معرض الكتاب ورهاناته المفترضة

الاتحاد الاشتراكي

يضع المعرض الدولي للكتاب آخر اللمسات على برامجه وأروقة المشاركين به، ليستقبل ابتداءً من منتصف الأسبوع القادم، وطيلة عشرة أيام، عشرات الآلاف من الزوار، كما اعتاد على ذلك، ويحتضن مئات الأنشطة في برنامجه الرسمي وبرامجه المؤسساتية، التي تتمحور حول قضايا متعددة، من المفترض فيها بالأساس، ترسيخ الوعي الثقافي، وتقريب الكتاب إلى القراء خاصة في صيغته الورقية، بعد أن أضحى الإلكتروني يكتسح يوما على صدر يوم هذه العلاقة.
هذه الدورة، لها رهانات عدة، أولها أنها تحتفي ببلد هو مصر، التي أسهمت تاريخيا بشكل عميق في الثقافة العربية، وشكلت لعقود مرجعا للإبداع العربي. وهذا الاحتفاء، سيكون لا محالة، نوعا من التفاعل بين الكتاب والمبدعين، من أجل حماية الفكر من موجات الانحطاط،التي أصبحت تداهمه، وتسعى إلى جره نحو الحضيض في حقول عدة.
نتمنى أن تساهم الدورة 24 في إبراز التحديات، ورسم آفاق رحبة لفكر عربي متحرر، مساهم في بناء مواطن ومجتمع عربي، منسجم مع تطورات العصر وحاجاته التنموية.
ومن رهانات الدورة،الانخراط الفعلي للجماعات الترابية، وأساسا الجهة، التي ستكون خطوتها هاته، دفعة قوية، كي يشكل البعد الثقافي إحدى دعائم عملها وبرامجها ومشاريعها. إنها خطوة لإعمال مضامين القوانين التنظيمية لهذه الجماعات، وجعل الحقل الثقافي أنشطة وعنصرا بشريا منخرطا في هذه الديناميكية.
إننا اليوم وأكثر من أي وقت مضى، نشعر بضرورة إعادة الاعتبار للثقافة، خاصة في حياة الشباب بوصفه الأكثر حيوية في المجتمع، ويحدد معالم مستقبله، كما تُؤكد على ذلك المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتدعو إلى مزيد من الاهتمام، لفتح الآفاق للشباب، باتجاه زيادة قدراتهم وفرصهم على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، خصوصا في عالم يتغير باستمرار، ويفرض نماذج سياسية وثقافية، تقوم على قوة وهيمنة الثورة الرقمية، التي فرضت أنماط الاستهلاك الثقافي، لاسيما بين جيل الشباب.
ومن غير شك، فإن القيمين على المعرض يأخذون بعين الاعتبار هذا الرهان في زمن أصبح الوصول إلى المعلومة والمعرفة والثقافة، يمنح للشباب نطاقا واسعا ومجالا ثقافيا جديدا، وفي وقت يتطلب دعم السياسات الثقافية الموجهة للشباب، وتقوية المؤسسات والفضاءات والمراكز، التي تأخذ على عاتقها مهمة تطوير علاقة المجتمع بالثقافة كاهتمام وممارسة وأبعاد وآفاق وآمال.
إن الحاجة اليوم، تبدو جد ملحة لإعادة الاعتبار لأهمية حضور الثقافة في حياة المواطنات والمواطنين في برامج وميزانيات السياسات العمومية كأولوية تنموية في سياق بناء منظور استراتيجي للدولة، يعتمد على مواكبة العصر، وتملك إيجابيات تحولاته، من أجل بناء مجتمع الإبداع، الذي يتجه نحو المستقبل، ويحصن نفسه من كل محاولات «قرصنته» إلى سلبيات ماضي وسوداوية ممارساته. والمعرض الدولي للكتاب بكل فعالياته، هو محطة من محطات هذا الأفق.

الكاتب : الاتحاد الاشتراكي - بتاريخ : 03/02/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *