إدريس العادل رئيس المرصد الجهوي للإعلام والاتصال فاس: وسائل الاتصال والتواصل.. أصبحت تلعب أدوارا خطيرة في عملية نقل المعلومات..

حول موضوع أخلاقيات مهنة الصحافة، وارتباطها الوثيق بحقوق الإنسان نظم المرصد الجهوي للإعلام والتواصل بفاس أوائل فبراير دورة تكوينية لفائدة أعضائه ومن بين ما تطرق إليه ضمن محور رصد ومتابعة انتهاكات أخلاقيات مهنة الصحافة..
الجريدة وعلى هامش اللقاء التواصلي حاورت رئيس المرصد الجهوي للتواصل والإعلام وجاءت الورقة التالية

 
p بداية ذ إدريس العادل هل من قرارات مواكبة للتطورات التي يشهدها عالم الصحافة والنشر ببلادنا؟
n قبل الخوض في موضوع المواكبة التشريعية والقانونية في المجال ، والذي يشكل مقوما أساسيا في العمل الصحافي المهني، لابد أن نشير قبل ذلك إلى التغييرات المحدثة على القوانين المنظمة للصحافة، والتي صادق عليها البرلمان، خلال دورته الربيعية من السنة التشريعية 2017 ويتعلق الأمر بالقانون رقم 88/13 الخاص بالصحافة والنشر، والقانون رقم89/13، الخاص بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، والقانون رقم90/13،القاضي بأحداث المجلس الوطني للصحافة، والقانون رقم77/3،المتعلق بالهياة العليا للسمعي البصري(الهاكا)، والقانون رقم31/13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات.
وإجابة عن سؤالك، فإن هذه القوانين، جاءت لتواكب التطورات التي يشهدها العالم، نتيجة التطور التكنولوجي غير المسبوق، والذي يدخل في إطار ما يسمى عصر المعلومات، وتنوع وسائل الاتصال والتواصل، والتي أصبحت تلعب أدوارا خطيرة في عملية نقل المعلومات.

لكن هاجس السبق الصحفي يعصف بكل هذه المقومات لدى البعض؟

نعم، صحيح ونحمد لله لأنه يقتصر على البعض، لكننا نعتقد أنه اذا كان هاجس الصحافيين هو نقل الأخبار إلى الرأي العام بأمانة ومسؤولية استنادا إلى مصادر موثوقة دون تسرع وبروية، وربط السبق الصحافي بالمسؤولية، فإنه على الصحفي أن يراعي مجموعة من الضوابط التي تحكم المهنة، ومن أهمها المواثيق الأخلاقية التي تعارف عليها العاملون في الإعلام، خصوصا وأنهم يستشعرون نبل المهنة التي يعملون بها، ومدى تأثيرها في حياة المجتمع و الأمم والشعوب. وهنا لابد من التأكيد على المفهوم الدلالي بحيث يعرف الميثاق الأخلاقي لأي مهنة، بأنه القواعد المرشدة لممارسة مهنة ما للارتقاء بها وتدعيم رسالتها. وقد بدأ تدوين أخلاقيات العمل الإعلامي ومواثيق الشرف وقواعد السلوك المهنية في بداية العشرينات من القرن الماضي حيث توجد حالياً، نظم متطورة في الإعلام الجماهيري ذات مواثيق لأخلاقيات مهنة الصحافة ومؤثرة بشكل فعال على العاملين في المجال الإعلامي أو تحمي التدفق الإعلامي الحر. ومن المحقق أن لهذه المواثيق الأخلاقية فوائد عدة،من أهمها،أنها توفر إحساسا بالذاتية المهنية، وتشير إلى نضج المهنة، وتتيح للجماعة المهنية أن تعرف بنفسها،وتخبر الممارسين المهنة بدورهم وأهمية عملهم، وتساهم في تشكيل صورة واضحة عن ممارسي المهنة،وتحدد ما قد يتوقعه المجتمع منهم.
كما أن هذه المواثيق تساعد على تحسين مستوى الأداء المهني، وتعزيز الإحساس الداخلي بالانتماء إلى المهنة، والحرص على مكانتها، وصورتها ومصداقيتها لدى الرأي العام.

لكن هذه المواثيق الأخلاقية الصادرة،على المستويات الإقليمية والدولية لتنظيم عمل وسائل الإعلام تظل مجرد مقتضيات تذكيرية بل وغير ملزمة؟

من المألوف جدا في المجتمعات التي حباها الله بالديمقراطية أن تضع النقابات والجمعيات الإعلامية سواء عندنا أو في دول العالم مواثيق أخلاقية إعلامية تهدف إلى تحسين نوعية المضمون الذي تقدمه وسائل الإعلام المختلفة، وتعمل جاهدة في أفق عدم إصدار قوانين من الجهات التشريعية والقضائية قد تؤثر على حرية الإعلام باعتباره حقا من حقوق الانسان، هذا بالإضافة بالإضافة إلى تحسين صورة وسائل الإعلام لدى الجمهور. لكم وكما تفضلتم، فإنه على الرغم من وجود المواثيق الأخلاقية الصادرة على المستويات الإقليمية والدولية لتنظيم عمل وسائل الإعلام، فإنها لا تأخذ صفة الإلزام، وكثيرا ما ينقصها الجانب الأخلاقي المرتبط بالذاتية الثقافية ومن تم تبدو أهمية وجود المواثيق الأخلاقية، التي تنظم وسائل الإعلام على المستوى المحلي لضمان مصلحة الوطن والمجتمع والفرد وضمان فاعلية هذه الوسائل واحترام الجمهور بدورها في التأثير على الرأي العام.

كيف لنا أن نحدد ملامح هذه المواثيق ارتباطا بالعمل الصحفي المسؤول؟

في الحقيقية هناك نوعان من المواثيق الأخلاقية في العمل الإعلامي النوع الأول مواثيق إجبارية أي تتخذ طابع الإلزامية، وفي هذه الحالة تحمل تلك المواثيق بعض أشكال العقاب، لمن يخالفون مقتضياتها من خلال معايير السلوك المهني أو ينتهكونها،ويدخل في هذا،التأنيب العام أو الإيقاف عن مزاولة المهنة.النوع الثاني مواثيق اختيارية وهي تقوم على أساس رغبة واردة من العاملين في المهنة، بحيث يترتب على موافقتهم عليها التزامهم بتنفيذ ما جاء فيها أثناء مزاولتهم للمهنة، وتعد هذه المواثيق بمثابة تنظيم ذاتي لهم. وباحترامهم لتلك المقتضيات، فإنهم يحترمون حقوق الأفراد داخل المجتمع، ويساهمون بشكل غير مباشر في التربية على حقوق الإنسان. ونعتقد أن التزام العاملين في المؤسسات الإعلامية بالأخلاقيات المهنية والمواثيق الموضوعة بهذا الشأن، يعني بصورة ضمنية التزامهم بالمسؤولية التي تفرضها طبيعة العمل الإعلامي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك مسؤولية واضحة ودقيقة لوسائل الإعلام نحو الدولة التي تعمل فيها، ومن أهم بنود تلك المسؤولية احترام الدستور والنظام العام والقانون بصفة عامة، واحترام مؤسسات الدولة، وحماية الأمن الوطني وعدم نشر المعلومات السرية التي يمثل نشرها ضررا بالمصلحة العامة كما أن هناك مسؤولية كبرى تجاه الأفراد والمجتمع، ومثل في الالتزام بعدة أمور منها عدم انتهاك حرمة الأماكن الخاصة أو الملكية الخاصة. الامتناع عن بث أو نشر الأخبار أو الآراء التي تتضمن أفكارا من شأنها أن تحرض على التمييز بسبب العرق او العقيدة أو الجنس اجتناب استعمال الألفاظ والصفات التي تضر بالأشخاص معنويا وماديا.الحفاظ على افتراض مبدأ البراءة في المعلومات والآراء المرتبطة بقضايا وإجراءات جنائية جارية. احترام حق الاشخاص في حياتهم وصورتهم الخاصة في حالات أو ظروف تنشأ عنها مواقف حزن أو ألم.

غالبا ما نترصد لبسا بخصوص معالجة الاخبار التي تخص القاصرين؟

بخصوص معالجة الأخبار التي تخص القاصرين يجب إيلاءها عناية خاصة مع تجنب ذكر الأسماء وخاصة عندما يكون هؤلاء ضحايا أو شهود أو متهمين في قضايا جنائية، كما هو الحال بالنسبة الجنح الجنسية، واجتناب ذكر الأقارب والمقربين للمتهمين وخصوصا إذا لم يرغبوا في ذلك.  تجنب السب والقذف.  احترام حق الأفراد في الرد على ما ينشر عنهم.  احترام الكرامة الإنسانية عدم استخدام أجهزة التنصت والتصوير الدقيقة اللهم اذا قبل المعني بالأمر ذلك.   الصدق، باعتباره الدافع لأدبيات التعامل مع المادةالاعلامية،اذ الحقيقة هي المحور المحرك للإعلامي، والوصول إليها لا يجب ان يكون عبر الطرق الملتوية،او المشبوهة،بما يخدش دقتها وواقعيتها،وقد يصعب الوصول اليها،ولكن بالطرق السليمة،ودون خرق لأعراف المهنة. احترام الكرامة الإنسانية وهو مبدأ يقتضي عرض المواد الإعلامية والصور الخبرية بطرق لا تمس الكرامة الانسانية،ولا تقلل من أهميتها ،سواء اكانت، فردية أو جماعية آو تهم طائفة،أو جنسا، معينا،أو عقيدة من العقائد. هذا فضلا عن مواثيق أخرى هامة مثل الموضوعية، وتعني تقديم المواد الإعلامية بنوع من الحياد،والنزاهة دون الخلط بين  مقومات الكتابة الصحافية وتقنياتها،واجناسها،والتجرد من الذاتية،ودون الخضوع  لأي ضغط أو تأثير رقابة داخلية أو خارجية، وهو ما نسميه استقلالية عمل الإعلامي.   المسؤولية، والتي لا تتناقض مع الحرية،إذ يجب أن يشعر الإعلامي بالحرية المقيدة بالمسؤولية، تجاه الفرد والمجتمع على حد سواء،لأن الصحافي هو ضمير أمته، يتفاعل معها، ويؤثر فيها، ويتأثر بها. العدالة، وتعني أن الأفراد متساوون أثناء الأزمات في الحقوق  والواجبات، كما أنهم متساوون امام وسائل الإعلام ومن ثم الحرص على أن تكون وسائل الإعلام معبرة عن الجميع وبدون استثناء.

كيف تقيمون الوضع باعتباركم كاتبا عاما للفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربي بجهة فاس مكناس ؟

نحن نعتقد أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بشكل عام وفرعها الجهوي بفاس مكناس وضعت نصب أعينها، هذه الأخلاقيات وضمنتها في ميثاق شرف سعيا منها إلى تعزيز مكانة مهنة الصحافة، وحفاظا على كرامتها وكرامة العاملين فيها، وألزمت به أعضاءها من صحافيين ومديرين بحيث  يصبح الانتماء إلى النقابة موجبا لاحترام هذا الميثاق الذي ينص على أن يستمد الصحافي مقومات شرف المهنة من المبادئ الكونية لحرية التعبير وحقوق الانسان. وأن يلتزم بالبحث عن الحقائق وإعلام الرأي العام بها بصدق وأمانة احتراما لحق المواطن في الإعلام.كما ألزمته  التعهد باحترام مصادر الأخبار التي يستقيها وبعدم السطو على الأخبار والمقالات بحيث  يمتنع عن الخلط بين العمل الصحافي والاشهاري و يتجنب القذف والتجريح في الاشخاص. ويحترم تعدد الآراء  يرفض أي تدخل غير مهني وأي إغراء يخل بأخلاقيات المهنة. هذا مع وجوب التضامن مع زملاءه، ويؤازرهم في حالات المتابعة والملاحقة الناشئة عن ممارسة المهنة بشرف دفاعا عن كرامة الصحافة ضد كل أشكال الاستغلال والتدليس.

كيف تدعمون الأخلاقيات بوصفها من مقومات الإعلام النزيه والموضوعي ؟

نعم، نعتقد في النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن قيام الصحافة بواجباتها في المجتمع يشترط ثلاثة عناصر أساسية هي الحرية والمهنية والمسؤولية الأخلاقية على اعتبار أنها مدخل للإصلاح وتساهم بقسط وافر وبصورة مباشرة في بناء وتكوين الرأي العام. ونظرا للأدوار الهامة التي تلعبها الصحافة، في عصر المعلومات أصبح العاملون بها أكثر التزاما من أجل توطيد الديمقراطية، وتكريس ثقافة حقوق الانسان، وبشكل قوي، وهذا ما يتطلب الكفاءة والقدرة على التعامل مع الأحداث والوقائع بمسوؤلية،باعتباره ضمير الأمة وخديما للرأي العام.وهنا لابد من الإشارة إلى أن القانون رقم90/13,القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة أشار في مادته الثانية بأن من بين المهام الموكولة الى المجلس وضع ميثاق لأخلاقيات المهنة والعمل على نشره بالجريدة الرسمية ،والسهر على تنفيذه. وهو ما يؤكد على أن الأخلاقيات، هي من مقومات الإعلام النزيه والموضوعي، الذي يخدم قضايا المجتمع، ويعزز ثقافة التربية على حقوق الإنسان،ويساهم بشكل كبير في بث الوعي لدى المواطن، ومن تم تحسيسه بالدور المنوط به ،لتحقيق كل الطموحات التي يسعى اليها.
ملاحظة: إدريس العادل صحفي مهني رئيس المرصد الجهوي للإعلام والاتصال فاس مكناس والكاتب العام لفرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية جهة فاس مكناس

 


الكاتب : أعد الحوار وقدم له : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 05/03/2018