بالمباشر … صونوا كرامة رياضيينا!

عزيز بلبودالي

 

آلمنا جميعا ما حدث يوم الثلاثاء الأخير في الغابون، ونحن نعاين ذلك الحادث المفجع الذي تعرض له بطل سباق الدراجات المغربي سفيان هدي وهو يسقط بدراجته عندما كان في طريقه للفوز بالمرحلة الثانية من طواف «أميسا بانغو» بعدما كان قد انتزع في المرحلة الأولى ثلاثة أقمصة متفوقا على كل منافسيه الأوربيين والأفارقة.
أصيب البطل سفيان، وتم نقله لتلقي العلاج،وأكيد أصيب بخيبة أمل كبيرة وهو الذي كان يراهن على مشاركة زملاءه في الفريق الوطني في هذا الطواف المعروف عنه أن مكافأته ومنحه تعتبر دسمة والأغلى في كثير من السباقات القارية أو حتى الدولية. وكثيرا ما كان منتخبنا الوطني يعود من مشاركاته السابقة في طواف الغابون بغنيمة تتجاوز في كثير من الأحيان ما قيمته 30 مليون سنتيما تتوزع بين أعضاء الفريق ويكسب من خلالها الدراج ما يمكن به أن يغطي مصاريف المعيش له ولأسرته لباقي شهور السنة.
الحادث إياه يسائلنا من جديد حول مآل الرياضي الذي تمنعه الإصابة من مواصلة مساره الرياضي، أو تبعده لحظة الاعتزال وترغمه على البحث عن سبيل آخر لضمان قوت يومه. ماذا أعددنا لهؤلاء الرياضيين بعد أن ينهوا مسارهم؟
بالأمس الخميس، حلت قوات السلطة بأمر إفراغ عائلة الراحل العربي الزاولي الذي قضى حياته في خدمة كرة القدم الرياضية والرياضة عموما، باع ماكان يمتلكه من أجل إعداد أبطال الغد، جعل من زوجته خادمة طباخة ترعى حاجيات أطفال الحي المحمدي داخل ملعب « الحفرة»، واليوم، تهدد ومعها ولديها وأبنائهما من البيت الذي عاشوا فيه ستين عاما في خدمة الرياضة الوطنية.. !
في كل الأنواع الرياضية ، وفي غياب أي نظام يضمن للرياضي العيش الكريم ما بعد التوقف عن مزاولة الرياضة، يبقى هذا الرياضي معرضا، خصوصا إذا لم يسعفه الحظ في الانتقال لعالم الاحتراف الحقيقي هناك في أوربا، لمواجهة كل صعوبات الحياة وتكاليف العيش له ولأسرته. وغير مفهوم على الإطلاق ماذا ينتظر المشرفون على التدبير الرياضي الوطني كيف يضعوا نظاما يضمن الاطمئنان على حياة الرياضي بعد التوقف أو الاعتزال.
كتبنا مرارا، وقلناها سابقا، ونعيدها اليوم، صحيح أنديتنا ليست مؤسسات اجتماعية أو خيرية فمهمتها رياضية وليست ملحقة لوزارة التضامن والأسرة، وصحيح جامعاتنا الرياضية لا يمكنها التكفل بضمان مدخول محترم لنجومنا السابقين ولا حتى مؤسسة ممد السادس للأبطال الرياضيين التي أحدثت أساسا لمساعدة رياضيينا السابقين، وهي وإن ضمت في عضويتها أزيد من 622 بطلا رياضيا سابق، فيستحيل أن تفتح أبوابها للجميع.
لذا، أضحى من الضروري الإسراع بخلق تعاضدية عامة للرياضيين، تعتني بتقاعدهم وتوفر لهم مدخولا قارا يجنبهم الاضطرار لطأطأة الرأس إذلالا.
لا نريد رياضيين منحونا الفرح،رفعوا علمنا الوطني في كل المحافل القارية والعالمية، أن يصبحوا منسيين، مقهورين، بدون مدخول، وبدون ما يضمنون به تحمل تكاليف الحياة.
إنهم يستحقون من هذا الوطن الاعتراف الحقيقي وليس المناسباتي، اعترافا يتمثل أساسا في تأمين حياة كريمة وشريفة لهم بعد التوقف أو الاعتزال، يضمن لهم حقوقهم من حيث التغطية الصحية والتقاعد والعيش الكريم.
أكيد، نتمنى للبطل سفيان هدي أن يتمكن من تجاوز محنته الصحية ويعود لمزاولة رياضته التي تضمن له قوته وقوت أسرته، وأكيد لا نتمناها نهاية لمساره كما حدث مع العديد من الرياضيين وجدوا أنفسهم بعد توقفهم اضطراريا في مهب ريح حياة قاسية وقاسية جدا. !
في غياب التأمين على المستقبل، يغيب الاطمئنان، وتغيب الثقة في النفس، ويغيب التركيز، ونسأل بعد ذلك كيف لرياضتنا لا تتقدم ولا تتطور.
أمنوا مستقبل رياضيينا، اجعلوهم يثقون في مستقبلهم حتى يثقوا في حاضرهم، اضمنوا لنجوم رياضتنا حقهم في العيش الكريم، وفروا لهم نظاما وقوانين تضمن لهم لقمة عيش بعد التوقف أو الاعتزال.. !
صونوا كرامة رياضيينا !

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 19/01/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *