مقاتلون أكراد وعرب يتخلون عن قتال تنظيم الدولة الإسلامية للدفاع عن عفرين

من أقصى الشرق السوري، يترقب مقاتلون في قوات سوريا الديموقراطية بفارغ الصبر انسحابهم من جبهة القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية للانتقال إلى عفرين بعدما بات التصدي للهجوم التركي المستمر هو «الأولية».

 

أعلنت قوات سوريا الديموقراطية، الفصائل الكردية والعربية المدعومة من واشنطن، الثلاثاء نقل 1700 من مقاتليها من الجبهة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة دير الزور (شرق) إلى عفرين.
وخلال تشييع ثلاثة من رفاقه قبل أيام، يقول المقاتل روجفان قامشلو (24 عاما ) “هؤلاء الشهداء الذين سقطوا في جبهة دير الزور كان يجب ان يسقطوا في عفرين”.
وبين رايات الوحدات الكردية الصفراء والخضراء اللون، يرفع قامشلو يديه مودعا ويضيف “سنقدم الشهداء في عفرين حتى لا تسقط عفرين (…) إنها تحتاجنا الان أكثر من أي وقت مضى”.
وشنت تركيا وفصائل سورية موالية لها في 20 يناير هجوما ضد منطقة عفرين، تمكنت خلاله من التقدم والسيطرة على كامل المنطقة الحدودية بين عفرين وتركيا، وباتت وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان تسيطر على 40 في المئة من هذه المنطقة ذات الغالبية الكردية.
وبعد تمكنها من طرده من مناطق واسعة في شمال وشمال شرق البلاد، تقاتل قوات سوريا الديموقراطية التنظيم المتطرف حاليا في آخر جيب يتواجد فيه في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق.
وفي مدينة الرقة، أبرز معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا سابقا، قال القيادي في قوات سوريا الديموقراطية ابو عمر الادلبي لوكالة فرانس برس على هامش مؤتمر صحافي الثلاثاء «اتخذنا القرار الصعب بسحب قوات من ريف دير الزور وجبهات القتال ضد داعش والتوجه الى معركة عفرين»، مشيرا إلى أن عديدها يصل إلى 1700 مقاتل من فصائل عربية من الشمال السوري.
وتشكل وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية التي تتلقى منذ سنوات دعما من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال الادلبي “حاربنا داعش وساعدنا التحالف في الرقة ولكن دون ان يدافع التحالف عن شركائه”، في اشارة الى عدم تقديم الاميركيين الدعم للاكراد في المعارك ضد القوات التركية.
وينطبق الأمر ذاته على مناطق أخرى واقعة تحت سيطرة الأكراد، إن كان في القامشلي أو كوباني أو الحسكة.
وأعلنت وحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على حي الشيخ مقصود في مدينة حلب وأحياء قليلة مجاورة مؤخرا إرسال مقاتلين إلى جبهة عفرين.
وقال المستشار الاعلامي لوحدات حماية الشعب الكردية في عفرين ريزان حدو لفرانس برس “هناك إعادة انتشار للوحدات لدعم معركة عفرين” في ظل “مخطط تركي لارتكاب إبادة جماعية”، مضيفا “لا يمكن أن نترك مقاتلين في منطقة هادئة لا يوجد فيها اشتباكات ، فيما تتعرض منطقة لحرب ونتفرج عليها”.
ويتصدى المقاتلون الأكراد، الذين أثبتوا فعالية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، للهجوم التركي لكنها المرة الأولى التي يتعرضون فيها لعملية عسكرية واسعة بهذا الشكل يتخللها قصف جوي.
وطلب الأكراد من قوات النظام السوري التدخل، وبعد مفاوضات دخلت في 20 فبراير قوات محدودة تابعة للنظام انتشرت على جبهات عدة.
وفي مدينة القامشلي، اعتبر المقاتل الكردي نوشين قامشلو (25 عاما ) أن “خسارة عفرين هي خسارة لكل روج آفا”، التسمية التي يطلقها الاكراد على المناطق التي أعلنوا فيها الإدارة الذاتية في شمال وشمال شرق سوريا.
وأضاف الشاب ذو اللحية الكثة وقد لف رأسه بشال أزرق اللون “سوف نحمي عفرين بكل قوتنا وسوف نتصدى للاتراك كما تصدينا لداعش (…) حتى من دون مساعدة التحالف”.
وبين مئات المقاتلين والمقاتلات الذين حملوا سلاحهم وذهبوا إلى عفرين، وفق قيادي بارز “الكثير ممن تمرسوا في القتال بمحاربة داعش”.
وأقر القيادي في قوات سوريا الديمقراطية شفكر هيمو في حديث لفرانس برس أن “مغادرة هذه القوات ستؤثر على الحرب ضد داعش، سوف يعطيه مجالا للتنفس (…) إلا أن جبهة دير الزور ستستمر”، مشيرا إلى أن المقاتلين العرب الذي يغادرون دير الزور “هم اصلا نازحون إلى عفرين من أدلب وحلب، وسوف يذهبون للدفاع عن اهلهم”.
ويجتمع أكراد سوريا على رفض الهجوم التركي، حتى أنهم أعلنوا في بداية العملية العسكرية “النفير العام” دفاعا عن عفرين التي تعرف بحقول الزيتون وجودة الصابون الذي يصنع فيها.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 170 مدنيا بينهم 29 طفلأ جراء الهجوم التركي على منطقة عفرين.
وتنفي أنقرة استهداف المدنيين وتقول إن عمليتها موجهة ضد مواقع وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها منظمة “إرهابية”.
كما قتل أكثر من 320 مقاتلا كرديا ونحو 300 عنصر من الفصائل الموالية لتركيا.
وأحصت تركيا مقتل 40 من جنودها على الاقل منذ بدء هجومها.
في مدينة القامشلي، ينهمك علي عمر (65 عاما ) في نقاش مع اصدقاء له حول التطورات الأخيرة في عفرين.
ويقول باستياء شديد “إذا اراد المقاتلون الكرد الانسحاب من دير الزور والتوجه الى عفرين فهذا حقهم، من حقهم ان يحموا مدنهم وقراهم باي شكل من الاشكال”.
ويوجه عمر كامل غضبه على التحالف الدولي، ويتساءل “لماذا نساعدكم في دير الزور وغيرها وانتم لا تساعدوننا في عفرين؟”، مضيفا “طائراتكم ساعدتنا كثيرا ولكن ما ان وصلنا الى مرحلة مصيرية تقاعستم عن ذلك «…
وطلبت تركيا الاربعاء من الولايات المتحدة منع نقل مقاتلين اكراد مدعومين من واشنطن نحو منطقة عفرين في شمال غرب سوريا حيث تشن انقرة هجوما منذ اكر من شهر.
وتاتي هذه التصريحات فيما ارسلت وحدات حماية الشعب الكردية في الايام الماضية تعزيزات الى منطقة عفرين للتصدي للعملية العسكرية التي تشنها تركيا.
وقال الناطق باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالن “نتوقع بالطبع من الولايات المتحدة ان تتدخل لمنع نقل قوات من وحدات حماية الشعب الكردية الخاضعة لامرتها، الى عفرين”.
واضاف ان تركيا “اتخذت الاحتياطات اللازمة على الارض” لمواجهة مثل هذا النقل.
ووحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها انقرة “ارهابية” تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، وهو تحالف لفصائل كردية وعربية يتلقى دعما من واشنطن لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية.
واعلن البنتاغون اعتبارا من الاثنين ان رحيل قسم من المقاتلين الاكراد نحو عفرين لتعزيز المواقع الكردية تسبب بـ”توقف عملاني” في المعارك التي يخوضونها ضد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية.
والخلافات بين انقرة وواشنطن بخصوص وحدات حماية الشعب الكردية تلقي بثقلها منذ اكثر من سنة على العلاقات بين البلدين الحليفين في حلف شمال الاطلسي.
وقال وزير خارجية فرنسا يوم الثلاثاء إن التركيز الدولي حول سوريا ينصب حاليا على تطبيق وقف لإطلاق النار تدعمه الأمم المتحدة في منطقة الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة لكن لا يمكن أيضا تجاهل الوضع في منطقة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد.
وقال الوزير جان إيف لو دريان أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان “الرغبة في وقف إطلاق النار هي من أجل الجميع، من أجل سوريا بأكملها. ينبغي أن نقول ذلك لأننا سوف نحتشد جميعا في الأيام القادمة حول مسألة الغوطة الشرقية، لكن الهدنة تنطبق أيضا على الجميع، بما في ذلك عفرين”.
وأضاف أن السلطات الفرنسية ذكرت هذا مرارا للمسؤولين الأتراك وأبلغتهم بأن فرنسا تأسف للتدخل ضد المسلحين الأكراد في منطقة عفرين ونصحت أنقرة “بوضع نهاية له..
وتظاهر آلاف من الاشخاص في وسط برلين تحت حراسة امنية مشددة، تنديدا بالتدخل العسكري التركي في عفرين بشمال سوريا.
وتحدثت الشرطة عن تظاهرة “بلا اضطرابات اجمالا” رغم اعتداء بعض المحتجين على اربعة شرطيين واصابتهم بجروح طفيفة. وتم توقيف ثلاثة اشخاص.
وواكب عدد كبير من عناصر الامن التظاهرة التي دعت اليها منظمات غير حكومية وتنظيمات كردية واحزاب سياسية تحت شعار “معا ضد الهجمات التركية على عفرين” السورية.
وبحسب المنظمين شارك 20 الف شخص في التظاهرة في حين تحدثت الشرطة عن “آلاف عدة”.
ونظمت تظاهرات عدة في المانيا احتجاجا على التدخل العسكري التركي في سوريا منذ بدأ في 20 يناير 2018. وتقول انقرة ان حملتها العسكرية في الاراضي السورية تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية السورية.
وهذه الوحدات التي تصفها تركيا بانها “ارهابية”، هي حليف لواشنطن في مكافحة التنظيمات الاسلامية المتطرفة.
وكانت الشرطة فرقت في يناير في كولونيا تظاهرة احتجاج لانها تضمنت رموزا محظورة لحزب العمال الكردستاني التركي.


بتاريخ : 09/03/2018