احتجاز الجهاديين الاجانب يطرح مشكلة بعد محاكمتهم في سوريا والعراق

يؤكد ضحايا عمليات ارهاب او ممثلون لهم انه يصعب التحقق من تنفيذ اي من العقوبات الصادرة في العراق ولدى اكراد سوريا على جهاديين غربيين ستنفذ.
ويقول هؤلاء انه بعد انتهاء محاكماتهم الجارية في العراق ولا تزال في بداياتها لدى الاكراد في سوريا، تثير القلق ظروف احتجاز السجناء الذين يحاكمون بتهم خطيرة وتصدر بحقهم عقوبات طويلة الامد.
وفي المناطق السورية الخاضعة لسيطرة الاكراد حيث اوقف عدد كبير من الجهاديين الغربيين بعد هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية، يحتجز المشتبه بهم في سجون للرجال بينما تودع النساء في مخيمات خاصة بهن. والسؤال المطروح هو ماذا سيفعلون باي محكوم بالسجن عشر سنوات او 15 و20 عاما؟
ويؤكد المسؤولون الاكراد السوريون الذين التقاهم مؤخرا صحافي من وكالة فرانس برس ان لديهم حاليا عددا كافيا من الاماكن في السجون، لكن نظرا لاستمرار توقيف جهاديين يتوقعون أن تكتظ الزنزانات بسرعة.
وفي العراق، لا يندر أن تتعرض السجون لهجمات لمساعدة سجناء على الفرار.
وقال نيكولا اينان الصحافي السابق الذي بقي رهينة لدى تنظيم الدولة الاسلامية لاحد عشر شهرا في سوريا، لفرانس برس «بعد صدور الحكم يجب ان يكون لدينا ضمانات والا يمكن ان يهربوا».
واضاف «حدثت عمليات فرار جماعي لسجناء جهاديين، اما بالقوة او برشوة الحراس، وينبغي كذلك الحرص على عدم اتخاذ السجون مراكز للدعوة للجهاد، مثلما حدث في معسكر بوكا».
وحول الجيش الاميركي في 2003 هذا السجن العراقي السابق الى مركز اعتقال ضم نحو 26 الف شخص من بينهم بعض من شكلوا تنظيم الدولة الاسلامية.
وقبل ذلك دعا الفرع العراقي من تنظيم القاعدة الى «الافراج عن كل السجناء المسلمين في كل مكان وملاحقة القضاة والمدعين وحراسهم».
في فرنسا يواجه ضحايا او اهالي ضحايا خلايا أرسلها تنظيم الدولة الاسلامية لارتكاب اعمال ارهابية، معضلة. فمن جهة، هم يخشون ان يعود الى فرنسا جهاديون مدربون على القتال ولا يستطيع القضاء اصدار احكام قاسية عليهم بسبب عدم توفر ادلة.
من جهة اخرى، يخشى هؤلاء الا يتم تنفيذ العقوبات التي تصدر في سوريا او في العراق على هؤلاء الجهاديين، جزئيا او بشكل كامل.
واكد تيبو مونبريال المحامي الذي يدافع عن موكلين مدنيين في محاكمة ارهابيين «في هذه الملفات لا احد يعرف ماذا عليه ان يفعل. كل الحلول سيئة». ويرئس مونبريال ايضا مركز دراسات حول الامن الداخلي.
وقال «في فرنسا بسبب عدم توفر الادلة، وعلى الرغم من خطورتهم المؤكدة، لا يمكن اصدار سوى احكام خفيفة جدا ضدهم وبذلك يمكن الافراج عنهم خلال سنتين او ثلاث سنوات، وهذا ليس افضل من ان نعرف انهم موجودون في العراق».
وفي مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 16 فبراير بعنوان «العدالة لاولادنا الذين قتلهم تنظيم الدولة الاسلامية»، يطالب اهالي اربعة رهائن اميركيين قتلهم اعضاء في التنظيم الجهادي بمحاكمة الجناة «من قبل نظامنا القضائي العادل والمنفتح او من قبل محكمة دولية ليمضوا ما تبقى من حياتهم في السجن».
واكد جيرار شملا محامي اطراف الادعاء المدني في قضية على صلة بالارهاب في باريس، ان فرنسا «ليست مجهزة اطلاقا لاسترداد 1500 معتقل جهادي خطير بين ليلة وضحاها (…) لذلك لا يسعى السياسيون الى استعادتهم».
واضافت «انهم يرون انه من الافضل تركهم هناك، لكن من جهة اخرى، اذا أخلت هذه الدول سبيلهم فسيصبح الامر معقدا جدا في المستقبل».
وفي غياب امكانية اعادتهم الى فرنسا، يقترح نيكولا اينان «قيام التحالف بانشاء مركز اعتقال مخصص لهم في منطقة كوباني (الكردية في سوريا) مع حراس مختلطين من محليين وقوات خاصة غربية وتولي أمرهم وضمانات غربية «…

بطيئة لدى أكراد سوريا وسريعة في العراق

بعد إلقاء القبض على الآلاف منهم، يحاكم العراق عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الأجانب بشكل سريع فيما لا يزال الموقوفون في سوريا ينتظرون معرفة مصيرهم مع تفضيل القوات الكردية ترحيلهم الى دولهم لمحاكمتهم فيها.
وبخلاف العدد الكبير من الفرنسيين الذين جرى توقيفهم خلال الأشهر الأخيرة على وقع هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، حوكمت الفرنسية ميلينا بوغدير (27 عاما ) بشكل سريع في العراق وسترحل قريبا الى بلادها.
وحكم القضاء العراقي الاثنين بسجن بوغدير لسبعة أشهر، وهي مدة التوقيف التي قضتها في السجن. واكتفى بإدانتها لدخولها العراق «بطريقة غير شرعية». ومن المقرر أن ترح ل قريبا على ان يتم احتجازها للاستماع اليها من قبل دوائر مكافحة الارهاب لدى وصولها الى باريس…

حكاية امرأة..

وبوغدير واحدة من آلاف المعتقلين الأجانب الذين تم توقيفهم في العراق وسوريا لصلتهم بتنظيم الدولة الاسلامية من قريب أو من بعيد…
وقد أمر القضاء العراقي بترحيلها بعد أن أطلق سراحها بعدما حكم عليها بالسجن سبعة أشهر لإدانتها بدخول العراق «بطريقة غير شرعية» وانقضاء مدة السجن خلال فترة توقيفها، في حكم متساهل يتناقض مع التشدد ضد المتهمين بالانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية.
ودخلت ميلينا بوغدير قاعة المحكمة وهي ترتدي عباءة سوداء مع سترة رمادية وحجابا بنفسجيا، حاملة طفلها ذي الشعر الأشقر الذي يرتدي ثيابا زهرية.
وأوقفت بوغدير (27 عاما) في مدينة الموصل بشمال العراق الصيف الماضي مع أطفالها الأربعة الذين أبعد ثلاثة منهم إلى فرنسا في ديسمبر الماضي.
وخلال المداولات، ردت بوغدير على أسئلة رئيس المحكمة بلغة عربية ركيكة، عندما سألها عن جنسيتها فقالت إنها فرنسية، وأنها كانت ربة منزل في الموصل.
وقالت الجهادية المفرج عنها إنها دخلت العراق في أكتوبر 2015.
وأضافت «دخلت إلى سوريا بجواز سفر فرنسي، لكن داعش أخذه مني. بقيت أربعة أيام في سوريا، ثم جئت إلى الموصل مع زوجي وأولادي الأربعة».
وأكدت لرئيس المحكمة أن زوجها يدعى ماكسيمليان، وكان طباخا لدى تنظيم الدولة الإسلامية وقتل.
واستعادت القوات العراقية السيطرة على مدينة الموصل في شمال العراق في العاشر من يوليو الماضي، بعد تسعة أشهر من المعارك الدامية.
وسأل القاضي بوغدير إذا ما كانت نادمة على فعلتها، فأجابت بالفرنسية، ثم بالعربية قائلة «نعم»، ثم سألها إذا كان لديها محام، فأجابت سلبا، فعينت لها المحكمة محاميا منتدبا.
وقال المحامي المنتدب بعد الاستماع إلى المتهمة إنها «صغيرة، ولم تشارك في عمليات القتل، وبقيت في المنزل».
وقال رئيس المحكمة «سنحاسبك بناء على قانون الأجانب الجديد للعام 2017، بتهمة قيامك بالدخول إلى الأراضي العراقية دون الحصول على تأشيرة السلطات وخلافا للقوانين».
وأضاف «لذلك قررت المحكمة الحكم عليك بالحبس البسيط لسبعة أشهر. وبما أنك قضيت مدة الحكم، يفرج عنك فورا ما لم تكوني مطلوبة في قضية أخرى». وليست بوغدير ملاحقة في قضايا أخرى.
لكن مشاكلها مع القضاء لم تنته وصدرت بحقها في فرنسا مذكرة بحث في اطار تحقيق قضائي فتح في باريس في الثاني من غشت 2016 بتهمة «الانتماء الى عصابة ارهابيين مجرمين».
والتحقيق الذي عهد به الى قضاة مكافحة الارهاب يأتي اثر تحقيق اولي لنيابة باريس فتح فينوفمبر 2015 بعد رحيل ميلينا وصديقها الى المنطقة العراقية-السورية.
وبحسب مصدر قريب من الملف في باريس ستوضع المراة في الحبس على ذمة التحقيق وتستمع اجهزة مكافحة الارهاب لافادتها لدى وصولها الى فرنسا.
وبعد إعلان الحكم الذي ينص على ترحيلها من العراق، علت الابتسامة وجه بوغدير.لكنها كانت أكثر حظا من الجهادية الألمانية ذات الأصول المغربية التي حكم عليها في 22 يناير بالإعدام، بعد إدانتها بـ»الدعم اللوجستي ومساعدة تنظيم إرهابي في ارتكاب عمليات قتل».ولم ينفذ الحكم بعد.
ولم تعلن السلطات رسميا عن عدد الجهاديين الذين أوقفوا خلال العمليات العسكرية. لكن بحسب قادة عسكريين عراقيين وأكراد، استسلم مئات الجهاديين، فيما تمكن الآلاف من التسلل بين المدنيين الفارين، أو بقوا في أماكنهم متظاهرين بأنهم «مدنيون».
وحكمت المحكمة الجنائية المركزية في بغداد الاحد بالإعدام على تركية، فيما حكم على عشر تركيات أخريات وأذربيجانية بالمؤبد، لادانتهن بالانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية.
وتتراوح أعمارهن بين 20 و50 عاما، واعتقلن في الموصل أو في تلعفر بشمال العراق، وجميهعن حوكمن استنادا إلى المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب العراقي.
ويتيح قانون مكافحة الإرهاب توجيه الاتهام إلى عدد كبير من الأشخاص، حتى أولئك الذين ليسوا متورطين في أعمال العنف، ولكن يشتبه في أنهم خططوا وساعدوا أو قدموا الدعم اللوجستي والمالي لتنظيم الدولة الإسلامية.
وأشارت مصادر أمنية إلى أن 509 أجانب، بينهم 300 تركي، محتجزون في العراق مع 813 طفلا.

في العراق وحده، اعتقل أكثر من ألف شخص بينهم 560 امرأة وأكثر من 600 طفل، وتتم محاكمتهم تباعا على غرار بوغدير.
خلال شهريناير، حكمت بغداد على مواطنة ألمانية بالإعدام، بعد إدانتها بـ»الدعم اللوجستي ومساعدة تنظيم إرهابي في ارتكاب عمليات قتل». كما أصدرت الأحد عقوبة الاعدام بحق امرأة تركية.
وأعربت باريس عن تأييدها لمحاكمة مواطنيها الجهاديين المعتقلين في كل من العراق وسوريا، مشيرة الى أنها ستتدخل في حال انزال عقوبة الاعدام بحقهم، وذلك برغم مطالبة عائلات الموقوفين والمحامين بمحاكمتهم في فرنسا.
ويطالب عدد قليل من البلدان باسترداد رعاياه، خصوصا في أوروبا حيث نفذ التنظيم هجمات دموية أرعبت الرأي العام في السنوات الأخيرة.
ولا تطرح محاكمة الجهاديين اشكالية بالنسبة الى السلطات العراقية التي أعلنت في ديسمبر الانتصار على تنظيم الدولة الاسلامية بعد ثلاث سنوات من سيطرته على مساحات شاسعة في العراق.
ويوضح المتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى في العراق القاضي عبد الستار بيرقدار لوكالة فرانس برس «هؤلاء الاشخاص قتلوا واستعبدوا النساء … وارتكبوا جرائم حرب على الاراضي العراقية، والقانون العراقي يسري» عليهم.
في الجهة السورية من الحدود، تبدو الصورة أقل وضوحا على رغم اعتقال قوات سوريا الديموقراطية، وهي فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن، عددا أكبر من الجهاديين الأجانب المشتبه بهم مع عائلاتهم، وضمنهم 40 فرنسيا على الأقل.
ويقول مسؤول مكتب العلاقات العامة في قوات سوريا الديموقراطية ريدور خليل لوكالة فرانس برس «اعتقلنا الالاف من الجهاديين الاجانب» الذين يتحدرون من «أكثر من 40 دولة» و»نواصل عمليات الاعتقال كل يوم».
ويطرح وجود هؤلاء وفق عبد الكريم عمر، مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في الادارة الذاتية في «إقليم الجزيرة» (محافظة الحسكة)، «معضلة كبرى» للسلطات الكردية المحلية التي تشغلها راهنا أولويات أخرى، أبرزها الهجوم الذي تشنه تركيا مع فصائل سورية موالية لها على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا.
ويوضح خليل بدوره «نريد أن يحاكم الجهاديون الاجانب في بلدانهم» لتجنب الارتباك القانوني واللوجستي في آن معا .
ويسيطر المقاتلون الأكراد منذ العام 2012، على مساحات واسعة في شمال وشمال شرق سوريا قسموها الى ثلاثة أقاليم هي الجزيرة (محافظة الحسكة) والفرات (تضم أجزاء من محافظة حلب واخرى من محافظة الرقة) وعفرين (تقع في محافظة حلب). وتتولى الادارة الذاتية تسيير شؤون هذه المناطق من خلال مؤسسات لا تزال ناشئة وتفتقد عمليا لنظام قضائي معترف به على الصعيد الدولي.
ويتساءل خليل «بناء على أي قانون سنحاكمهم؟»، مضيفا «ليس لدينا سجون كبيرة» لايداع الجهاديين بعد محاكمتهم.
ويوضح عمر «نريد تسليم سجناء التنظيم الاجانب الى بلدانهم»، مشيرا الى اتمام اتفاقيات بشأن ذلك مع روسيا واندونيسيا.
وإزاء عدم المرونة الذي تبديه دول أخرى كفرنسا، فإن الاكراد الذين يفتقدون للدعم والاعتراف الدولي بمواجهة تركيا تحديدا ، لا يقطعون الطريق أمام احتمال اجراء المحاكمات لديهم.
ويشرح عمر في هذا الصدد «إن لم نتمكن من تسليمهم، فسنحاكمهم هنا»، مشيرا الى ان التوصل إلى اتفاق مع كل بلد معني يستغرق وقتا طويلا ، أشهرا عدة على الأقل. وغالبا ما تكون الأحكام التي قد تصل إلى السجن لمدة 20 عاما بسبب ارتكاب أعمال إرهابية، قابلة للتخفيف او للتعديل عند التطبيق.
ويندد محامو الفرنسيين المعتقلين في سوريا وعائلاتهم بوضعهم الملتبس، ويخشون من ان يتحولوا رهائن عرضة للمساومة الجيوسياسية.
ويقول المحامي الفرنسي مارتن برادل، الذي يدافع عن عدد من المعتقلين الفرنسيين في مناطق سيطرة الأكراد في سوريا، «يدرك الأكراد تماما أن السجناء الاجانب هم الورقة الرابحة في لعبتهم».


بتاريخ : 01/03/2018

أخبار مرتبطة

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

جيد أن تبحث عن ملاذات في أقاصي نيوزيلندا، لكن، أن تحاول تشييد حضارة جديدة على جزر عائمة، فذاك أفضل! إنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *