الفريق الاشتراكي يفتح ملف آليات التنزيل العملي للقوانين المصادق عليها: قانون التغطية الصحية ومعاش التقاعد لفائدة التجار والمهنيين نموذجا

في لقاء دراسي بمقر مجلس النواب

شقران أمام : هدفنا إيصال أصوات المعنيين في المجتمع والكشف عن عوائق التنزيل القانوني على أرض الواقع
أمينة الطالبي: اللقاء الذي يجمع الفريق الاشتراكي مع نقابة التجار والمهنيين هو حلقة في سلسلة اللقاءات المنفتحة على المجتمع
نبيل نوري: نتابع كافة التطورات ونعمل على ضرورة الاستجابة لانتظارات التجار والمهنيين بالتنزيل العملي للقوانين المعنية
سعيد بعزيز: لا يزال المجال مفتوحا أمام النقابة الوطنية للتجار والمهنيين من أجل تقديم مقترحات وملاحظات نتفاعل معها في الفريق
حول رهانات التنزيل العملي لقانون التغطية الصحية ومعاش التقاعد لفائدة التجار والمهنيين، نظم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، بتنسيق مع النقابة الوطنية للتجار والمهنيين، أول أمس الخميس 22/2/2018، لقاء دراسيا بمقر مجلس النواب، أمام حضور وازن من نقابيين وبرلمانيين وإعلاميين ومهتمين، غطى فضاء القاعة المغربية بمقر مجلس النواب عن آخرها.
وشكل اللقاء الذي أدارته، بحكمة، النائبة البرلمانية وعضو الفريق الاشتراكي أمينة الطالبي، وشارك فيه بالتدخل كل من رئيس الفريق الاشتراكي أمام شقران، ورئيس النقابة الوطنية للتجار والمهنيين نبيل النوري، وقدم مداخلاته، أحمد أبوه ومحمد الجريفي وفؤاد المتوكل، مع تعقيب لأحمد العاقد ولطيفة بلعايدي.
وأشارت أمينة الطالبي في تقديمها إلى أن هذا اللقاء المنظم بشراكة مع النقابة المعنية يأتي في إطار التأكيد على أهمية التنزيل لقانون له أهمية قصوى، ممثلا في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ونظام المعاشات الخاصة بفئات التجار والمهنيين، وهو لقاء يأتي، تقول الطالبي، ضمن مجموعة من الندوات المسطرة من طرف الفريق الاشتراكي، مؤكدة على أهمية إشراك المعنيين من النقابات والمنظمات في النصوص القانونية، سواء تلك التي تحتاج إلى التنزيل أوالمشاريع التي ينفتح فيها الفريق على الشركاء في المجتمع من أجل تعميق النقاش فيها، والدفع بها إلى التنزيل الإيجابي للنصوص.
ولم يفت الطالبي، في عرض تسييرها، التذكير بما طال هذا القانون من تعطيل، وأن زمنا هدر في تنزيله، و يهدر زمن آخر الآن في تنزيله على أرض الواقع بعد المصادقة عليه من طرف النواب، معتبرة أن مثل هذه اللقاءات بوابة لحلحلة هذا الوضع.
وفي كلمته الترحيبية باسم الفريق الاشتراكي، اعتبر رئيس الفريق أمام شقران أن هذا اللقاء الدراسي المثمر سيترتب عنه إصدار العديد من التوصيات والخلاصات من أجل إيصال أصوات المعنيين من مهنيين وتجار إلى هذه القوانين، مؤكدا أن الفريق توقف مع النقابة الوطنية للتجار والمهنيين في اجتماعات سابقة عند مجموعة من الإشكالات التي تطرحها عملية تنزيل هذه القوانين على أرض الواقع، معتبرا هذا اللقاء الدراسي له أهميته في تدارس مختلف الإشكالات المطروحة من أجل الدفع بمعالجتها ضمن الآليات المعمول بها .
وبدوره أكد رئيس النقابة الوطنية للتجار والمهنيين أن النقابة تابعت، بكل مسؤولية، قانون التغطية الصحية ومعاش التقاعد، وواكبت عملية تنزيله من بدايته حتى صار قانونيا، وتواصلت مع بعض الجهات المعنية من أجل مواكبته عن قرب. وأضاف نوري أن النقابة قامت بجولات ميدانية في عدد من الأقاليم تفعيلا لدورها التحسيسي لشرح القانونين الصادرين، وتمكين المنتسبين للقطاع من كافة الشروح، وقال رئيس نقابة التجار والمهنيين إن الالتزام الأخلاقي يحتم التواصل مع كافة الفرقاء والمهتمين والمعنيين بالقوانين المذكورة من أجل ضمان تنزيل حقيقي للنصوص التنظيمية المرتبطة، وكذا تطبيق قانون التغطية الصحية ومعاش التقاعد والاستجابة لانتظارات التجار والمهنيين على الصعيد الوطني، مضيفا أن النقابة عاقدة العزم على مواصلة النضال من أجل تمكين هذه الفئة من حقوقها المشروعة .

أحمد أبوه يستحضر الذاكرة النضالية للتجار والمهنيين، ويدعو إلى تحقيق مطالبهم العادلة على أرض الواقع في التغطية الصحية والمعاش
وفي كلمته اعتبر أحمد ابوه من موقعه كمؤسس للقطاع وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن الحضور الوازن للمعنيين من تجار ومهنيين لهذا اللقاء، هو دليل على إعادة التأكيد على مطلب التنزيل العملي لقانون التغطية الصحية ومعاش التقاعد، وأضاف أبوه الذي قدم مداخلة قيمة تتغذى من تجربة الرجل في الدفاع الميداني وبأسلوب القرب من هذه الفئة، والمعنونة بالقطاع التجاري والمهني والمسألة الاجتماعية، أن الحديث عن الموضوع يدعو إلى استحضار محطات تاريخية منذ بداية الاستقلال، والدور الرائد الذي لعبه قطاع التجار والحرفيين في استقلال المغرب، كما أن الذاكرة تستحضر أن كل المحلات التجارية لهذه الفئة كانت مقرات لخدمة الوطن، من أجل استرجاع حريته، وكفاح هؤلاء مازال إلى هذا اليوم، ومقارنة مع ذلك- يقول أحمد أبوه- نجد أن كل المسالك تطورت وتحركت ليظل وضع قطاع التجار والمهنيين مهملا ومهمشا. واستحضر أبوه الحوار الذي كان مع الحكومات السابقة التي قدمت وعودا للنهوض بالقطاع لكن دون نتيجة تذكر.
وذكر في هذا الصدد أن للقطاع جذورا وامتدادا في التاريخ والذاكرة، سواء في قضايا الوطن أو في تنظيم القطاع، عندما كان المغرب لا يتوفر إلا على تنظيمات محدودة في العمل النقابي، وواصل أبوه قائلا إن تنظيم التجار والمهنيين غطى مدنا كبرى كالرباط وسلا ومراكش وفاس، حيث استطاعت مكوناته المهنية بقوة التأطير الاتحادي خاصة سنة 1972، حمل مشعل النقابة الوطنية بمناضلين اتحاديين، حرص فيها الإخوة على أن تكون منظمة مهنية مستقلة، تعرف اليوم انضمام كافة التجار والمهنيين من مختلف الحساسيات السياسية، تجمعهم المصلحة الاجتماعية والاقتصادية للمهنة والبلد.
واعتبر أبوه هذه التوطئة بمثابة التذكير بمسار متوجه للمستقبل، عرج فيه المتدخل ليتحدث عن القانونين المذكورين أعلاه، واللذين لا ينبعان من فراغ، بل من نضالات هذه الفئة منذ كان جطو وزيرا للتجارة والصناعة، والانخراط في «مشروع الضمان الحرفي «. وأكد أبوه على الموقف الواضح الذي سجلته النقابة بكون هذا المشروع، إن لم تكن ضمنه التغطية الصحية فإنه لن يرى النور، وهو ما كان بالفعل، حيث أن مدة تواجده لم تستمر إلا ست سنوات.
كما تحدث أبوه عن مسار النضال النقابي للتجار والمهنيين، بتنسيق مع كافة الشركاء، للتحسيس بأهمية استصدار قوانين تنظيمية تضمن لهذه الفئة حقوقها ، قبل صدور القوانين المشار إليها . مؤكدا أن المبادرة المشتركة مع الفريق الاشتراكي تؤكد العزم على مواصلة التأكيد على المطالب بعد المصادقة على قانون التغطية الصحية ومعاش التقاعد، من أجل التنزيل العملي لذلك.

محمد الجريفي: الحماية الاجتماعية مطلب اجتماعي وعامل تنموي
وأكد محمد الجريفي، في عرض تدخله حول الحماية الاجتماعية بين النص والقانوني والآفاق المستقبلية، أن موضوع اللقاء الدراسي يدخل ضمن الحديث عن مشروع مجتمع وثورة تشمل فئة من المواطنين تسمى التجار والمهنيين والأشخاص غير الأجراء والعمال المستقلين، وأن الحديث عن القانون الخاص بالتغطية الصحية وقانون معاش التقاعد هو حديث عن الحماية الاجتماعية، والتي لا تشكل ترفا ولكنها مطلب اجتماعي يقدم خدمة للمجتمع من أجل رفاهيته وحمايته من الأخطار الاقتصادية والاجتماعية. وأن المقصود من الحماية الاجتماعية هو سياسة تنموية . وأضاف المتدخل أن المغرب مازال متأخرا في هذا المجال مقارنة مع دول أخرى، وأكد أن النقاش حول هذا الوضع انطلق مع حكومة اليوسفي لنصل اليوم إلى إجبارية التغطية الصحية. وانتقل الجريفي للحديث عن محطات نقاش المشروع قبل المصادقة عليه، مؤكدا أن التخوفات التي سادت لدى مهنيي القطاع كانت متعلقة بالتنزيل العملي، مبرزا أن الهدف اليوم هو الواقع الملموس بعد المصادقة. وأكد محمد الجريفي في الورقة التي تناولت موضوع الحماية الاجتماعية بين النص القانوني والآفاق المستقبلية، أن التأمين الإجباري عن المرض يقوم على مبدأ المساهمة والتعاضدية في تحمل المخاطر، وأن نظام المساعدة يقوم على مبدأ التضامن الوطني لفائدة السكان المعوزين، مدرجا في هذا الصدد معلومات تؤكد أن حوالي 11 مليونا ملزم بأداء واجب الانخراط وستكون مساهمات المستفيدين بشكل جزافي، وسيعهد تدبير هذا النظام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كما ستستفيد هذه الفئات من سلسلة العلاجات التي يكفلها التأمين الصحي عن المرض، والمحددة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كما أن المغرب سيتمكن من الوصول إلى التغطية الصحية الأساسية لأكثر من 95 في المئة، وستتولى وزارة الصحة الإشراف على الحوار والنقاش مع الهيئات المهنية بحضور الوزارات والقطاعات الحكومية المعنية من أجل إعداد النصوص التنظيمية .

فؤاد المتوكل: تحسين المستوى الصحي ضمان لمشاركة المواطنين الكاملة في التنمية المستدامة للبلاد
وتحدث فؤاد المتوكل، الخبير المالي والمراقب العام للتعاضدية العامة لموظفي الإدارة العمومية، في مداخلته، عن منظومة التغطية الصحية بالمغرب، مذكرا بالمادة 31 من الدستور المغربي 2011، والتي تنص على أن « الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق فـي العلاج والعناية الصحية والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي المنظم من لدن الدولة، مضيفا أن سياسة التنمية الاجتماعية بصفة أساسية تقوم على التضامن والتلاحم الاجتماعي، واعتبر المتدخل أن تحسين المستوى الصحي يعتبر أحد المكونات الأساسية لهذه السياسة التي تهدف إلى ضمان مشاركة المواطنين مشاركة كاملة في التنمية المستدامة للبلاد، وأضاف المتوكل أن ضمان المساواة وتحقيق الإنصاف يمثل، بالنسبة لجميع السكان في إطار الاستفادة من الخدمات الطبية، إحدى أولويات الدولة في مجال الصحة، معتبرا أن هذه الأولوية تشكل موضوع توافق وطني يتماشى مع المتغيرات الدولية، وذلك باعتبارها أداة فعالة من أدوات تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفوارق. وقال المتوكل إن المقصود بالتغطية الصحية الشاملة هو ولوج جميع الأشخاص لخدمات صحية ذات جودة ومتاحة بشكل كاف ودون أن تؤدي كلفة هذه الخدمات عند الأداء إلى صعوبات مالية، وهو ما يقتضي وجود نظام متين ومدبر بشكل جيد ينبني على أساس الولوج السهل للعلاجات، وخاصة الأدوية والتكنولوجيات الحديثة ووجود موارد بشرية كافية تتميز بالكفاءة والحماس في العمل، ولتحقيق هذا الهدف، التزم المغرب في إطار القرارين الصادرين عن منظمة الصحة العالمية لسنتي 2005 و 2011 بإصلاح المنظومة الصحة بغية تحقيق تغطية صحية شاملة، وقد سبق أن تم الإعلان عن هذا الالتزام من طرف منظمة الأمم المتحدة كهدف من أهداف التنمية لما بعد 2015. وتمحورت مداخلة فؤاد المتوكل حول حقوق وواجبات التجار والمهنيين، منطلقا من منظومة التغطية الصحية بالمغرب، وبالضبط من قانون رقم 00-65 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية و قانون رقم 98.15 (المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا )، وقدم المتدخل في عرضه مبادئ وكيفية أجرأة التغطية الصحية بالقطاع العام والقطاع الخاص، والتي تفرض حماية الصحة على الدولة والتزامها بتوفير الخدمات الصحية الوقائية مجانا لفائدة جميع المواطنين أفرادا أو جماعات، وبسهرها على تنظيم مجال تقديم خدمات طبية موزعة توزيعا متكافئا على سائر أرجاء التراب الوطني، والاستفادة من هذه الخدمات لفائدة جميع الشرائح الاجتماعية عن طريق التكافل الجماعي والتضامني بالنفقات الصحية، وقال فؤاد المتوكل إن التزام الدولة يكرس مبدأ الحق في الصحة كما تنص عليه المواثيق الدولية، كما أن القانون رقم 00-65 يأتي بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية تتويجا لتجربة المغرب في مجال التغطية الصحية وتعزيزا للحقوق التي اكتسبها المواطنون المغاربة المتمتعون حاليا بتأمين صحي. كما تناول المتوكل موضوع التأمين الصحي الإجباري الأساسي عن المرض، الذي يقوم على مبادئ وتقنيات المساعدة الاجتماعية والتضامن لفائدة السكان المعوزين وتدريجيا لفائدة الطلبة ولفائدة العاملين في القطاع الخاص (الصناع التقليديين-الفلاحين- التجار…)، مضيفا أن التأمين الصحي الأساسي عن المرض يسري على موظفي وأعوان الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والأشخاص الخاضعين لنظام الضمان الاجتماعي الجاري به العمل في القطاع الخاص والعمال المستقلين والأشخاص الذين يزاولون مهنة حرة وجميع الأشخاص الآخرين الذين يزاولون نشاطا غير مأجور و قدماء المحاربين وأعضاء جيش التحريروطلبة التعليم العالي والخاص في حالة عدم استفادتهم مع أوليائهم. كما يضمن التأمين الإجباري الأساسي عن المرض إرجاع جزء من مصاريف العلاج أو تحملها مباشرة من قبل الهيئة المكلفة بتدبيره ويتحمل المؤمن الجزء الباقي، ويحتفظ المؤمن بحرية اكتتاب تأمين تكميلي لتغطية المصاريف التي بقيت على عاتقه، وأضاف المتدخل من موقعه كخبير بموضوع التأمين أن المؤمن يعفى كليا أو جزئيا من الجزء الباقي على عاتقه في حالة مرض خطير أو في حالة ما إذا كانت تكاليف العلاج باهظة الثمن.

في تعقيب
على المداخلات
لطيفة بلعايدي: توحيد النصوص والأنظمة والمتدخلين كفيل بتطبيق سليم للقوانين
أحمد العاقد: الإشكالات الحقيقية في السياسات العمومية بالمغرب هي عدم التفكير أثناء تفعيل بعض القوانين في الآليات والإجراءات المواكبة والمصاحبة لبلورتها
وقالت لطيفة بلعايدي، في تعقيب لها، إن القانون موضوع الدرس والنقاش ليس منحة بل حق لأنه تطبيق للمادة 31 من الدستور، وهو واجب لأن الدولة، انطلاقا من توقيعها على المعاهدات الدولية، التزمت بتطبيق وتوفير الظروف الملائمة لضمان تمتيع جميع المواطنين بهذا الحق. وذكرت بلعايدي بمختلف الاتفاقيات الدولية في هذا الصدد، وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص في فصوله على الحق في الضمان الاجتماعي، كذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والذي تنص فصوله في المادة 9 و10 على ذلك، كما أن الدول الأطراف تقر في هذا العهد بحق كل شخص في الضمان الاجتماعي .
وفتحت لطيفة بلعايدي قوسا للحديث عن إشكالية الارتباط بين الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، بالحقوق السياسية والمدنية ، وكيف فرضت الحقوق الاجتماعية نفسها على الدولة أمام إعطاء الأولوية للحقوق الأخرى من أجل إعطاء الأولية الاجتماعية لممارسة الحقوق المدنية والسياسية في إطار المستوى المطلوب المتعارف عليه عالميا، كما تحدثت المتدخلة من موقع التعقيب عن كافة الحقوق التي تضمن كرامة الإنسان. منتقلة إلى الحديث عن الحق في الصحة كضرورة مطروحة على الدولة، نتج عنه إصدار مدونة الصحة سنة 2002 إبان حكومة التناوب التي ترأسها عبد الرحمان اليوسفي، والتي شكلت اللبنة الأولى التي نتجت عنها قوانين اليوم، من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، ودور الدولة في صيانة هذا الحق. وأبرزت المتدخلة التداخل القائم بين القوانين التي تستهدف الفئات موضوع اللقاء، مؤكدة أن تنظيمها من خلال توحيد النصوص وتوحيد الأنظمة والمتدخلين كفيل بتطبيق سليم.
وفي تعقيبه قال أحمد العاقد إن اللقاء الذي ينظمه الفريق الاشتراكي بتنسيق مع نقابة التجار والمهنيين هو وضع المؤسسة التشريعية في بوابة تدارس قضايا المجتمع الملحة والراهنة، مؤكدا أن الموضوع الذي يناقش اليوم يتحمل المغرب كدولة والمغرب كفعالية سياسية واقتصادية واجتماعية التأخر الطويل في تحقيقه، وأضاف العاقد أن العديد من التدخلات التي ألقيت في هذا اللقاء الدراسي، تحدثت عن بدايات أولى مع حكومة التناوب ، مبرزا أن هذه المرحلة حاولت أن تؤثث لمفهوم جديد للحماية الاجتماعية التي تهم فئات عريضة من المجتمع المغربي. وأبرز العاقد أن من بين الإشكالات الحقيقية في السياسات العمومية بالمغرب عدم التفكير، أثناء تفعيل بعض القوانين، في الآليات والإجراءات المواكبة والمصاحبة لبلورة القوانين. وتابع العاقد بالقول إن للبرلمان كامل الحق في مناقشة القوانين وأن يتعرض لإجراءات الحكومة في ما يتعلق بالميزانيات المرصودة لتطبيق القوانين، لمعرفة الموارد البشرية التي ستوضع رهن الإشارة لتنفيذ ذلك.
من جهته قال سعيد بعزيز: «إن القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، الصادر بتاريخ:23يونيو 2017، و القانون رقم 99.15 بإحداث نظام المعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، الصادر بتاريخ: 05 ديسمبر 2017، صدرا معا في سياق تنزيل مضامين القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، وهما يترجمان مفهوم الدولة الاجتماعية التي يتجسد دورها الأساسي في توفير الحماية الاجتماعية للمواطنات والمواطنين، وهذا هو التصور الذي اشتغلت به حكومة التناوب، إذ أن القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية صدر بتاريخ: 03 أكتوبر 2002 أي في عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي.
وتفاعلا مع المتدخلين، إن الإشكال اليوم في تنزيل السياسات العمومية في بلدنا يعاني من أزمة الالتقائية، فتدخل كل قطاع على حدة وعدم تنسيق وتجميع الجهود والبرامج يفوت فرص التنمية، وفي سياق موضوعنا هذا، على سبيل المثال، يتطلب الأمر تنسيقا حقيقيا بشأن فئة التجار والمهنيين بين قطاعات حكومية مختلفة من بينها الصحة والشغل والإدماج الاجتماعي والصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة وغيرها من القطاعات الحكومية المتدخلة في هذا المجال، فالمطلوب اليوم في السياسات العمومية هو وضع وتنزيل سياسة عمومية مندمجة ذات أفق مضمون النتائج.
أما بشأن ما يتطلبه تنزيل القانونيين من إصدار حوالي 39 نصا تنظيميا، فهو ما يحتاج إلى بذل جهد حقيقي من طرف الحكومة باعتبارها المسؤولة عن إصدارها، لكن حينما يصدر قانون يتضمن عددا كبيرا من الإشارات إلى صدور نصوص تنظيمية فهذا يعني تفريغ المؤسسة التشريعية من دورها الحقيقي المتمثل في التشريع، فلا يعقل أن تصدر المؤسسة التشريعية عنوانا بمواد قليلة جدا وتترك المجال مفتوحا للحكومة على مصراعيه تحت غطاء النص التطبيقي، فالحكومة لا ينبغي أن تصدر النصوص إلا في الإجراءات التنظيمية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
وعن الهيئة التي سيتم البدء بتطبيق نظام الحماية الاجتماعية عليها، هل هي هيئة المحامين أم الأطباء أم الصيادلة أم التجار والمهنيين، أكد أن الأمر يقتضي تدخلا حقيقيا وجماعيا من طرف الحكومة، لأن الأمر يتعلق بالدور الاجتماعي للدولة والذي لا ينبغي أن يكون فيه الأول والأخير، وإذا تطلب الأمر ذلك لزوما، فينبغي تحديد معيار واضح، ويتعلق الأمر بمعيار الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، وهنا ستكون الأولوية بالتأكيد للتجار والمهنيين، ولا علاقة لمعياري التنظيم والتأطير في تحديد الأولوية، إذ حتى قطاع التجار والمهنيين هناك عدة طرق لتنظيمهم، إما عن طريق غرف الصناعة والتجارة والخدمات أو عن طريق المؤسسات التي تستخلص الرسوم والضرائب أو أية طريقة أخرى مجدية، وفي البدء بهم مصلحة للدولة وللاقتصاد الوطني، إذ سيعمل كل العاملين في القطاع غير المهيكل بالتوجه نحو الهيكلة من أجل الاستفادة من الحماية الاجتماعية، وهي الحماية التي نطمح إلى تحقيقها في شموليتها، إذ لا ينبغي الاقتصار فقط على التأمين على المرض أي التغطية الصحية، بل يتطلب تجاوزه إلى التعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية وكل الحوادث التي يمكن أن تطرأ في الطريق إلى العمل، باعتبار التاجر والمهني مشغلا وأجيرا في نفس الوقت.


الكاتب : من البرلمان: بديعة الراضي تصوير: زليخة - الموساوي

  

بتاريخ : 24/02/2018