، كما اعتمدنا على المواقع الإلكترونية وكذلك الرسائل النصية الهاتفية للذين نتوفر على أرقام هواتفهم، وقد اتصلنا بالوزارة واتصلنا بالجامعات، ولكن لم يتفاعلوا إيجابيا مع الدعوة، إما لظروف قاهرة أو أن هذا الأمر لا يهمهم ولن يستفيدوا من المناظرة أو أنهم لم يدركوا بعد أن الدول لا تتقدم بدون الاعتماد على البحث العلمي. رغم هذا نبقى متفائلين لأننا قمنا بمبادرة للانفتاح على محيطنا ونتمنى أن تكون نفس الرغبة عند الفاعلين الرياضيين مستقبلا. يجب على الجميع أن يدرك أهمية البحث العلمي في تنمية الرياضة الوطنية. ونحن كباحثين، سنشتغل على هذا الأساس.


الكاتب : حوار: سعيد هندي

  

بتاريخ : 11/12/2017

أخبار مرتبطة

يواجه الجيش الملكي في مؤجل سدس عشر نهائي الكأس   يعيد نهضة بركان فتح واجهة التنافس المحلي، بعدما طوى كتاب

سيواجه المنتخب المغربي النسوي لكرة القدم لأقل من 17 سنة نظيره الجزائري يومي 10 و17 ماي المقبل، برسم الدور الثالث

توج المنتخب المغربي لكرة اليد بطلا للدورة السادسة للبطولة العربية لكرة اليد للشباب، التي احتضنتها مدينة الدار البيضاء (21 –

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *